أزمة الكهرباء والصيف القادم: مخاوف حقيقية تهدد حياة المواطنين وتزيد معاناتهم - عاجل
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
لا تزال أزمة الكهرباء في العراق واحدة من أبرز التحديات التي تواجه البلاد منذ سنوات طويلة، حيث لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني. ومع اقتراب فصل الصيف، تتزايد المخاوف من تكرار السيناريو المعتاد لانقطاع التيار الكهربائي، مما يفاقم معاناة العراقيين.
وفي هذا السياق، أكد رئيس مركز اليرموك للدراسات والتخطيط الاستراتيجي، عمار العزاوي، في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا ممنهجًا، بعيدًا عن الحلول الترقيعية التي لم تؤدِّ إلى أي تقدم ملموس خلال العقود الماضية.
التخطيط الاستراتيجي أساس الحل
يرى العزاوي أن المشكلة الرئيسية في ملف الكهرباء في العراق تكمن في غياب التخطيط الصحيح ووضع جداول إنجاز واضحة، مشيرًا إلى أن الدول التي تمكنت من معالجة أزماتها في قطاع الطاقة وضعت خططًا طويلة الأمد، والتزمت بتنفيذها ضمن سقوف زمنية محددة.
وأشار إلى أن ملف الطاقة، سواء الكهرباء أو الغاز أو النفط، يجب أن يكون في صدارة أولويات الدولة، مع إشراف مباشر من الجهات العليا، وتحديد نسب الإنجاز بشكل دقيق، لضمان تحقيق تقدم حقيقي ينعكس على حياة المواطنين.
ويؤكد العزاوي أن من أهم عوامل نجاح أي مشروع استثماري أو بنيوي هو وجود رؤية واضحة، وخطط مدروسة، والتزام حقيقي من الجهات المعنية، لافتًا إلى أن الاستمرار في تكرار الخطط القديمة التي لم تحقق أي نتائج ملموسة سيؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلاً من حلها.
المشاكل الرئيسية التي تعيق حل أزمة الكهرباء
هناك العديد من العوامل التي ساهمت في استمرار أزمة الكهرباء في العراق، أبرزها:
1. غياب التخطيط الاستراتيجي: لم تكن هناك خطط طويلة الأمد قائمة على أسس علمية واقتصادية واضحة، مما جعل المشاريع السابقة غير قادرة على تلبية احتياجات المواطنين.
2. الفساد الإداري والمالي: يعد ملف الكهرباء من أكثر القطاعات التي شهدت هدرًا ماليًا كبيرًا بسبب الفساد، حيث تم إنفاق مليارات الدولارات دون تحقيق نتائج فعلية.
3. تهالك البنية التحتية: يعاني قطاع الكهرباء في العراق من شبكات قديمة ومولدات غير كفوءة، مما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الطاقة المنتجة.
4. الاعتماد على استيراد الكهرباء والغاز: لا يزال العراق يعتمد بشكل كبير على استيراد الطاقة من دول الجوار، مما يجعله عرضة لأي ضغوط سياسية أو اقتصادية تؤثر على إمدادات الكهرباء.
5. عدم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة: رغم امتلاك العراق إمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية والرياح، إلا أن الاستثمار في هذا القطاع لا يزال محدودًا جدًا.
ما المطلوب لحل الأزمة؟
من أجل تجاوز أزمة الكهرباء في العراق، يرى الخبراء أن هناك مجموعة من الخطوات الأساسية التي يجب اتخاذها، أبرزها:
-إعادة هيكلة قطاع الكهرباء بشكل شامل، مع تبني نهج جديد يقوم على إدارة حديثة ومستقلة بعيدًا عن التدخلات السياسية.
-الاعتماد على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية، التي يمكن أن تسهم في تقليل الضغط على الشبكة الوطنية.
-تحسين البنية التحتية لشبكات النقل والتوزيع، وتقليل نسبة الهدر في الطاقة المنتجة، التي تصل إلى نسب مرتفعة بسبب تردي خطوط النقل.
-تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الطاقة، من خلال تقديم تسهيلات وضمانات تشجع الشركات العالمية على الدخول إلى السوق العراقية.
-إيجاد حلول بديلة للمولدات الأهلية، التي أصبحت عبئًا اقتصاديًا على المواطنين، من خلال توفير بدائل حكومية بأسعار مدعومة.
-إقرار سياسات واضحة لترشيد استهلاك الكهرباء، ورفع الوعي بأهمية تقليل الهدر في الطاقة.
أزمة الكهرباء في العراق ليست وليدة اليوم، ولكنها نتيجة سنوات من سوء الإدارة والفساد وغياب التخطيط الاستراتيجي. وإذا أرادت الحكومة العراقية تجاوز هذه المشكلة بشكل جذري، فلا بد من نهج جديد قائم على التخطيط السليم والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة. فبدون حلول حقيقية وملموسة، سيبقى المواطن العراقي الضحية الأولى لانقطاع الكهرباء، وسيظل ملف الطاقة أحد أكبر التحديات التي تواجه العراق في المستقبل القريب.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: أزمة الکهرباء فی العراق التخطیط الاستراتیجی
إقرأ أيضاً:
العراق بين شح الأمطار وتغير المناخ.. مخاوف من موسم زراعي كارثي وحلول قيد الانتظار - عاجل
بغداد اليوم - ديالى
مع تأخر موسم الأمطار في العراق وانخفاض معدلات الهطول خلال الأشهر الماضية، تتزايد المخاوف من تأثيرات خطيرة على القطاع الزراعي والموارد المائية، وسط تحذيرات من موسم قد يكون كارثياً إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة وفعالة.
الخبير في الشأن المائي، رمضان حمزة أوضح في حديث خص به "بغداد اليوم"، اليوم السبت (8 شباط 2025)، أن “قلة الأمطار تؤثر بشكل مباشر على الزراعة الديمية التي تعتمد على مياه الأمطار، مما يقلل فرص نجاحها. وكان من الضروري تنبيه المزارعين مسبقاً لاتخاذ تدابير بديلة، مثل الري التكميلي، لمواجهة احتباس الأمطار”.
وأشار حمزة إلى أن التغير المناخي بات يلعب دوراً متزايداً في تغيير أنماط الفصول وهطول الأمطار في العراق، مما يزيد من الجفاف ويؤدي إلى سيول غير منتظمة، في ظل ضعف إدارة الموارد المائية.
دعوات للحلول العاجلة
واقترح حمزة مجموعة من الحلول لمواجهة أزمة المياه، من بينها: ترشيد استهلاك المياه، خاصة في القطاع الزراعي الذي يُعد المستهلك الأكبر، من خلال اعتماد تقنيات الري الحديثة وتطبيق نظام المراشنة، وإعادة تأهيل البنية التحتية المائية، بما في ذلك السدود ومسارات تصريف السيول، وتعزيز التخزين المائي، وتشجيع الزراعة المستدامة عبر سياسات تعتمد على المحاصيل الأقل استهلاكاً للمياه، والانتقال نحو الزراعة الذكية.
وأضاف: "كما أن تحديد حصص مائية عادلة بين المحافظات، لمنع التجاوزات وتعزيز التعاون الدولي مع دول الجوار، لا سيما تركيا وإيران وسوريا، لضمان حصة عادلة من مياه دجلة والفرات، وإعادة إحياء الغطاء النباتي من خلال تشجيع زراعة الغابات وإعادة تأهيل التربة، للحد من تأثيرات التغير المناخي".
وختم حمزة حديثه بالتأكيد على أن "مواجهة هذه التحديات تتطلب استراتيجيات طويلة الأمد، تجمع بين التخطيط الحكومي المدروس والتعاون المجتمعي، لضمان استدامة الموارد المائية وحماية الأمن الغذائي للعراق".