حذر الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، من خطورة تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة وتحويلها إلي جحيم، معتبراً إياها تحريضاً مباشراً على ارتكاب جرائم حرب وتهديداً خطيراً للسلم والأمن الإقليميين.

وقال الدكتور مهران في تصريحات صحفية، إن تصريحات الرئيس ترامب بشأن إطلاق الجحيم في غزة وتهديده بوقف المساعدات عن مصر والأردن تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتحريضاً على جرائم حرب، وتتطلب تدخل عاجل من الجنائية الدولية، موضحا ان هذه التصريحات تكشف عن جهل عميق بطبيعة العلاقات الدولية والتزامات الدول بموجب القانون الدولي.

وأضاف أستاذ القانون الدولي أن المساعدات الأمريكية لمصر ليست منّة أو هبة، بل هي جزء من التزامات متبادلة ترتبط بعضها باتفاقية كامب ديفيد ودور مصر المحوري في حفظ توازن المنطقة، مبيناً ان محاولة استخدام هذه المساعدات كأداة ابتزاز سياسي تعكس فهماً قاصراً لطبيعة العلاقات الدولية.

وحول التهديدات الموجهة للفلسطينيين، أكد مهران ان دعوة ترامب لإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار وتحويل غزة إلى جحيم تمثل تحريضاً مباشراً على ارتكاب جرائم حرب، مشددا علي ان هذه التصريحات تدخل في نطاق الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية، مشددا علي ضرورة التزام كل الأطراف بالاتفاق وعدم خرقه.

وشدد الخبير الدولي على أن الوضع الراهن يستدعي تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، التي نشأت عام 1950، في أعقاب احتلال الأراضي الفلسطينية، وما مثله ذلك من تهديد للأمن القومي العربي، مشيرا الي ان آنذاك وقعت عليها جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وكان الهدف الرئيسي منها إنشاء نظام دفاعي جماعي لحماية الأمن القومي العربي.

ويوضح مهران ان الاتفاقية تستند إلى مبدأ جوهري مفاده أن أي تهديد او اعتداء مسلح على أي دولة عربية يعتبر اعتداءً على جميع الدول العربية، مشيرا إلي ان الاتفاقية في مادتها الثانية تنص صراحة على أن أي اعتداء على دولة عربية يعتبر اعتداءً على جميع الدول الأعضاء، مشددا علي أن التهديدات الموجهة لمصر والأردن تستوجب موقفاً عربياً موحداً.

ولفت مهران إلي آليات تفعيل الاتفاقية قائلاً: تنص المادة الثالثة من اتفاقية الدفاع العربي المشترك على التزام الدول الأعضاء بالتشاور فوراً عند وقوع تهديد لأي منها، واتخاذ التدابير اللازمة، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية لرد العدوان.

وفي سياق متصل أشاد مهران بـموقف مصر الثابت في دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة ورفض مخططات التهجير القسري، مؤكدا ان بيان وزارة الخارجية المصرية يؤكد التزام مصر بالقانون الدولي وحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

كما أوضح انه يجب على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم من هذه التصريحات التحريضية، معتبرا الصمت على مثل هذه التهديدات يشجع على المزيد من انتهاكات القانون الدولي وتقويض السلم والأمن الدوليين.

شدد الدكتور مهران على أن الوضع الحالي يستدعي تشكيل قوة عربية موحدة لردع أي محاولات للمساس بالأمن القومي العربي، مؤكدا أن التكاتف العربي في هذه المرحلة الحرجة ضرورة حتمية لحماية المصالح المشتركة ومواجهة التحديات الإقليمية.

كما نوه إلي أن الوقت قد حان لاستخدام الدول العربية أوراق الضغط الاقتصادي والسياسي التي تمتلكها، مشيرا الي ان الأمر لا يتعلق فقط بالمصالح السياسية، بل يرتبط بالتزامات قانونية دولية تفرض على الدول اتخاذ تدابير لمنع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ويضيف مهران ان الدول العربية تمتلك أدوات ضغط اقتصادية قوية، بدءاً من إمكانية تعليق الاتفاقيات التجارية والأمنية الثنائية، مروراً بتقليص التبادل التجاري، وصولاً إلى استخدام سلاح النفط، موضحا ان هذه الخيارات مشروعة وفقاً للقانون الدولي كإجراءات مضادة لمواجهة الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي، مطالبا بالتلويح بهذه الخيارات بداية.

وفي ختام تصريحاته شدد على أن تجميد العلاقات الدبلوماسية وتعليق الاتفاقيات الأمنية والاستخباراتية، فضلاً عن وقف تصدير المواد البترولية، كلها أدوات ضغط فعالة يمكن أن تدفع المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه حماية المدنيين في غزة، لافتاً إلي أن التاريخ يثبت أن الضغط الاقتصادي المنسق يمكن أن يحقق نتائج ملموسة في تغيير السياسات العدوانية.

