لكي تعود قضية فلسطين طارئة وملحة
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
المناخ الذي يخيم على المنطقة العربية، وفي المركز منها قضية فلسطين، وما نتج عنه من انهمار لجرائم الإبادة والتطهير العرقي في غزة، كان يُؤمل بعده إنعاش ضمائر وسياسات عربية وغربية، تعيد الاعتبار لما تتشدق به عن القانون الدولي وشريعة حقوق الإنسان، وتقرير المصير والحرص على السلام في المنطقة العربية، وفي العالم، وأن يكون هناك مظهر لقوة محايدة تتسامى على العجز والنفاق والانهيار الذي أصاب المنظومة الأخلاقية والسياسية للمجتمع الدولي؛ بمحاباة جرائم الإبادة الجماعية في غزة، والتي دفعها للمضي بارتكاب الجرائم.
فرياح التعقيد تهب على المنطقة، بمجموعة مشاريع أمريكية استعمارية، وصريحة العداء للحقوق الفلسطينية وجلية في دعم مشروع العدوان الشامل، تهدف لتنفيذ جرائم التطهير العرقي في الضفة وغزة، وهو ما حصل عليه نتنياهو في زيارته الأخيرة لواشنطن من دونالد ترامب، مع إحساس بالدعم لتتويج "انتصاره" بعد العدوان على غزة لإبقاء إسرائيل قوة مهيمنة ومتطورة في المنطقة بدعم أمريكي يسمح لها بتمزيق كل الشرائع الدولية، والاستهزاء بكل القانون الدولي.
رياح التعقيد تهب على المنطقة، بمجموعة مشاريع أمريكية استعمارية، وصريحة العداء للحقوق الفلسطينية وجلية في دعم مشروع العدوان الشامل، تهدف لتنفيذ جرائم التطهير العرقي في الضفة وغزة، وهو ما حصل عليه نتنياهو في زيارته الأخيرة لواشنطن من دونالد ترامب
فزيادة الروح الإسرائيلية الهجومية على مصر والأردن، بعد وعد ترامب الأخير بتهجير سكان غزة إليهما، ثم على السعودية، هي لخلق إحساس بالدونية عند الجانب العربي الموصوف في الذهنية الأمريكية كمطيع وخادم للأوامر وعليه التنفيذ فقط، لم تدرك هذه الروح أن تأثيرات ما جرى ويجري على الساحة الفلسطينية والعربية قد خلق ما يعمق الروح الدفاعية عند البعض العربي، ولو بنسب وأشكال متفاوتة للمخاطر الكبرى، وللمأزق الذي قتل فرص السلام والتطبيع الذي تطمح تحقيقه إدارة ترامب دون تدفيع إسرائيل الثمن، لا بل مكافأتها على ما اقترفت من جرائم، ومعاقبة كل من يقف في وجهها، وإحداث شلل للإرادة العربية الرافضة على الأقل حتى الآن لكل الخطط الأمريكية الإسرائيلية التي تمس حق الشعب الفلسطيني في وجوده فوق أرضه، والتمسك بمبدأ حل الدولتين، لكن هذا التمسك فُهم إسرائيليا وأمريكيا بالقول إن هناك قدرة إسرائيلية أمريكية على ابتلاع كل المواقف العربية والفلسطينية التي من شأنها لجم الغطرسة الصهيونية في المنطقة.
ربما يكون في هذا القول أو ذاك شيء من الصحة، لكن الأصح أيضا، أنه كلما تأخر لجم إسرائيل يكون الثمن أكبر، والحديث عن مشاريع خطيرة ومنعطفات أخطر تواجه قضية العرب المركزية لم يعد مجرد تهيؤات في ديباجة الكلام العربي الرسمي، فيما بعض الأنظمة العربية توسمت "خيرا" في قبول إسرائيل لتغيير جلدها الاستعماري، في حين أن لديها رغبة في توسيع جرائم الإبادة والتطهير العرقي نحو الجغرافيا العربية المُطالبة أمريكيا وإسرائيليا بأن تنفذ انتحارا جماعيا لتقديم قرابين الطاعة للمستعمر. وليس الهدف من هذا الكلام الوصول إلى نتيجة تقول إن العالم العربي لا يستطيع إنقاذ قضيته المركزية من التبديد والطمس، وأن الامتثال لأفكار اليمين الصهيوني الأمريكي الفاشي بحق شعب فلسطين هو الذي سيمر كما مر الخذلان الكبير في النكبة والهزيمة، لكن هذا كلام يدعو لصحوة لمجابهة الحقيقة العارية والصارخة والصعبة بأن عدم تحقيق إجماع فلسطيني أولا وعربي ثانيا لن يزهق الروح العدائية لإسرائيل.
