إدارة ترامب والأمن القومي العربي
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
انطلقت تهديدات واضحة من الرئيس الأمريكي ترامب ضد عدد من الدول العربية خاصة مصر والأردن حول مسألة تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، وتمادى نتنياهو وتحدّث عن إقامة الدولة الفلسطينية في المملكة العربية السعودية، كما أن إدارة ترامب الصهيونية التوجهات بدأت بإطلاق تصريحات معادية ضد القضية الفلسطينية وضد العرب بشكل عام؛ حتى أن هوس ترامب ذهب به إلى خيال لا يمكن توقعه عندما قال إن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تسيطر على قطاع غزة وتجعلها الريفييرا في المنطقة وعلى الفلسطينيين أن يذهبوا إلى مصر والأردن ودول عربية أخرى، كما أن ترامب الذي يفتقر إلى قواعد وأسس العلاقات الدولية والكياسة السياسية شط به الخيال وكأن المنطقة العربية أصبحت دون إرادة سياسية ووجود شعوب لها حضارة عريقة لم تعرفها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وهذا يفسر جزءا من السلوك السياسي للولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد الاستقلال عن بريطانيا حيث لا تزال عقلية السيطرة والاحتلال وعدم احترام القوانين الدولية ومناصرة الظلم هي سمة لعدد من الإدارات الأمريكية مع وجود استثناءات محدودة.
وقد كشف العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة السلوك الأمريكي السلبي من إدارة بايدن السابقة حيث المشاركة في الحرب من خلال تزويد الكيان الإسرائيلي بالأسلحة والعتاد والأموال والقوات الخاصة مما نتج عنه كارثة إنسانية صُنّفت على أنها إبادة جماعية ارتُكبت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وبمساعدة مباشرة من إدارة بايدن، ومع تولي الرئيس الأمريكي ترامب السلطة في البيت الأبيض في العشرين من يناير وهو يوقع على عشرات الأوامر التنفيذية بعضها يمس الداخل الأمريكي خاصة مؤسسات الدولة العميقة وهذا سوف يشكل مواجهة حادة مع تلك المؤسسات العسكرية والأمنية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
كما دخل ترامب في مواجهة مباشرة مع دول المكسيك وكندا وكولومبيا وحتى دول الاتحاد الأوروبي والصين وذهب به الخيال المفرط الذي يفتقر إلى الكياسة السياسية أن يعلن بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تحتل قطاع غزة وتعيد التعمير ويتم تهجير سكان القطاع إلى مصر والأردن، ومن هنا فإن تصريحات ترامب لم تعُد ذات مصداقية حتى مع الحلفاء حيث عبَّر الجميع عن رفضهم لخيال ترامب السطحي، ومن هنا فإن أمام العرب لحظات فارقة من خلال تفكير وتوجهات ترامب خاصة على صعيد القضية الفلسطينية وحتى على صعيد الأمن القومي العربي.
الرئيس الأمريكي ترامب تحركه وعود انتخابية لداعميه من الأثرياء الصهاينة داخل الولايات المتحدة الأمريكية خاصة قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والرجل -أي ترامب- لا يهتم بالقوانين الدولية بل إنه كرر الانسحاب من منظمات واتفاقيات دولية منها مجلس حقوق الإنسان وأيضا اتفاقية باريس للمناخ، ويصعب التكهن بقراراته وسلوكه السياسي.
ومن هنا فإن القمة العربية القادمة في القاهرة يوم ٢٧ من فبراير الجاري يجب أن توجه رسالة إلى ترامب تحديدا وأن العبث بالأمن القومي العربي والقضية الفلسطينية لا يمكن قبوله وأن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم العربي سوف تتضرر، خاصة وأن هناك خيارات ودولا أخرى في العالم كدول الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والصين والهند.
رسالة القمة العربية يجب أن تكون قوية وصارمة ضد توجه إدارة ترامب وأيضا ضد نتنياهو وحكومته المتطرفة التي لا تريد السلام العادل والشامل ولكنها تريد تفجير المنطقة بالحروب، كما أن هناك فرصة وخطوة عربية مهمة من خلال إيجاد التعاون العربي وإيجاد رؤية مشتركة تجاه التحديات الكبيرة التي أصبحت واضحة بعد اللقاء الكارثي بين ترامب ونتنياهو الأخير في واشنطن والذي كشف من خلاله ترامب عن خياله الغريب في السيطرة والاستحواذ على قطاع غزة وهو أرض فلسطينية محتلة على ضوء قرارات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
إن القمة العربية القادمة هي قمة مفصلية من خلال توجيه رسالة قوية وواضحة للرئيس الأمريكي ترامب وأيضا لنتنياهو، ومن المهم أن يدرك ترامب بأن شطحاته ليس لها مكان في ظل القانون الدولي وفي ظل وجود مصالح كبيرة تربط الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، ومن هنا فإن الرئيس الأمريكي ترامب يحتاج إلى تلك الرسالة العربية حتى يعيد تقييم توجهات إدارته والتي تشكلت من شخصيات صهيونية تتماشى توجهاتها مع الكيان الصهيوني من خلال المشروع الصهيوني العالمي، ومن هنا فإن العالم العربي هو في مفترق طرق ويحتاج من خلال القيادات إلى إرادة سياسية جماعية لأن المسألة هنا تهم الأوطان ومصالحها وتطلعات أجيالها، ومن الأهمية بمكان أن يتم لجم تلك التطلعات الأمريكية والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ومع ذلك تمت هزيمة المشروع الصهيوني العالمي بفضل المقاومة الفلسطينية والدعم الشعبي والرسمي من عدد من الدول العربية وأيضا من الشعوب الحرة في العالم خاصة في الغرب وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا.
الرئيس الأمريكي ترامب سوف يواجه تحديات من الداخل حيث يواجه مؤسسات الدولة العميقة وهناك مشكلات وقضايا بدأت تظهر على السطح في ظل تلك القرارات التنفيذية التي تطال عشرات الآلاف من موظفي الجهاز الإداري والعسكري والأمني في الولايات المتحدة الأمريكية وأيضا خطط ترامب لمعاقبة كل من تسبّب في مسار المحاكمات التي اتُّهِم من خلالها في عشرات القضايا الفيدرالية والمحلية.
العالم في مرحلة ترقب للرئيس الأمريكي ترامب الذي يطلق التصريحات المستفزة حتى ضد الحلفاء في أوروبا وكندا وحتى اليابان، ويريد إشعال حرب تجارية.
ومن هنا فإن التصريحات والمواقف الدولية رفضت تلك التصريحات ومع مرور الوقت سوف يتراجع ترامب في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاستراتيجية الدولية وحتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية. أما على الصعيد العربي فإن تحصين الداخل العربي والوقوف صفا واحدا ضد مصالح العرب وأمنهم القومي يجب أن يتجسد في مواقف قوية في قمة القاهرة، كما أن المواقف العربية والتي نددت بتصريحات المتطرف نتنياهو ضد المملكة العربية السعودية هي مواقف مشرّفة وينبغي البناء عليها بهدف صون المصالح المشتركة العربية والوقوف صفا واحدا ضد الهيمنة والغطرسة الإسرائيلية وأيضا ضد التصريحات غير المسؤولة من الرئيس الأمريكي ترامب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الرئیس الأمریکی ترامب قطاع غزة من خلال کما أن
إقرأ أيضاً:
العاهل الأردني يلتقي مستشار الأمن القومي الأمريكي
التقى العاهل الأردني عبدالله الثاني في واشنطن أمس، مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز.
وبحث الجانبان خلال اللقاء، أبرز مستجدات الإقليم، والشراكة الإستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة.
أخبار متعلقة قوات الاحتلال تعتقل ثلاثة فلسطينيين في العدوان المستمر على جنيندون معلومات عن خسائر.. زلزال بقوة 5.2 ريختر يضرب إقليم وزان بالمغربوأكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين.
وبحسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا" اليوم الثلاثاء. تناول اللقاء، بحضور الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، أبرز مستجدات الإقليم، والشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة.
وأعاد الملك عبد الله التأكيد على مواقف الأردن الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أهمية الدور المحوري للولايات المتحدة في دعم جهود السلام.