عربي21:
2025-03-14@18:01:00 GMT

التهجير.. الهذيان والمراهقة السياسية

تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT

بدا دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي مع نتنياهو متجهما مرتبكا، بينما ظهر نتنياهو مبتسما واثقا؛ وهو ما يشير إلى أن نتنياهو استطاع أن يحصل على وعود لم يكن يحلم بها في عهد بايدن. فعلى ما يبدو فإن نتنياهو أخذ ترامب إلى مربع الأطماع الصهيونية، ونجح في التأثير عليه، فقد كان جاهزا لتقديم الكثير لنتنياهو، ويبدو لي أن نتنياهو كان قادرا على اللعب بعقل ترامب وجره حيث مصالح الكيان، لا مصالح الولايات المتحدة.



وقد اتسمت قرارات وأمنيات ترامب وحليفه نتنياهو بكثير من الإدهاش والغرابة والجرأة، بل الوقاحة في أعلى مستوياتها؛ فقد بدا أن ترامب يأخذ قراراته نيابة عن الأمم المتحدة والعالم، وعن الشعب العربي والفلسطيني، وكأنه رب هذا الكوكب، يديره كيف يشاء، فها هو يتحدث عن امتلاك قطاع غزة باعتباره مزرعة ورثها عن أبيه! ثم يدعو إلى ضرورة أن يستولي الكيان على أجزاء من الضفة، بدعوى أن إسرائيل بلد صغير، ويجب أن يتغير هذا الوضع وتتسع رقعته بما يتناسب وحاجاته..!

يعتقد ترامب أو يتصور أن على العالم كله أن يخضع لرؤاه، وأن كلمته يجب أن تسمع وأن تعليماته وقراراته الهوجاء يجب أن تنفذ، ثم يحس بأنه أساء التقدير فيتراجع جزئيا أو كليا؛ مبررا ذلك بأسباب مضحكة
لكن من الذي فوّض ترامب للتصرف نيابة عن 7 مليارات إنسان في هذا الكوكب، يقص ويخيط كما يشاء؟ وهل هو قادر على تنفيذ وعوده وأضغاث أحلامه، بدون أن يجد مواجهات دولية وعربية وفلسطينية لقراراته التي لن يستطيع تنفيذها وسيبدأ بالتراجع عنها، كما فعل بعد رفض مصر والأردن استقبال المهجرين المفترضين من قطاع غزة، ومن الضفة الغربية التي لم يسمها صراحة، بل أوحى بذلك في سقطات لسانه؛ فادعى موافقة دول أخرى على استقبالهم، وهو تراجع سريع عن مخططاته الهوجاء، كذلك فقد صرح بعد ذلك بالقول: "لست مستعجلا"، وهو ما يؤشر على معرفته بصعوبة تحقق ما يفكر به.

ففي حين قرر ابتداء أن يرحل فلسطينيي غزة إلى الأردن ومصر، وفيما يبدو كان ثمة رفض أردني مصري في العلن على الأقل، فقد تنازل ترامب مباشرة عن فكرة الترحيل للأردن ومصر، قائلا إنه يمكن ترحيلهم إلى دول أخرى رحبت باستقبالهم، ولا أدري إن كانت تلك حقيقة أم أكذوبة من أكاذيبه التي تنتظم أداءه المرتبك منذ اللحظة الأولى لتقلده منصب الرئاسة، بل منذ فوزه قبيل التنصيب..

يعتقد ترامب أو يتصور أن على العالم كله أن يخضع لرؤاه، وأن كلمته يجب أن تسمع وأن تعليماته وقراراته الهوجاء يجب أن تنفذ، ثم يحس بأنه أساء التقدير فيتراجع جزئيا أو كليا؛ مبررا ذلك بأسباب مضحكة كما حدث في ولايته الأولى حول صفقة القرن..

