تشو شيوان

يُحتفل بـ"عيد الفوانيس" في اليوم الخامس عشر من الشهر الأول في التقويم القمري الصيني، وهو من أهم الأعياد التقليدية في الصين، حيث يُمثل نهاية الاحتفالات بالسنة القمرية الجديدة ويعكس قيم الفرح والتآلف العائلي.

ويعود تاريخ هذا العيد إلى أكثر من ألفي عام؛ حيث تم تحديده لأول مرة خلال عهد أسرة هان الملكية، ثم توسع نطاق الاحتفال به عبر العصور.

ففي عهد أسرة تانغ، كان الاحتفال يستمر من يوم إلى ثلاثة أيام، بينما امتد إلى خمسة أيام في عهد أسرة سونغ، ووصل إلى عشرة أيام خلال عهد أسرة مينغ، مما يعكس أهميته المتزايدة عبر الزمن.

أما بالحديث عن التقاليد والعادات الاحتفالية، فيرتبط "عيد الفوانيس" بمجموعة من العادات والتقاليد المبهجة التي تعبر عن الأمل والنور. من أبرز هذه التقاليد تعليق الفوانيس حيث تُضاء فوانيس بأشكال وألوان زاهية، تُرمز إلى النور والسعادة والتمنيات بعام مزدهر، وأيضا حل ألغاز الفوانيس: تُكتب ألغاز على الفوانيس، ويشارك الناس في حلها كجزء من الاحتفال، بالإضافة لتناول كرات التانغ يوان وهي كرات أرز محشوة بحشوات مختلفة، وترمز إلى لمّ شمل العائلة والوفاء، كما تقام المواكب والعروض الفنية لتشمل العروض رقصات الأسد والتنين، بالإضافة إلى عروض الألعاب النارية.

وفي العصر الحديث، يُحتفل بعيد الفوانيس في الصين وبعض الدول الآسيوية التي تتبع التقاليد الصينية، مثل تايوان، وهونج كونج، وسنغافورة، وماليزيا. كما أصبحت المهرجانات الكبرى جزءًا من المشهد الثقافي العالمي، حيث تقام احتفالات في مدن كبرى مثل نيويورك، ولندن، وسيدني، مما يعكس تأثير الثقافة الصينية على العالم، ويبقى عيد الفوانيس مناسبة تجمع الناس تحت ضوء الفوانيس المضيئة، محتفلين بالأمل والسعادة، وناقلين تقاليدهم من جيل إلى آخر.

وبالعودة لتاريخ الاحتفالات، فقد ظهرت عادة تعليق الفوانيس خلال عيد الفوانيس في عهد أسرة هان الملكية، حيث دعا الإمبراطور في أسرة هان بقوة إلى البوذية وأمر في الليلة الخامسة عشرة من الشهر القمري الأول "بإشعال المصابيح لعبادة بوذا" في القصر والمعابد. وفي وقت لاحق، انتقلت عادة تعليق الفوانيس في هذا العيد إلى المواطنين من البلاط الإمبراطوري. وكلما يحل عيد الفوانيس، تعلق كل أسرة فوانيس ملونة أمام منزلها؛ سواء كانت من طبقة النبلاء أو عامة الناس، وتكون الشوارع والأزقة مضاءة بشكل ساطع.

ويُطلق على لعبة فوانيس التنين اسم "رقصة التنين"، ولها تاريخ يزيد عن ألفي عام، ونشأت لعبة فوانيس التنين من عبادة الناس للتنين، وفي نظر الصينيين القدماء، يتمتع التنين بقدرة على استدعاء الرياح والمطر، وهو أمر ذو أهمية كبيرة للطقس والإنتاج والحياة، وكلما يحل عيد الفوانيس، يُمارس الناس لعبة فوانيس التنين للتضرع من أجل نعمة التنين، وحتى يكون هناك طقس جيد وحصاد وافر في العام المقبل، كما ازدهرت وتطورت ممارسة تقاليد رقصة التنين بين الصينيين المغتربين، وفي كل عيد صيني تقليدي أو احتفال كبير، يؤدون رقصة الأسد ويمارسون لعبة فوانيس التنين، مما يخلق أجواء احتفالية شرقية.

وتعد رقصة الأسد فنًا شعبيًا مُميزًا في الصين، وكلما يحل عيد الفوانيس أو الاحتفالات الأخرى، يؤدي الناس رقصة الأسد للاحتفال بالعيد، ونشأت هذه العادة في فترة الممالك الثلاث واشتهرت في الأسر الجنوبية والشمالية، ولها تاريخ يزيد عن ألف عام.

وإضافة إلى ذلك، يتعين على كل أسرة أن تأكل "اليوانشياو" بمناسبة عيد الفوانيس، ونظرا لأن لفظ هذا الاسم يشبه كلمة "لم شمل" في اللغة الصينية، فإنه يعبر عن أمل الناس في لم شمل الأسرة بأكملها، والتناغم والسعادة في عيد الفوانيس.

وجدير بالذكر أن سهرة عيد الفوانيس التي تنتجها مجموعة الصين للإعلام منذ عام 1985، واحدة من أبرز الفعاليات التلفزيونية التي تُعرض خلال الاحتفالات بعيد الفوانيس، وتُبث هذه السهرة السنوية مباشرة على القناة المركزية الصينية، وتجذب ملايين المشاهدين من جميع أنحاء الصين والعالم، وتتميز السهرة بعرض مجموعة متنوعة من الفقرات الفنية، تشمل الأغاني التقليدية والعصرية، والرقصات الإيقاعية، والعروض المسرحية التي تعكس الثقافة الصينية الغنية وتاريخها العريق.

وتُقدّم السهرة بأسلوب احتفالي مبهر، مع إضاءات ملونة وفوانيس ضخمة تزيّن الخلفية، مما يعكس جو العيد الساحر، كما تُشارك فيها نخبة من الفنانين والمشاهير الصينيين، الذين يقدمون فقرات تتراوح بين الأغاني الشعبية والكلاسيكيات الصينية الحديثة، بالإضافة إلى الرقصات الجماعية التي تعبر عن روح الوحدة والفرح. وتُعتبر هذه السهرة ليست فقط وسيلة للترفيه؛ بل أيضًا فرصة للتعريف بالتراث الثقافي الصيني وتعزيز قيم التواصل الأسري والاجتماعي التي يتميز بها عيد الفوانيس.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جامع الشيخ زايد يُقدّم خدماته لأكثر من مليوني زائر خلال شهر رمضان

يُقدم مركز جامع الشيخ زايد الكبير، بالتعاون مع أكثر من 20 جهة حكومية ومحلية، خدماته لأكثر من مليوني مصلي وزائر خلال شهر رمضان، حيث يوفر بيئة متكاملة تعكس دوره الديني البارز في احتضان الشعائر والمناسبات، مع مواصلة دوره الثقافي.

وأكمل مركز جامع الشيخ زايد الكبير استعداداته لإحياء شهر رمضان المبارك لتوفير الراحة والسكينة لمرتادي الجامع من المصلين والزوار، الذين يتدفقون إليه سنوياً بأعداد متزايدة خلال شهر رمضان المبارك، حيث بلغ عدد مرتادي الجامع خلال شهر رمضان المبارك لعام 5144 هجري، نحو 1,604,170 مصلياً وزائراً، وأحيا ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل في رحابه أكثر من 70,000 مصلٍّ.
وشكّل المركز لجاناً متخصصة، وفرق عمل من موظفيه ومتطوعي هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وفريق (أبشر يا وطن) التطوعي، وفريق معاً التطوعي، ورجال الشرطة، والمسعفين ورجال الدفاع المدني، إضافة إلى موظفي الدعم. وبلغ عدد المتطوعين أكثر من 580 متطوعاً، تأكيداً لإحدى قيم المركز «نتطوع شكراً لعطاء الوطن» والتي تشكل ركيزة لخططه الاستراتيجية.


واستعد المركز بالتعاون مع شريكه الاستراتيجي فندق إرث - أبوظبي، لتقديم أكثر من 35,000 وجبة إفطار يومياً في رحاب الجامع، إضافة إلى توزيع أكثر من 45,000 وجبة إفطار يومياً على المستفيدين بالتنسيق مع المناطق الاقتصادية المتخصصة «زونزكورب».

مدفع الإفطار

ويتعاون المركز مع وزارة الدفاع لإطلاق مدفع الإفطار يومياً من أرض الجامع، إضافة إلى نقل هذا الحدث عبر بث حي على قناتي أبوظبي والإمارات.
ونشر المركز نقاط استعلامات متحركة في أنحاء الجامع؛ لتلبية احتياجات المصلين والإجابة عن استفساراتهم، وهيأ صحن الجامع لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المصلين والزوار، خلال الشهر الفضيل؛ بتوفير أكثر من 1,480 سجادة لتغطية صحن الجامع.

ووفر أكثر من 3,515 مقعداً للمصلين، إضافة إلى توفير أكثر من 50 كرسيّاً متحركاً لتسهيل تنقل كبار المواطنين وأصحاب الهمم داخل الجامع، وعزز المركز حضور الضيافة الإماراتية الأصيلة باستقبال ضيوف الجامع من المصلين بالعود، بتبخير قاعات الجامع وأروقته ومناطق الصلاة على مدار الشهر الكريم.
ورَفَعَ المركز جاهزيته للتعامل مع الحالات الصحية الطارئة في الجامع، بتوفير سيارات إسعاف بالتعاون مع هيئة أبوظبي للدفاع المدني، وحضور فريق الدفاع المدني.
وتمت تهيئة الجامع بعد أداء الشعائر يومياً، لاستقبال الزوار وتقديم الجولات الثقافية في الجامع، وذلك خلال أوقات الزيارة في شهر رمضان المبارك،
وتلبية لاحتياجات مرتاديه من المصلين أتاح المركز فرصة الاستمتاع بأجواء رمضانية خاصة مع الأهل والأصدقاء، في سوق الجامع، حيث وفر خدمة النقل بالسيارات الكهربائية بعد الصلوات، من قاعات الجامع وأروقته إلى سوق الجامع ومركز الزوار.
ووفر المركز خدمات الإفطار لأول مرة في جامع الشيخ خليفة الكبير في منطقة العين، حيث سيتم توزيع أكثر من 10,000 وجبة إفطار يومياً في رحاب الجامع، 

مقالات مشابهة

  • بسبب اقتطاعات ترامب.. جامعة "جونز هوبكنز" تسرّح ألفي موظف
  • ضابط بجيش الاحتلال: استخدمنا سكان غزة دروعا بشرية أكثر من ألفي مرة
  • تجاوب تستجيب لأكثر من 7500 طلب
  • جامع الشيخ زايد يُقدّم خدماته لأكثر من مليوني زائر خلال شهر رمضان
  • التنين يحلّق في آفاق عدة.. هل تقود الصين العالم؟
  • تسفير ألفي عامل وافد مخالف خلال شهرين
  • المجالس الرمضانية.. تقليد إماراتي متوارث يرسخ التلاحم المجتمعي
  • تقديراً لجهودهم… محافظة دمشق تقيم مأدبة إفطار لأكثر من ألفي عامل ‏نظافة
  • خالد سرحان عن تقليد ترندات محمد رمضان: مجبتش سيرة حد وأنا حر .. فيديو
  • مدفع رمضان في سوهاج.. بهجة الأطفال وصور تذكارية تحيي تقليدًا تاريخيًا