المشهد اليمني:
2024-12-17@07:38:00 GMT

اليمن: صراع فوق قارب يغرق بالجميع

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

اليمن: صراع فوق قارب يغرق بالجميع

يترآى لي الحل السياسي في اليمن كقارب مهترئ مثقل بالبضائع والركاب يغرق بسرعة أمام أعين الجميع، وسط محيط مضطرب من الأمواج العاتية، وعوضاً عن تعاون ركابه المصابين بالرعب من فكرة إنقاذهم جميعاً وإبحار القارب مرة أخرى فهم منشغلون في تبادل الاتهامات عن مسؤولية الآخر بإحداث الثقوب والكل يصرخ في وجه الكل ويتمنى غرق خصومه بمظنة أنه سينقذ نفسه، ويمسك الجميع بخناق الآخر ويتبادلون الشتائم واللعنات غير عابئين بمن ينتظرون على الشاطئ وقد أعياهم الجوع والمرض آملين أن يصل القارب محملاً بالغذاء والدواء.

يشهد الجميع أن "الشرعية" قدمت سلسلة من التنازلات ليس من باب الحرص على الوطن والمواطن، وإنما بسبب حال الفوضى التي تعيشها والضعف الذي أصابها والوهن الذي اعتراها، والإعياء الذي أنهكها وإفلاس خزانتها بسبب الفساد والعبث، وكذلك بسبب تهديد جماعة "أنصار الله" الحوثية بقصف أية ناقلة تصدير للنفط والغاز إذا لم تحصل على حصة من مبيعاته بزعم تمكينها من سداد المرتبات في مناطق سيطرتها.

والواقع يشهد أيضاً أن "الشرعية" كانت حتى عام 2018 في حال أفضل عسكرياً ومالياً وسياسياً، لكنها أضاعت فرصة الدخول إلى مفاوضات سلام من موقع القوة حين كانت تسيطر على كامل محافظتي مأرب والجوف وأجزاء من البيضاء وكان لها الكلمة الفصل حينها في شبوة وسقطرى وعدن، لكنها تكاسلت بوهم أن اعتراف العالم بها كممثل شرعي ووحيد للشعب اليمني سيكفيها مؤنة الاجتهاد والنضال والوجود الدائم إلى جوار الناس وتقمصت الأداء المزري نفسه الذي أودى بمنظمة التحرير الفلسطينية إلى الموت السريري.

في القارب كانت "الجماعة" تراهن على العلل المزمنة التي أدمنتها "الشرعية"، ولم تكن في حاجة إلى أكثر من مراقبتها للموقف الذي أشعرها بالطمأنينة، كما أنها استغلت متواليات الصراع داخل صفوف "الشرعية" لتتفرغ لإعادة تنظيم صفوفها وترتيب أوراقها الداخلية، ومنحتها الهدنة فرصة ثمينة بفتح الميناء الرئيس في اليمن (الحديدة) لإدخال المشتقات النفطية ومواد البناء والمواد الغذائية لتحصل منها على إيرادات هي الأعلى والأكثر انتظاماً منذ عام 2015، ولا يعلم إلا الله والراسخون في العلم أبواب إنفاقها ولا يشعر أي مواطن في مناطق سيطرتها بأثر تلك العائدات.

