لجريدة عمان:
2025-02-11@21:34:04 GMT

السلطة الرابعة وسلطة المنصات

تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT

هل فقدت الصحافة دورها كسلطة رابعة في المجتمع لصالح السلطات الجديدة المتمثلة في المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الحديث؟ أم أن سلطتها لا تزال باقية رغم البريق الذي فقدَهُ وهج الصحافة والإعلام التقليديين؟

لمن لا يعرف معنى مصطلح «السلطة الرابعة» ولماذا يُطلق تحديدًا على الصحافة، فإنني أورد هنا تعريفًا للمصطلح: الصحافة تُعدّ قوة رقابية مستقلة تُسهم في مراقبة السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، وتسهم في الكشف عن قضايا الفساد في المجتمع، وتعزيز الشفافية والنزاهة، وتوعية المجتمع، وإعلام الرأي العام.

هذه الأدوار جعلت منها أداة أساسية في تحقيق التوازن والشفافية في المجتمع.

التساؤل المثار حول قوة الصحافة وتأثيرها في المجتمع مقابل قوة المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل ليس بالتساؤل الجديد، فقد أُشبع بحثًا من قبل منظري هذا العلم أولًا، ومن الجمهور الذي لم يعد يعنيه أمر التأثير بقدر ما يعنيه أمر الحصول على المعلومة الصحيحة والمؤكدة والمعبّرة عن رأيه، أيًا كان مصدرها. إلا أن السؤال يظل مطروحًا: هل نجحت المنصات الإلكترونية في انتزاع لقب «السلطة الرابعة» من الصحافة التقليدية؟

على الرغم من الحقائق المطلقة التي تقول بتراجع الصحافة عن أدوارها التي كانت تؤديها في المجتمع، والتي بُنيت على أسس علمية واحترافية صمدت لعقود طويلة، إلا أن قوة الصحافة لا تزال حاضرة خصوصا عندما يتعلق الأمر بنشر ما من شأنه إبداء ملحوظات أو نقد لبعض الجهات في أداء عملها في حين أن تلك الجهات تبدي تسامحًا أكبر عندما تُطرح القضايا نفسها على منصات التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية الأخرى.

هذه المفارقة أثارت فضولي، فبدأت أبحث عن الأسباب التي تجعل تلك المؤسسات تحسب حسابًا لما يُنشر في الإعلام التقليدي وتتساهل في ما ينشر على وسائل التواصل فوجدت إلى أن تلك المؤسسات ترى أن الصحافة وباقي وسائل الإعلام التقليدية تمتلك مصداقية وتأثيرًا أوسع في المجتمع، مما يجعلها مسؤولة بشكل أكبر عما تنشره. في المقابل، تُعامل منصات التواصل الاجتماعي كفضاء أكثر انفتاحًا وأقل رسمية، وبالتالي لا تحمل الثقل المهني نفسه أو التأثير المؤسسي الذي تتمتع به الصحافة التقليدية.

هذا التباين في التعامل جعلني أدرك أن الصحافة، رغم تراجعها الظاهري، إلا أنها لا تزال تحتفظ بقوة تأثيرية كبيرة، وهو ما يجعلها تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى.

قد تكون المصداقية والرسمية من أبرز الركائز التي تستند عليها قوة الصحافة، فهي تتميز بدقة المعلومات والتحليل المتعمق، مما يجعلها مرجعًا موثوقًا في القضايا المصيرية والأحداث الكبرى. ومع ذلك، فإن هذه القوة لم تكن كافية لضمان تفوقها المطلق في المشهد الإعلامي الحالي، حيث ظهرت تحديات وسلبيات أسهمت في تراجع تأثيرها أمام صعود المنصات الرقمية.

أبرز هذه التحديات يتمثل في البطء النسبي في نقل الأحداث، حيث تتطلب الصحافة التقليدية إجراءات تحريرية صارمة تمر عبر مراحل التحقق والتدقيق قبل النشر، مما يجعلها أقل سرعة مقارنة بوسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الخبر لحظيًا، حتى لو كان ذلك على حساب الدقة أحيانًا، بالإضافة إلى ذلك، تواجه الصحافة قيودًا تحريرية تحدّ من قدرتها على تناول بعض القضايا الحساسة بجرأة وحرية، وهو ما أتاح للمنصات الرقمية أن تملأ هذه الفجوة بطرح أكثر مرونة وانفتاحًا.

في ظل المد الرقمي الهائل الذي يجتاح العالم، يصبح من الواضح أن الزمن لن يستطيع إيقاف هذا التدفق التقني الذي يعيد تشكيل المشهد الإعلامي. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الصحافة يجب أن تتراجع أو تفقد هويتها، بل عليها أن تتكيف مع هذا التحول الجديد بذكاء وحرفية.

على الصحافة أن تتواكب مع التقنيات الحديثة، ليس فقط من خلال تبني أدوات رقمية جديدة، بل أيضًا عبر تطوير أساليب تواصل أكثر مرونة تتناسب مع طبيعة الجمهور الرقمي الذي يبحث عن السرعة والتفاعلية، ويمكن للصحافة أن تستثمر في المنصات الرقمية، سواء عبر إنشاء محتوى تفاعلي أو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، لكن دون أن تفرط في المعايير المهنية التي جعلتها مصدرًا موثوقًا للمعلومات على مدى عقود، فالصحافة التي تجمع بين قوة المصداقية ومرونة التكنولوجيا هي التي ستنجح في الحفاظ على مكانتها كسلطة رابعة، حتى في خضم هذا التحول الرقمي الكبير.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی المجتمع ما یجعلها

إقرأ أيضاً:

صحافة عربية .. على خط المجاعة !

