قرارات ترامب المتهورة في ولايته الثانية.. ما تأثيرها على الاقتصاد العالمي؟

شهد الأسبوع الثالث من الولاية الثانية للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سلسلة من الإجراءات المثيرة للجدل، التي شملت قضايا السياسة الخارجية، والاقتصاد، والحقوق المدنية، بالإضافة إلى تغييرات جوهرية في الوكالات الحكومية الأمريكية.

ومن فرض رسوم جمركية على الصين إلى تهديد اليابان، إلى تقليص دور الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومجموعة من القرارات الأخرى التي أثارت جدلًا واسعًا داخل وخارج الولايات المتحدة.

 

قرارات ترامب المتهورة

وفيما يلي يستعرض لكم "صدى البلد"، أبرز القرارات والإجراءات التي اتخذها ترامب وفريقه خلال هذا الأسبوع، والتي تعكس توجهاته السياسية والاقتصادية خلال ولايته الثانية.  

1- خطة تسريح آلاف الموظفين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية:

في خطوة مفاجئة، قررت إدارة ترامب إعطاء نحو 2200 موظف في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) إجازة غير محددة بدءًا من منتصف ليل الجمعة، مما أدى إلى تعطيل برامج المساعدات الدولية.  

وفي اللحظات الأخيرة، أصدر القاضي كارل نيكولز أمرًا تقييديًا مؤقتًا، استجابة لدعوى رفعتها النقابات العمالية، مما حال دون تنفيذ القرار.  

ولو تم تنفيذ القرار، لكانت الوكالة فقدت الغالبية العظمى من موظفيها، ما كان سيترك فقط بضعة مئات من الموظفين الأساسيين من أصل 10,000 موظف عالميًا.  

وأفادت تقارير أمريكية بأن إدارة ترامب تعتزم دمج الوكالة مع وزارة الخارجية، حيث أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أنه أصبح رئيس الوكالة بالوكالة.  

2- فرض رسوم جمركية على الصين وتأجيلها على دول الجوار

في 6 فبراير 2025، فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 10% على الواردات الصينية، لكنه أرجأ تنفيذ رسوم 25% على واردات كندا والمكسيك لمدة 30 يومًا، بعدما تعهد زعماء البلدين بتعزيز أمن الحدود.  

ووافق رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على تعزيز أمن الحدود للحد من الهجرة غير الشرعية وتدفق الفنتانيل القاتل.  

ووافقت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم على نشر قوات مكسيكية على الحدود الشمالية، مقابل التزام الولايات المتحدة بتقليل تدفق الأسلحة إلى المكسيك.  

3- تهديد بفرض رسوم جمركية على اليابان
في 9 فبراير 2025، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على اليابان، لكن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا تمكن من تجنب النزاع التجاري عبر تعهد بلاده بشراء كميات قياسية من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة.  

وشدد ترامب على أنه يسعى إلى تصحيح العجز التجاري مع اليابان، الذي بلغ 72 مليار دولار في عام 2023.  

كما أعلن أنه سيصدر إعلانًا جديدًا بشأن الرسوم الجمركية المتبادلة مع كل الشركاء التجاريين في الأسبوع المقبل.  

4- توقيع عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية

في 8 فبراير، وقع ترامب أمرًا بفرض عقوبات على موظفي المحكمة الجنائية الدولية، متوعدًا بفرض قيود مالية وقيود على التأشيرات على الأفراد الذين يشاركون في تحقيقات تستهدف مواطنين أمريكيين أو حلفاء واشنطن.

وتأتي هذه الخطوة بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤولين من حماس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهم جرائم حرب في غزة.

5- ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال

في 1 فبراير 2025، أمر ترامب بشن غارات جوية على مخططين لهجمات إرهابية لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق الصومال.  

وأسفرت الضربات عن مقتل العديد من الإرهابيين، وفقًا للبيت الأبيض، فيما لم تتمكن بي بي سي من التحقق من حصيلة الضحايا بشكل مستقل.  

6- الانسحاب من مؤسسات الأمم المتحدة  

وقّع ترامب في 6 فبراير أمرًا تنفيذيًا بانسحاب الولايات المتحدة من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).  

كما أعلنت الإدارة الأمريكية أنها لن تشارك في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وستراجع عضويتها في منظمة اليونسكو خلال 90 يومًا.  

7- منع العابرات جنسياً من المشاركة في المسابقات الرياضية النسائية

في 7 فبراير، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يمنع العابرات جنسياً من المنافسة في الفئات الرياضية النسائية، مؤكدًا أن القرار سيشمل أولمبياد لوس أنجلوس 2028.  

8- إرسال أول طائرة مرحلين إلى غوانتانامو

في 6 فبراير، نفذت الولايات المتحدة أول عملية ترحيل إلى سجن غوانتانامو، حيث أرسلت عشرة محتجزين، ينتمون إلى عصابة إجرامية فنزويلية.  