اقرأ أيضاً محلات الصرافة تعلن التسعيرة الجديدة للدولار والريال السعودي مقابل الريال اليمني دعوة عاجلة لسكان منطقة جبلية شمالي اليمن مهددة بانهيار الصخور عليها والبدء بتفجيرها (صور) حادث مروع لمقيم يمني في السعودية .. والطيران يتدخل لإسعافه (فيديو) الانتقالي يتعهد بتحرير المحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية ويوجه رسالة للتحالف والقوى الوطنية درجات الحرارة في اليمن اليوم الثلاثاء عمان ومساعي السلام في اليمن سياسي سعودي: لا يمكن أن ينجح الحل السياسي في اليمن بوجود منظومة شمال الشمال وجنوب الجنوب قيادات حوثية: أوروبا تحذر من وصول صواريخ الحوثي إلى واشنطن وباريس وصنعاء تصبح دولة نووية! ”فيديو” الاستحضار السياسي وصراع النفوذ في تهامة ..!! محاولة حوثية للإيقاع بالشيخ فارس الحباري والشيخ حنين قطينة بحرب قبيلة للتخلص منهم الكشف عن أسباب نشر صور جواز مواطن يمني والتهديد بحرق جثته في مستشفى بألمانيا (صورة) خطة عبدالملك الحوثي لـ”التغيير الجذري” تدخل حيز التنفيذ.. خرق الهدنة وانسحاب أمريكي من اليمن بعد إعلان ”معركة ذات السراويل”

لا يجوز توقع أي تغيير في موازين القوى على الأرض، لأن كل القيادات التي تمثل "الشرعية" تعيش بعيداً من الناس، وهي قضية حاسمة في أية معركة متوقعة، بينما تمكنت "الجماعة" من إحكام قبضتها بقسوة في مناطق وجودها من دون التزام ولا شعور بالمسؤولية الأخلاقية لتقديم أية خدمات فيها، وفي هذا فإنها تتنافس مع شركائها في القارب.

إن الموقف على حاله الراهنة لا يمكن القبول باستمراره بعد أن وصلت الأوضاع المعيشية للناس في كل بقاع اليمن إلى القاع وصارت أغلى الأماني هي فقط إيقاف السقوط إلى ما دون ذلك المنسوب، وهو ما لا يسعى إليه ركاب القارب بجدية وروح المسؤولية الوطنية، بل إن الأقسى من ذلك هو عجز الركاب الأخلاقي في التخلي ولو جزئياً وموقتاً عن تحقيق المكاسب الذاتية، فما زالوا يرفعون شعارات لا علاقة لها بحياة الناس البائسة.

بعد مرور تسع سنوات على اندلاع الحرب ما زالت "الجماعة" تجر المجتمع معها إلى عصور غابرة وتنبش قبوراً دفنها التاريخ وما عادت إلا ذكرى يراجعها المؤرخون، لكنها لا تحسن من حياة المواطنين ولا تخفف من فقرهم ومرضهم، بل المضحك أنها تستثمر هذه المناسبات لحشد الناس إجبارياً وإلهائهم عن مطالبهم الملحة وتوقف دفع مرتباتهم على رغم قدرتها على ذلك ولو على فترات متقطعة.

وتبرر "الجماعة" عجزها المالي بأن الحرب لم تنته فعلياً وأن البلاد ما زالت تمر بمرحلة هدنة (تجاوزت 18 شهراً حتى الآن)، وذاك أمر غير صحيح لأنها استفادت من هذه الفترة الطويلة جداً لتحصيل موارد مهولة من فوارق أسعار بيع الوقود والضرائب والجبايات ومداخيل كثيرة ابتكرتها وفرضتها بالقوة على التجار والمواطنين بتسميات ما أنزل الله بها من سلطان.

"الشرعية" من ناحيتها تعيش في فقاعة "المناشدات" و"التنديد" و"الاستنكار" وتعول في الأقليم والعالم لإخراجها من المستنقع الذي انزلقت إليه وما عادت قادرة، أو لربما ما عادت ترغب في الخروج منه لاعتيادها على العيش وسطه، ولأنه يعفيها من كل مسؤولياتها تجاه الناس.

ومن المثير للشفقة أن "الشرعية" التي أوكل إليها في فجر السابع من أبريل (نيسان) 2022 شأن إدارة الدولة تعيش مرحلة ارتباك وفوضى مردها غياب الرؤية والخيال السياسي، فمجلس القيادة الرئاسي عاجز عن الاجتماع في مكان واحد بحضور كل أعضائه، ويبدو أن من صاغ البيان وضع هذا الأمر في حسبانه، مستفيداً من نتائج فترات الحظر أثناء انتشار جائحة كورونا، فأتاح للغائبين المشاركة عبر منصة التواصل الاجتماعي، وهو أمر معيب حدوثه من أشخاص يفترض فيهم أنهم قادة لبلد منكوب، لكنهم تخلوا عن روح المسؤولية وأداء الواجب.

