جحيم الحواجز الإسرائيلية يطوق حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
تعقدت سبل الحياة والعمل في الضفة الغربية أكثر مؤخراً بسبب نشر الجيش الإسرائيلي حواجزه في كل أنحائها، محاولاً تطويق كل بلدة ومدينة فيها وفرض حصار على سكانها، ومنعهم من الوصول إلى أعمالهم بسهولة ويسر، في محاولة للضغط عليهم وتيئيسهم وعزلهم وتقطيع أواصر مناطقهم، وحبال الصلة بينهم وبين لقمة عيشهم وأحبائهم.
منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وحتى توقفها المؤقت في المرحلة الأولى من مفاوضات غزة، باتت حياة عبد الله فوزي، وهو مصرفي من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية عسيرة، بسبب اضطراره لمغادرة منزله في الساعة الرابعة فجراً ليصل إلى عمله بحلول الساعة الثامنة صباحاً، وغالبًا ما يتأخر، بسبب سلوكه طرقاً وعرة، وغير مؤهلة، واعتراض الحواجز الإسرائيلية طريقه أكثر من مرة أثناء توجهه إلى مدينة رام الله.
وبالمقارنة بالأوضاع قبل اندلاع الحرب، كانت رحلة فوزي تتم في ساعة واحدة من نابلس إلى رام الله، لكن الوضع لم يعد كذلك بتاتاً، خاصة مع تصعيد إسرائيل هجماتها على شمال الضفة الغربية، وتحديداً في جنين وطولكرم، وتطويق المدن الأخرى بحواجز تزداد يومياً.
جحيمويقول المصرفي الفلسطيني لوكالة "أسوشيتيد برس" خلال وقوفه على حاجز عطارة خارج مدينة رام الله: "يمكنكم السفر إلى باريس بينما نحن نحاول الوصول إلى منازلنا".
وأضاف، "أياً كان هذا، فقد خططوا له جيداً. إنه مصمم جيداً لتحويل حياتنا إلى جحيم".
More Israeli checkpoints are slicing up the West Bank. “Whatever this is, they’ve planned it well,” he said. “It’s well designed to make our life hell.” https://t.co/6vgUyna9Tv
— Maryam Aldossari (@maryam_dh) February 11, 2025ومع سريان الهدنة بين إسرائيل وحماس في 19 يناير (كانون الثاني)، تعقد الوضع أكثر في الضغة الغربية حين قام مستوطنون إسرائيليون متطرفون بشن هجمات على مدنها، وإحراق سيارات ومنازل الفلسطينيين.
وبعد يومين من بدء الهدنة، هاجمت القوات الإسرائيلية بطائرات بدون طيار ومروحيات هجومية مدينة جنين في شمال الضفة الغربية.
وقالت الوكالة الأمريكية في تقرير لها، إن المزيد من نقاط التفتيش بدأت في الظهور بين المدن الفلسطينية، مما أدى إلى تقطيع الضفة الغربية المحتلة وخلق نقاط اختناق يمكن للجيش الإسرائيلي إغلاقها متى شاء.
وأضافت الوكالة، أن المعابر التي كانت مفتوحة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بدأت بالإغلاق خلال ساعات الذروة الصباحية والمسائية، مما أدى إلى تغيير حياة مئات الآلاف من الناس في الضفة الغربية.
حواجز أكثرورصد التقرير تضاعف أعداد الحواجز الجديدة، بما فيها التلال الترابية، والبوابات الحديدية المنصوبة على مدخل كل قرية ومدينة في الضفة، مما دفع السيارات الفلسطينية إلى الخروج من الطرق المعبدة إلى مسارات وعرة عبر الحقول المفتوحة، ليتحول ما كان في السابق مجرد نظرة من جندي وإيماءة بالرأس للتحرك إلى عمليات تفتيش مقعدة أشبه بالحدود بين الدول.
ادعاءات كاذبةوتدعي إسرائيل، أن "هذه الإجراءات تهدف إلى منع حماس من فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية"، ولكن العديد من الخبراء يشتبهون في أن هذه الإجراءات الصارمة لها علاقة أكبر بتهدئة زعماء المستوطنين مثل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الحليف المهم لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الذي هدد بإسقاط الحكومة إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب في غزة.
وقالت تهاني مصطفى، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، "أصبحت إسرائيل الآن حرة في ملاحقة ما كانت تريده في الضفة الغربية لفترة طويلة: التوسع الاستيطاني، والضم". وأضافت: "كان هذا يُعَد مقايضة محتملة".
وخلقت الحواجز الكثيرة مشاكل أخرى غير تلك المرتبطة بالتنقل، فهي ألقت بثقلها على الأوضاع الاجتماعية، وتسببت بتشتيت الأسر الفلسطينية، وتكبيد الناس والاقتصاد خسائرة مالية طائلة، وتعطيل حركة التجارة، وإبعاد المرضى عن الأطباء والمستشفيات.
