آخر تحديث: 22 غشت 2023 - 9:25 صبقلم: خيرالله خيرالله يمكن للزيارة القصيرة التي قام بها وزير الخارجيّة الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى المملكة العربيّة السعوديّة أن تعني الكثير كما يمكن ألّا تعني شيئا. سيتوقّف كلّ شيء في نهاية المطاف على ما إذا كانت “الجمهوريّة الإسلاميّة” قادرة على التحول إلى دولة طبيعية في المنطقة بعيدا عن أوهام الهيمنة عليها عن طريق ميليشيات مذهبيّة تستخدم في تدمير أربع دول هي العراق وسوريا ولبنان واليمن.

يظلّ الأهمّ من ذلك كلّه استخدام إيران لوجودها في اليمن لابتزاز دول الخليج العربي على نحو دائم عبر تكريس وجود لها، بواسطة الحوثيين والدولة التي أقاموها في اليمن الشمالي، في شبه الجزيرة العربيّة. بكلام أوضح، هل تستطيع إيران التزام ما ورد حرفيا في البيان الثلاثي السعودي – الصيني – الإيراني الصادر في العاشر من آذار – مارس الماضي أي قبل خمسة أشهر وعشرة أيّام… أم أن البيان مجرّد وسيلة لكسب الوقت لا أكثر؟،لا حاجة إلى أدلة، أقلّه في ما يخص لبنان، لسعي إيراني دؤوب إلى وضع البلد في جيب “الجمهوريّة الإسلاميّة” عن طريق قبض ثمن السماح بترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل قبيل خروج ميشال عون وصهره جبران باسيل من قصر بعبدا..! كان البيان الثلاثي الذي صدر من بيجينغ واضحا كلّ الوضوح لجهة “الامتناع عن التدخّل في الشؤون الداخليّة للدول الأخرى”. ليس ما يشير، أقلّه إلى الآن، إلى استعداد إيراني لاحترام ما ورد في البيان. على الرغم من ذلك، حرص وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على القول إنّ “استئناف العلاقات الدبلوماسيّة مع إيران نقطة تحوّل مفصليّة للأمن في المنطقة”. يندرج مثل هذا الكلام الإيجابي في سياق إبداء النيات الحسنة السعودية تجاه إيران. توّج هذا الكلام التفاؤلي بدعوة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى زيارة الرياض. هل كانت زيارة عبداللهيان مجرّد تمهيد لمجيء رئيسي إلى الرياض؟ من جهته، صرّح عبداللهيان بأنه أجرى محادثات “مثمرة” في الرياض وجدة حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان. قال الوزير الإيراني “نثمن دور المملكة في المنطقة”، مضيفا “بإمكاننا العمل مع السعودية لحل الموضوعات العالقة بالمنطقة بشكل فوري”. وأشار إلى أن طهران “تدعم تحقيق الأمن والسلام في المنطقة دون تجزئة”.جاء الكلام الجميل للوزير الإيراني، الذي يبدو أنّه يسعى للعب دور في تحسين العلاقات الإيرانيّة – السعودية، بعدما بدا واضحا وجود رغبة لدى طهران والرياض في رفض الاعتراف بأنّ الاتفاق السعودي – الإيراني الذي رعته الصين ولد ميتا. ولد الاتفاق ميتا في ظلّ الرفض الذي تبديه “الجمهوريّة الإسلاميّة” في كلّ بقعة من بقاع المنطقة عن التخلي عن مشروعها التوسّعي. تؤكد ذلك حملات تشنّها وسائل إعلاميّة، تعمل من لبنان، على المملكة العربيّة السعودية والأمير محمّد بن سلمان فيما عبداللهيان في الرياض! لا يمكن تجاهل أنّ زيارة عبداللهيان إلى الرياض جاءت على خلفية تطورين في غاية الأهمّية حصلا منذ صدور بيان بيجينغ. يتمثل التطور الأوّل في نوع من التقارب الأميركي – السعودي عبرت عنه إدارة جو بايدن التي بعثت بمسؤولين كبار إلى الرياض. في مقدّم هؤلاء مستشار الأمن القومي جيك سوليفان. ترافق ذلك مع تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الخليج.أمّا التطور الثاني، فيتمثل في الصفقة التي عقدتها إدارة بايدن مع طهران. بموجب هذه الصفقة التي تشمل إطلاق سجناء أميركيين في إيران، هم في واقع الحال رهائن، تحصل “الجمهوريّة الإسلاميّة” على أموال عائدة لها. تقدر هذه الأموال بنحو ستة مليارات دولار مجمّدة في كوريا الجنوبيّة. ليس مستبعدا أن تكون الصفقة خطوة على طريق العودة الأميركية، وإن بشكل غير معلن، إلى الاتفاق النووي الموقع في مثل هذه الأيّام من العام 2015 والذي مزّقته إدارة دونالد ترامب في العام 2018. ثمّة تطور ثالث يمكن أن يكون لعب أيضا دورا حاسما في جعل وزير الخارجية الإيراني يعتمد لهجة تصالحية في الرياض وأن يأتي معه بالسفير الإيراني الجديد في السعوديّة.شكلا، كانت زيارة وزير الخارجيّة الإيراني إلى الرياض ناجحة. غادر عبداللهيان إلى طهران بعد إعلانه أنّه التقى ولي العهد السعودي في جدّة. ماذا حدث في اليوم التالي؟ هل تغيّر شيء في اليمن أو في العراق أو في سوريا أو في لبنان؟يتمثّل هذا التطور في الكلام الجدّي عن مساع من أجل إقامة علاقة طبيعية بين إسرائيل والمملكة العربيّة السعوديّة. ما الذي ستفعله “الجمهوريّة الإسلاميّة” التي تعرف جيدا أن مثل هذا الأمر احتمال وارد مستقبلا؟ لم يعد في الإمكان تجاهل هذا الاحتمال، على الرغم من التعقيدات الكثيرة التي تحيط به، خصوصا أن دولا في المنطقة باتت تتعاطى من دون عقد مع إسرائيل. تفعل ذلك في ضوء تحوّل المشروع التوسّعي الإيراني إلى خطر وجودي على كلّ دولة عربيّة ومجتمع عربي. شكلا، كانت زيارة وزير الخارجيّة الإيراني إلى الرياض ناجحة. غادر عبداللهيان إلى طهران بعد إعلانه أنّه التقى ولي العهد السعودي في جدّة. ماذا حدث في اليوم التالي؟ هل تغيّر شيء في اليمن أو في العراق أو في سوريا أو في لبنان؟ هل تغيّر شيء في مشروع الصواريخ الباليستية الإيرانيّة والمشروع النووي الإيراني؟يُخشى أن تكون الزيارة الإيرانيّة لمجرّد كسب الوقت… ولمجرّد إعادة الحياة إلى الاتفاق الوارد في بيان بيجينغ. هذا ما يفسّر كلام الوزير الإيراني في الرياض عن “أن طهران تدعم تحقيق الأمن والسلام في المنطقة دون تجزئة”. مثل هذا الكلام يحتاج إلى أفعال على الأرض، خصوصا في اليمن. لم يتردد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي قبل أيّام قليلة في توجيه تهديدات إلى المملكة العربيّة السعوديّة. قال الحوثي الذي لا يمكن الفصل بينه وبين “الحرس الثوري” الإيراني بالحرف الواحد “لا يمكن أن يعيش السعودي في أمن ورفاهية وتحريك الاستثمارات في نيوم وغيرها ثم يتسبب باستمرار الحصار والمعاناة والبؤس في واقع شعبنا”. من هذا المنطلق، سيظلّ كلام وزير الخارجيّة الإيراني أقرب إلى الكلام من أي شيء آخر، خصوصا أنّ المشروع الإيراني بات مكشوفا إلى حد كبير ليس في اليمن فحسب، بل في العراق وسوريا ولبنان أيضا…لا حاجة إلى أدلة، أقلّه في ما يخص لبنان، لسعي إيراني دؤوب إلى وضع البلد في جيب “الجمهوريّة الإسلاميّة” عن طريق قبض ثمن السماح بترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل قبيل خروج ميشال عون وصهره جبران باسيل من قصر بعبدا في تشرين الأوّل – أكتوبر من العام 2022!

