تشهد دور السينما الإسرائيلية، خلال الأيام القادمة عرضا هو الأول من نوعه لفيلم "غولدا"، عن شخصية رئيسة حكومة الاحتلال غولدا مائير، خلال حرب 1973، وكادت أن تقدم على اتخاذ قرارات هستيرية، بسبب الانتكاسة التي عاشتها الدولة خلال تلك الحرب المصيرية.

وقالت شيرال ديللر مراسلة صحيفة مكور ريشون، "إن فيلم (غولدا) للمخرج الإسرائيلي غاي ناتيف الذي حصل على جائزة أوسكار قبل أربع سنوات، محاولة للتعرّف أكثر على الحرب الصعبة التي كادت أن تنهار إسرائيل بسببها، والمرأة التي قادتها على أكتافها لسنوات عديدة، حتى بعد وفاتها تم تصويرها على أنها الشخص الذي يتحمل المسؤولية عن الانتكاسة في تلك الحرب".



وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أن "فيلم (غولدا) ينضم للموجة الضخمة من الأعمال التي تتزامن مع الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973، مع أن أحداث معاركها حلقة في قصة غولدا، رئيسة وزراء إسرائيل السابقة، التي تعتبر من أكثر الشخصيات إثارة في تاريخ دولة الاحتلال".

وتابعت، "لقد واجهت غولدا مائير العديد من الهجمات، وتكونت صورة عامة سلبية عنه رغم أنها كانت تقود حكومة ذكورية وشوفينية بشكل خاص، وكان عليها أن تتخذ قرارا بشأن قضايا أمنية ثقيلة".

وأشارت الكاتبة إلى أن "هناك من يرى غولدا قائدة قوية، لديها قدرة على تحمل المواقف العصيبة، وانعدام الثقة من البيئة حولها، ومن ناحية أخرى هناك من الإسرائيليين من يشيرون للعديد من العيوب في شخصيتها، ويزعمون أنها أدت إلى الحرب الرهيبة".

وبينت، "أن الفيلم يحاول تسليط الضوء على شخصية انقسم الإسرائيليون حولها، ونالت العديد من الانتقادات الكثيرة، مع أنها واجهت صعوبات كبيرة لدى وصولها الى منذ هجرتها، وعاشت سنوات أكثر بؤسا".

ويكشف الفيلم عن "محادثة غولدا مائير خلال حرب يوم الغفران مع وزير الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر، واصفة إياها واحدة من أشهر المحادثات في فترة ولايتها، حيث أجريا محادثات متوترة للغاية، عقب تردد الأمريكيين في مساعدتها، ولم يبالوا بإصرارها على مواجهة نجاح الجيوش المصرية والسورية".



وبحسب ديللر، "فقد ذكرت مائير كيسنجر بمصيره المشترك مع اليهود لكنه لم يعجبه ذلك، وأجابها بكل غضب، (أولا، أنا وزير الخارجية، ثم أنا أمريكي، وفقط في النهاية، أنا يهودي)، لكنها بدلا من شعورها بالحرج، فقد أجابته: "لا بأس يا هنري، نقرأ بالعبرية من اليمين إلى اليسار".

ويؤكد الفيلم أن "غولدا انتهت حياتها بصورة حزينة، لأنها خلال فترة ولايتها مرّت بأحداث صعبة ومرهقة، وعاشت حربا دامية مع خصومها، ولم يعرف الكثير عن الحرب الخاصة في حياتها، حتى قبل أن تبدأ منصب رئيسة الوزراء، حيث تم تشخيصها بسرطان الدم، لكنها رفضت الحديث عن ذلك، وعندما دخلت المستشفى من حين لآخر، أو تلقت العلاج الكيميائي، لم يتم الكشف عن السبب الحقيقي للجمهور، إلا بعد وفاتها" بحسب التقرير.

بالتزامن مع بث الفيلم السينمائي عن غولدا مائير، فقد وصفها بعض الإسرائيليين بالبلاهة احيانا، وتخلط بين المسموح والممنوع، لكنها تظل واحدة من ثلاثة رؤساء وزراء تمتعوا بالكاريزما، بجانب بن غوريون وبيغين، وخطبها السياسية عدوانية شرسة، ووصفها بن غوريون بأنها الرجل الوحيد في الحكومة الإسرائيلية".

وتعد زعيمة حزب العمل، رابع رئيس حكومة، حيث لقّبها الغربيون بـ"أم إسرائيل الحديثة"، رغم تعرضها لضغوط نتيجة حرب أكتوبر، وانهيار أسطورة "الجيش الذي لا يقهر"، وقدمت استقالتها، وتوفيت عام 1978.