إن المدعو ترامب الذي لا يخيفنا كما يخيف حكامنا، يردد أسطورة كوشنر زوج ابنته، الذي كان تحدث عام 2022 عن الموارد الطبيعية في قطاع غزة ومياهه الإقليمية، وهو بذلك يفضح مخططاته وأطماعه ليس في غزة وحسب، بل يطالب بضم كندا إلى الولايات المتحدة لتصبح الولاية الواحدة والخمسين، وبناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك، وقد كان رد رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم صادما ومزلزلا على مخططات ترامب. وفي تصريحات صادمة أخرى قال بأن بلاده تحتاج جزيرة جرينلاند من أجل الأمن القومي، ثم تحدث عن مدّ سيطرته على قناة بنما.. وقام بتغيير اسم "خليج المكسيك" إلى "الخليج الأمريكي"، وإن دلت تصرفات ترامب وقرارته على شيء؛ فإنما تدل على توحش إمبريالي فج، يعود بثوب الحرب العالمية الثانية، ورائحة هيروشيما وناجازاكي..

هذه التصريحات التي بدت كأنها تصدر عن فرعون عالمي جديد، غير قابلة مطلقا للتنفيذ، وستصبح أضحوكة تاريخية، يتندر بها العالم عبر الأجيال؛ فحتى لو فعل ما يخطط له بالقوة العسكرية، وهو أمر مستبعد، فإنه لن يستطيع البقاء آمنا في أية بقعة يستولي عليها، فالعالم تغير، والوعي بالدور الأمريكي الشرير بات واضحا للعميان، وخصوصا بعد العدوان على قطاع غزة..

الشعب الفلسطيني شعب عصي على الاستسلام؛ فإما النصر وإما الشهادة، ولن يستطيع ترامب ولا غيره اللعب بإرادته وصموده الذي غير وجه التاريخ، ووضع القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات العالم شعوبا وحكومات؛ فما يفكر فيه ترامب وصديقه المدلل نتنياهو ليس أكثر من وهم
إن حلم ترامب بإنهاء الصراع في الشرق الأوسط بدون أي اعتبار للعرب أو الفلسطينيين، لن يتم مطلقا إلا في حال تم القضاء على من تبقى من فلسطينيين في غزة والضفة الغربية.. إنها محاولات هشة فاشلة لعقد صفقات بين الكيان المحتل والولايات المتحدة وأطراف عربية يعوزها العقل والحكمة، لا الهلوسة وأحلام الأضغاث، ويجدر بترامب أن يفهم بأن الفلسطينيين ليسوا الهنود الحمر، ولن يكونوا..

ومن المثير للضحك أن يدعي ترامب بأنه ظل لشهرين يدرس خطة تهجير الفلسطينيين، وواضح أنه مدلس محترف، فمن ظل شهرين يدرس خطة التهجير، لا يقول مرة "يخرجون لإعادة التعمير ثم يعودون"، ومرة يقول: "يخرجون ولا يعودون"، فهذا التخبط يؤشر على خفة ورعونة، وعدم تخطيط، ثم يؤشر على استهانة كبيرة بالعرب والفلسطينيين، وعلى دوغماتية مقيتة..!

إن ثمة احتمالين لتصريحات ترامب، الاحتمال الأول: أن تصريحاته مجرد خيالات وألاعيب تطغى عليها المراهقة السياسية وقلة الخبرة، والثاني: أنها أطروحات مقصودة من شأنها أن تخلق واقعا وهميا، يجعل هذه الأحلام قابلة للمناقشة والمداولة، بهدف التأثير على الوعي، ووضع الفلسطينيين في موضع المدافع، بدلا من المبادر العنيد، بناء على نظرية سياسية تسمى "نظرية الدخان والمرايا" (Smoke and Mirrors) التي تهدف إلى تشتيت الانتباه عن الحقائق على الأرض، ومحاولة تحويل الوهم إلى حقيقة في أذهان البشر، بحيث يتم تداولها كأمر قابل للتنفيذ..

وفي المجمل، فإن فكرة ترامب غير قابلة للتنفيذ، وهي أقرب إلى المستحيل منها إلى الممكن، حتى إن صحفا عبرية عدت أفكار ترامب بشأن غزة غباءً وهذياناً، وبلا معنى، ووصفوها بالهراء. وبناء على ذلك فالمطلوب عدم التركيز على هذه القضية وترك الحديث عنها، إلا من باب التندر والسخرية، لا أكثر ولا أقل..

وبقي أن نقول بأن الشعب الفلسطيني شعب عصي على الاستسلام؛ فإما النصر وإما الشهادة، ولن يستطيع ترامب ولا غيره اللعب بإرادته وصموده الذي غير وجه التاريخ، ووضع القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات العالم شعوبا وحكومات؛ فما يفكر فيه ترامب وصديقه المدلل نتنياهو ليس أكثر من وهم غير قابل للتنفيذ اليوم وغدا وبعد غد..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب نتنياهو غزة الفلسطينيين تهجير فلسطين غزة نتنياهو تهجير ترامب مقالات مقالات مقالات رياضة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة یجب أن

إقرأ أيضاً:

صحف عالمية: على ترامب إجبار نتنياهو لفك الحصار عن غزة وتحذر من تهديدات اليمن

وفي هذا السياق، طالبت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالضغط على حكومة بنيامين نتنياهو للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، معتبرة أن حكومة الكيان تستخدم المساعدات كأداة حرب.

وأضافت الافتتاحية أن "على ترامب إجبار نتنياهو على إنهاء الحصار على غزة ودعم جهود الوسطاء لإعادة اتفاق وقف إطلاق النار إلى مساره الصحيح".

وجاء في تقرير بصحيفة "نيويورك تايمز" أن الفلسطينيين الذين أجبروا على النزوح من منازلهم في الضفة الغربية بسبب العمليات العسكرية الصهيونية يواجهون وضعا يائسا في شهر رمضان، و"اقتصر صخب أسواق رمضان على عدد قليل من المتسوقين الكئيبين".

ويقول فلسطينيون للصحيفة إن من المفترض أن يكون رمضان شهرا للبهجة، لكنه بات شهرا لانتظار إشارة على أن الحياة قد تعود إلى ما كانت عليه.

وفي سياق الممارسات الصهيونية ذكرت "غارديان" أن شرطة الكيان دهمت مكتبة فلسطينية رائدة في القدس الشرقية، وصادرت حوالي 50 كتابا واعتقلت أحد مالكيها دون أمر قضائي.

ووفق الصحيفة، فقد صادرت الشرطة الكتب بناء على غلافها، مركزة على تلك التي تحمل علم فلسطين أو كلمة فلسطين في العنوان، باستخدام خدمة ترجمة غوغل قبل إرسال صورها إلى المسؤولين.

تهديدات اليمن

 وفي موضوع آخر، أشارت مجلة "نيوزويك" إلى أن "تهديدات اليمن باستئناف الهجمات ضد الكيان في حال انهيار الهدنة الحالية في غزة، أمر مقلق للغاية، وستكون حركة الملاحة في البحر الأحمر في حالة تأهب".

وأضافت أن اليمن تسببت بحالة اضطراب كبيرة في حركة الملاحة العالمية في أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، ما أدى إلى ارتفاع باهظ للتكاليف وإجبار السفن على اتخاذ مسارات أطول".

أما "واشنطن تايمز"، فكتبت أن "أجندة ترامب المناهضة للحروب تثير الجدل بشأن منافعها على السلام في العالم"، وبيّن المقال أن وعد ترامب بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتعزيز السلام في الشرق الأوسط، سيفتح المجال أمام احتمال تقليص الإنفاق العسكري للولايات المتحدة، بينما رجح محللون أن التوترات الجيوسياسية التي أدت إلى زيادة الإنفاق الدفاعي الأميركي لن تتغير بشكل كبير، تقول الصحيفة.

وكالات

مقالات مشابهة

  • أمين تنظيم الريادة: تغير الموقف الأمريكي بشأن التهجير انتصار لموقف مصر
  • صحف عالمية: على ترامب إجبار نتنياهو لفك الحصار عن غزة وتحذر من تهديدات اليمن
  • حماس ترحب بتصريحات ترامب حول ملف التهجير..هل تراجع؟
  • أحمد موسى: تصريحات ترامب عن مسألة التهجير كلام عقلاني .. وبداية تحرك نحو السلام
  • «السداسي العربي» يبحث مع ويتكوف خطة إعمار غزة.. ترامب يتراجع عن «التهجير»
  • حماس ترحب بتراجع ترامب عن دعوات التهجير
  • صحف عالمية: على ترامب إجبار نتنياهو لإنهاء الحصار على غزة
  • نتنياهو و"الحقيقة المقلقة".. ترامب شريك أم صاحب قرار؟
  • رسوم أوروبية ردًا على الأميركية التي دخلت حيز التنفيذ
  • ما الذي يريده ترامب حقاً من الرسوم الجمركية؟