العراق يفاوض سوريا الجديدة بشأن الحصص المائية لنهر الفرات
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
كشفت لجنة الزراعة والمياه النيابية، اليوم الثلاثاء (11 شباط 2025)، عن إجراء مفاوضات مع الجانب السوري حول الحصص المائية لنهر الفرات، وذلك في إطار الجهود المبذولة لضمان تدفق مياه النهر إلى العراق بشكل عادل ومنصف.
وأكد عضو اللجنة النائب ثائر الجبوري في حديث لـ"بغداد اليوم" أن "ملف مياه نهر الفرات يعد من الملفات المهمة والاستراتيجية التي توليها الحكومة العراقية اهتماماً كبيراً.
وأوضح الجبوري أن "قوات قسد كانت تسيطر على أحد السدود الواقعة على نهر الفرات، مما أدى إلى قطع المياه عن العراق لفترات طويلة، لكن الوضع تحسن حالياً مع زيادة الإطلاقات المائية باتجاه العراق".
وأضاف أن "المفاوضات مع الجانب السوري تركز على تعزيز الإطلاقات المائية وتقليل أزمة الجفاف التي عانى منها حوض الفرات في السنوات الأخيرة". كما أشار إلى أن "العراق عالج أزمة الجفاف جزئياً من خلال نقل المياه من نهر دجلة إلى نهر الفرات عبر ما يعرف بذراع نهر دجلة".
وأوضح الجبوري أن "الحكومة العراقية تسعى جاهدة لضمان حصول العراق على حصته العادلة من مياه نهر الفرات، خاصة أن النهر يغذي مناطق واسعة تضم ملايين السكان، بالإضافة إلى القطاع الزراعي والقطاعات الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على المياه".
وكان قد كشف رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية فالح الخزعلي للجريدة الرسمية عن متابعة اللجنة لملف المياه مع دول الجوار، بما في ذلك ملف إنعاش الأهوار والتوزيع العادل للمياه.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: نهر الفرات
إقرأ أيضاً:
هل تنجح سوريا الجديدة في تجاوز إرث النظام المخلوع بالعلاقات الخارجية؟
تشهد دمشق منذ سقوط النظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي حراكا دبلوماسيا مكثفا، وذلك في إطار تأسيس علاقات خارجية قائمة على التعاون والتحالف وتجاوز إرث النظام السابق.
يتجلى هذا الحراك في استقبال عشرات الوفود الإقليمية والدولية، التي يبدو أنها تجاوزت تصنيف هيئة تحرير الشام في خانة المنظمات الإرهابية، في مشهد عكس ترحيبا حذرا من المجتمع الدولي بالتحول التاريخي الذي شهدته البلاد.
ولعبت رسائل الطمأنة التي بعث بها الرئيس السوري أحمد الشرع إلى دول الإقليم منذ بداية عملية "ردع العدوان" دورا مهما في رسم دبلوماسية سورية جديدة تقوم على الحوار واستعادة الثقة مع الشركاء الإقليميين والدوليين، بعيدا عن التجاذبات والاصطفافات الإقليمية.
وترجم ذلك جهود وزير الخارجية أسعد الشيباني، والمشاركات الرسمية في المنتديات الدولية التي تحضر سوريا في بعضها لأول مرة.
وفي خضم هذه الجهود، يبقى السؤال قائما عما إذا كانت سوريا الجديدة ستتمكن من تغيير مسارها السياسي الخارجي وتجنب المشاكل الإقليمية والدولية، أم أن الإرث السياسي الذي ورثته هذه الإدارة من نظام بشار الأسد وأبيه حافظ، مع وجود تحديات داخلية وخارجية قد تقف حجر عثرة أمام هذا التحول؟
لا تقتصر تركة الفساد والخراب التي ورثتها الإدارة الجديدة في دمشق على الملفات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وإنما ورثت أيضا -على المستوى الخارجي- سياسة قائمة على تحالفات مغلقة واصطفافات أيديولوجية حادة، تدار غالبا بعقلية أمنية هدفها حماية النظام، من خلال نسج علاقات قائمة على الولاء مع إيران وروسيا مثلا، على حساب المصالح الاقتصادية والتنموية لسوريا بشكل عام.
