تعقدت سبل الحياة والعمل في الضفة الغربية أكثر مؤخراً بسبب نشر الجيش الإسرائيلي حواجزه في كل أنحائها، محاولاً تطويق كل بلدة ومدينة فيها وفرض حصار على سكانها، ومنعهم من الوصول إلى أعمالهم بسهولة ويسر، في محاولة للضغط عليهم وتيئيسهم وعزلهم وتقطيع أواصر مناطقهم، وحبال الصلة بينهم وبين لقمة عيشهم وأحبائهم.

منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وحتى توقفها المؤقت في المرحلة الأولى من مفاوضات غزة، باتت حياة عبد الله فوزي، وهو مصرفي من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية عسيرة، بسبب اضطراره لمغادرة منزله في الساعة الرابعة فجراً ليصل إلى عمله بحلول الساعة الثامنة صباحاً، وغالبًا ما يتأخر، بسبب سلوكه طرقاً وعرة، وغير مؤهلة، واعتراض الحواجز الإسرائيلية طريقه أكثر من مرة أثناء توجهه إلى مدينة رام الله. 

وبالمقارنة بالأوضاع قبل اندلاع الحرب، كانت رحلة فوزي تتم في ساعة واحدة من نابلس إلى رام الله، لكن الوضع لم يعد كذلك بتاتاً، خاصة مع تصعيد إسرائيل هجماتها على شمال الضفة الغربية، وتحديداً في جنين وطولكرم، وتطويق المدن الأخرى بحواجز تزداد يومياً. 

جحيم 

ويقول المصرفي الفلسطيني لوكالة "أسوشيتيد برس" خلال وقوفه على حاجز عطارة خارج مدينة رام الله: "يمكنكم السفر إلى باريس بينما نحن نحاول الوصول إلى منازلنا". 
وأضاف، "أياً كان هذا، فقد خططوا له جيداً. إنه مصمم جيداً لتحويل حياتنا إلى جحيم". 

More Israeli checkpoints are slicing up the West Bank. “Whatever this is, they’ve planned it well,” he said. “It’s well designed to make our life hell.” https://t.co/6vgUyna9Tv

— Maryam Aldossari (@maryam_dh) February 11, 2025

ومع سريان الهدنة بين إسرائيل وحماس في 19 يناير (كانون الثاني)، تعقد الوضع أكثر في الضغة الغربية حين قام مستوطنون إسرائيليون متطرفون بشن هجمات على مدنها، وإحراق سيارات ومنازل الفلسطينيين.
وبعد يومين من بدء الهدنة، هاجمت القوات الإسرائيلية بطائرات بدون طيار ومروحيات هجومية مدينة جنين في شمال الضفة الغربية. 
وقالت الوكالة الأمريكية في تقرير لها، إن المزيد من نقاط التفتيش بدأت في الظهور بين المدن الفلسطينية، مما أدى إلى تقطيع الضفة الغربية المحتلة وخلق نقاط اختناق يمكن للجيش الإسرائيلي إغلاقها متى شاء. 

وأضافت الوكالة، أن المعابر التي كانت مفتوحة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بدأت بالإغلاق خلال ساعات الذروة الصباحية والمسائية، مما أدى إلى تغيير حياة مئات الآلاف من الناس في الضفة الغربية.

حواجز أكثر 

ورصد التقرير تضاعف أعداد الحواجز الجديدة، بما فيها التلال الترابية، والبوابات الحديدية المنصوبة على مدخل كل قرية ومدينة في الضفة، مما دفع السيارات الفلسطينية إلى الخروج من الطرق المعبدة إلى مسارات وعرة عبر الحقول المفتوحة، ليتحول ما كان في السابق مجرد نظرة من جندي وإيماءة بالرأس للتحرك إلى عمليات تفتيش مقعدة أشبه بالحدود بين الدول. 

ادعاءات كاذبة 

وتدعي إسرائيل، أن "هذه الإجراءات تهدف إلى منع حماس من فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية"، ولكن العديد من الخبراء يشتبهون في أن هذه الإجراءات الصارمة لها علاقة أكبر بتهدئة زعماء المستوطنين مثل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الحليف المهم لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الذي هدد بإسقاط الحكومة إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب في غزة.
وقالت تهاني مصطفى، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، "أصبحت إسرائيل الآن حرة في ملاحقة ما كانت تريده في الضفة الغربية لفترة طويلة: التوسع الاستيطاني، والضم". وأضافت: "كان هذا يُعَد مقايضة محتملة".

حياة مضطربة

وخلقت الحواجز الكثيرة مشاكل أخرى غير تلك المرتبطة بالتنقل، فهي ألقت بثقلها على الأوضاع الاجتماعية، وتسببت بتشتيت الأسر الفلسطينية، وتكبيد الناس والاقتصاد خسائرة مالية طائلة، وتعطيل حركة التجارة، وإبعاد المرضى عن الأطباء والمستشفيات. 

ويقول أحمد جبريل، إن منصبه كمدير لخدمات الطوارئ في الهلال الأحمر الفلسطيني لا يحميه.
وأضاف، "نحن نعامل مثل أي سيارة خاصة أخرى"، مؤكداً أن الجنود الإسرائيليين أجبروا عشارات سيارات الإسعاف على الانتظار للتفتيش بينما كانت تستجيب لمكالمات الطوارئ.

وأفادت وكالة الأمم المتحدة الإنسانية، أنه حتى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كان لدى إسرائيل 793 نقطة تفتيش وحاجز طرق في الضفة الغربية، أي أكثر بنحو 228 نقطة تفتيش وحاجزاً عن الفترة التي سبقت الحرب في غزة. 

