ترامب يطلق العنان للفوضى في العالم "متعمداً"
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
أصبح السعوديون غاضبين، والدنماركيون في حالة هياج، وكولومبيا تراجعت، والمكسيك وكندا تستعدان لحرب رسوم جمركية مع الولايات المتحدة. أما بكين فأطلقت حربها التجارية مع واشنطن، رداً على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم بنسبة 10% على المنتجات الصينية، وحتى البريطانيين الذين طالما كانوا فخورين بـ "علاقاتهم الخاصة" مع الولايات المتحدة، لجأوا إلى تقاليدهم في الدبلوماسية الهادئة للتعامل مع سياسات وأفكار ترامب.
وأصبح المشهد العالمي يبدو وكأن الرئيس دونالد ترامب، ألقى كيساً من الزجاج المكسور تحت أقدام زعماء دول العالم، الذين غالباً ما تضافرت جهودهم على مدى 8 عقود في إطار النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.
Trump has unleashed chaos by distraction upon the international community. That's no accident https://t.co/SguGrHucOQ
— The Associated Press (@AP) February 10, 2025ويبدو أنه بات على الجميع الرد على ترامب يومياً، حتى أن رئيس وزراء أستراليا أنطوني ألبانزي قال عندما سئل في الأسبوع الماضي، عن رأيه في إعلان ترامب أن الولايات المتحدة ستستولي على قطاع غزة المدمر، وتحوله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط": "لن أقدم، بصفتي رئيس وزراء أستراليا، تعليقاً يومياً على تصريحات الرئيس الأمريكي".
وسواء اعترف قادة العالم بذلك علناً أم لا، فإنهم ينظرون إلى نهج ترامب المتسلط تجاه بعض مؤسسات الحكومة الأمريكية، ويتساءلون عن دور الولايات المتحدة في النظام الدولي بعد الحرب الباردة: ماذا عن الأدوار الأمريكية في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والأمم المتحدة، والبنك الدولي، وغيرها من ركائز النظام الدولي؟
وفيما يتصل بحلف الناتو الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، لطالما شكك ترامب في قيمته وهدد بعدم الدفاع عن الدول الأعضاء في الحلف، التي تفشل في زيادة إنفاقها العسكري إلى المستوى الذي يطالب به.
وفي أول يوم له في المكتب البيضاوي، قرر ترامب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية للمرة الثانية، وهو التصرف الذي من شأنه أن يترك الوكالة التابعة للأمم المتحدة بدون أكبر ممول لها. واحتشد قادة منظمة الصحة العالمية للرد على قرار ترامب، وطالبوا دول العالم بالضغط على واشنطن لإلغاء قرار ترامب. وقال مبعوث ألماني قلقاً: "السقف يحترق".
وكتب هيثر هرلبورت، خبير الشؤون الدولية والسياسية في المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" البريطاني، في تحليل له إن "تصرفات ترامب تنبئ بتحول دائم في المشهد السياسي ــ وليست مجرد حركة مفتاح يعود إلى وضعه الطبيعي بعد 4 سنوات".
وبعيداً عن الدوائر القيادية، فإن أي شخص يعتمد على المساعدات الأمريكية للحصول على الغذاء أو الدواء، سيواجه مخاطر كبيرة بعد قرار ترامب إلغاء هيئة المعونة الأمريكية، وإنهاء مهمتها التي استمرت 6 عقود للمحافظة على استقرار الدول الفقيرة، من خلال تقديم المساعدات الغذائية لمواطنيها.
ترامب: سأمتلك قطاع غزة وسكانه ليس لهم حق العودة - موقع 24أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الفلسطينيين لن يحظوا بحق العودة إلى غزة بموجب خطته للسيطرة على القطاع، وذلك في مقتطفات من مقابلة أجريت معه ونُشرت اليوم الاثنين.وفي الوقت نفسه، تقول أريانا قصي مصطفى من تجمع "شبكة نساء كوسوفو" الذي يضم 140 منظومة غير حكومية: "رغم ذلك نحن صامدون، وسنحاول بذل أقصى جهد لمواصلة تقديم المساعدات للمحتاجين".