بقلم : حسين الذكر ..

وصلتني رسالة موجعة حد الاسى من احد الزملاء الأعزاء في سوريا العزيزة جاء فيها : ( أستاذ : هل ممكن تجد لي صحيفة او مؤسسة إعلامية اكتب لها مقابل اجر ولو رمزي .. فاننا منذ سنوات نعاني شظف العيش وتعلم اني لا اجيد غير الكتابة ولي اسرة .. لقد بلغت حد الفقر المدقع .. ولحين ما يستقر الوضع في سوريا .. لعل الحكومة الجديدة تستطيع معالجة الملفات المتراكمة ونحن جزء منها ) .

بصراحة دمعت عيني حد الاسى ولم استطع الرد الفوري .. اصابتني الحيرة فزميلي ابن كرماء واذا ما قدمت له مبلغ بسيط لعبور المرحلة قد ينزعج ويفهم رسالتي بشكل خاطيء .. فالصحافة الورقية او بالأحرى التقليدية قد ماتت ولم يتبق منها الا صحافة حكومية تعين موظفين يحررون يومياتها وشؤونها بما يحيلها الى شيء آخر غير الصحافة .. عدا ذلك اكثره هذر وهدر على السوشل ميديا لا يمكن للصحفي المفكر والفيلسوف والجاد والموضوعي والحيادي ان يجد له موطيء قدم و جمهور فيه يثمن ما يقوم به في ظل التزاحم الذبابي المهيمن على فضلات الانحطاط .
بعد تفكير واحساس بالمسؤولية الأخوية كتبت له :
اولا :- ان تردي وضعك المادي ليس وحدك وما تعانيه حاليا يعد حالة عامة جراء الظروف التي مر بها الشعب السوري العزيز منذ سنوات ومراحل لعله يتغير نحو الأفضل بعد الاستقرار فاصبر قليلا .
ثانيا .. ان الصحافة بمعناها القديم الورقي والمجلات والكتب .. ماتت والى الابد .. ولم يعد احد يهتم بها ولا يدفع لها (قرشا) في عالمنا العربي كله وليس في سوريا فحسب .. في ظل هيمنت السوشل ميديا التي يتعاطوا معها على انها عالم طفيلي مجاني يمثل ضحك على الراي العام لا يحتاج الى دعم فضلا عن كونها عمل شخصي طوعي .
ثالثا : هناك آلاف الصحفيين العرب بلا رواتب واغلبهم يكتب للحفاظ على بقاء اسمه ليس الا .. لم يحصلوا على مردود اطلاقا الا معنويا .
خامسا : جميع وسائل الاعلام العربية – الحكومي والأهلي – مسيطر عليها وفقا لمنهجية القرار الرسمي او الحزبي وهم يوظفون اشخاص منزهين امنيا وتبعيا بشكل مطلق لا مجال لاي فسحة حرية للفكر فيه يطلق عليهم موظفوا الصحافة الرسمية ونسبتهم لا تشكل واحدة بالمائة من ناطشي الصحافة الحرة المفترضة .
سادسا : قطعا ان هذا الواقع لا يدعونا لليأس المفرط حد القنوط بل ما أقوم به هو شرح للواقع كما هو .. بلا نفاق ولا تزويق ولا مداهنة كي اضعك بالصورة الحقيقية التي قد تساعدك على تفهمها وتدبر امرك وتكيف نفسك من خلالها ..
سابعا .. من يمتهن الصحافة ولا يجد منها معيلا يعيش به برغم تمتعه بالمهنية والثقافة المجتمعية الواسعة معززة بالوعي .. ان يصمد فالفرج قادم وتذكر نحن تحت ظل الله قبل ان نكون رعايا القوى العالمية والمحلية والظروف .. ستتبدل والتغيير سنن معتادة وما علينا الا العمل وعدم الاستسلام ..
لذا ادعوك للصبر واعلم ان كل كلماتي اليك منتقاة من الواقع ودونتها بواقعية .. فتوكل واكتب واصبر وراسل وانشر واجتهد حتى تحقق موطيء قدم بين مئات الآف العرب ممن يمارسون الكتابة والصحافة والاعلام دون مقابل .. فان مداد القلم المجتهد المعزز بالراي والمعرفة لا يموت والحاجة اليه قائمة لا تنتفي بكل زمان ومكان باذن الله !

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • كيف تفاعلت المنصات مع تهديد ترامب حماس بـأبواب الجحيم؟
  • كيف تحمي المنصات الرقمية الناخبين الألمان من الأخبار الكاذبة؟
  • صحافة عربية .. على خط المجاعة !
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • الخارجية السودانية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة
  • احتفاء وإشادة على المنصات بتقدم الجيش السوداني في الخرطوم وولاية الجزيرة
  • 5 أسئلة يجيب عنها 5 خبراء فلسطينيون حول مستقبل فلسطين
  • رئيس السلطة القضائية: مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالمنكرات والفواحش وعلى العلماء توعية صناع المحتوى
  • الخارجية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة