سالم البادي (أبومعن)
رغم التنديدات العربية والدولية كرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التأكيد على أنه ملتزم بشراء قطاع غزة وتملّكه، وهذا آثار استغراب ودهشة العالم خاصة العالم العربي والإسلامي والدول الإقليمية!
وما زاد الرئيس الأمريكي تبجحا أنه يريد توطين أهل غزة في دول مجاورة في الشرق الأوسط. وذكر ترامب أنه سيحول قطاع غزة إلى موقع جيد للتنمية المستقبلية المستدامة، وسيهتم بالفلسطينيين ويتأكد "من أنهم لن يقتلوا"، وكأن أمر القتل والتدمير والتهجير بيده! وأضاف إن "غزة" موقعا عقاريا مميزا لا يمكن أن نتركه.
وكما جاء في حديثه أنه سيبحث في حالات فردية للسماح للاجئين فلسطينيين بدخول أمريكا..
وأن دولا بالشرق الأوسط ستستقبل الفلسطينيين بعد أن تتحدث معي.
وزعم ترامب أن "أهل غزة لن يرغبوا في العودة إلى ديارهم إذا وفرنا لهم بديلا أفضل"..
واتهم الرئيس ترامب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنها كانت "كارثية" على القطاع، وقال إن المحتجزين المفرج عنهم السبت من غزة والضفة "ظهروا وكأنهم قد خرجوا من محرقة".
ما دفع فصائل المقاومة الفلسطينية ومن ضمنها حركة حماس إلى الرد على تلك التصريحات المستفزة، مدينة تلك التصريحات. وذكر متحدث عن الحركة أن "التعامل مع القضية الفلسطينية بعقلية تاجر العقارات، هي صفقة فاشلة. وأضاف إن شعب غزة الفلسطيني سيفشل كل مخططات التهجير والترحيل، وستبقى غزة لأهلها، ولن يغادروها إلا إلى مدنهم وقراهم المحتلة عام 1948.
وأثارت تصريحات الرئيس الأمريكي انتقادات وغضبا من أهل غزة خاصة وفلسطين عامة، ومن الدول العربية والإسلامية شعوبا وحكومات، فضلا عن الأمم المتحدة، لا سيما أن تهجير الفلسطينيين يتعارض مع الأحكام والقوانين الدولية.
ونقول للرئيس الأمريكي بكم ستشتري قطاع غزة يا تاجر العقارات؟ بالمتر أم بالهكتار أم بالفدان؟
ولعلمك هناك أراض مختلفة الاستعمال؛ فمنها السكنية والتجارية والصناعية والسياحية...الخ وهي أسعارها متفاوتة.. ونذكرك أن سعر الأرض السياحية أغلى!! ولا تنس أن الأراضي الواقعة على البحر المتوسط أسعارها بالمليارات!! وهل ستشتريها نقدا أم بالشيكات أم بالآجل؟ أم من أموال الدولة؟ لعلمنا بأن مالك لا يكفي لشراء شارع في غزة أو حي بأكمله أو مخيم بقطاع غزة العزة.
فهل فعلا تصريحاتك هي بموافقة مجلس الشيوخ الأمريكي؟ حتى وإن كانت بموافقة الكونجرس الأمريكي فهي لأسباب سياسية وعقائدية وليست اقتصادية، وبالتأكيد تتعلق بالصهيونية العالمية.
وحسب المتعارف عليه في سوق العقار أن الصفقات العقارية عادة بحاجة إلى وسيط عقاري (سمسار)، فمن هذا السمسار الذي لديه الحق أو التوكيل لبيعك أرض يقطنه مليونين إنسان ونيف وهي جزء من دولة عربية وإسلامية معترف بها قبل الكيان المحتل! أو أنه نتنياهو أغراك ويريد أن ينصب عليك ويدخلك في ورطة لن تستطع أن تخرج منها؟
ولعلمك نتنياهو المجرم مطلوب للعدالة الدولية بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، ومطلوب في كيانه بجرائم فساد ورشوة وإساءة الأمانة، فضلا أنه على مدى أكثر من 15 شهرا أدخل جيشه الصهيوني المحتل في حرب شعواء وحشية لم يعرف العالم مثلها من قبل بالتاريخ وانهزم ورجع جيشه مهزوما مدحورا دون تحقيق أي من أهداف حربه الصهيونية على شعب أعزل محاصر... إلا أنه نجح في عمليات القتل والإجرام والخراب والدمار والإبادة الجماعية والتجويع والتعذيب والمجازر اليومية.
هل تعرف أيها الرئيس الأمريكي ترامب من هم أهل غزة؟ وكم حربا أدخل الكيان الصهيوني منذ احتلاله فلسطين الحبيبة؟
اعلم يقينا أن "غزة" التي أدخلت الصراع مع المحتل وشركائه منعطفا تاريخيا جديدا، ليست للبيع ولا للمبادلة ولا للمتاجرة ولا للمساومة ولا للاستثمار ولا للانتفاع..
يرحل عنها من يرحل، لكنها باقية ما بقي التين والزيتون والزعتر، هي وطن الأحرار، وطن المقاومة، وطن المرابطين، أرض الفلسطينيين..
"غزّة" أرض التاريخ والبطولات، وصفها نابليون أنها "بوابة آسيا" ومدخل إفريقيا"؛ احتفظت باسمها ومنزلتها وتاريخها، وبسالتها رغم كل ما مرّ بها من ويلات وأزمات، وتعاقب عليها الغزاة والطامعون على مر التاريخ.
غزّة.. جدار صلب أمام المحتل الصهيوني، فقد عاشت غزّة في ظل الاحتلال أحلك أيامها وأكثرها دموية ومعاناة، وفي مواجهات مستمرة لم تنقطع بين أهالي غزّة وقوات المحتل الغاشم.
قدمت "غزة" وما زالت تقدم شهداء، وبعد احتلال الكيان المحتل لغزّة عقب حرب الخامس من يونيو 1967، كان الفدائيون الغزيون يسيطرون على غزّة في الليل، والمحتلون يستعيدونها في النهار.
وفي عام 1987 انطلقت انتفاضة الحجارة من "مخيم جباليا الغزاوي" واستمر النضال ضد المحتل حتى عملية "طوفان الأقصى".
غزة المدينة التي تمنى رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق إسحاق رابين أن يصحو يوماً، فيجد البحر قد ابتلعها.. لكن غزة والبحر توأمان التاريخ والقوة والمنعة قبل وجود الكيان المحتل.
غزة أو القوة أو الشدة أو المنعة أو الحكمة أو ...، اقرأها كما شئت، تختصر صفاتها، وتختزل صلابتها، فقد أطلق عليها قدماء المصريين اسم بوابة كنعان.
فمصر منذ البدايات، إلى آخر قائد من أبنائها البررة، كانت تنظر إليها حيث تشرق الشمس، ومن أراد دخول مصر، كان عليه المرور بغزة، وعندما نظرت مصر إلى بلاد الشام، كانت غزة بوابتها.
هكذا يختصر تاريخ طويل، يمتد إلى أكثر من خمسة آلاف عام، في تاريخ هذه المدينة الصامدة الصلبة العنيدة الصنديدة على أي محتل أو مستعمر، هي وشقيقاتها في القطاع المحاصر.
غزة ستبقى لأهلها وشعبها، ستبقى صامدة صابرة محتسبة وسيعيد أبناؤها بناءها وزراعة أرضها والعيش فيها متكاتفين متعاضدين متعاونين للدفاع عنها بأرواحهم.
غزة العزة والكرامة التي أعطت للعالم معنى آخر للصمود والثبات والرباط والكفاح والمقاومة والجهاد بطريقتها الخاصة، وما زالت تعلم العالم دروسا في استعادة الحرية.
من يعرف "غزة" سيعرف أنها لا يضاهيها ثمن ولا يضاهيها جمال ولا يضاهيها بلد ولا يضاهيها أحد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الخارجية: حقوق شعبنا وأرضنا ليست للبيع أو المقايضة والمساومة
أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن حقوق شعبنا والضفة بما فيها القدس وقطاع غزة ليست للبيع أو المساومة أو المقايضة، وأن أية أفكار من هذا القبيل هدفها إطالة أمد الصراع وبقاء نتنياهو في سدة الحكم في إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني ومعاناته والمنطقة واستقرارها.
وطالبت في بيان لها، اليوم الاثنين 10 فبراير 2025، المجتمع الدولي بمواجهة هذه السياسة الاستعمارية العنصرية، وعدم الاكتفاء ببيانات الرفض والتحذير، والعمل على تفعيل مجلس الأمن الدولي كي يأخذ دوره الطبيعي في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتصدي لمهامه في حفظ السلم والأمن الدوليين.
ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها نتنياهو يحاولان التغطية على جرائم الإبادة والتهجير والضم التي ارتكبتها ضد شعبنا، وفي مقدمتها جرائم التطهير العرقي، وتدمير كامل قطاع غزة، والبدء بتطبيق نسخة الدمار على الضفة الغربية المحتلة، إذ تواصل الترويج لشعارات ومواقف منفصلة عن الواقع السياسي وبعيدة عن استحقاقات الحلول السياسية للصراع، فتلقفت الحكومة الإسرائيلية فكرة التهجير وتسعى إلى تنفيذها بقوة الاحتلال، ضاربة بعرض الحائط أمن دول المنطقة والعالم واستقرارها.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين حماس: الشعب الفلسطيني لن يغادر أرضه ومشاريع ترامب "إلى زوال" بلديات المغراقة والزهراء ووادي غزة: مناطق منكوبة غير صالحة للعيش القدس: الاحتلال يعتقل مالكي المكتبة العلمية ويستولي على كتبها الأكثر قراءة ليلة النصف من شعبان 2025 - 15 شعبان 1446 القصر الملكي السعودي: أبلغنا ترامب بشرطنا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل دعاء يامن اليه ملجأ العباد – ليلة النصف من شعبان 2025 الإعلامي الحكومي بغزة يوجه مناشدة للهيئة الخيرية الأردنية عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025