لجريدة عمان:
2025-02-11@20:40:36 GMT

التطرف والإرهاب.. ومعاناة العالم الكبيرة

تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT

يمثل اليوم العالمي لمنع التطرف نقطة مضيئة للبشرية والذي يصادف اليوم 12 فبراير من كل عام، عندما تداعت له الدول تحت قبة الأمم المتحدة في 8-9-2006م وتوحدت في إصدار قرارها (77/ 243) الهادف إلى رفع مستوى التوعية والإدارك بخطورته وفصل هذا المسار وتحييده عن باقي المسارات التي تخدم الحضارة الإنسانية.

سلطنة عمان التي ما زالت تشارك العالم في احتفالية هذا اليوم، تعبر بروح المسؤولية عن نهج حميد لتضيف جهودها إلى دول العالم الساعية إلى نبذ التطرف والإرهاب ومنع منابته من النمو فيها وتطهير المجتمعات البشرية من هذه الآفة التي خلفت مآسي إنسانية خلال النصف قرن الماضية.

وفي مفهوم الجميع أن التطرف ليس فقط ما يقوم به الأفراد من أفعال منافية لتحقيق غايات ذاتية من منطلقات دينية أو عقائدية أو دوافع شخصية، بل ما تقوم به كيانات لتنظيمات مسلحة خارجة عن القانون ويمتد، أحيانًا، لما تقوم به بعض الدول حينما تقوم بأفعال منافية للقيم الإنسانية والقوانين الدولية مثل الاضطهاد والإبادة.

ولا شك أن وراء تطرف الأفراد في الغالب أسباب كبيرة تتمثل في قلة الوعي والتعليم وعدم إدراك العواقب والشحن الفكري والتوجهات المتشددة بهدف تحقيق مآرب عبر استخدام العنف كما ظهر في دول كثيرة مثل: الصومال وأفغانستان والعراق وسوريا والسودان وبورما (ماينمار) والبوسنة والهرسك وبوروندي وعدد من دول أوروبا الغربية في مراحل مختلفة، وأدى التطرف وما صاحبه من عنف إلى قتل الملايين وتشريد مواطني هذه الدول، وخلّف الكثير من الدمار والعذاب والتشرد والمجاعه والخوف وعدم الاستقرار والإبادة الجماعية والتصفيات العرقية.

وحصنت سلطنة عُمان أرضها الطاهرة من مثل هذه الأعمال منذ وقت مبكر، وتحدث السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في خطاب موح وله دلالة في عام 1994 وقال: «إن التطرف مهما كانت مسمياته، والتعصب مهما كانت أشكاله، والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته، نباتات كريه سامة ترفضها التربة العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبًا، ولا تقبل أبدا أن تُلقى فيها بذور الفرقة والشقاق».

وهذا النهج رسّخ مكانة سلطنة عمان عالميًا وعزز من دورها في النهضة المتجددة، حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي يؤمن أن التطرف أكبر مهدد لاستقرار الحياه البشرية، التي عانت منه. ويكفي الإشارة إلى أن مؤشر الإرهاب ارتفع بنسبة 22% وسقط بسببه 8352 بريئًا حول العالم في عام 2023 مرتفعا عن عام 2017، وبلغ الارهاب ذروته في عام 2014 م على مستوى العالم، إلا أنه تراجع بعد ذلك بفضل الجهود التي بذلت لتحييده مع انتقال مركز الصدارة من الشرق الأوسط إلى بوركينافاسو .

وخلال أعوام (2023-2024-2025) تضاعفت الأعداد بسبب سقوط قرابة 50 ألف شهيد في قطاع غزة، وفي كل الحروب التي قامت في القرن بين 19 و 20 و 21 فإنها ضاعفت أرقامًا مخيفة بسبب جبروت وطغيان بعض الدول على بعضها منذ الحرب العالمية الأولى والثانية في القرن العشرين والتي خلفت أكثر من (60) مليون قتيل يشكلون أكثر من 2.5% من تعداد السكان العالمي، ويتوقع أن يرتفع مؤشر العنف بزيادة نسبة الحوادث إلى 5% سنويًا.