إعلانويرى كثير من المراقبين أن هذه السياسة أضعفت موقع سوريا الدبلوماسي، وأفقدتها القدرة على المناورة وبناء علاقات إقليمية ودولية، تتناسب مع موقع سوريا الجيوسياسي.
ويوضح الباحث في مركز حرمون للدراسات، محمد السكري، أنّ "تركة الأسدية" في الخارجية السورية، كانت مبنية على سردية الاستبداد التي تنطلق من التوسع الخارجي وإشغال المجتمع السوري بصراعات الإقليم لصرف نظرهم عن التنمية.
كما صاغ الأسد الأب والابن اصطفافاتهما الخارجية انطلاقا من البراغماتية الشخصية، وليست "الوطنية"، مما جعل النظام مع الوقت رهن التحالفات الإقليمية والدولية كأداة لصراعات دول ومحاور أخرى، كما يقول السكري للجزيرة نت.
وعن أسباب اضطراب العلاقات السورية مع المحيط، يقول السكري "إن نظام الأسد أدخل البلاد ضمن ثنائية الأمن مقابل الدعم، مانحا لكل من إيران وروسيا امتيازات مركبة على حساب الأمن القومي السوري وسيادة الدولة، لتتحول سوريا بذلك إلى مسرح تنطلق منه الاستفزازات والصراعات الإقليمية وأحيانا الرسائل الدولية".
وخلصت ورقة تحليلية لمركز الجزيرة للدراسات بعنوان "سوريا الجديدة.. تموضعها الإقليمي وعلاقاتها الخارجية"، إلى أن سقوط بشار الأسد أعاد لسوريا فرصة التموضع مجددا على المستوى الإقليمي والدولي بعد قرابة عقدين من التماهي مع النفوذين الإيراني والروسي والانقطاع عن المحيط العربي فضلا عن الدولي.
صفر مشاكل
يرى مراقبون أن رؤية الإدارة الجديدة في سياستها الخارجية مستوحاة من سياسة "صفر مشاكل" التي تبناها حزب العدالة والتنمية التركي عند تسلمه السلطة، والتي ركزت على تصفير المشكلات مع دول الجوار والعالم، وتجاوز الخلافات وتطوير العلاقات من خلال إبرام شراكات اقتصادية وعسكرية واسعة.
ويقول مدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري، أحمد قربي، إنه منذ بداية عملية "ردع العدوان" كان واضحا من خلال الخطاب الإعلامي أن سوريا حاليا في مرحلة بناء، وليست مهتمة بالصراع مع أي طرف، متبعة في ذلك منهجية تقوم على "تصفير المشاكل" بالحد الأدنى، حتى مع الدول التي كانت تعادي الثورة السورية، مثل روسيا وإيران والعراق.
إعلانويضيف قربي -في حديثه للجزيرة نت- أن سوريا تسعى من خلال هذه السياسة إلى بناء تحالفات مبنية على احترام سيادة الدول والقانون الدولي وحقوق الإنسان، والتوجه نحو التركيز على "التنمية المستدامة" من خلال نسج علاقة متوازنة مع العمق الإقليمي السعودي التركي بخطى ثابتة، وبالقدر ذاته مع روسيا لكن بحذر، وتعمل أيضا على استعادة الثقة مع الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي.
من ناحيته، يشير الباحث السكري إلى أن تطبيق هذه السياسة ليس بهذه السهولة، ويحتاج إلى تراكم خبرات وحنكة كبيرة، لكن مع ذلك يمكن الاستفادة من سياسة "صفر مشاكل" التركية، مع مراعاة اختلاف الهوية الجغرافية والإرث السياسي والظروف السياسية بالنسبة للوضع السوري الحالي.