واشتهرت غولدا مائير بعدائها المتأصل للفلسطينيين والعرب، فهي القائلة أنها "يمكنني أن أسامح العرب على قتلهم أطفالنا، ولكن لا يمكننا أن نصفح عنهم لإجبارهم إيانا على قتل أطفالهم"، و"كل صباح أتمنى أن أصحو ولا أجد طفلا فلسطينيا واحدا على قيد الحياة". 



وقد "سئلت عن أسوأ يوم وأسعد يوم في حياتها، فقالت: أسوأ يوم حين تم إحراق المسجد الأقصى؛ لأنني خشيت من ردة الفعل العربية والإسلامية، وأسعد يوم هو التالي؛ لأنني رأيت العرب والمسلمين لم يحركوا ساكنا".

وقالت عن حرب أكتوبر إنني "سأظل أحيا بهذا الحلم المزعج بقية حياتي، ولن أعود نفس الإنسانة مرة أخرى التي كنتها قبل الحرب"، وعن نظرتها التوسعية، فقد وقفت على شاطئ خليج العقبة قائلة إنني "أشمّ رائحة أجدادي في خيبر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال غولدا مائير حرب أكتوبر فلسطين الاحتلال حرب أكتوبر غولدا مائير صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة غولدا مائیر حرب أکتوبر

إقرأ أيضاً:

الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها

أن القراءة الصحيحة للواقع و متغيراته، و بعيدا عن الميول العاطفية و تدخلاتها في القراءة، إلي جانب معرفة قدرات القوى المؤثرة في هذا الواقع، و دورها في إدارة الأزمة، و معرفة قدراتها التكتيكية، قياسا مع قدرات القوى الأخرى، هو الذي يقود إلي النتائج الأقرب إلي الصواب من غيرها.. أن القوى السياسية و حتى الموالين لها يحاولون أن يبنوا توقعاتهم على دور الأخر في العملية السياسية، و ليس على الشعارات التي يرفعونها، و يعجزون عن كيفية إنزالها على الواقع.. و ذلك يعود إلي؛ أن القوى الفاعلة التي تملك مشروعا سياسيا و مؤمنه به، و تريد أنجازه يصبح الشعار نتاج للمشروع الذي تقدمه و يعبر عنه عن الهدف منه.. و الخطأ الذي وقعت فيه القوى السياسية التي قبضت على مفاصل السلطة بعد سقوط نظام الإنقاذ، أنها ترفع الشعار ثم بعد ذلك تحاول أن تبني عليه مشروعها السياسي. و هذا يدل على قصور مفاهيي للعملية السياسية، و أيضا عدم النضج السياسي..
القضية الأخرى أيضا: أن أي تغيير في الواقع سوف يؤثر في نتائج أي مشروع إذا لم تعاد مراجعته لكي يتكيف مع المتغرات الجديدة، و بدون نقع في فخ التنظير الذي ربما لا يفهم، تعالوا نقيس على تجربة الحكم منذ انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989م، أن القوى السياسية المعارضة كونت تحالفها " التجمع الوطني الديمقراطي" لمنازلة النظام سياسا و عسكريا. الذي حدث أن الصراع الذي حدث داخل السلطة " الحركة الإسلامية" أدى إلي انقسام طولي في قيادة و قاعدة النظام " المفاصلة 1999" المتغيير حدث في النظام، ماذا حصل بعد ذلك؟ أن القيادات في النظام بحثت عن تحالفات من خارج الحركة الإسلامية لكي تحدث ضعفا في تحالف المعارضة، فتحت حوارا مع الحزب الاتحادي " زين العابدين الهندي" الذي أصبح شريكا في النظام ثم حزب الأمة مجموعات " مسار و الصادق الهادي و غيرهم".. إلي جانب قيادات الحركة الشعبية " ريك مشار و لام أكول" و بالفعل استطاعت أن تغير المعادلة السياسية، ثم فتح حوارا فيما بعد مع مجموعة حركة تحرير السودان و العدل و المساواة و استطاعت أن تحدث فيهم انشقاقات، أيضا بهدف إضعافها و خلق صراعا داخلها، كل ذلك يحدث تغييرا في المعادلة السياسية، ثم أقنعت مبارك الفاضل و التجاني السيسي و هي قيادات في حزب الأمة.. أضعفت المعارضة تماما حتى تمت تفاقية "نيفاشا" 2005م و شاركت كل القوى في الإنقاذ هذه المتغيرات لابد أن تحدث متغيرات في قيادة العمل السياسي..
بعد الثورة و سقوط الإنقاذ في 11 إبريل 2019م: ظهرت قيادات جديدة على الساحة السياسية، و فرضت نفسها على الواقع بحكم المتغيرات التي حدثت في الساحة السياسية، حتى القيادي على محمود حسنين و صديق يوسف و الصادق المهدي لم يجد حديثهم طريقا لآذان القوى الجديدة، و هذا كان متغيرا كبيرا في الواقع السياسي، القيادات الجديدة التي برزت كانت تجربتهم السياسية حديثة الميلاد، و إدارة الأزمة كانت تحتاج إلي عناصر ذات تجارب واسعة لكي تتغلب على التحديات، و لكن التجربة أكدت أن هؤلاء لم يقرأوا الساحة قراءة صحيحة و لم يتعرفوا على متغيراتها، و لم يكونوا على وعي بالتحديات التي سوف تواجه النظام الجديد..
أن أية عملية تغيير سوف تواجه بتحدي من قبل القوى المحافظة و القوى التي ارتبطت مصالحها بالنظام القديم، و لابد من معرفة الأدوات المطلوبة لعملية نجاح التغيير، إلي جانب المحافظة على القوى الشعبية المؤيدة، كل ذلك لم يحدث..! .. حتى القوى الداعمة للنظام الجديد من المثقفين و آهل الرأي الأغلبية منهم ساروا وراء الشعارات و العواطف، و لم يستطيعوا أن يمارسوا النقد بهدف التصحيح، لذلك أصبحوا هم أنفسهم أزمة جديدة على الواقع السياسي.. و البعض الأخر ابتعد لأنهم لم يجدوا آذان صاغية..
كان هناك فارقا كبيرا بين القوى الجديدة ذات التجربة الحديثة، و بين المعارضين الذين أكتسبوا تجربة كبيرة من خلال وجودهم ثلاثين عاما في السلطة.. الفارق يتبين في عملية كيفية إدارة الصراع، و كيفية استخدام التكتيك لكي يصب في المجرى العام للإستراتيجية التي تتبناها، غياب الرؤية تشكل أكبر عقبة في مسيرة العمل السياسي لأنها تجعل صاحبها مرهون في عمله على الأحداث حيث يصبح هو يعلق عليها و لايصنعها، فالذي يصنع الحدث هو الذي يتحكم في مسار العمل السياسي، لذلك عندما يصيح الكل " الكيزان و الفلول وراء الفشل و عدم الانجاز" هذا يعني هم الذين يتحكمون في مسار العملية السياسية، و هم الذين يصنعون المادة التي يفكر فيها الآخرين..
أن الحرب قد وقعت و أثرت على قطاع كبير من المواطنين.. و هذا يعد متغييرا ليس بالساهل معرفة إفرازاته المستقبلية، إذا كانت النخب السياسية محصورة في طريقة تفكير واحدة، أن تجد تبريرات إلي أخطائها، و ماتزال تعتقد أن الأحداث تسيرها جهة واحدة، سوف تصبح غير مدركة للمتغيرات التي سوف تحدث في الساحة السياسية مستقبلا.. أن الحرب سوف تفرز متغيرات سياسية كبيرة، و أيضا سوف تبرز منها قيادات جديدة و هذه القياات سوف تكون مدعومة بقطاع واسع من المجتمع و خاصة الشباب الذين يحملون السلاح و يقتلون مع الجيش، و الذي يقدم روحه رخيصة من أجل الوطن لن يكون متساهلا في مستقبلا في العملية السياسية.. و هذا الواقع محكومة أيضا بدرجة الوعي التي يكسبها هؤلاء الشباب بحملهم للبندقية، و معرفة في الأدب السياسي اليساري أن البندقية تعد من أعلى درجات الوعي السياسي.. أن الحرب بالضرورة متغيرا كبيرا له شروطه، لأنها لا تقف فقط في حدود هزيمة الجانب الأخر فقط بل عدم السماح له بأي ممارسة يمكن أن تقود مستقبلا للحرب، و هي المسألة التي تحاج للوعي... نسأل الله حسن البصيرة...

zainsalih@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • الفريق أسامة المندوه لـ «حقائق وأسرار»: شاهدت نظرات الانكسار والهزيمة في عيون قادة إسرائيل بعد أكتوبر 73
  • أمم متحدة جديدة
  • دعم شعبي ثابت في الدول العربية للفلسطينيين من دون تأثير على الحكومات
  • عاجل | "الشيكل يصل القاع".. سيناريوهات تأثير استمرار الحرب على اقتصاد إسرائيل
  • نصر أكتوبر.. اللواء عصام عبدالحليم يكشف كيف نجحت القوات المسلحة في فتح ثغرات الساتر الترابي
  • لطفي لبيب عن نصر أكتوبر: بعد عودتي من الحرب والدتي صغرت 50 سنة
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • بحث يكشف تأثير العلاج الهرموني البديل على القلب
  • خبير عسكري يكشف تأثير الضربة الإيرانية وموعد الرد الإسرائيلي
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها