إبراهيم عثمان يكتب : غسيل الانحياز أو ممسحة رباح!
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
في مقال لرباح الصادق المهدي قالت لزملائها في “تقدم” عن “إخوانهم الذين يزمعون الانخراط في حكومة الدعم السريع” :
“لقد كان وجودهم معكم أصلا سببا رئيسيا في شل حركتكم نحو وقف الحرب والتفاهم مع طرفيها فجلهم مربوط بالدعم بحبال سرية ومعلنة.”
“وجودهم معكم كان يطعن في مصداقيتكم ويجعل جسمكم بمقياس أهدافه ميتا، لن يستطيع أن يحقق منها شيئا.
وتمنت أن تكون هذه “مناسبة لتجسير الجفوة التي تنامت مع شعبكم بسبب مواقف زملائكم المفارقين وتصريحاتهم.”
▪️ لا أدري هل تؤمن رباح فعلًا بأن انحياز “تقدم” سببه الرئيسي مجموعة حكومة الميليشيا، أم إنها، بتفكير رغبوي لا يستند إلى الواقع، تريد أن ترى أن هذه هي الحقيقة، رغم الأدلة الكثيرة على عدم صحتها:
الهدف لقيام تحالف “تقدم”، عند أغلبية الناس، هو تجميع المجموعات الواقفة ضد الجيش، والقريبة من الميليشيا، على اختلاف درجة قربها، وخدمة أهداف الميليشيا، وتقديم السند السياسي والإعلامي، ودعم رؤيتها لإيقاف الحرب، وليس مجرد الوساطة لإيقاف الحرب، فالوساطات لا تصنع كيانات!
المواقف والتصريحات التي دلت على “الارتباط مع الميليشيا “بحبال سرية ومعلنة”, و”طعنت في المصداقية” و”صنعت الجفوة مع الشعب” كانت، ولا زالت، تصدر من الجميع في “تقدم”، وليس من مجموعة حكومة الميليشيا فقط، والبيانات كانت تعبر عن الجميع، بل إن “أغلب” التصريحات هذه صدرت عن المجموعة التي تقول إنها ضد تشكيل الحكومة، ولا تستطيع رباح أن تثبت العكس، وهي نفسها لم تكن، قبل قضية تشكيل الحكومة، تميز بين مجموعتين في “تقدم” إحداهما ليست منحازة للميليشيا!
بل إن أول المعترضين على ما قالته هم الذين أرادت أن تغسلهم من تهمة الانحياز للميليشيا، لأنهم جميعاً يتبنون كل مواقف “تقدم” في الفترة السابقة، ولا يسلمون لرباح بأنها كانت مواقف منحازة، ولا بأنها صنعت الجفوة مع الشعب، ولا بأن المسؤولين عنها هم مجموعة حكومة الميليشيا، ولم يعدوا بأنهم سيعدلون مواقفهم ويبتعدون من الميليشيا، ولذلك فإن ممسحة رباح لن تؤدي غرضها، ببساطة لأنها لن تجد من يتبناها حتى داخل “تقدم” نفسها!
قيادة حزب الأمة القومي نفسها متهومة من رباح، بأنها ( اتخذت مواقف منحازة) للميليشيا. والحزب نفسه، حسب قول رباح، صار فيه ( من يخاطب الناس من منصة الدعم السريع )، فهل ستذهب قيادة الحزب، ومن يخاطبون الناس من منصة الدعم السريع، مع مجموعة حكومة الميليشيا فيغتسل الحزب، عند رباح، بذلك من الانحياز للميليشيا، ويستعيد “مصداقيته” و”يجسر الفجوة مع الشعب” أم سيبقون، بمواقفهم هذه، في قيادة الحزب، وفي قيادة “تقدم”، وتغسلهم رباح من التهمة فقط بعدم اشتراكهم في تشكيل حكومة الميليشيا، أم سيبقى اتهامها لهم قائمًا؟!*
* *أن يتبنى مجموعة من قادة “تقدم” موقفاً أكثر انحيازاً لن يؤدي إلى غسيل سمعة مواقف “تقدم” المنحازة الثابتة التي لم تتغير، ولم تعد بتغييرها، هذه فكرة في غاية الضعف، ولن تنطلي على الناس. والواضح من بيان الانقسام أن العلاقة ودية، وأشبه بتوزيع الأدوار، وتحمل معنى أن الهدف واحد، وأنهم قد “اتفقوا” على أن يخدمه كل فريق على طريقته، مع استمرار التنسيق!*
* *المرجح أن تكون مواقف “تقدم” من حكومة الميليشيا، وهي عبارة عن تطوير للإدارات المدنية التي اتفقت مع الميليشيا على تشكيلها، هي ذات مواقفها السياسية من الميليشيا: ستحاول أن تبدو بعيدة عنها بمسافة محسوبة، حتى لا تكون مصادمتها للرأي العام جذرية، وستتعاون معها في ضرب الحكومة القائمة، وربما ستدعم أي نجاحات تحققها في نيل الاعترافات من الدول.
إبراهيم عثمان
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
“تقدم” تعلن فك الارتباط بين مجموعتين بعد خلافات “الحكومة الموازية” .. 19 كياناً داخل التنسيقية اعترض على الاتجاه الداعي لتشكيل حكومة
أعلنت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" في السودان، الاثنين، فك الارتباط بين مجموعة داعية لتشكيل حكومة وأخرى ممانعة، وذلك في أعقاب تمسك نائب رئيس التنسيقية الهادي إدريس بتشكيل حكومة "مدنية" (موازية)، لتنتزع الشرعية
"تقدم" تعلن فك الارتباط بين مجموعتين بعد خلافات "الحكومة الموازية"
مصادر لـ"الشرق": 19 كياناً داخل التنسيقية اعترض على الاتجاه الداعي لتشكيل حكومة
دبي- الشرق
أعلنت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" في السودان، الاثنين، فك الارتباط بين مجموعة داعية لتشكيل حكومة وأخرى ممانعة، وذلك في أعقاب تمسك نائب رئيس التنسيقية الهادي إدريس بتشكيل حكومة "مدنية" (موازية)، لتنتزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، والتي عيّنها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.
وأوضحت "تقدم"، في بيان، أنها عقدت اجتماعاً للهيئة القيادية برئاسة عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، لـ"مناقشة قضية الشرعية والموقف من تصور إقامة حكومة كأحد وسائل العمل المعتمدة في التعاطي مع هذه القضية".
وأضافت أن الاجتماع "خلص لوجود موقفين متباينين حول قضية الحكومة، وعليه فإن الخيار الأوفق هو فك الارتباط بين أصحاب الموقفين، ليعمل كل منهما تحت منصة منفصلة سياسياً وتنظيمياً باسمين جديدين مختلفين".
وقالت إن "بموجب هذا القرار سيعمل كل طرف اعتباراً من تاريخه حسب ما يراه مناسباً ومتوافقاً مع رؤيته حول الحرب وسبل وقفها، وتحقيق السلام الشامل الدائم، وتأسيس الحكم المدني الديمقراطي المستدام، والتصدي لمخططات النظام السابق وحزبه المحلول وواجهاته".
وأشارت، في البيان، إلى أنه "ستعلن كل مجموعة للرأي العام ترتيباتها السياسية والتنظيمية والاسم الجديد الذي ستعمل به بصورة منفصلة".
وفي السياق، ذكرت مصادر لـ"الشرق"، أن 19 كياناً سياسياً ومدنياً داخل "تقدم" اعترض على الاتجاه الداعي لتشكيل حكومة، أبرزها حزب الأمة القومي، والتحالف الوطني السوداني، والتجمع الاتحادي، وحزب البعث القومي، والمؤتمر السوداني، والحزب القومي السوداني، والوطني الاتحادي الموحد، إضافة إلى تيار الوسط للتغيير، وحزب التواصل، والحزب الناصري، وحركة حق، والوطني الاتحادي، ولجان المقاومة، والمهنيين والنقابات، والمجتمع المدني، والفئات النوعية، وحمدوك، والتيار الثوري الديمقراطي، والجبهة الشعبية المتحدة.
في المقابل، أبرز الشخصيات والكيانات الداعية إلى تشكيل حكومة موازية، هم أعضاء مجلس السيادة السابقون، الهادي إدريس، والطاهر حجر، ومحمد حسن التعايشي، ورئيس حركة العدل والمساواة "المنشقة"، سليمان صندل.
وتعد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية أحد أكبر التحالفات السياسية المدنية، وتتكون من أحزاب سياسية وحركات مسلحة موقعة على اتفاق سلام جوبا 2020، ونقابات وشخصيات مستقلة.
وظهرت بوادر الخلاف في أحد أكبر التحالفات السياسية في السودان، خلال الأسابيع الماضية، عندما أعلن التحالف المدني، تشكيل لجنة لـ"فك الارتباط"، في 31 يناير الماضي، بين طرفي صراع محتدم داخله، يدور حول تشكيل "حكومة موازية" في مناطق سيطرة قوات "الدعم السريع".
خارطة طريق
أعلنت حكومة السودان، الأحد، خارطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب، تشمل تشكيل حكومة كفاءات، واختيار رئيس وزراء مدني، وإطلاق حوار وطني، وذلك مع إعلان الجيش السوداني، خلال الأيام الماضية، تقدمه في مناطق كانت تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وذكر بيان لوزارة الخارجية السودانية أنه "بعد النجاحات التي حققتها القوات المسلحة والقوات المشتركة والمساندة، مدعومة بكل جموع الشعب السوداني، وتضييق الخناق على المتمردين في مختلف المسارح طرحت قيادة الدولة، وبعد مشاورات واسعة مع القوى الوطنية والمجتمعية، خارطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة التي ستتوج بعقد الانتخابات العامة الحرة والنزيهة".
بنود خارطة الطريق التي أعلنتها وزارة الخارجية السودانية:
إطلاق حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية، والترحيب بكل من يقف موقفاً وطنياً، ويرفع يده عن المعتدين، وينحاز للصف الوطني.
تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، وإعانة الدولة على تجاوز تبعات الحرب.
إجراء التعديلات اللازمة في الوثيقة الدستورية، وإجازتها من القوى الوطنية والمجتمعية؛ ومن ثم اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون تدخل.
تأكيد حرية الرأي والعمل السياسي دون هدم للوطن أو المساس بالثوابت الوطنية، وعدم حرمان أي مواطن من حقه في الحصول على جواز السفر.
اشتراط وضع السلاح وإخلاء الأعيان المدنية لأي محادثات مع التمرد (قوات الدعم السريع). وعدم القبول بالدعوة لوقف إطلاق النار ما لم يرفع الحصار عن الفاشر، على أن يتبع وقف إطلاق النار الانسحاب من الخرطوم وغرب كردفان وولايات دارفور.
ودعت وزارة الخارجية السودانية، المجتمع الدولي، خاصة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لدعم خارطة الطريق، "باعتبارها تمثل توافقاً وطنياً لإرساء السلام والاستقرار في البلاد واستكمال مهام الانتقال".
كان رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، قد أعلن، السبت، عزمه تشكيل حكومة تصريف أعمال "من أجل استكمال العملية الانتقالية في البلاد"، فيما جدد رفضه التفاوض مع "قوات الدعم السريع".
وقال البرهان، خلال ختام مشاورات القوى السياسية بشأن رسم خارطة طريق للحوار السوداني: "نريد لهذا الحوار أن يكون شاملاً لكل القوى السياسية والمجتمعية"، مشيراً إلى أن "الفترة القادمة ستشهد تشكيل حكومة لاستكمال مهام الانتقال".