ويتابع السكري أنه على الرغم من حاجة البلاد إلى "صفر أعداء"، فإنه لن يكون بوسعها أن تكون صديقا إستراتيجيا للجميع، مما يعني أنَّ تحديد البوصلة الإستراتيجية سيكون -عاجلا أم آجلا- استحقاقا وليس خيارا، لاعتبارات عديدة أهمُّها الاستقطاب الدولي المتصاعد، والشروط الغربية الواضحة والحازمة، وحداثة عهد الإدارة الجديدة وتركة الحرب الثقيلة التي تتعامل معها.
وفي تصريحات صحفية لخصت نهج السياسة الخارجية الذي تسعى سوريا الجديدة لانتهاجه في العهد الجديد، قال الرئيس الشرع إن "الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام، ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر، ولن تكون سوريا منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان، ونسعى إلى بناء علاقات إستراتيجية فاعلة مع هذه الدول".
وإضافة إلى زيارات الرئيس الشرع إلى السعودية وتركيا والإمارات وقطر، أجرى وزير الخارجية السوري الشيباني منذ تولي مهام منصبه عديدا من الجولات المكوكية بهدف ترميم العلاقات السورية على الصعيد الإقليمي والدولي، إضافة إلى مشاركته خلال هذه الزيارات بمؤتمرات دولية وإقليمية، منها مؤتمر ميونخ للأمن ومؤتمر دافوس الاقتصادي ومؤتمر باريس بشأن سوريا.
إعلانلم يكن الحراك الدبلوماسي المكثف للإدارة السورية الجديدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من استلامها السلطة مجرد تبادل للزيارات أو رسائل حسن نية، فقد ساهم إلى حد كبير في كسر العزلة المفروضة على سوريا، وتخفيف بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، بالإضافة إلى بناء وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع القوى الإقليمية والدولية.
كما أعادت عديد من الدول افتتاح سفاراتها في دمشق، من بينها تركيا وإيطاليا والسعودية ومصر والعراق والأردن وسلطنة عمان والإمارات وقطر والاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت كندا تعيين سفيرتها في بيروت سفيرة غيرة مقيمة في دمشق، مما يعكس اعترافا دوليا متصاعدا بالسلطات السورية الجديدة.
وفي خطوة مشروطة، أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق عدد من العقوبات المفروضة على سوريا خلال عهد النظام المخلوع، مستهدفا قطاعات المصارف والطاقة والنقل.
وأصدرت الولايات المتحدة إعفاء من العقوبات على معاملات الطاقة والتحويلات الشخصية في سوريا لمدة 6 أشهر في محاولة لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية عقب سقوط نظام الأسد.
وأسفر الحراك الدبلوماسي السوري أيضا عن عودة سوريا إلى منظمة التعاون الإسلامي بعد 13 عاما من تعليق عضويتها، بالإضافة إلى استعادة عضويتها الكاملة في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو".
قبول دولي حذررغم الزخم الدبلوماسي، والنتائج الملموسة التي بدأت تتشكل على الأرض، فإن التعاطي الأوروبي والأميركي مع الإدارة الجديدة لا يزال محكوما بالحذر والترقب، ومرتبطا بتلبية الشروط المفروضة على دمشق، وهذا ما جعل الغرب يتفادى بشكل عام حتى الآن منح شرعية سياسية كاملة للإدارة الجديدة، في انتظار اختبارات تتعلق بالانتقال السياسي، وحقوق الأقليات، إضافة إلى الملفات الأمنية.
وكانت تصريحات أوروبية وأميركية متكررة شددت على أن الانفتاح على الإدارة الجديدة لا يعتبر قبولا تاما، بل هو "مقاربة واقعية" للتعامل مع الأمر الواقع.
إعلانوفي هذا السياق، رفضت الولايات المتحدة خلال مؤتمر باريس الخاص بسوريا منتصف فبراير/شباط الماضي التوقيع على "الإعلان" الذي وقعه جميع المشاركين، والسبب في ذلك، وفقا لمراقبين، هو تحفظ واشنطن إزاء هيئة تحرير الشام والهيئات التي تشكلت منذ سقوط نظام بشار الأسد.
وكانت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أكدت -يوم 14 أبريل/نيسان الجاري- أن الاتحاد أجرى "نقاشا مكثفا" بشأن سوريا خلال اجتماعات وزراء الخارجية في لوكسمبورغ، ركز على مسألة الاستمرار في تخفيف العقوبات المفروضة على دمشق.