وبعد إعادة انتخابه لرئاسة الولايات المتحدة، وبمساعدة "صديقه الرئاسي" الملياردير إيلون ماسك، أطلق ترامب العنان لفوضى عارمة من خلال تشتيت انتباه العالم. فالأوامر والتصريحات الرئاسية تصدر بوتيرة سريعة للغاية بما يكفي لتفتيت أي معارضة. والآن لا يوجد من يمكنه متابعة كل هذه الأوامر والتصريحات، سواء كان شخصاً أو حكومة، وبالتالي يحدث ما يسميه حلفاء ترامب "إغراق المنطقة".
هل هناك مشكلة في ذلك؟ يرد ترامب بكلمة واحدة هي: "فافو"، كاختصار لعبارة "اخلق الفوضى ثم رتبها"، باستثناء أن الكلمة الأولى فيها ليست "فوضى". وقد نشر الرئيس الاختصار على وسائل التواصل الاجتماعي، مصحوباً بصورة له وهو يرتدي قبعة فيدورا وقميصاً مخططاً.
وتتم الإشارة إلى كولومبيا باعتبارها نموذجاً على ما يمكن أن يحدث لأي دولة، عندما تقول لا لترامب. لقد قاوم رئيسها لفترة وجيزة استقبال طائرات قادمة من الولايات المتحدة لإعادة مهاجرين غير شرعيين، لكن الرئيس الأمريكي هدد بفرض رسوم بنسبة 50% على صادرات كولومبيا، فاضطر رئيسها إلى التراجع والموافقة على طلب ترامب.
لقد أسعد أسلوب الإجبار أنصار ترامب، الذين خرجوا لصالحه خلال انتخابات 2024 متأثرين بشدة بقلقهم بشأن الاقتصاد وأوضاعهم المالية. ويقول ترامب إنه يحاول توفير أموال دافعي الضرائب وإنفاقها على أمور تتماشى مع المصالح الأمريكية.
ففي حديثه عن غرينلاند وقطاع غزة على سبيل المثال. يقول الرئيس صاحب شعار "أمريكا أولاً" إن الولايات المتحدة ستسولى عليهما. وفيما استبعد استخدام الجيش الأمريكي لتهجيز سكان غزة البالغ عددهم حوالي مليوني شخص من أرضهم إلى مكان آخر، لكنه متمسك بخطته لتهجير الفلسطينيين وتحويل القطاع إلى منتجع سياحي فاخر.
توعد بـ"الجحيم".. ترامب يهدد بإلغاء اتفاق غزة ووقف المساعدات للأردن ومصر - موقع 24قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يتعين على حركة حماس إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة بحلول ظهر السبت المقبل، وإلا فإنه سيقترح إلغاء وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة ويسمح "لأبواب الجحيم بأن تنفتح على مصراعيها".ولا يتوقف ترامب كثيراً عن حقيقة أن أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها، بدءاً من الشرق الأوسط المتقلب وحتى الصين، ناهيك عن بريطانيا، يعارضون خطته لغزة. وقد أعلنت المملكة العربية السعودية "رفضها المطلق" للخطة. كما أن هذه الخطة يمكن أن تنسف وقف إطلاق النار الهش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. كما أنها تمثل انتهاكاً للقانون الدولي أيضاً.
وفي الوقت نفسه، فإن مشاهد تدفق النازحين الفلسطينيين العائدين إلى بيوتهم المدمرة في شمال القطاع، بعد وقف إطلاق النار، تؤكد أنهم لا يريدون مغادرة أرضهم.
وعندما ننتقل من رغبة ترامب في امتلاك غزة، إلى عزمه الاستيلاء على جزيرة غرينلاند الدنماركية، سنجد رئيسة وزراء الدنمارك ميت فريدريكسن تقول للصحافيين "لسنا حلفاء سيئين"، رداً على تصريح لنائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس، الذي قال فيه إن "الدنمارك وهي عضو في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي ليست حليفاً جيداً"، مكرراً كلام رئيسه عن أن الاستيلاء على غرينلاند "ممكن".
والحقيقة أن مشاعر القلق من سياسات ترامب وقرارته، تسيطر على أغلب قادة أوروبا أيضاً. وقد ظهر هذا واضحاً خلال القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل، والتي كان يفترض أن تبحث زيادة الإنفاق الدفاعي والتصدي للتهديد الروسي، فتحولت إلى الكلام عن ترامب وتهديداته.