وآمنت القيادة العمانية منذ عقود بعيدة بضرورة إيجاد منظومة تشريع ضمن النظام الأساسي للدولة لمنع التطرف الذي يمثل حاضنة الإرهاب داخل المجتمع، وشددت على ذلك من خلال العقوبات في تشريعاتها التي يتم تحديثها بين الفنية والأخرى، وهو ما عزز مكانة سلطنة عمان عالميًا.

كما عملت سلطنة عمان مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات بهذا الشأن واستضافت العديد من المنتديات والمؤتمرات الدولية الهادفة إلى تقييم تلك المخاطر المحدقة بنا، هادفة إلى منع انتشار التطرف العنيف وتحييده ومحاصرته والعمل على القضاء عليه بجهود مشتركة، وقد نجح العالم إلى حد كبير في الحد من هذا الخطر الذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

وعزز ذلك الجهد إصدار قانون مكافحة الإرهاب رقم 8/ 2007 الصادر في 22 يناير 2007 والذي اشتمل على فصلين و27 مادة، وإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب التي كلفت بمتابعة هذا الأمر، ليضيف ذلك بعدًا مهمًا، ويعكس حرصًا كبيرًا على استقرار وأمن المجتمع العماني.

كما انخرط العالم أيضًا في المسار نفسه بهدف تقليل مستويات العنف الناتج عن الإرهاب مع جهود كبيرة في تبني المساواة والعدل بين أطياف المجتمعات في دول العالم، وكذا مع التقدم التقني وتعاون أجهزة المخابرات الوثيق في تبادل المعلومات والجهود الأمنية الاستباقية، والدعوة إلى تبني سياسة اجتماعية أكثر عدلا في الدول، وتوسع دور لجان مكافحة الإرهاب، وأدى ذلك إلى تراجع ملحوظ لكنه لم يمنع كليًا وقوعها بين فترة وأخرى وإن كان بشكل أقل بكثير وهذا أحد الأهداف المراد تحقيقها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: تنظيم داعش ما زال يشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