ويقول أحمد جبريل، إن منصبه كمدير لخدمات الطوارئ في الهلال الأحمر الفلسطيني لا يحميه.
وأضاف، "نحن نعامل مثل أي سيارة خاصة أخرى"، مؤكداً أن الجنود الإسرائيليين أجبروا عشارات سيارات الإسعاف على الانتظار للتفتيش بينما كانت تستجيب لمكالمات الطوارئ.
وأفادت وكالة الأمم المتحدة الإنسانية، أنه حتى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كان لدى إسرائيل 793 نقطة تفتيش وحاجز طرق في الضفة الغربية، أي أكثر بنحو 228 نقطة تفتيش وحاجزاً عن الفترة التي سبقت الحرب في غزة.
الأسوأ من ذلك كله بالنسبة لنضال المغربي، (34 عاماً)، أن الالتفاف للخلف بعكس طابور السائقين المحبطين الذين ينتظرون المرور من نقطة تفتيش جبع، التي تفصل حيه في القدس الشرقية عن بقية المدينة كان مخاطرة كبيرة كلفته خسارة يوم عمل كامل.
وسأل نضال وهو يتوقف قليلاً للحفاظ على رباطة جأشه، "ماذا يفترض أن أقول لزوجتي؟ هذه وظيفتي هي التي أطعم منها أطفالي".
والأمر ذاته بالنسبة الشاحنات الفلسطينية المحملة بالأغذية القابلة للتلف ومواد البناء، فهي لا تُستثنى من الفحص والتدقيق الإسرائيلي، وغالباً ما يطلب الجنود من سائقي الشاحنات التوقف وتفريغ حمولتهم للتفتيش، وقد تتعفن الفاكهة، وتتلف المنسوجات والإلكترونيات بينما السائقون ينتظرون أوامر الانصراف.
قال وزير الاقتصاد الفلسطيني محمد العمور، إن التأخيرات ترفع الأسعار، مما يزيد من خنق الاقتصاد الفلسطيني الذي انكمش بنسبة 28٪ العام الماضي نتيجة للسياسات العقابية الإسرائيلية التي فرضت بعد هجوم حماس. لقد أدى الحظر الإسرائيلي المفروض على أغلب العمال الفلسطينيين إلى ترك 30% من القوى العاملة في الضفة الغربية بلا عمل.
وقال العمور: "إن هذه الحواجز تفعل كل شيء باستثناء غرضها المعلن المتمثل في توفير الأمن". وأضاف، "إنها تضغط على الشعب الفلسطيني والاقتصاد الفلسطيني. وتجعل الناس يرغبون في مغادرة بلادهم".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نابلس رام الله إسرائيل الضفة الغربية الضفة الغربية نابلس جنين رام الله إسرائيل فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي فلسطيني: الضفة الغربية تعاني اليوم أكثر من غزة
قال أحمد زكارنة، المحلل السياسي الفلسطيني، إن النكبة الأولى نتج عنها استهداف أكثر من 520 قرية فلسطينية، واليوم يُستهدف 22 تجمعا سكانيا هي مخيمات اللجوء الفلسطينية، وهم أهالي التهجير الأول والنكبة الأولى، ويتم استهدافهم هذه المرة في النكبة الثانية، وما يحدث في الوقت الحالي هو جريمة حرب حقيقية وينطبق عليها جريمة ضد الإنسانية.
الاحتلال الإسرائيلي يقتحم الضفة الغربيةوأضاف زكارنة، خلال مداخلة مع الإعلامية هاجر جلال، ببرنامج «منتصف النهار»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية»، أن الاستهداف في الوقت الحالي للبنى التحتية، ويحاول الاحتلال الإسرائيلي الإشارة إلى أن ما هو قادم هو عمليات نزوح وإذابة في القرى والمدن المحيطة للمخيمات كمرحلة أولى لعملية التطهير العرقي التي يخطط لها الاحتلال والتهجير الكلي إلى خارج الأراضي الفلسطينية.
تكرار مأساة غزة في الضفة الغربيةوتابع: «ما يحدث هو تطبيق فعلي وحرفي لخطة الحسم بل أكثر من ذلك، لأن المناطق المستهدفة هي مناطق «A» حسب اتفاقيات أوسلو، وهي لم تعد مجرد خطة حسم كانت تستهدف بالدرجة الأولى مناطق «C»، وبالتالي فإن الهدف الكلي والجائزة الكبرى للصهيونية الدينية هو الضفة الغربية، باعتبارها في المنطوق الديني لديهم «يهودا»، وقد بدأ هذا فعليًا ويشهد أكثر مما شهده قطاع غزة».