9- مطالبة أوكرانيا بتوفير المعادن النادرة مقابل الدعم العسكري  

في 5 فبراير، أعلن ترامب أنه يريد من أوكرانيا ضمان إمدادات المعادن الأرضية النادرة مقابل 300 مليار دولار من الدعم العسكري.  

وتمتلك أوكرانيا احتياطيات كبيرة من اليورانيوم والليثيوم والتيتانيوم، والتي تُستخدم في الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة.  

10- ترامب يلغي تصريح بايدن الأمني  

في 9 فبراير، أعلن ترامب أنه سيلغي تصريح الرئيس السابق جو بايدن الأمني، كما ألغى تصاريح أمنية لأكثر من 40 مسؤول استخبارات سابق، متهمًا إياهم بالتدخل في انتخابات 2020.  

وفي هذا السياق، تحدث الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، عن تداعيات هذه القرارات، موضحًا تأثيراتها المحتملة على الأسواق العالمية والتجارة الدولية.

الدكتور علي الإدريسي
تأثير قرارات ترامب المتهورة على الاقتصاد العالمي

قال الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، إن قرارات ترامب الأخيرة تكشف عن توجهه نحو سياسات أكثر حمائية وانعزالية، وهو ما قد تكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي وأسعار الدولار. فمن بين أبرز هذه القرارات، التخطيط لتسريح آلاف الموظفين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مما قد يحدّ من النفوذ الأمريكي في الدول النامية ويؤثر على المشاريع التنموية التي تموّلها واشنطن, ورغم أن التأثير المباشر على الدولار قد يكون محدودًا، فإن تقليص دور أمريكا في هذه المناطق قد يفتح المجال أمام قوى أخرى مثل الصين لتعزيز وجودها الاقتصادي والسياسي.

وأضاف الإدريسي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه فيما يخص فرض رسوم جمركية على البضائع الصينية وتأجيل فرضها على دول الجوار، فإن هذا القرار يعزز التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. من المتوقع أن ترد الصين بإجراءات مضادة قد تؤثر على التجارة والاستثمارات، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في الأسواق العالمية. وإذا تصاعدت هذه الحرب التجارية، فقد ترتفع أسعار بعض السلع في الولايات المتحدة، مما قد يزيد من معدلات التضخم ويؤثر على سياسات الفيدرالي الأمريكي، وهو ما قد يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الدولار كملاذ آمن، مما يعزز قيمته مؤقتًا. في المقابل، تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على اليابان قد يضر بالعلاقات التجارية بين البلدين، خاصة أن اليابان من أكبر المستثمرين في الولايات المتحدة. وإذا تراجعت هذه الاستثمارات بسبب التوترات التجارية، فقد يضغط ذلك على الدولار مقابل الين الياباني.

ولفت إلى أن ترامب يسعى إلى تقليص حجم العمالة الفيدرالية عبر تحفيز الموظفين على الاستقالة، وهو ما قد يحدّ من الإنفاق الحكومي على الرواتب والمزايا، لكنه قد يؤثر على الخدمات العامة والاقتصاد المحلي إذا لم يتم التعامل معه بحذر.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، جاء قراره بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية والانسحاب من بعض مؤسسات الأمم المتحدة ليؤكد على استراتيجيته القائمة على تقليل الالتزامات الأمريكية تجاه المنظمات الدولية. وبينما لا يبدو أن لهذه الخطوات تأثيرًا اقتصاديًا مباشرًا، فإنها قد تزيد من التوترات بين واشنطن وحلفائها، مما قد يخلق حالة من عدم الاستقرار في بعض الأسواق.

وتابع: "في خطوة أخرى تعكس السياسة الأمريكية تجاه الدول الحليفة، طالب ترامب أوكرانيا بتوفير المعادن النادرة للولايات المتحدة بنحو ٥٠٠ مليار دولار، وهي خطوة قد تؤثر على سلاسل التوريد العالمية، خاصة إذا ما نشأت خلافات بين كييف وواشنطن أو تأثرت صادرات أوكرانيا إلى الأسواق الأخرى. أما قراره بوقف المساعدات لجنوب إفريقيا، فقد يضر بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويعزز التوجه الأمريكي نحو إعادة توجيه المساعدات الخارجية وفقًا لمصالحها الاستراتيجية".

واختتم قائلًا: "بشكل عام، تعكس هذه القرارات توجهًا أمريكيًا نحو الحمائية وتقليل التدخلات الدولية، وهي سياسة قد تؤدي إلى اضطرابات في الأسواق، لكنها في الوقت ذاته قد تعزز قوة الدولار إذا أدت إلى تصاعد المخاطر العالمية ودفع المستثمرين إلى البحث عن الأمان في العملة الأمريكية".

المصدر: صدى البلد