الدنمارك تقترح شراء كاليفورنيا مقابل غرينلاند - موقع 24اقترحت مجموعة المبادرة الدنماركية "دنماركيفاكيشن"، شراء ولاية كاليفورنيا من الولايات المتحدة، رداً على تصريحات الرئيس دونالد ترامب بشأن الاستحواذ على غرينلاند.وقال دونالد تاسك رئيس وزراء بولندا "علينا عمل أي شيء لتجنب هذه الحرب التجارية الغبية وغير الضرورية تماماً"، مضيفاً أن تهديدات ترامب بفرض رسوم على منتجات دول الاتحاد الأوروبي "اختبار جاد" للوحدة الأوروبية، "وهذه هي المرة الأولى التي نواجه فيها مشكلة من هذا النوع بين الحلفاء. وقال القادة الأوروبيون إنهم سينتظرون حتى يكشف ترامب عن مقترحاته بالتفصيل.
وفي الوقت نفسه، أشعلت تصريحات ترامب معركة في جزيرة غرينلاند للمطالبة بالاستقلال الكامل عن الدنمارك، وأصبح الاستقلال قضية رئيسية قبل الانتخابات المقررة في مارس (آذار) المقبل. وقال بعض قادتها إن أكبر جزيرة في العالم، والتي يسكنها 57 ألف شخص، لا تريد أن تكون جزءاً من الولايات المتحدة أو الدنمارك.
وقال نايا إتش ناثانيلسن، وزير الأعمال والتجارة في غرينلاند، لوكالة أسوشيتد برس: "لقد تسبب الخطاب المؤسف (للرئيس ترامب) في الكثير من القلق والانزعاج، ليس فقط في غرينلاند ولكن في بقية دول التحالف الغربي".
ورغم ذلك، فالموقف في أوروبا من ترامب غير موحد. فقادة اليمين المتطرف الأوروبي أشادوا بأجندة ترامب خلال تجمع بالعاصمة الإسبانية مدريد، تحت شعار "جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى". وشارك في هذا التجمع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، ونائب رئيسة وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني، وزعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي مارين لوبان وغيرهم.
وقلل بعض القادة المشاركين في التجمع من أهمية تهديد ترامب بزيادة الرسوم على صادرات الاتحاد الأوروبي، وقالوا إن الضرائب والتشريعات في الاتحاد الأوروبي أخطر على رخاء المنطقة من رسوم ترامب. لكن كل المتحدثين تطرقوا إلى قضية الهجرة غير الشرعية، التي تشكل قضية مؤلمة ومثيرة للانقسام في أوروبا كما هو الحال في الولايات المتحدة.
وقالت لوبان إن تجمع "وطنيون من أجل أوروبا" الممثل لأحزاب وقوى اليمين المتطرف الأوروبي، هو الأفضل في التعامل مع ترامب، مضيفة "نحن الوحيدون الذين يمكنهم الحديث مع إدارة ترامب الجديدة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية دونالد ترامب قطاع غزة السعودية أوروبا الاتحاد الأوروبي اتفاق غزة ترامب السعودية الولایات المتحدة الرئیس الأمریکی دونالد ترامب رئیس وزراء
إقرأ أيضاً:
الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الأداة الناعمة لنفوذ الولايات المتحدة
المؤسسة الأميركية الرئيسية للمساعدات الإنسانية والمشاريع التنموية الدولية أدارت منذ تأسيسها عام 1961 معظم الإنفاق الرسمي الأميركي على المساعدات الخارجية، بميزانية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات سنويا، وقوة عمل وصلت إلى نحو 10 آلاف موظف حول العالم.
وهي وكالة حكومية مستقلة، شكلت إحدى أدوات التأثير الناعمة للولايات المتحدة حول العالم، إذ تبعت في عملها توجيهات وزارة الخارجية، وأدت دورا فاعلا في خدمة أهداف السياسة الخارجية الأميركية.
ومنذ تنصيبه لولاية ثانية في يناير/كانون الثاني 2025، استهدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الوكالة، فأخضعها لإشراف مباشر من قبل وزارة الخارجية، وقرر تجميد مساعداتها الخارجية مؤقتا، في إطار إعادة تقييم عملها، واتهمها بإهدار المال وإدارة مشاريع لا تتماشى مع المصالح الأميركية، وقد تتعارض مع القيم الأميركية، وقال إنها تعمل على زعزعة استقرار السلام العالمي.
النشأةتأسست الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عام 1961 على يد الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي، إبّان تصاعد حدة الحرب الباردة، وكان الهدف منها إدارة المساعدات الخارجية الأميركية، باعتبارها أداة ناعمة تعمل على توسيع الهيمنة الأميركية في الخارج، ومواجهة نفوذ الاتحاد السوفياتي في العالم.
وكان الكونغرس الأميركي قد أقر عام 1961 قانون المساعدات الخارجية، الذي نص على إنشاء وكالة حكومية مكلفة بإدارة الإنفاق الخارجي، وعلى إثره أصدر كينيدي أمرا تنفيذيا بإنشاء الوكالة، التي بدأت بالعمل بعد أن حظيت برامجها بموافقة الكونغرس.
إعلانوعام 1998 صادق الكونغرس على قانون أصبحت الوكالة بموجبه مؤسسة مستقلة، يقدم لها وزير الخارجية التوجيه في السياسة الخارجية، ويساهم في وضع ميزانيتها ومخصصاتها المالية، التي تتم الموافقة عليها من قبل الكونغرس، بما يتفق مع المصالح الأميركية في العالم.
ويتم تعيين مدير الوكالة بترشيح من الرئيس الأميركي وبموافقة من مجلس الشيوخ، ويرفع لوزير الخارجية تقارير دورية عن سير عمل الوكالة.
وأخذت الوكالة وضعا أكثر أهمية في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن (2021-2024)، إذ منح مدير الوكالة مقعدا دائما في مجلس الأمن القومي الأميركي، وقد اقتصر دوره على مدى عقود سابقة على حضور اجتماعات المجلس المتعلقة بعمل الوكالة وقضايا التنمية لا غير.
الأهدافتسعى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من خلال أنشطتها الإنمائية إلى تحقيق هدفين رئيسين هما:
تحسين ظروف الحياة في المجتمعات النامية. تعزيز المصالح الأميركية في العالم.وبناء على ذلك، نفذت الوكالة عديدا من المشاريع الإنسانية والتنموية، والبرامج الخاصة لتطوير المجتمعات الفقيرة حول العالم وتحسين الأوضاع الإنسانية فيها، والتي وُجهت نحو تحقيق مجموعة من الأهداف، أبرزها:
دعم النمو الاقتصادي في العالم. تحسين الصحة العالمية. محاربة الفقر والمجاعات وتعزيز الأمن الغذائي. تحسين الاستدامة البيئية. القضاء على الأمية والجهل وتعزيز التعليم. وقف الصراعات في العالم والتعافي منها. تقديم الإغاثة العاجلة والمساعدات الإنسانية في حالات الكوارث الطبيعية والصراعات. نشر الديمقراطية في الخارج وحماية حقوق الإنسان.واستخدمت الوكالة تلك المشاريع لتنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وخدمة المصالح الأميركية في العالم، وتقوية النفوذ السياسي والاقتصادي الأميركي في الخارج.
وعلى مدار عقود استُغلت المساعدات لبناء تحالفات لمواجهة خصوم الولايات المتحدة مثل الصين وروسيا، ودعم المصالح التجارية الأميركية، عن طريق تعزيز النمو الاقتصادي للدول النامية، وتمكينها من المشاركة في التجارة العالمية، وإيجاد أسواق وشركاء تجاريين للولايات المتحدة حول العالم.
إعلان الميزانية والقوة العاملةتعتبر الولايات المتحدة أكبر ممول للمساعدات الإنسانية في العالم، وعبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنفقت الدولة عشرات المليارات من الدولارات سنويا، بما يناهز 1% من الميزانية العامة للبلاد.
ووفق تقرير لخدمة أبحاث الكونغرس، نُشر مطلع عام 2025، أدارت الوكالة أكثر من 43 مليار دولار في السنة المالية 2023 (أحدث سنة تتوفر عنها بيانات مالية كاملة)، أي ما تصل نسبته إلى أكثر من ثلث المخصصات المالية لوزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة.
وتُشغِّل الوكالة نحو 10 آلاف فرد، نحو الثلثين منهم خارج الولايات المتحدة، ويشمل ذلك الموظفين مباشرة للوكالة، الذين يشكلون أقل من نصف القوة العاملة، وموظفي التعيين غير المباشر، مثل المقاولين في مجال الخدمات الشخصية والمقاولين في مجال الدعم المؤسسي.
مظاهرة بواشنطن ضد إجراءات إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (الأناضول) المناطق المستهدفةتنتشر خدمات الوكالة في أنحاء العالم، وتشمل مناطق، أبرزها أوروبا وأوراسيا وجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومناطق عديدة في جنوب وشرق ووسط آسيا.
ويقع مقر الوكالة الرئيسي في العاصمة الأميركية واشنطن، ولها مكاتب أخرى في أكثر من 60 دولة، ولها مكاتب ميدانية في مناطق عديدة حول العالم، أبرزها:
مكتب أوروبا وأوراسيا. مكتب آسيا. مكتب أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. مكتب الشرق الأوسط. مكتب الاستقرار ومنع الصراعات. مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة. مكتب المساعدات الإنسانية. مكتب النمو الشامل والشراكات والابتكار. مكتب المرونة والبيئة والأمن الغذائي. مكتب الصحة العالمية. مكتب المساعدات الخارجية. مكتب الشؤون التشريعية والعامة. مكتب السياسات والتخطيط والتعلم. شعار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (الأناضول)ويستفيد من المساعدات التي تقدمها الوكالة ما يزيد على 100 دولة حول العالم سنويا، وتستهدف بشكل خاص الدول التي تشكل أهمية إستراتيجية للولايات المتحدة، والمناطق التي تحتدم فيها الصراعات، وتعاني من أزمات اقتصادية وإنسانية.
إعلانويتفاوت حجم المساعدات وتوزيعها الجغرافي من عام لآخر، ففي السنة المالية 2023، شملت مساعدات الوكالة نحو 130 دولة، وتصدرت أوروبا وأوراسيا قمة المناطق المدعومة بالمساعدات، إذ حصلتا معا على نحو 40% من المخصصات المالية للوكالة، في حين جاءت منطقة الصحراء الكبرى في أفريقيا في المرتبة الثانية، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المرتبة الثالثة.
أما الدول التي حظيت بأكبر نصيب من المعونات في تلك السنة، فكانت على رأسها أوكرانيا، تلتها إثيوبيا ثم الأردن وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال واليمن وأفغانستان ونيجيريا وجنوب السودان وسوريا على التوالي.
القطاعات والبرامجتغطي الوكالة قطاعات مختلفة، منها الصحة والتعليم والزراعة والتنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والمساعدات الإنسانية وقطاع الحوكمة، الذي طغى على غيره من القطاعات في ما يتعلق بالمخصصات المالية للوكالة عام 2023، بسبب الدعم المقدم للحكومة الأوكرانية.
وتدير الوكالة المساعدات المالية عبر مجموعة كبيرة من المشاريع الإنمائية، التي تُنفذ عبر منح أو اتفاقيات، بالشراكة مع جهات متعددة أميركية وأجنبية، بما فيها حكومات أجنبية وجامعات ومنظمات غير ربحية ومقاولون يعملون من أجل الربح.
وتشمل مشاريعها برامج متنوعة، تتفاوت مهامها بين تقديم المساعدة الفورية، ووضع إستراتيجيات طويلة الأجل، تمكن البلدان النامية من الازدهار بشكل مستقل، ومن أهم تلك البرامج:
برامج تحسين الصحة العالميةحاز قطاع الصحة، حسب بيانات خدمة أبحاث الكونغرس، الاهتمام الأكبر للوكالة منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين الـ20، وركزت برامج الوكالة على مكافحة الأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والملاريا والسل.
إضافة إلى ذلك عملت على تحصين المجتمعات ضد الأمراض عن طريق توفير اللقاحات، مثل لقاح شلل الأطفال، وساعدت في الحد من انتشار الفيروسات الخطرة، التي قد تتسبب في حدوث جائحة.
إعلانوفي العقد الأول من القرن الـ21، خصصت الوكالة مليارات الدولارات لمكافحة مرض الإيدز، ومع ظهور جائحة كورونا عام 2020، تزايد الدعم لقطاع الصحة من خلال بند المساعدات الطارئة، حتى حاز قطاع الصحة على أكبر حصة من مخصصات الوكالة للعام المالي 2022.