الأسوأ من ذلك كله بالنسبة لنضال المغربي، (34 عاماً)، أن الالتفاف للخلف بعكس طابور السائقين المحبطين الذين ينتظرون المرور من نقطة تفتيش جبع، التي تفصل حيه في القدس الشرقية عن بقية المدينة كان مخاطرة كبيرة كلفته خسارة يوم عمل كامل.
وسأل نضال وهو يتوقف قليلاً للحفاظ على رباطة جأشه، "ماذا يفترض أن أقول لزوجتي؟ هذه وظيفتي هي التي أطعم منها أطفالي".
والأمر ذاته بالنسبة الشاحنات الفلسطينية المحملة بالأغذية القابلة للتلف ومواد البناء، فهي لا تُستثنى من الفحص والتدقيق الإسرائيلي، وغالباً ما يطلب الجنود من سائقي الشاحنات التوقف وتفريغ حمولتهم للتفتيش، وقد تتعفن الفاكهة، وتتلف المنسوجات والإلكترونيات بينما السائقون ينتظرون أوامر الانصراف.
قال وزير الاقتصاد الفلسطيني محمد العمور، إن التأخيرات ترفع الأسعار، مما يزيد من خنق الاقتصاد الفلسطيني الذي انكمش بنسبة 28٪ العام الماضي نتيجة للسياسات العقابية الإسرائيلية التي فرضت بعد هجوم حماس. لقد أدى الحظر الإسرائيلي المفروض على أغلب العمال الفلسطينيين إلى ترك 30% من القوى العاملة في الضفة الغربية بلا عمل.
وقال العمور: "إن هذه الحواجز تفعل كل شيء باستثناء غرضها المعلن المتمثل في توفير الأمن". وأضاف، "إنها تضغط على الشعب الفلسطيني والاقتصاد الفلسطيني. وتجعل الناس يرغبون في مغادرة بلادهم".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نابلس رام الله إسرائيل الضفة الغربية الضفة الغربية نابلس جنين رام الله إسرائيل فی الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يعتقل الصحفي علي السمودي ويواصل استهداف الصحفيين الفلسطينيين

قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت فجر اليوم الثلاثاء الصحفي الفلسطيني علي السمودي من منزله في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية. 

ووفقًا لمصادر محلية، فإن قوات الاحتلال اقتحمت منزل السمودي في حي الزهراء، وقامت بتفتيش محتوياته بشكل عشوائي، حيث ألقت المحتويات على الأرض ودمرت بعض ممتلكاته. 

"فتح": الاحتلال يستخدم القتل والتجويع والتعطيش كسلاح ضد سكان غزة(فيديو) قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدن الضفة الغربية

بعد ذلك، تم اعتقال السمودي، الذي يعمل مراسلًا صحفيًا في المدينة، واقتياده مقيد المعصمين إلى جهة مجهولة.

السمودي في مواجهة الاحتلال

يذكر أن الصحفي علي السمودي كان قد تعرض للإصابة عدة مرات على يد قوات الاحتلال خلال تغطيته الأحداث والتطورات في مدينة جنين.

 وكان من بين الصحفيين الذين شهدوا حادثة استشهاد الزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة في 11 مايو 2022، حيث كان السمودي برفقة الزميلة أبو عاقلة أثناء تغطيتهما لاشتباك عسكري في مخيم جنين عندما تعرضت أبو عاقلة للقتل على يد قوات الاحتلال.

تصعيد استهداف الصحفيين الفلسطينيين

الصحفيون الفلسطينيون يعانون من انتهاكات متكررة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة والاقتحامات اليومية في الضفة الغربية.

ووفقًا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، فقد استشهد 15 صحفيًا فلسطينيًا بنيران الاحتلال خلال الربع الأول من العام الحالي.

الاحتلال يدمر ممتلكات الصحفيين

النقابة أكدت في تقريرها أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت 12 منزلًا للصحفيين باستخدام الصواريخ والقذائف، بالإضافة إلى إصابة 11 صحفيًا بجروح خطيرة. 

وتوثق النقابة 15 حالة اعتقال تعرض لها صحفيون من منازلهم أو أثناء العمل الميداني، ولا يزال بعضهم رهن الاحتجاز بينما أُفرج عن آخرين بعد احتجازهم لعدة ساعات أو أيام.

استهداف الصحفيين في القدس وجنين

وأكد تقرير صادر عن لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين أن نحو 117 صحفيًا، معظمهم من الضفة الغربية، تعرضوا لل اعتداءات أو القمع أو المنع من التغطية الإعلامية، خاصة في مدينتي القدس وجنين.

 بالإضافة إلى ذلك، تم توثيق 16 حالة من مصادرة وتحطيم معدات العمل الصحفي خلال تغطية الأحداث.

مقالات مشابهة

  • الضفة الغربية.. استمرار الاقتحامات الإسرائيلية وحملات الاعتقال
  • المشهد الفلسطيني بعد المركزي.. 10 أسئلة وأجوبة
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل حربه على مخيمات الفلسطينيين شمال الضفة.. 40 ألف نازح
  • جيش الاحتلال يقتحم بلدة حجة شرق قلقيلية في الضفة الغربية
  • جنوب أفريقيا للعدل الدولية: "غزة تحوّلت إلى جحيم مفتوح" وتدعو لمحاسبة إسرائيل
  • ماليزيا تؤكد أن القيود الإسرائيلية على “الأونروا” تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا
  • القوات الإسرائيلية تعتقل الصحفي الفلسطيني علي السمودي في جنين
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل الصحفي علي السمودي ويواصل استهداف الصحفيين الفلسطينيين
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدن الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تعتقل الصحفي الفلسطيني علي السمودي