فلسفة الثقافات الرمضانية في حياتنا
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
بضع أيام من شهر شعبان، تفصلنا عن أفضل شهور العام، شهر رمضان الكريم. في هذا الشهر المبارك، إعتاد المجتمع السعودي بمختلف أطيافه، على أمور عديدة في حياتنا الفردية، أو الجماعية (الأرحام والأصدقاء).
تنقسم تلك العادات اليومية إلى قسمين: قسم يتعلق بأمور دينية(صلاتيْ التراويح والقيام الى جانب قراءة القرآن الكريم)، والقسم الآخر يتعلق بعادات اجتماعية.
النوع الأول من السيناريوهات، هي من النوع الذي يعرض في الفترة التي يشاهد معظم المجتمع السعودي التلفاز. معظم تلك السيناريوهات (إن لم يكن أغلبها) ذات محتوى مكرر، بمعنى، أن معظم المسلسلات ذات طابع واحد، يختلف المسلسل عن الآخر في الممثلين الذين يؤدون تلك الأدوار ذات الطابع الفكاهي. القائمون على تلك القنوات الفضائية يكون همهم الأول ملء تلك الفترة الزمنية القصيرة (بين صلاتي المغرب والعشاء) بتلك المسلسلات، وحشوها بكم كبير من الدعايات التجارية. هذا النوع من السيناريوهات، أصبح غير مهضوم لدى الجيل الجديد (جيل الذكاء الإصطناعي)، لماذا؟ مكرَّرة!
النوع الثاني من السيناريوهات، ذات محتوى قصصي، يكون مصدرها من المجتمع المصري، أو المجتمع الشامي، وقليل منها يتعلق بالمجتمع الخليجي (خاصة المجتمع الكويتي).
هذا النوع من سيناريوهات المسلسلات الرمضانية، يكون فترة عرضها بعد صلاة التراويح، وهي الفترة التي اعتاد المجتمع السعودي (بمختلف أطيافه) الذهاب إلى اللقاءات الإجتماعية (الأقرباء أو الأصدقاء) في الاستراحات. يتخلل هذا النوع من العروض أيضاً، كم كبير من الإعلانات التجارية التي تلامس احتياجات الفرد في المجتمع السعودي.
باختصار، ينقضي رمضان، ويهلّ رمضان آخر، ونحن نعيش ونشاهد سيناريوهات رمضانية مكرَّرة مثل محتوى المائدة الرمضانية المكرَّرة (سمبوسك وطبق الفول)! طبعاً، السبب في ذلك، الفترة الزمنية هي فترة قصيره (شهر رمضان فقط). الفترة الأولى، يكون المشاهد بحاجة إلى بعض المشاهد الخفيفة والفكاهية، خاصة أنها فترة زمنية تجتمع فيها الأسرة (كبار وصغار) لمشاهدة التلفاز. الفترة الثانية هي الفترة الزمنية الرئيسة تكون للقصص ذات المحتوي الذي يليق للكبار فقط.
اللهم بلغنا رمضان وأنت راضٍ عنا (آمين).
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: المجتمع السعودی
إقرأ أيضاً:
مصطفى بيومي.. عمود الإبداع والنقد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
من يكتب لا يموت.. حقيقة ساطعة سطرها الأديب الكبير مصطفى بيومى الذى نسج كتابات فريدة فى تاريخنا الثقافى بفضل اعتناقه ثلاثية عملية صارت مفاتيح شخصيته النبيلة وتضم "الجدية" و"الدقة" و"النظام".. وهى الثلاثية التى كان لها الفضل فى سطوع إنتاجه الغزير على الرغم من حالة الإحباط العامة والتى كان لها أثر مدمر على توقف عدد كبير من المشروعات الفكرية لمحاربين آخرين، لكن مصطفى بيومى بما يملكه من أبعاد فلسفية ومباديء صارت نادرة قاوم حالة التردى بالاستمرار وقاوم الإحباط بالعمل الجاد، وقاوم روح الغش الأدبى بمزيد من الإبداع الفارق وقاوم التجاهل بالتواجد المنحوت على مسلة التاريخ المصرى.. كنت أتالم دائمًا وأنا أراقب إعلان جوائز الدولة فأجد أسماء تتباهى بالفوز بها فى حين أن ما قدمته لا يساوى نقطة فى بحر مما سطره مصطفى بيومى ببراعة وصبر واتقان وتفانٍ عجيب.. فهل هذا هو الوعد المكتوب على كل من يعمل بإخلاص بدون شلة ثقافية تحمى ظهره ولا نفاق يحجز له مكان فى الصفوف الاولى ولا معارف يطرحون اسمه؟. إنه واقع غريب نعانى منه لكن مصطفى بيومى لا يشكو ولا يبكى ولا يتراجع وظل مؤمنًا بالقارئ.. القارئ فقط هو من يستحق أن تخلص له وتقدم أفضل ما عندك فهو صاحب الفضل الوحيد.. لذلك لابد أن يعمل لأجله لينير له الطريق بقوة الكلمة التى تتشابك مع عقله ومجتمعه فتتحدى أقسى عدو للبشر أجمعين "الموت".