اقرأ أيضاًترامب: أوكرانيا قد تصبح روسية يوما ما

ترامب: الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي في حال استمرار احتجاز الرهائن

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين غزة المساعدات الأمريكية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القانون الدولی للقانون الدولی الدول العربیة على أن

إقرأ أيضاً:

بالذكاء الاصطناعي .. الشركات الأمريكية شاركت إسرائيل جرائم الإبادة في غزة 

 

الثورة  / متابعات

أثارت قضية المبرمجة المغربية ابتهال أبو السعد في شركة “مايكروسوفت” الأمريكية مسألة دعم الشركات التكنولوجية لإسرائيل في إبادتها الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023م عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

واتهمت أبو السعد إدارتها بالمشاركة بالإبادة التي ترتكبها إسرائيل بغزة، قائلة إن أيدي الشركة “ملوثة بدماء الفلسطينيين”، وذلك لدى مقاطعتها كلمة للمدير التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت مصطفى سليمان، كان يلقيها بواشنطن خلال احتفال بمرور نصف قرن على تأسيس الشركة.

وقالت المبرمجة في مقطع مصور نشر في 5 أبريل الجاري وثق الواقعة: “أنتم تجار حرب، توقفوا عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية”، كاشفة أن مايكروسوفت “تزود إسرائيل ببرمجيات الذكاء الاصطناعي التي توظفها في العدوان على الفلسطينيين”.

وفي الحفل نفسه وخلال تواجد المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت بيل غيتس والرئيس التنفيذي السابق للشركة ستيف بالمر والرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا على المنصة، صاحت فانيا أغراوال زميلة أبو السعد قائلة: “عار عليكم جميعا، أنتم جميعا منافقون.. عار عليكم جميعا أن تحتفلوا فوق دمائهم، اقطعوا علاقاتكم مع إسرائيل”، ليتم إخراجها من الحفل.

وفي 7 أبريل الجاري، أفادت قناة»CNBC» الأمريكية في خبر نشرته عبر موقعها، أن مايكروسوفت فصلت أبو السعد وأغراوال، إثر احتجاجهما ضد الخدمات التي توفرها الشركة لإسرائيل.

استغلال الذكاء الصناعي للقتل

يقول الخبير المغربي المتخصص بالمجال الرقمي والتواصل عبد الحكيم أحمين، إن الذكاء الاصطناعي “تسبب بمقتل نحو 75% من ضحايا الحرب بغزة وفق دراسات حديثة”.

وأضاف أن “أسباب دعم الشركات التقنية لإسرائيل متعددة، منها الاستثمار المالي في مشاريع داخل إسرائيل”، مشيرا إلى أن “هناك العديد من الشركات الكبرى التي مولتها الشركات المالية الأمريكية، مثل ميكروسوفت وأمازون وغوغل وغيرها”.

وأوضح أحمين، أن هذه الشركات “استثمرت بشكل كبير داخل إسرائيل، مما يعد دعما مباشرا لها”.

وبحسب الخبير، فإن “الشركات الرقمية ساهمت بتطوير مهارات بحثية وتقنيات معلوماتية تسعى من خلالها إسرائيل للحصول على معلومات بطرق متعددة، ولعل برنامج بيغاسوس خير مثال على ذلك، حيث يراقب المعارضين بالداخل والخارج”.

وبرنامج “بيغاسوس” من صنع شركة “إن إس أو” الإسرائيلية التي تأسست عام 2010م، والتي تتخذ من تل أبيب مقرا لها.

ومنذ عام 2021م نشرت وسائل إعلام دولية تقارير تشير إلى استخدام “بيغاسوس” من قبل العديد من الدول للتجسس على معارضين وصحفيين وناشطين اجتماعيين وسياسيين حول العالم.

دعم تقني وتتبع حركات الفلسطينيين

أحمين أوضح أن “الدعم التقني لإسرائيل يتجسد في عدة أشكال، منها مشروعات تقوم على تقديم خدمات الذكاء الاصطناعي تسمح بمراقبة واسعة للفلسطينيين بالضفة وغزة، حيث يستعمل الاحتلال الإسرائيلي مجموعة من التقنيات لمراقبة جميع سكان فلسطين”.

وأضاف أن من بين ذلك “مشروع نيمبوس، وهو خدمة من طرف شركة غوغل وغوغل كلاود بلاتفورم، حيث يوفر هذا لإسرائيل سلاحا رقميا لمراقبة الفلسطينيين وتتبعهم، علما أن هذه الخدمة تعمل على افتراض أن جميع الفلسطينيين ممكن أن يقوموا بمشاريع أو أنهم أعضاء في حركات المقاومة الفلسطينية”.

وذكر أن المشروع “يضع تصنيفا من 1 إلى 100 للفلسطينيين سواء بغزة أو الضفة، مما يسمح لإسرائيل بمراقبة والقيام بمسح جميع الفلسطينيين وتتبع تحركاتهم، بل ساهم هذا في توفير حيثيات عن مكان وجود الفلسطينيين من أجل استهدافهم بغارات”.