داخل "الشرعية" أيضاً تطل علينا كيانات مسلحة لا تتبع "الدولة" بل أكثر تنظيماً منها ولها أهدافها وسياساتها وغاياتها التي تتعارض في مسارات كثيرة عما تريده "دولة المواطنة المتساوية"، وأنا هنا أكرر استخدام مفردة "الدولة" للتذكير بها باعتبارها أمراً يفتقده اليمني في كل الجغرافية اليمنية التي تتحول بسرعة هائلة إلى قطاعات تتنازعها وتتصارع داخل حدودها قوى منفلتة كثيرة، وسيتواصل تهشيم هذا الكيان ليبلغ مراحله الأخيرة بينما ركاب القارب يعيشون خداع النفس بقدرتهم بلوغ الشاطئ لوحدهم.

كثيراً ما يتساءل الناس عن الحل ــ المخرج، والواقع أن البداية الأكثر تأثيراً هي وقف الحرب نهائياً وليس الهدنة الهشة، مع ضمان عدم قيام أي طرف بتحركات عسكرية على امتداد اليمن، ويكون متزامناً مع إطلاق العنان للمرحلة الأولى من معالجة الأزمة الإنسانية المرتبطة بفتح كل الطرقات دونما استثناء وربط البنك المركزيين وتيسير الرحلات من مطارات اليمن كلها رأفة بالناس ودفع المرتبات.

*إندبندنت عربية

المصدر: المشهد اليمني

كلمات دلالية: فی الیمن

إقرأ أيضاً:

باكستان تعلن إنقاذ 47 من مواطنيها ممن كانوا على متن قارب غرق قرب سواحل اليونان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، اليوم الأحد، إنقاذ 47 من مواطني بلاده ممن كانوا على متن قارب غرق قرب سواحل اليونان مؤخرا. 
وأكد المتحدث - حسبما نقلت قناة "سما تي في" الباكستانية في نسختها الإنجليزية - مجددا التزام باكستان بمساعدة مواطنيها في الخارج خلال الأزمات، كما شدد على أهمية تنسيق الجهود لمنع وقوع مثل هذه الحوادث المأساوية.
من جانبها، تجري السفارة الباكستانية في أثينا اتصالات مستمرة مع السلطات المحلية لجمع المزيد من المعلومات وتقديم المساعدة اللازمة للمواطنين الباكستانيين. 
وكان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ورئيس الوزراء محمد شهباز شريف قد أكدا في وقت سابق ضرورة تسريع إجراءات مكافحة الإتجار بالبشر. 
كما أعربا عن حزنهما العميق وأسفهما لمصرع مواطنين باكستانيين في حادث انقلاب قارب قرب اليونان مؤخرا وعن خالص تعازيهما لعائلات الضحايا وذويهم.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون ينفذون حملة اختطافات جنوبي تعز
  • تصعيد جديد: إسرائيل تخطط لضربة عسكرية كبيرة في اليمن
  • يا دعامة شرق النيل اتخارجو براحة الجماعة ديل بقوا سعرانيين
  • داليا عبد الرحيم: الإخوان اعتمدوا على دعم تركيا وقطر لتعزيز نفوذهم السياسي
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
  • 10 قتلى بغرق قارب في نيجيريا
  • باكستان تعلن إنقاذ 47 من مواطنيها ممن كانوا على متن قارب غرق قرب سواحل اليونان
  • الاستراتيجية الأميركية التي ينبغي أن تتخذها إدارة ترامب المقبلة تجاه ملف اليمن؟
  • قارب شمسي بالذكاء الاصطناعي ينقي 2.5 مليون لتر من المياه يومياً
  • فقدان 5 أشخاص إثر انقلاب قارب صيد في البحر الأصفر بالصين