تفرد أديبنا الكبير فى كتاباته وخاض طرقًا مجهولة منها كتاباته التحليلية لأعمال كبار الأدباء الإبداعية وهى التى تدخل تحت مجال علم الانثربولوجيا الثقافية فنتيجةً للتطور الكبير فى العلوم الإنسانية فى بدايات القرن العشرين، اتسعت مجالات الدراسة فى الأنثروبولوجيا الثقافية، فأصبحت تشمل ثقافة الإنسان الحديث، والإنسان المعاصر، الذى يعيش حياته بطريقة متمدنة وصناعية، تسودها التعقيدات الاجتماعية والثقافية، والذى لا يكتفى بما هو ضرورى للحياة، بل يسعى إلى تحقيق الكماليات. ومن مجالاتها الدراسات الأفقية والمتزامنة وهذه الدراسات تتميز بالمقارنة، فهى دراسات أنثروبولوجيا تستنتج الفروقات بين الثقافات المتباينة. والدراسات التتبعية وهى دراسات رأسية تهدف إلى تتبع نمو الثقافات والطريقة التى أدت إلى النتاج النهائى لهذه الثقافات. وتجد فى كتابات مصطفى بيومى التى تجاوزت مفهوم النقد الأدبى صدى واسع لهذه الدراسات ومنها على سبيل المثال كتب "عصير الشخصية المصرية.. قراءة فى رباعيات صلاح جاهين" و"الفلاح والسلطة فى أدب يوسف القعيد" وشخصيات "الملك فاروق وجمال عبد الناصر والسادات وسعد زغلول وأم كلثوم فى الأدب" وكتابه "ظاهرة الحجاب.. قراءة فى الرواية المصرية" وكتاب "وطنيون.. وطائفيون شخصيات مسيحية فى الأدب المصري"، وغيرها الكثير فقد امتلك قدرة هائلة على التحليل المعرفى والمقارنة الاجتماعية والنقد السياقى وبرزت أعماله المنحوته رأسيًا وأفقيًا وأنت تقف أمام هذه المؤلفات الضخمة التى تعجز عن إنتاجها مؤسسات كاملة وتندهش بالفعل من قدرة شخص على تقديم كل هذا الكم والكيف فمؤلفاته عن نجيب محفوظ وحدها لم تنتجها أقسام كليات الآداب فتصرخ وأنت تقرأ "ياللعظمة".
والأن وبعد رحيل مصطفى بيومى عنا بالجسد فقط.. هل تشعر المؤسسات الثقافية والهيئات التى قصرت فى حقه فلا تكتفى بالرثاء والعزاء وتعمل على تكريمه بعمل حقيقى؟ فالفرص مازالت سانحة ومن ذلك اختيار اسمه ليكون شخصية معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته القادمة وإقامة المحاور والندوات للتعريف به وبانتاجه الضخم وإصدار مؤلفاته فى سلسلة الأعمال الكاملة أو فى طبعات شعبية عن الهيئة العامة للكتاب أو عن هئية قصور الثقافة وإطلاق اسمه على أحد شوارع المنيا أو بنى مزار.. الرجل يستحق الكثير لأنه بالفعل قدم الكثير.