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: عبداللهیان إلى فی المنطقة إلى الریاض فی الریاض السعودی ة فی الیمن شیء فی ة التی

إقرأ أيضاً:

ماهي أسباب عزل “العراق” عن اجتماع “الناتو العربي” في الرياض؟

بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا :
لِمن لا يتذكر نُذكّرهُ ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب وفي دورته الاولى حرص على ترتيب قمة عربية وإسلامية ضخمة في الرياض وهي قمة المال والأعمال والتغيير ( ويبدو ان الرجل يتفائل بالرياض ويثق بها ويعشق كرمها الملياري)ولقد حضر ترامب تلك القمة بنفسه ورقص رقصة السيف هو وصهره كوشنير والآخرين . وتقررت خلالها قرارات مهمة وخطيرة واهمها ” صفقة القرن ، والمشروع الإبراهيمي ، والاتفاق على تشكيل نواة لحلف الناتو العربي مع إسرائيل … الخ من القرارات المهمة ) . وعندما خسر ترامب الانتخابات حدث شبه تعطيل في تلك القرارات .ولكن الرئيس ترامب لم ينسى ( لان رجال الاعمال لا ينسون ) فمباشرة وبعد تنصيبه لولاية ثانية باشر بمغازلة السعودية ماليا ولوجستيا فقالت له الرياض ” لبيك بالفلوس ولا بالنفوس” وهي استراتيجية اعطت ثمارها في حماية البلدان( وبالمال تُحفظ الأوطان ) خصوصا مع قائد العالم ترامب الذي يُقدّر المال جدا !
ثانيا:-
ومباشرة وقبل قدوم الرئيس الاميركي ترامب إلى الرياض في السعودية قريبا باشرت القيادة السعودية بتحريك الاتفاقيات القديمة وهي رسالة سعودية مفادها ” اننا لا ننسى وعلى العهد والاتفاق يا ترامب ” خصوصا وان هذه المرة الأوضاع مختلفة حيث الخسائر الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة . فقرر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان دعوة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية، ورئيس جمهورية مصر العربية في توقيت خطير جدا .وتزامن هذا مع وجود امير قطر في طهران والذي نقل رسالة أميركية اخيرة على مايبدو فيها دعوة لايران للجلوس مع الجانب الاميركي بلا شروط وحسب المتغيرات الجديدة في المنطقة (والتي رفضتها ايران من خلال وسائل إعلامها بقولها ” اننا لا نجلس بموقع الذليل امام ترامب”) وتزامن هذا مع تواجد الوفدين الامريكي والروسي في الرياض لهندسة صفقة ايقاف الحرب الروسية الاوكرانية بشروط ترامب الذي اذل القيادة الاوكرانية وحشرها في زاوية حتى الآن . وكل هذا ليس في صالح ايران اطلاقاً!
ثالثا:-
نعم سيباشر قادة دول مجلس التعاون الخليجي مع الملك الأردني والرئيس المصري في الرياض المشاورات والنقاشات لوضع اللمسات الأخيرة لتشكيل ( حلف الناتو العربي ) وانطلاقه حسب اتفاقية قمة ترامب الرياض السابقة .ولقد نجح الرئيس الاميركي ترامب باجبارهم على ذلك من خلال ( ورقة تهجير سكان غزة إلى الأردن ومصر ) فجاءت المقايضة التي يريدها أصلا ترامب وهي ( ناتو عربي بقيادة إسرائيل او يكون لإسرائيل الدور الأكبر فيه بحكم قربها من الولايات المتحدة ) وهم مجبرين على ذلك لارضاء ترامب . وحتما تنتظر هذا الناتو العربي مهام استراتيجية وامنية وعسكرية مهمة في المنطقة تتماشى مع تشكيل المنطقة من جديد بموازاة ولادة العالم الجدبد .ونستطيع القول ( ان الدول الخليجية ومصر والأردن وإسرائيل سوف يستلمون قيادة المنطقة خلال هذه السنوات المقبلة ) وهذا بحد ذاته يمثل ضربة امنية واستراتيجية موجعة لايران التي ستغادر الدول العربية بلا رجعة !