القضية الفلسطينية تحتاج اليوم لإجماع عربي، ولموقف على مستوى القادة والزعماء في قمتهم المقترحة في القاهرة هذا الشهر. والفلسطينيون بحاجة ماسة قبل ذلك الى هذا التسامي المفقود بالعلو على الجراح والانقسام، فمأمن التمترس السلطوي والحزبي لا تحتاجه فلسطين وشعبها، وكما كان الشعب يحتمي بمظلة منظمة التحرير الفلسطينية في كل مناخ وإعصار يحمله عدوان الاحتلال لأرضهم، هم بحاجة اليوم لاستراد هذه المظلة وتخييط كل عيوبها وثقوبها التي تسرب منها استيطان وتهويد وجرائم، وحتى لا تشعر إسرائيل أنها تواجه شعبا أعزل في الأراضي المحتلة مع سلطة عاجزة بسقف أوسلو المتهدم.. الفلسطينيون بحاجة لهدم وهزيمة جيش الشرذمة والانقسام الذي تحاربهم به إسرائيل مع ترسانتها الأخرى، لدى الفلسطينيين مواقف عربية واضحة برفض خطط نتنياهو وترامب، مناخ فرض الهزيمة والحلول ومحاباة جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في فلسطين، يخلق عند الإنسان الفلسطيني والعربي إحساسا عميقا بضرورة الرد، فحسم الصراع على طريقة نكبة الأمس وإبادة اليوم، مع يقين بأن المدافع العربية ستصمت للأبد بفعل الردع بالجرائم والغطرسة المطلقة، لن ينجحولديهم مواقف دولية أعلنت بوضوح تمسكها بفكرة حل الدولتين والتأكيد على القرارات الدولية، واستثمار كل ذلك بحاجة لأن يعاد تمتين الصلابة الداخلية والتوجه نحو الداخل العربي بخطاب الصراع العربي الإسرائيلي مجددا، بعد إعلان العدوان الإسرائيلي الأمريكي المباشر على سيادة عربية في الأردن ومصر والسعودية.
لم تعد هناك حاجة لاستيضاح عربي رسمي لموقف الإدارة الأمريكية من قضية فلسطين، كل زوارها وسفرائها ومبعوثيها خصوصا في إدارة ترامب مواقفهم تعكس رؤية دعم العدوان وتنفيذ جرائم الإبادة والتطهير العرقي والتخلص من "المشكلة"، باعتبارها عربية يجب تحميل العرب مسؤولية إيجاد حلول ومشاركة العقل الصهيوني والأمريكي لفكرة طمس هذه القضية. وقد سمعنا جميعا حالة التزاحم في التصريحات الأمريكية لدعم توجه السياسة الإسرائيلية بما لا يدع مجال للشك أو محاولة التفسير للتقرب من فم ترامب لكشف همساته أو فجاجته وغطرسته المطلقة والاستعلائية، مثل "سيقبلون" بما يطرح، ولم يعد الفلسطينيون بحاجة لتأكيد ثوابتهم التي أفشلت تهجيرهم من أرضهم في غزة. وتحاول أمريكا وإسرائيل من خلفها تدجين وقهر العالم العربي بخاتمة استعمارية جديدة في مصر والسعودية والأردن.