وساهمت الوكالة على مدى عقود في تعزيز النظم الصحية في المجتمعات الضعيفة، وتوفير الأدوية الأساسية فيها، ونفذت برامج تهدف إلى تحسين صحة الأم والطفل، وتعزيز فرص الحصول على خدمات الرعاية الصحية الجيدة.
برامج نشر التعليمتعمل الوكالة على تعزيز أنظمة التعليم الشاملة في البلدان النامية، وتحسين فرص الحصول على التعليم، لا سيما للفتيات والفئات المهمشة، وتقدم برامج تدريب للمعلمين وتستثمر في تطوير المناهج وطرق التدريس، وتساهم في تحسين البنية الأساسية للمدارس.
برامج التنمية الاقتصاديةتقدم الوكالة برامج مساعدات إنمائية في قطاعات، مثل: الزراعة والتنمية الريفية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الحضرية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتساعد برامجها في تعزيز الاقتصادات المحلية والاكتفاء الذاتي والممارسات الزراعية المستدامة وإنتاج الغذاء وتحسين القدرة على الوصول إلى الأسواق.
برامج الحفاظ على البيئةتقدم الوكالة مبادرات تهدف إلى حماية البيئة، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، ودعم الجهود الرامية إلى الحفاظ على الغابات، وحماية التنوع البيولوجي، ومكافحة تغير المناخ.
برامج المساعدات الإنسانيةللوكالة دور حيوي في تقديم المساعدات الإنسانية وتوفير الإغاثة العاجلة في الدول التي ضربتها الكوارث الطبيعية أو مزقتها النزاعات، من خلال تقديم المساعدات الغذائية والإمدادات الطبية والمأوى للسكان.
فضلا عن ذلك، تساهم في دعم جهود التعافي في المجتمعات وإعادة التأهيل بعد الكوارث، من خلال تطوير البنى الأساسية واستعادة سبل العيش وتوفير الدعم النفسي للمتضررين.
وتزداد مخصصات الوكالة للمساعدات الإنسانية سنويا، استجابة للأزمات الإنسانية، التي تتمثل أغلبها في حركات النزوح الناجمة عن ظروف طبيعية أو عوامل بشرية.
إعلان برنامج مبادرات الانتقالتدير الوكالة حساب مبادرات الانتقال، الذي تأسس عام 1994، والذي يدعم مشاريع المساعدة في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية من الحرب إلى السلام، ومن الصراع المدني إلى المصالحة الوطنية.
برامج الدعم الاقتصاديتدير الوكالة صندوق الدعم الاقتصادي المخصص للمساعدات الاقتصادية في البلدان ذات الأهمية الخاصة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وكان الصندوق يستخدم في الأساس لدعم عملية السلام في الشرق الأوسط، وفي السنة المالية 1997، ذهب نحو 87% من مخصصات الصندوق إلى إسرائيل ومصر والضفة الغربية والأردن، ومنذ السنة المالية 2022 سُحب غالبية الدعم لصالح الحكومة الأوكرانية.
برامج تعزيز الديمقراطيةتدعم تلك البرامج التحولات الديمقراطية في العالم، بما في ذلك الانتخابات الوطنية، ومساعدة منظمات المجتمع المدني على إعطاء صوت للمواطنين وزيادة نفوذهم، وبناء المرونة في المجتمعات، وتمكين المجتمع المدني من التجمع لدعم الاحتجاجات السلمية والدفع نحو الإصلاحات.
برامج دعم الإعلام المستقلتوفر الوكالة برامج التدريب والدعم للمنظمات الإعلامية التي تعمل في ظروف صعبة، من أجل تعزيز وسائل الإعلام المستقلة، وقد كشفت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن الوكالة موّلت عام 2023، أكثر من 6 آلاف صحفي، و700 وسيلة إعلامية غير حكومية، وما يقارب 300 منظمة غير حكومية تُعنى بالإعلام، في أكثر من 30 دولة حول العالم.
جزء من أنشطة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية موجه للأراضي الفلسطينية (رويترز) التحدياتتتغير أولويات الولايات المتحدة في ما يتعلق بالمساعدات الخارجية بمرور السنين، وهو الأمر الذي يشكل تحديا للوكالة، إذ يتطلب منها التكيف مع التغيرات التي تخضع لرقابة الكونغرس، وتتضمن جوانب عدة، منها:
وجود تباين كبير، في كثير من الأحيان، بين ما تحتاجه مشاريع الوكالة وبين ما يخصصه الكونغرس لها، وفي أحيان أخرى، يتم تحديد المخصصات المالية بعد أشهر من بداية السنة المالية، وهو ما يتطلب مرونة عالية من الوكالة في التعامل مع الميزانية، وإعادة توزيع الأموال لتلبية الاحتياجات العالمية بميزانية أصغر. تخصيص مبالغ مالية كبيرة من التمويل الطارئ للوكالة، بسبب ظروف معينة مثل الحروب والكوارث الطبيعية، مما يستوجب التعامل مع مخصصات كبيرة في فترات زمنية قصيرة، وقد تشكل هذه التفاوتات والتأخيرات والتدفقات المفاجئة تحديات مستمرة لتخطيط الوكالة وإدارة برامجها. تفويضات التمويل في الكونغرس تسمح بتوجيه الوكالة ومواردها إلى قضايا تهم الأعضاء، ولكنها قد تحد من مرونة الوكالة، وقد تبتعد عن إطار سياستها أو إستراتيجيات الدولة، وهو ما يضر أحيانا بقطاعات معينة. إعلان إجراءات ترامباستهدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فور تسلمه السلطة يوم 20 يناير/كانون الثاني 2025، وسعى لتفكيكها أو إلغائها بشكل كامل، وأصدر أمرا تنفيذيا لإعادة تقييم عملها وتنظيم المساعدات الخارجية.
وبموجبه، تم تجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يوما -مع استثناء المساعدات الغذائية الإنسانية الطارئة- بحجة أن الوكالة تهدر الأموال، وأن المساعدات الخارجية لا تتماشى مع المصالح الأميركية، وفي كثير من الحالات تتعارض مع القيم الأميركية، وتعمل على زعزعة استقرار السلام العالمي.
وقال ترامب إن إدارته ستعيد النظر في الإنفاق المالي للوكالة بما يتماشى مع سياسته الخارجية التي رفع فيها شعار "أميركا أولا"، وأخضع الوكالة للإشراف المباشر من وزارة الخارجية، كما عيَّن وزير الخارجية ماركو روبيو قائما بأعمال مدير الوكالة.
وقال إيلون ماسك مستشار الرئيس الأميركي، الذي يدير وزارة كفاءة الحكومة، التي تعمل على خفض الإنفاق والبرامج الفدرالية الأميركية في إدارة ترامب، إنه سيتم إغلاق الوكالة لأنه "لا يمكن إصلاحها".
وأدى القرار إلى إغلاق معظم برامج الوكالة، وهو ما نجمت عنه أزمات مالية وإنسانية في عديد من المناطق حول العالم، إذ تم منع تسليم المساعدات الإنسانية من الأدوية والسلع الأخرى التي تبلغ ملايين الدولارات، والتي ظلت عالقة في الموانئ.
وتم إغلاق مكتب الوكالة في واشنطن، وإغلاق موقعها الإلكتروني، وأصبحت المعلومات المتاحة عبر الإنترنت عن الوكالة منشورة على صفحة جديدة تشكل جزءا من موقع وزارة الخارجية الأميركية الإلكتروني.
وخلال الأسبوعين الأوليين من تنصيب ترامب، تم تسريح عديد من موظفي الوكالة أو إرسالهم في إجازة إدارية، من بينهم موظفون بمناصب قيادية في جميع مكاتب الوكالة.
وعلى إثر ذلك، بعث الأعضاء الديمقراطيون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ رسالة احتجاج إلى روبيو، قائلين فيها إن ترامب لا يملك السلطة لإلغاء الوكالة المنصوص عليها في تشريع الكونغرس، وإن ضمها إلى وزارة الخارجية يجب أن يوافق عليه الكونغرس بموجب القانون.
إعلانوبالمبررات نفسها، رفعت جمعيات العمال الفدراليين دعوى قضائية في السادس من فبراير/شباط 2025، تطلب من المحكمة الفدرالية وقف إغلاق مكاتب الوكالة، وعلى الرغم من ذلك استمرت الإجراءات الرسمية ضد الوكالة، وبدأت الإجازات القسرية لموظفيها في واشنطن وحول العالم فعليا في السابع من فبراير/شباط 2025، ولم يستثن من ذلك إلا 294 موظفا، يشكلون الكادر الأساسي في الوكالة.