وشددت في مؤتمرها الصحفي على أن الاتحاد لم يلحظ "خطوات كثيرة من القيادة الجديدة في دمشق"، معتبرة أن "مستقبل سوريا لا يزال هشا، لكنه لا يزال يحمل بعض الأمل".
من ناحيته، يرى الباحث قربي أن انفتاح الإدارة الجديدة وحراكها الدبلوماسي يساهم بشكل كبير في منحها شيئا من الشرعية من جهة، وفي تخفيف العقوبات من جهة ثانية، غير أن الاعتراف الكامل بها رسميا يرتبط بشكل أساسي بتحقيق تقدم ملموس في الاستحقاقات السياسية والأمنية المطلوبة.
وفي الحديث عن الشرعية، يؤكد السياسي السوري ياسر العيتي -في حديثه للجزيرة نت- أن أهم جانب يجب أن تدركه الإدارة الجديدة هو أن نجاح الحكم في البلد لا يعتمد فقط على الدبلوماسية الخارجية، وأخذ الشرعية من الدول فقط، ولكن يعتمد أيضا على وجود شرعية داخلية حقيقية، من خلال تحقيق مشاركة أوسع لمكونات المجتمع السوري في عملية الانتقال السياسي.
يرى مراقبون أن الطريق أمام الإدارة السورية ليس معبدا في سعيها لبناء دبلوماسية فاعلة وبناء علاقات خارجية متوازنة، في ظل وجود دولة إقليمية متضررة من انتصار الثورة السورية كإيران، إضافة إلى تشابك المصالح الإقليمية والدولية من جهة، وهشاشة الوضع الداخلي السوري على جميع المستويات الاقتصادية والأمنية والسياسية من جهة أخرى.
إعلانوأمام تلك المصالح المتشابكة، يتمثل التحدي الأبرز الذي تواجهه الإدارة السورية الانتقالية بتحويل ودفع سوريا من مسرح لتضارب المصالح الإقليمية والدولية إلى ساحة لبناء التوافقات وتقاطع المصالح، عبر فهم دقيق لخريطة المصالح المختلفة ومقاربتها للأولويات الوطنية، والانطلاق من تحالفات إستراتيجية واضحة تساهم في ضمان الاستقرار والأمن الوطني، وتجنيب السياسة الخارجية لعبة التوازنات بين المحاور، وذلك بحسب دراسة صادرة عن مركز عمران للدراسات في العاشر أبريل/نيسان الجاري.
ومن أبرز التحديات الخارجية التي تقف عائقا أمام الدبلوماسية السورية الجديدة هو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستغل ضعف الدولة من أجل فرض قواعد اشتباك جديدة وقضم مزيد من الأراضي، وعليه لا بد لدمشق من الدخول بتحالفات عربية وإقليمية من أجل ردع إسرائيل، وذلك بحسب السياسي ياسر العيتي.
وبالإضافة إلى وجود مناطق ما زالت خارج سيطرة الدولة السورية كمناطق "قسد"، فإن التحديات الداخلية تتمثل، بحسب الباحث قربي، في وجود تيارات متعددة ومتنوعة من اليمين إلى اليسار داخل الإدارة في دمشق.
ويوضح قربي أن أكثر الأطراف تشددا في رفض هذا الانفتاح هي الأطراف المحسوبة على التيار اليميني في هيئة "تحرير الشام" سابقا، إذ ليس من السهولة إقناعه بهذه السياسة، نظرا لأيديولوجيات ومرجعيات دينية محددة.
في النهاية، يعتمد مستقبل سوريا على قدرة الإدارة السورية الجديدة على تحويل الانفتاح الدبلوماسي إلى شراكات إستراتيجية مستدامة، والعمل على تجاوز الحسابات الإقليمية والدولية المعقدة، واستثمار اللحظة الراهنة لبناء دولة قوية تعكس تطلعات شعبها، وتعود لاعبا محوريا في استقرار الشرق الأوسط.