بحث مستقبل القوى الناشئة ودورها بتشكيل المشهد الاقتصادي
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
دبي: «الخليج»
أكد عادل بك كاسيمالييف رئيس مجلس وزراء جمهورية قيرغيزستان، أن العالم يشهد تحولات كبرى، حيث باتت القوة الحقيقية للدول تتشكل في الفضاءات الرقمية والمعلوماتية.
قال عادل بك كاسيمالييف في كلمة رئيسية ألقاها في مستهل جلسات حول «القوى العالمية الناشئة»، عقدت ضمن فعاليات اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات 2025، إن بلاده التي تقع في قلب منطقة آسيا الوسطى، تركز في تطورها على زيادة إمكانات الطاقة الكهرومائية، وفتح فرص النقل والرقمنة.
وقال: «السؤال ليس من يملك الموارد، بل من الذي يحدد قواعد استخدامها، والسلطة لم تعد ملكاً لأولئك الذين يمتلكون الأراضي والموارد، بل لأولئك الذين ينشئون التكنولوجيات والبنى التحتية ذات التأثير العالمي»، مضيفاً أن «أولئك الذين ينجحون في الاندماج في هذا النظام الجديد سيحصلون على ميزة استراتيجية كبيرة».
وتضمن اليوم الأول من القمة، جلسة بعنوان «كيف ستقود التحالفات الاقتصادية مستقبل النفوذ العالمي؟» شارك فيها بيدرو ريس وزير الاقتصاد في جمهورية البرتغال، والدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية.
وقال بيدرو ريس، إن هناك تحديات اقتصادية على مستوى العالم ولا تقتصر على منطقة معينة أو بلد بعينه، مشيراً إلى أن «تعزيز التجارة العالمية يتطلب مواجهة التحديات المشتركة من خلال تحقيق إصلاحات جذرية، والتركيز على التنمية المستدامة، وتقليل البيروقراطية».
من جانبه، قال اﻟﺪﻛﺘﻮر ثاني اﻟﺰﻳﻮدي، إن العولمة لعبت دوراً رئيسياً في بناء التحالفات الاقتصادية، وإنها أمر مهم من أجل التنوع الاقتصادي، وتنويع أسواق الاستثمار، مشيراً إلى أن التحالفات الاقتصادية العالمية تغيرت بعد كوفيد -19، وأصبح من الصعب التنبؤ بها.
وفي جلسة رئيسية بعنـــوان «هل يمكن أن تتخطى الدول ماضيها؟»، قال البروفيسور جيمس روبنسون الحائـــز جائـــزة نوبل للاقتصاد عام 2024، أستاذ دراسات النزاعات الدولية في جامعة شيكاغو، إن التاريخ لا يمثل عبئاً على الدول والشعوب، لكنه قد يقدم مجموعة من الفرص التي يمكن استخدامها لبناء مشروع جماعي ناجح.
وأوضح البروفيسور جيمس روبنسون، أن «التاريخ لا يزال يؤثر في حاضر الدول والشعوب، لأنه ينعكس على نمط عمل المؤسسات في العالم وبالتالي فهو يؤثر في الازدهار، بشكل كبير».
كما شهد اليوم الأول جلسة بعنوان «السيناريوهات الجيوسياسية المستقبلية.. كيف سيبدو عالمنا؟»، شارك فيها كل من لارا بورو الرئيسة التنفيذية لمجموعة إيكونوميست العالمية، وفريدريك كيمب الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي.
وقالت لارا بورو، إن التنافس العالمي بين الدول في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي سيكون من أبرز الأحداث التي سينصب عليها تركيز العالم في المستقبل القريب.
من جانبه، قال فريدريك كيمب، إن الذكاء الاصطناعي «مسألة أمن قومي بالنسبة للإدارة الأمريكية»، وسينصب عليه التركيز خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات قيرغيزستان القمة العالمية للحكومات
إقرأ أيضاً:
كيف أعادت التجارة الإلكترونية رسم المشهد الاقتصادي في الصين؟
في ظل أزمات اقتصادية تهز العالم، برزت التجارة الإلكترونية كطوق نجاة للمدن التي تسعى لتعزيز قدرتها على الصمود والتعافي السريع، ولم يكن التحول الرقمي في الصين مجرد تحسين للبنية التحتية، بل ثورة اقتصادية جعلت مدنها تقود مسارًا جديدًا للنمو.. كيف أعادت التجارة الإلكترونية تشكيل المشهد الاقتصادي في الصين؟ وما الذي يمكن للعالم أن يتعلمه من هذه التجربة؟
في دراسة نشرتها مجلة PLOS ONE العلمية بتاريخ 31 مايو 2024، تحت عنوان "هل يمكن لتحول التجارة الإلكترونية الحضرية تحسين المرونة الاقتصادية؟ تجربة شبه طبيعية من الصين"، كشفت النقاب عن الأثر الكبير للتحول نحو التجارة الإلكترونية في تعزيز مرونة الاقتصاد الحضري بالصين.
اعتمد شيكوي زانغ، تونغشنغ تانغ، وإيرهانغ مو، الباحثون بجامعتي قوانغشي وجنوب الصين للتكنولوجيا على تحليل عميق لبيانات 282 مدينة صينية على مدى 14 عامًا (2006-2020) لمعرفة تأثير التجارة الإلكترونية على تعافي هذه المدن من الأزمات الاقتصادية، واستخدمت الدراسة نموذج الفرق في الاختلافات (Difference-in-Differences) لتحليل تأثير إنشاء المدن النموذجية للتجارة الإلكترونية (NEDC) على المرونة الاقتصادية، وسمح هذا النموذج بمقارنة التغيرات في المرونة الاقتصادية بين المدن التي تم اختيارها كمدن نموذجية وتلك التي لم يتم اختيارها، قبل وبعد إنشاء هذه المدن.
أكدت الدراسة أن الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وجائحة كوفيد-19 في عام 2020 خلقت العديد من المخاطر والتحديات للتنمية الاقتصادية في جميع الدول، ما أدى إلى بوادر صدمات اقتصادية على المستوى العالمي. لذلك، أصبحت المرونة الاقتصادية تحظى باهتمام واسع بين الدول في ظل الاقتصاد الدولي المتشابك.
أشارت النتائج إلى أن تأثير NEDC كان أكثر وضوحًا في المدن ذات مستويات التنمية الاقتصادية المنخفضة نسبيًا، كما أن التأثير كان أكبر في المدن التي تتمتع ببنية تحتية أفضل للإنترنت، وأكد الباحثون أن التجارة الإلكترونية أصبحت محركًا جديدًا للنمو في الاقتصاد الرقمي. وأدى تطورها النشط إلى تعزيز الروابط بين الإنتاج والاستهلاك والتوزيع بين المناطق، ما أسهم في تعزيز الحيوية الاقتصادية ودعم النمو الاقتصادي. وترك تطور التجارة الإلكترونية أثرًا بشكل عميق في جميع جوانب اقتصاد الصين ومجتمعها.
وفقًا للمكتب الوطني للإحصاءات، بلغ حجم المعاملات الإلكترونية في الصين لعام 2022 نحو 43.83 تريليون يوان، وهو ما يعادل 36.21% من الناتج المحلي الإجمالي، وترتبط الإنجازات الحالية لتطوير التجارة الإلكترونية في الصين بشكل وثيق بإنشاء مدينة التجارة الإلكترونية الوطنية النموذجية (NEDC). وفي عام 2009، أصبحت شنجن المدينة الرائدة في هذا المشروع. وفي عام 2011، أصدرت الحكومة الصينية توجيهات تهدف إلى تعزيز إنشاء هذه المدن لدعم التحول الاقتصادي الحضري وخلق محفزات جديدة للنمو الاقتصادي.
أظهرت نتائج الدراسة أن المدن التي تبنت التجارة الإلكترونية كانت أكثر قدرة على الصمود أمام الصدمات الاقتصادية والتعافي منها بوتيرة أسرع مقارنة بالمدن التي لم تتبن هذا التحول. وقد أشارت البيانات إلى أن هذه المدن شهدت انخفاضًا في مستويات البطالة وزيادة في النشاط التجاري بعد الأزمات، مما جعلها نماذجا للقدرة على العودة إلى مسار النمو الاقتصادي في وقت قياسي.
كذلك أتاحت التجارة الإلكترونية فرصًا جديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة للدخول إلى أسواق أوسع، مما ساهم في تقليل اعتماد المدن على قطاعات تقليدية معرضة للتقلبات الاقتصادية مثل الصناعة والسياحة، كما مكّنت التجارة الإلكترونية الشركات المحلية من تبني حلول تكنولوجية جديدة وتحسين كفاءة سلاسل التوريد، مما خلق بيئة أعمال ديناميكية ومستدامة.
اقترحت الدراسة عدة آليات لتعزيز المرونة الاقتصادية عبر التجارة الإلكترونية، من بينها تحسين كفاءة تخصيص الموارد، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، وتسهيل تدفق المعلومات بين الأسواق.
يمكن استخلاص عدة دروس ملهمة من هذه التجربة الصينية. يأتي في مقدمتها أهمية الاستثمار في تحسين شبكات الإنترنت وتطوير خدمات الدفع الإلكتروني باعتباره حجر الأساس لنمو قطاع التجارة الإلكترونية. كما يمكن دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة للتوسع في الأسواق المحلية والدولية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
تشجيع الابتكار هو درس مهم آخر من التجربة الصينية، حيث يمكن تقديم حوافز حكومية لتشجيع الابتكار في قطاع التكنولوجيا والخدمات الرقمية، بما يشمل تحسين سلاسل التوريد وإدارة المخزون. إلى جانب ذلك، يُعد تأهيل القوى العاملة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة عنصرًا رئيسيًا لنجاح التحول الرقمي، ويساهم دمج التجارة الإلكترونية ضمن الاستراتيجيات الوطنية للتنمية الاقتصادية في بناء اقتصاد أكثر استدامة وقدرة على مواجهة الأزمات.
تُثبت تجربة الصين مع التجارة الإلكترونية أن المستقبل ينتمي لمن يستثمر في التحول الرقمي. في عالم يشهد تسارعًا رقميًا غير مسبوق، ويصبح تطوير هذا القطاع ضرورة استراتيجية لضمان المرونة الاقتصادية والتنمية المستدامة. فهل ستسير دول أخرى على نفس النهج لتأمين مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا؟