وأظهر تحقيق أجرته وكالة “أسوشيتد برس” مطلع 2025م أن شركتي “مايكروسوفت” و”أوبن إيه آي” تستخدمان نماذج ذكاء اصطناعي في إطار برنامج عسكري إسرائيلي لاختيار أهداف القصف خلال الحرب على غزة ولبنان”.

وواجهت شركات ومؤسسات تعليمية أخرى احتجاجات لعلاقاتها مع إسرائيل في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة جراء الإبادة الجماعية في غزة.

الخوارزميات بخدمة إسرائيل

أوضح الخبير المغربي أن “من بين أشكال الدعم الخوارزميات، حيث تساعد شركات الذكاء الاصطناعي في الوصول إلى العديد من المعلومات بشكل سريع، وإن كان الأمر بطريقة تجانب القانون الإنساني”.

ولفت إلى أن “هذه الخوارزميات التي تستغلها هذه الشركات يتم تغذيتها بمعلومات عن الفلسطينيين، والتعرف عليهم باعتبارهم أهدافا عسكرية”.

وقال: “عندما تصل المعلومة إلى الجيش الإسرائيلي فإنه يستهدف العينة التي تصله كونها أهدافا عسكرية رغم أنها مدنية، وتدعي تل أبيب أنها تتعقب وتستهدف انطلاقا من أوامر آلية، حتى لا تقع تحت محاسبة القانون الدولي الإنساني”.

وبحسب أحمين، فإن “التقنية الأخرى التي تستغلها إسرائيل في حربها على غزة هي تقنية التخزين السحابي، وهي وسيلة لتخزين كميات كبيرة من المعلومات الرقمية عما يريد الاحتلال التعرف عليه، علما أن عملية التخزين تستغلها خوادم تستهدفها مواقع عسكرية إسرائيلية”.

وأشار إلى أن “هذه السواحب تتضمن تطبيقات تحدد أهداف غارات وتفجيرات، وتسمح بتخزين مشاهد حية ملتقطة من الطائرات المسيرة، وتسمح بتصوير قطاع غزة والضفة وتسهيل إطلاق النار والسيطرة عن البعد”.

ولفت أحمين إلى أن “هذه المقدرات تعتمد على الذكاء الاصطناعي مما يمكن الاحتلال أن يحصل على معلومات كبيرة وضخمة يتم تخزينها”.

مزودو التخزين السحابي

وقال إن “ميكروسوفت كانت المزود الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي لخدمات التخزين السحابي، بالإضافة إلى غوغل وأمازون غيرها من الشركات الرقمية التي زودت إسرائيل بهذه الخدمات”.

وأضاف أن “شركات أمريكية وأوروبية زودت إسرائيل بتقنيات لممارسة الإبادة الجماعية”.

كما “استعملت شركة ميتا خوارزميات لتعقب السردية الفلسطينية، محاولة حجبها ومحاربتها وعدم ظهورها، مقابل الترويج للسردية الإسرائيلية”.

وأضاف الخبير المغربي أن “ميتا ساهمت في التشويش على مهام وأدوار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عالميا، كما أظهرت تقارير سابقة ذلك”.

وبالتوازي مع الإبادة بغزة، يخوض الاحتلال الإسرائيلي والقوى الداعمة له حربا على المحتوى الفلسطيني بشبكات التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي.

ذريعة العلاقة التجارية

“العلاقة التي تربط الشركات وإسرائيل مغلفة بطابع تجاري، خاصة أن الشركات لديها منتجات تريد بيعها لفائدة إسرائيل”، وفق الخبير المغربي.

وأضاف أن “الشركات الأمريكية تسعى للربح، لذلك لا يهمها أي شيء قيمي أو أخلاقي أو حقوقي.

وأوضح الخبير أن هذا لا يخفي الشراكة الخفية التي تتمثل بوجود قادة مدراء وموظفين مزودجي الجنسية، ولديهم ميول سياسية ودينية تناصر إسرائيل، مما يجعلهم يدعمونها بالتقنيات ويوفرون خدمات لها”.

 

مقالات مشابهة

  • لأول مرة.. البورد العربي يُعتمد في أوروبا برئاسة عراقية
  • البرلمان العربي يناقش مشروع قانون استرشادي لمكافحة الهجرة غير المشروعة في الدول العربية
  • توازن
  • أين تقع القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط وأكبرها في دولة عربية ؟ وما هي التعزيزات التي أرسلها ترامب
  • تأييد دولي لجهود المملكة في التحضير لمؤتمر تسوية القضية الفلسطينية
  • بالذكاء الاصطناعي .. الشركات الأمريكية شاركت إسرائيل جرائم الإبادة في غزة 
  • «المجاعة» تفتك بأهل غزة ومطالبات بتحرك دولي
  • تأييد دولي لجهود المملكة وفرنسا في التحضير للمؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية
  • البرلمان العربي يؤكد ضرورة التزام الدول بتوفير الدعم للأونروا
  • البرلمان العربي يدعو لموقف دولي حازم ضد جرائم الاحتلال في فلسطين