بين ترامب وترومان وغزة وفلسطين
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
في مطلع القرن التاسع عشر تقاسمت الإمبراطوريات الاستعمارية -فرنسا وبريطانيا وروسيا – وغيرها أقطار الأمة العربية والإسلامية فيما سمي باتفاقية (سايكس بيكو)حيث باعت فرنسا العراق بحدوده من بغداد إلى الموصل لبريطانيا وباعت بريطانيا سوريا وبلاد الشام لفرنسا وبموجب تلك التفاهمات تم وضع القدس وفلسطين منطقة محايدة نظرا لتداخل المصالح بين الأكلة الراغبين في ابتلاع القصعة، حيث سموها بالمنطقة السمرا ء(تنشأ إدارة دولية في المنطقة السمراء (فلسطين ) يُعين شكلها بعد استشارة روسيا بالاتفاق مع بقية الحلفاء وممثلي شريف مكة).
الاتفاقية عبارة عن بيع وشراء وتمليك لأقطار الأمة العربية والإسلامية بين الإمبراطوريات المسيحية الصليبية (يباح لفرنسا في سوريا وإنجلترا في العراق إنشاء ما ترغبان به من شكل الحكم مباشرة أو بالواسطة أو من المراقبة بعد الاتفاق) ،كان ذلك في بادئ الأمر بالتدخل وطمأنة العرب المخدوعين والعملاء والخونة، وبعد أن تمكنت من إتمام السيطرة بالاستعانة بهم وطرد العثمانيين باعتبارهم غزاه تحولوا إلى إبرام اتفاقية جديدة تتناسب مع القوانين الدولية .
فُرض على الخلافة العثمانية الاستسلام بموجب معاهدة “سيفر ” التي رفضتها وتم اعتماد اتفاقية “سان ريمو” التي توهم العرب بالاستقلال ظاهرا مع تغلغل الاستعباد والاستعمار حيث: –
1 -وضعت سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي
2 -العراق تحت الانتداب الإنجليزي
3 -وضعت فلسطين وشرقي الأردن –الضفة الشرقية -تحت الانتداب الإنجليزي مع الالتزام بتنفيذ وعد بلفور
4 -الاتفاق بين بريطانيا وفرنسا على تنازل الأخيرة عن منطقة الموصل مقابل 35في الميه من نفط الموصل الذي تستخرجه شركة نفط العراق البريطانية مع منح فرنسا الشركة تسهيلات لنقل النفط).
تم استباحه الأقطار العربية والإسلامية من المشرق حتى المغرب وفرض الإدارة والحكم الاستعماري عليها، وتم تشكيل الجيوش العربية والتحكم في أسلحتها وعقيدتها القتالية وتحديد الحدود بينها بما يتوافق والسياسة الاستعمارية والقدرة على نهب الثروات ولم يبق أمام الشعوب سوى المقاومة البسيطة لإشعال الثورات ضد الاستعمار.
الإمبراطورية الأمريكية كانت لازالت في بداياتها تحاول السيطرة على البلدان المجاورة لها وكانت بريطانيا وغيرها من الإمبراطوريات هي المتصرف في كل الشؤون .
ذات مرة حاولت البحرية الأمريكية الدخول إلى البحر الأبيض المتوسط فلم تستطع لأن الجزائر لم تسمح لها حتى تدفع الجزية بحكم تبعيتها للخلافة العثمانية المتصرفة في البحر. ومرة حاولت تجريب حظها فمنيت بهزيمة منكرة على يد أبطال الجزائر قبل أن تتدخل فرنسا وتحتلها.
تخطت الإمبراطورية الأمريكية حدودها فأخضعت جيرانها بالقوة والقمع والإرهاب وتوسعت إلى أمريكا الجنوبية ثم شرق آسيا واستعملت الأسلحة النووية والكيماوية واستلمت الدور من بريطانيا التي سقطت بفعل الثورات عليها -فلا يبقى إلا الله وحده –لكنها احتفظت بالأرشيف الاستعماري والخبرة الاستعمارية للعملاء الذين تعتمد عليهم ويحتاجهم كل مستعمر ومجرم أما التنفيذ فترك للنسخة المطورة من المجرمين الذين يستطيعون الضغط على الزر النووي ولا يبالون بمقدار الضحايا من الأبرياء الذين قد يلقون حتفهم لأنهم في ميزان الأخلاق والمبادئ والقيم لا شيء.
فلسطين أو المنطقة السمراء كانت ضحية تنفيذ اتفاق وعد بلفور، وكان المنفذ هو الرئيس الأمريكي ترومان –الذي سميت حاملة الطائرات التي أعطبتها القوات اليمنية في البحر الأحمر باسمه –حيث صرح انه سلّم لهم فلسطين على طبق من فضة –أخذنا فلسطين على دفعات صغيرة لأنه من المستحيل أن تقوم بطرد 5-6ملايين إنسان من وطنهم وتقوم بإحلال 5-6 ملايين بدلا عنهم دون حدوث إشكاليات .
غزة كانت احدى المدن التي استقبلت من تم تهجيرهم من فلسطين القدس وما جاورها هربا من الإجرام الذي يتعرضون له من العصابات الصهيونية والصليبية، مكثوا في مخيمات لا تتوفر فيها ادنى مقومات البقاء لكنهم آثروا البقاء على الرحيل وهي سمة المجاهدين والمرابطين الذين لا يمكن لهم ترك أوطانهم إلا في حالة واحدة هي الشهادة .
لم يبرحوا مخيماتهم برغم تكاتف المجرمين عليهم -يهود وعصابات من بريطانيا وأمريكا وفرنسا وروسيا- التي استفادت من البيع للأراضي التي تملكها الجمعية الكاثوليكية الفلسطينية الروسية لليهود مقابل الحصول على البرتقال الفلسطيني ، بموجب صفقة البرتقال استفادت إسرائيل من تمتين علاقاتها بالاتحاد السوفيتي وسيطر اليهود على ارض تلك الجمعية وتم تشريد الأشقاء في ارض فلسطين .
الأمم المتحدة اقرت اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية في 9 /12 /1948م والتي تعاقب على ارتكاب الجرائم الأتية :
القيام عن قصد في التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه:
أ-قتل أعضاء من الجماعة
ب-الحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة.
ج-إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
د-فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الأطفال داخل الجماعة.
هـ-نقل أطفال من ا لجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
بين مشروع ترامب الذي يبشر به وما فعله ترومان فارق زمني يتجاوز سبعين عاما من الإجرام المتواصل ، ترومان استفاد من الإجرام الذي تعاونت فيه الإمبراطوريات الاستعمارية ومن الحكومات والأنظمة التي أسسها .
قهروا الشعوب لصالح الإجرام وسلموا الثروات وخانوا القضايا المصيرية ونشروا الفُرقة والتجزئة وأسسوا القُطرية وساهموا في تمزيق الممزق وتفتيت المفتت .
فقد استفادوا منهم في أسقاط الحكم العثماني على امل الخلاص لكنهم وجدوا انهم استبدلوا الظلمة بالمجرمين وشذاذ الآفاق .
تم تدمير كل مشاريع التكامل والاتحاد بين أقطار الأمة الواحدة لصالح رهن مقدرات شعوبهم وثرواتها لدى من لعنهم الله وغضب عليهم من اليهود والنصارى .
ترامب اليوم يريد غزة سلما أو حربا، ويريد طرد أهلها مستعينا باليهود والنصارى والمرتزقة ويطلق مشروعه متحسرا عليها (غزة أشبه بموقع هدم هائل لابد من إعادة بنائه بطريقة مختلفة؛ غزة مثيرة للاهتمام أنها موقع رائع على البحر وطقسها الأفضل وكل شئ جيد .. ويصل به الأمر للقول–يمكن القيام ببعض الأشياء الرائعة فيها)وربما انه يريد تنفيذ مجزرة البيجر فيها، لأن الانسحاب المذل والمخزي يحتاج إلى كمائن إجراميه تغطيه وتمسح العار عنه .
لا يدرك ترامب ولا غيره من دهاقنة الإجرام العالمي أن هذا الركام أسقط إمبراطوريات الروم والفرس والتتار والصليبيين وكل الغزاة واستشهد عليه في طوفان الأقصى اكثر من خمسين الفا ؛ ابُيدت على ثراه أُسر بأكملها لأنهم يرونها أجمل من كل مدن العالم ؛ولأن إيمانهم يتجاوز كل إمكانيات الإجرام والمجرمين من صهاينة العرب والغرب ، لكن ترامب ومن معه لا يفقهون ذلك ولا يدركون معنى الرباط على ارض الإسراء والمعراج والاستشهاد من أجلها ومواجهة كل كلاب الأرض وخنازيرها.
خطط التهجير القسري مهما أوغلت في إجرامها واستخدمت وسائل وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لن تجدي نفعا مع رجال باعوا أنفسهم لله وهو ما أثبتته الأحداث خلال خمسة عشر شهرا من العدوان، لم تنحن تلك الجباه ولم تنكسر بخلاف تلك الأنظمة المتصهينة والعميلة التي يراهنون عليها لتمرير “صفقة القرن”.
خطط التهجير القسري عرّتها الأزمات المتوالية أمام الشعوب التي أصبحت تعي وتدرك سبب انحطاطها وهوانها؛ فقد استعادت وعيها الديني والقومي الذي راهنت عليه قوى الاستعمار واستعملته لتحطيم وحدة الأمة وتماسكها بإثارة النعرات الطائفية والعنصرية والجهوية والدينية وغيرها واستمسكت بالعروة الوثقى التي امر الله بها.
لن تجدي الحملات التضليلية والحروب الناعمة في خدمة أعداء الأمة ولن تؤثر سوى في من باعوا انفسهم للإجرام والشيطان.
فرغم الدعايات السوداء والمضللة ضد الإسلام والمسلمين والجهاد والمجاهدين ها هو الإسلام في توسع وانتشار ،والانهزام والخزي والعار للدعايات الإجرامية ووصل الأمر أن تصل المظاهرات المتعاطفة مع مظلومية فلسطين في كل دول العالم فقد اصبح سلطان الحق قادراً على المواجهة وهزيمة أحلاف الاجرام والظلم والطغيان برغم فارق الإمكانيات ،ففرعون أغرقه الله وجنوده في اقوى مراحل سطوته وجبروته ونجّى الله موسى ومن معه في أوهي مراحل الضعف والانكسار قال تعالى((فلما تراء الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا أن معي ربي سيهدين)) الشعراء 61-62.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أستاذ فقه: علماء الأمة أجمعوا على تحريم المخدرات لأنها تذهب العقل
عقد الجامع الأزهر اليوم الاثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) تحت عنوان "المخدرات بين الشرع والطب" وذلك بحضور كل من؛ الدكتور أحمد خيري عبد الحفيظ، مدرس الفقه بجامعة الأزهر، وأ.د محمد محمود حمودة، مدرس الطب النفسي وعلاج الإدمان بكلية الطب، بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الشيخ. كريم حامد أبوزيد، منسق كتب التراث والبرامج الموجهة بالجامع الأزهر.
في بداية الملتقى قال الدكتور أحمد خيري عبد الحفيظ، مدرس الفقه بجامعة الأزهر، إن التكريم الذي ذكره الله سبحانه وتعالى للإنسان " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" هو تكريم جاء في صور كثيره، أولها التكريم في الخلق، " لقد خلقنا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ"، أي أحسن صورة وهيئة، ثم بعد ذلك التكريم في المنهج، لهذا جعل الله لنا شرعة نهتدي بها، وأرسل إلينا الرسل لتهدينا سبل الرشاد.
يأتي بعد ذلك النوع الثالث من التكريم وهو السر الذي أودعه الله سبحانه وتعالى في خلقه وهو العقل، والذي هو الجوهرة التي تكرم الله بها على عباده، لهذا جاءت كل الشرائع متكفلة بحفظ العقل، لذلك نجد أن كل ما يضر بالعقل فهو منهي عنه في هذه الشرائع، وهناك الكثير من الأمور المحرمة العلة في تحريمها أنها تؤثر على العقل.
وأضاف أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن تحريم الخمر لم يأت دفعة واحدة، بل تدرج التشريع الإسلامي في تحريمها على مراحل لحكمة إلهية، ومراعاة لأحوال الناس في ذلك الزمان، فبدأ ببيان مساوئها ومفاسدها، للحد منها، فعندما جاء عمر بن الخطاب للنبي ﷺ وقال له يا رسول الله أفتنا في الخمر؟ فإنها مذهبة للعقل مسلبة للمال، فنزل قول الحق سبحانه وتعالى " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا"، ثم بعد ذلك جاء الحكم بتحريمها في أوقات الصلاة بسبب أن أحد الصحابة أخطا وهو يصلي بسبب الخمر، فعندما أقام سيدنا عبد الرحمن بن عوف وليمة لصحابته، ثم جاء وقت صلاة المغرب وكان بعض الصحابة قد شرب الخمر، وتقدم أحد الصحابة للصلاة بهم، ولكنه أخطا في الصلاة بسبب الخمر، فنزل قوله " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"، ثم بعد ذلك سيدنا عتبان بن مالك أقام ولمية، ودعى إليها صحابة رسول الله، وبعد الوليمة بسبب المبارزة بالشعر، كادت أن تكون بينهم مقتلة، فهنا دعا سيدنا عمر ربه قائلا: اللهم أنزل علينا بيانا في الخمر، فنزل قول الحق سبحانه وتعالى “ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.
وبين أن المتتبع لأحكام الخمر قبل تحريمها قطعيا يجد أن الكثير من الصحابة كان لا يشربها، ويرفضها بسبب فطرته السلمية التي ترفض هذا الفعل، لأن الفطرة السليمة ترفض تعاطي المواد التي تذهب العقل، وهو ما بينته السنة النبوية المطهرة، مبينًا أنهم كانوا يدركون خطورتها، وهو يظهر عندما خطب سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، في الناس، حول أضرار الخمر، واصفًا إياها بأم الخبائث، واستشهد بقصة من القرون السابقة، عن رجل دعته امرأة إلى منزلها، ثم أومأت إلى جاريتها أن تغلق الباب دونهما، وخيرته بأن يقع عليها أو يشرب الخمر، أو يقتل صبيا موجودا، فاختار الرجل الخمر، فلما شرب الخمر وقع عليها ثم قتل الصبي، وهنا يعطيهم سيدنا عثمان درسًا عمليا، حول مفاسد الخمر وأضرارها التي يمكن أن تصل إلى أسواء شيء يمكن أن يتصوره العقل.
أوضح أستاذ الفقه، أن علماء الأمة أجمعوا على تحريم المخدرات، وكل ما يذهب العقل، كما أن كل ما ورد في تحريم الأمور التي تؤدي إلى الفساد والإفساد في الأرض، ينسحب على المخدرات، لأن المخدرات تعريفها كما أورده ابن حجر العسقلاني، بأنها ما يتولد عنها تغطية العقل وعدم إحساس البدن، والإحساس بالفتور، كما أن الإتجار في المخدرات يعد فسادًا في الأرض، لأن المخدرات أم الخبائث كما في حديث أم سلمة رضى الله أنها قالت: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر، مبينًا أن إشكالية المخدرات وأضرارها لا تقع على العقل فقط، وإنما تتعداها إلى المال، لأن المال نعمة مسؤول عنها الإنسان، وإنفاقه على المخدرات هو إنفاق في غير موضعه، كما تضر المخدرات أيضًا بالنفس، فهناك الكثير من حالات الوفيات بسبب المخدرات، فهي ضرر في كل شيء، وكثير من المشكلات المنتشرة في مجتمعاتنا اليوم مثل التفكك الأسري، والخلافات الاجتماعية تكون بسبب المخدرات.
وحذر أستاذ الفقه، الآباء من الغفلة عن سلوك أبنائهم وعدم متابعتهم، لأن رفقاء السوء، قد يجرونهم إلى طريق الهلاك، وعلى الأسر أن تقوم بواجبها في تقوية الوازع القيمي في نفوس أبنائها، حتى لا يكونوا عرضة للوقوع فريسة لمروجي هذا النوع من المفسدات، وعلى المجتمع أن تتضافر جهوده من أجل القضاء على هذا الوباء الذي يهدد مجتمعاتنا، مع ضرورة تقديم يد العون لمن وقع فريسة للمخدرات، حتى يتعافى، لأن تركه على هذه الحالة يؤدي إلى مزيد من المشاكل.
وبين مدرس الطب النفسي وعلاج الإدمان بجامعة الأزهر، أن المجتمعات التي اتخذت إجراءات صارمة في مواجهة المخدرات، استطاعت أن تجنب شعبها خطورة هذه المواد التي تهدد المجتمع في كل جوانبه، وساعدتها هذه الاجراءات في النهوض بالمجتمع في شتى المجالات، مبينًا أن خطورة المخدرات بدأت تتضاعف وتشكل تحديا كبيرا أمام المجتمعات، بعد تنوع المواد المخدرة وبخاصة بعد ظهور نوع جديد من المخدرات يعرف بالمواد التخليقية، والتي ينتج عنها أضرار مضاعفة، مثل توهم متعاطيها لأوهام تدفعه إلى القيام بأعمال كارثية، إضافة إلى أن المعروف عن المخدرات أنها تسبب الاكتئاب وتفقد الشخص القدرة على القيام بأي مجهود ذهني وبدني، فالكثير من الحوادث الخطيرة في المجتمع تكون بسبب المخدرات.
أوضح أستشاري علاج الإدمان، أن الأغراض الطبية التي تدخل في علاجها المواد المخدرة، مشروطة بالحالة التي تخصص لها، وأن تكون تحت إشراف الأطباء، وتكون هناك حالة ضرورية لذلك، ما عدى ذلك يعد تعاطيا وهو ممنوع دوليا، كما أنه محرم شرعًا، والإسراف في تعاطي الجرعات الطبية يدخل أيضًا تحت بند التعاطي.
من جانبه قال الشيخ كريم حامد أبوزيد، منسق كتب التراث والبرامج الموجهة بالجامع الأزهر: إن المواد المخدرة تشكل خطرًا كبيرًا على المجتمعات، كونها تؤثر على عقل الإنسان وسلوكه، وتمتد آثار تناول المخدرات إلى أبعد من ذلك، كونها تهدم الجانب الاقتصادي والأمني للمجتمعات، والشريعة الإسلامية جاءت لحفظ الكليات الخمس: "الدين، النفس، العقل، النسل، والمال"، والمخدرات تشكل خطرًا على هذه الكليات التي جاء الإسلام لحمايتها، لهذا حرم الإسلام المخدرات، لأنها تؤثر على العقل الذي هو مناط التكليف، كما أن المخدرات لا يستقيم الحفاظ على الكليات الخمس مع وجودها لأنها تهدد حياة الإنسان وتهدد استقرار المجتمع، والمتخصصين أجمعوا بأن المخدرات هي نوع من أنواع التهلكة التي حذرنا منها الحق سبحانه وتعالى في قوله"ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة".
يُذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.