حذر وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب "فلاديمير فورونكوف" من تنامي قدرة تنظيم داعش على مواصلة أنشطته وتكييف أسلوب عمله، على الرغم من الجهود الدؤوبة لمكافحة الإرهاب التي تبذلها الدول الأعضاء والشركاء الدوليون والإقليميون.
جاء ذلك خلال إحاطته أمام مجلس الأمن لمناقشة التقرير العشرين للأمين العام بشأن التهديد الذي يشكله تنظيم داعش على السلام والأمن الدوليين.
وقال فورونكوف إن الوضع المتقلب في سوريا "يثير قلقا كبيرا"، في ظل خطر وقوع مخزونات من الأسلحة المتقدمة في أيدي الإرهابيين، مشيرا إلى أن منطقة البادية السورية مازالت تستخدم كمركز للتخطيط العملياتي الخارجي لداعش ومنطقة حيوية لأنشطته.
كما حذر من أن عدم الاستقرار هذا يؤثر على المعسكرات ومراكز الاحتجاز وغيرها من المرافق في شمال شرق سوريا، مضيفا أن 42 ألفا و500 فرد، بعضهم له صلات مزعومة بتنظيم داعش، لا يزالون محتجزين. ويشمل ذلك 17 ألفا و700 مواطن عراقي و16 ألفا و200 مواطن سوري، فضلا عن 8 آلاف و600 مواطن من بلدان أخرى.
وكرر المسئول الأممي دعوة الأمين العام للدول الأعضاء لتسهيل العودة الآمنة والطوعية والكريمة لمواطنيها الذين ما زالوا عالقين في تلك المعسكرات والمرافق.
وعن الوضع في مناطق أخرى، قال المسئول الأممي إن داعش - خراسان مستمر في تشكيل تهديد كبير في أفغانستان والمنطقة وما وراء ذلك. وكرر نداء الأمين العام إلى جميع الدول الأعضاء لتوحيد صفوفها لمنع أفغانستان من أن تصبح مرة أخرى مرتعا للأنشطة الإرهابية.
وقال "فورونكوف" إن تنظيم داعش في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، واصل مع الجماعات التابعة له زيادة عملياته وتوسيع سيطرته الإقليمية. 
وأضاف أن "الوضع مقلق للغاية في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل"، حيث كثفت الجماعات التابعة لداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية هجماتها، بما في ذلك ضد المدارس في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وحذر من أنه في شرق إفريقيا، نجح التنظيم في الصومال في تجنيد مقاتلين إرهابيين أجانب، ويظل "مكتب الكرار" مركزا ماليا وتنسيقيا رئيسيا لداعش في المنطقة.
وذكر بأنه في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تواصل جماعة القوات الديمقراطية المتحالفة عملياتها على الرغم من العمليات العسكرية التي نفذتها القوات الكونغولية والأوغندية. وأشار إلى أن الجماعة شنت هجمات مروعة أسفرت عن مقتل أكثر من 300 مدني.
وشدد وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب على ضرورة التركيز على تحول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى مركز للإرهاب العالمي، أعطينا الأولوية لدعم بناء القدرات للقارة. وفي العام الماضي، زاد مكتبي من تقديمه للمساعدة الفنية بنسبة 16 في المائة، معتمدا بشكل خاص على عمل مكتبنا في الرباط".
وأوضح المسئول الأممي أنه في مـيثاق المستقبل، جددت الدول الأعضاء التزاماتها بمستقبل خالٍ من الإرهاب وسلطت الضوء على نهج الحكومة والمجتمع بأكمله لمكافحة الإرهاب، مضيفا: "من الآن فصاعدا، يجب على الدول الأعضاء أن تترجم هذه الالتزامات إلى أفعال، مع إعطاء الأولوية للاستجابات الشاملة والمترابطة والمستدامة التي تعالج الظروف المواتية للإرهاب، وتعزز القدرة على الصمود".
بدورها، قالت مساعدة الأمين العام والمديرة التنفيذية للمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب "ناتاليا جيرمان"، في إحاطتها أمام المجلس إن "التحديات التي يفرضها تنظيم داعش لا تزال معقدة، مع استمرار المخاوف الإنسانية والأمنية والحوكمة في جميع المناطق المتضررة من أنشطته".
وأشارت إلى أن الأزمة الإنسانية والأمنية في شمال شرق سوريا لا تزال شديدة، حيث يوجد أكثر من 40 ألف فرد محتجزين في معسكرات ومرافق احتجاز في ظروف تتسم بالاكتظاظ والمأوى غير الكافي والوصول المحدود إلى المياه النظيفة والصرف الصحي.
ولفت كذلك إلى أن داعش والجماعات الإرهابية الأخرى تشكل - الآن - التهديد الأبرز للسلام والأمن والتنمية المستدامة في جميع أنحاء القارة الإفريقية. 
وأوضحت بأن "معالجة تهديدات داعش تتطلب نهجا يركز على الوقاية، ويرتكز على احترام حقوق الإنسان، مع التعاون الإقليمي باعتباره المحور الرئيسي".
ولفتت إلى الجهود التي تقوم بها لجنة مكافحة الإرهاب بما فيها تسهيل توثيق الأحوال المدنية وإعادة إدماج الأفراد النازحين في الشرق الأوسط. 
وأكدت "جيرمان" أنه لزيادة الوعي لدى الدول الأعضاء والشركاء بشأن تطور تهديدات تمويل الإرهاب، نشرت المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب في نوفمبر 2024 تقريرا يسلط الضوء على التغييرات في كيفية تمويل المقاتلين الإرهابيين الأجانب لأنشطتهم على مدى السنوات العشر الماضية.
 

مقالات مشابهة

  • التطرف والمسارات المعقدة لمأزق الحداثة
  • العراق يعلن استرداد 3 آلاف عنصر إرهابي من سجون "قسد" في سوريا
  • مستشار الأمن القومي: نقل 12 ألف عراقي من مخيم الهول واسترداد 3000 إرهابي
  • الاعرجي: استرددنا 3000 إرهابي ونقلنا 12 ألف مواطن من مخيم الهول الى العراق
  • الأمم المتحدة: تنظيم داعش ما زال يشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين
  • عبر الوكالة أوصلت أمريكا الأسلحة والعتاد إلى داعش والقاعدة، وخلقت مجموعات القتل والإرهاب
  • صحف العالم .. ترامب يذهب بالجميع إلى التطرف .. ورفض أوروبي لدعوات الرئيس الأمريكي المتكررة حول غزة
  • رئاسة الجولاني ولادة بلا مخاض ديمقراطية بلا انتخابات
  • قطع المساعدات الأمريكية سيولد الإرهاب والجوع والموت