أخيرا، مناخ فرض الهزيمة والحلول ومحاباة جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في فلسطين، يخلق عند الإنسان الفلسطيني والعربي إحساسا عميقا بضرورة الرد، فحسم الصراع على طريقة نكبة الأمس وإبادة اليوم، مع يقين بأن المدافع العربية ستصمت للأبد بفعل الردع بالجرائم والغطرسة المطلقة، لن ينجح، لبديهيات كثيرة تتعلق بالحسم والإرادة التي تتمسك بهما الشعوب وجربت في دحر إمبراطوريات استعمارية حول الأرض. والحسم والإرادة لا ينطلقان إلا من مفردات الثبات والوحدة والصمود والدعم، وهي في القاموس الفلسطيني والعربي مبعثرة وبحاجة لحل، لكي تعود القضية الفلسطينية عاجلة وملحة وطارئة عربيا ودوليا.
x.com/nizar_sahli
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العربية فلسطين غزة ترامب إسرائيل إسرائيل فلسطين غزة تهجير عرب مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة والتطهیر العرقی جرائم الإبادة العرقی فی
إقرأ أيضاً:
صحف العالم.. رفض مصري قاطع لمخططات ترامب .. مقترحات واشنطن لا محل لها واقعيًَا في فلسطين ومن قبل الدول العربية
صحف العالم.. رفض مصري قاطع لمخططات ترامب .. مقترحات واشنطن لا محل لها واقعيًَا في فلسطين واشنطن بوست : ترامب يناور مصر والأردن لاستقبال النازحين الفلسطينيين ورد حاسم من الخارجية وزير الخارجية الأمريكي أكد على "أهمية التعاون الوثيق" مع القاهرةانتقادات أمريكية لاذعة لخطة زعيم البيت الأبيضحديث حول لقاء ترامب مع الملك الأردني وسط رفض عمان للتهجيراعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفاجئ الجميع عبر ما يطلقه من سياسات يومية للحلفاء قبل الخصوم على سلسلة من التهديدات اليومية التي يبدو أنها لا تلقى إلا الرفض والاستياء الشديد.
بحسب الصحيفة الأمريكية، لوح ترامب بخطته المثيرة للجدل التي قال فيها إن الولايات المتحدة سوف "تتولى" و"تمتلك" قطاع غزة لإعادة بنائه مما سيؤدي إلى تهجير الفلسطينيين إلى "مكان دائم" آخر.
وفي مقابلة تلفزيونية في وقت لاحق من ذلك مساء الاثنين، سأل بريت باير، مقدم برنامج فوكس نيوز، ما إذا كان سيتم السماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى غزة في وقت لاحق بموجب خطة ترامب، فأجاب ترامب: "لا، لن يُسمح لهم بذلك، لأنهم سيحصلون على مساكن أفضل بكثير. بعبارة أخرى، أنا أتحدث عن بناء مكان دائم لهم".
كما أدلى ترامب بتصريحات تهديدية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيث صرح بأن "الجحيم سوف يندلع" إذا لم تطلق حماس سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين بحلول ظهر يوم السبت، حيث قررت قبلها حماس إنها ستؤجل إطلاق سراح ثلاثة رهائن إسرائيليين كان من المقرر أن يتم إطلاق سراحهم يوم السبت "حتى إشعار آخر"، ملقية باللوم على خرق بإطلاق نار إسرائيلي في غزة وعدم كفاية تدفق المساعدات.
أبرزت الواشنطن بوست لقاء وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوم الاثنين حيث أكد روبيو على "أهمية التعاون الوثيق" في التخطيط لما بعد الصراع في غزة.
رفضت وزارة الخارجية المصرية، الاثنين، خطة ترامب المعلنة بشأن غزة، حيث أصدرت بيانا دعت فيه إلى حماية حقوق الفلسطينيين.
ردا على تصريحات ترامب حول خططه لغزة، وقعت أكثر من 110 منظمة غير حكومية على بيان مشترك تندد فيه "بأي جهد أو مبادرة، وأي دعوات للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة".
قالت صحيفة الجاريان البريطانية، إنه في إطار سعيه إلى تصعيد الضغوط على الأردن لاستقبال اللاجئين من غزة ــ ربما بشكل دائم ــ كجزء من خطته الجريئة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، يزور الملك الأردني عبد الله الثاني أمريكا.
وتأتي الزيارة في وقت حرج من وقف إطلاق النار المستمر في غزة ، حيث اتهمت حماس إسرائيل بانتهاك الهدنة، وقالت إنها ستوقف إطلاق سراح الرهائن في المستقبل، كما دعا ترامب إسرائيل إلى استئناف القتال إذا لم يتم إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين بحلول نهاية هذا الأسبوع.
واقترح ترامب أن تسيطر الولايات المتحدة على غزة وتحولها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، مع دفع الفلسطينيين في المنطقة التي مزقتها الحرب إلى الدول المجاورة دون حق العودة.
وسيسعى الأردن الى التفاهم وتوضيح مخاطر الخطة الترامبية.
وتقول حماس إن أحد الأسباب التي تدفعها إلى تأجيل عملية إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المقررة هو ما تقول إنه انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك تأخير عودة النازحين الفلسطينيين إلى الشمال.
كما اهتمت الصحيفة برفض مصر "أي تسوية" من شأنها المساس بالحقوق الفلسطينية ، وذلك في بيان صدر عقب لقاء وزير الخارجية بدر عبد العاطي مع نظيره الأمريكي في واشنطن.
والتقى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في وزارة الخارجية في واشنطن.
وأكدت مصر أن "موقفها الرافض لأي تنازل عن هذه الحقوق، بما في ذلك حق تقرير المصير والبقاء على الأرض والاستقلال"، وذلك بعد أن اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إخراج الفلسطينيين من قطاع غزة الذي مزقته الحرب.
من جانبها، قالت شبكة سي إن إن الأمريكية، مثل معظم لقاءات الرئيس دونالد ترامب هذه الأيام، فإن محادثاته يوم الثلاثاء مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ستدور حول التوصل إلى صفقة - على الأقل في ذهن الرئيس.
بعد أسبوع من اقتراح خطة جديدة "وقحة" (وفق الوصف النصي لشبكة سي إن إن ) للسيطرة على قطاع غزة وإعادة تطويره وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" يبدو أن ترامب عازم على تحويل خطته البعيدة المنال إلى حقيقة واقعة.
وقال ترامب خلال: "أنا أتحدث عن البدء في البناء، وأعتقد أنني قد أتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الأردن. .".
وعلقت سي إن إن الأمريكية بقولها إن القاهرة وعمان لا تخلوان من القوة فلديهما أدواتهما ونفوذهما الخاص: فكل منهما تتماشى سياساته الأمنية بشكل وثيق مع واشنطن، وكلاهما لعب دوراً في حماية استقرار المنطقة. وحتى بعض المسؤولين الأمريكيين يخشون أن يؤدي طلب أمريكا بقبول لاجئين فلسطينيين جدد، رغم استحالة تنفيذه، إلى زعزعة استقرار الأمني بشكل خطير.
وأكدت سي إن إن على إن اقتراح ترامب ما هو ال اقتراح متطرف.
من جانبها قالت شبكة دويتش فيله الألمانية، أن اقترح أن تقوم الولايات المتحدة بإعادة تنمية غزة ، مع إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، أثار ردود فعل سلبية من الدول العربية وخارجها.
وقال الملك عبد الله إنه يرفض أي جهد لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين ويستضيف الأردن بالفعل أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني.
بل ذهبت الشبكة الألمانية الإعلامية إلى القول إنه وفق ترجيحات نتنياهو ربما قال لترامب بأن مثل هذه الخطة من شأنها أن تغذي التطرف وتنشر الفوضى في المنطقة، مما قد يعرض إسرائيل نفسها للخطر.
من جانبها، قالت صحيفة ديكان هيرالد الدولية، إن المسؤول الكبير في حركة حماس سامي أبو زهري قال يوم الثلاثاء إن على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يتذكر أن السبيل الوحيد لإعادة السجناء الإسرائيليين إلى ديارهم هو احترام وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس .
وأضاف "يجب على ترامب أن يتذكر أن هناك اتفاقا يجب على الطرفين احترامه، وهذا هو السبيل الوحيد لإعادة الأسرى، لغة التهديد لا قيمة لها ولا تزيد الأمور إلا تعقيدا".
ويعد التهجير القسري للسكان تحت الاحتلال العسكري يعد جريمة حرب محظورة بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949.
توقفت حرب غزة، منذ منتصف يناير بموجب اتفاق وقف إطلاق نار صعب.