رابعا :-
العراق بدوره وجد نفسه معزول ومنبوذ ومحشور في زاوية لا يُحسد عليها” اي القيادة العراقية ” بسبب اصرارها ولمدة ٢٢ سنة على وضع البيض العراقي في السلة الإيرانية وجعل العراق حديقة خليفة لايران .والنتيجة نبذ العراق وانعدام الثقة بقيادته التي اثبتت انها لا تستطيع ترك ايران والإملاءات الإيرانية اطلاقا . بحيث حتى رغبة العراق بالحضور في قمة الرياض جوبهت بالرفض من الخارجية السعودية لعدم ثقة قادة تلك الدول وادارة ترامب بالقيادة في العراق اولا ، وثانيا لأن قادة تلك الدول لديها علم ب( التغيير القادم في العراق ) والذي بموجبه سوف تطرد إيران من العراق والمنطقة ،وتستبدل تلك القيادة العراقية الحالية بقيادة وطنية جديدة تؤمن باللحمة العربية والتحالف مع المجتمع الدولي اي (وضع البيض العراقي في اكثر من سلة مهمة )وحينها سيجد العراق طريقه سالكا نحو الدول الخليجية ومصر والأردن والولايات المتحدة ودول العالم !
ولا تفصل العراق عن ذلك إلا خطوة واحدة وهي قادمة وقريبا .خصوصا بعد الشروع بالحرب الاقتصادية الاميركية والعقوبات ضد المصارف العراقية ،وضد تمويل إيران من المال العراقي عبر اتفاقية استيراد الغاز الإيراني والتي توقفت بأمر أميركي .والعراق مقبل على خواء تام في خزينته الرسمية( اي لا يستطيع حتى دفع الرواتب في الايام القادمة ) .وحينها ستكون الحكومة والطبقة السياسية في العراق منبوذتان شعبيا .ولا حل إلا برحيلهما وقريبا جدا !
ملاحظة :-
هذه قراءة عن معلومات وليس تشهير او تحقير لأحد إطلاقا، وليس شائعات . فالذي يريد سماع الحقيقة فهذه هي الحقيقة .ومن لا يريد سماع الحقيقة فلقد تعودنا على شتم وتسقيط جيوشهم الإلكترونية ومرتزقتهم الإعلامية ضدنا وضد الذين ينقلون الحقيقة !
حمى الله العراق واهله من كيد الكائدين !
سمير عبيد
٢١ فبراير ٢٠٢٥

سمير عبيد

مقالات مشابهة

  • «آدم» لبنان و«جلمود» الأردن… دوامة قطبية تضرب دولاً عربية وسط تحذيرات
  • ماهي أسباب عزل “العراق” عن اجتماع “الناتو العربي” في الرياض؟
  • سلام: للضغط الأميركيّ على اسرائيل كي تنسحب بشكل كامل من النقاط التي لا تزال تحتلها
  • الشيعة التي نعرفها
  • الرئيس الإيراني: نريد التفاوض مع أمريكا ودول المنطقة ولن نخشى إسرائيل
  • غادة أيوب: يبقى جيشنا فوق كل الافتراءات التي يروجها أتباع إيران في لبنان
  • رئيس أركان الجيش الإيراني: أي اعتداء على إيران لن تنعم المنطقة بالهدوء ثانية
  • العميد خالد حمادة: النقاط التي تحتفظ بها إسرائيل في جنوب لبنان ذات أهمية إستراتيجية
  • بوتين: المحادثات الروسية الأمريكية التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض كانت “إيجابية”.. ويسعدني لقاء ترامب
  • الرئيس الإيراني يؤكد أن دول المنطقة بإمكانها العمل على تحقيق الاستقرار في المنطقة