الذهب الأبيض يشعل الجدل في غرينلاند
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
الفيلم الوثائقي "الذهب الأبيض في غرينلاند" يكشف عن جوانب غير معروفة من العلاقة الاقتصادية بين الدنمارك وغرينلاند، مما دفع إلى إعادة تقييم الأثر التاريخي الدنماركي هناك. في ظل تزايد النقاش حول الاستقلال، خصوصاً مع رغبة دونالد ترامب بالسيطرة على الجزيرة.
أثار الفيلم الوثائقي الدنماركي "الذهب الأبيض في غرينلاند" جدلاً واسعًا في العاصمة نوك، حيث كشف عن تحقيق الدنمارك لمليارات الكرونات من استغلال معدن الكريوليت على مدى 130 عامًا.
بدأ استخراج الكريوليت، وهو معدن نادر يُستخدم في صهر الألومنيوم عام 1854 في بلدة إيفيتوت الواقعة على الساحل الغربي لغرينلاند، واستمر حتى عام 1987. كانت غرينلاند المصدر التجاري الوحيد المعروف لهذا المعدن لفترة طويلة، مما جعلها عنصرًا حاسمًا في صناعة الألمنيوم العالمية. يتميز الكريوليت بخواص فيزيائية فريدة، أبرزها شفافيته العالية في الماء، مما جعله معدنًا فريدًا من نوعه.
كان الكريوليت حجر الزاوية في عملية هول-هيرو، وهي التقنية الأساسية لاستخلاص الألمنيوم من خام البوكسيت. ساعد هذا المعدن في خفض نقطة انصهار أكسيد الألمنيوم، مما عزز كفاءة الإنتاج الصناعي للألمنيوم. ومع استنزاف المخزون الطبيعي للكريوليت، اتجهت الصناعة إلى تصنيع بدائل صناعية، إلا أن الإيرادات التي حققتها الدنمارك خلال تلك العقود لا تزال موضع جدل سياسي واقتصادي واسع.
الموارد الطبيعية في غرينلاند: إمكانات اقتصادية ضخمةلا تقتصر الموارد الطبيعية لغرينلاند على الكريوليت فقط، بل تمتلك البلاد احتياطيات ضخمة من العناصر الأرضية النادرة، والتي تُعد ضرورية لصناعات التكنولوجيا المتقدمة مثل السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، والإلكترونيات الدقيقة. وفقًا لدراسات جيولوجية حديثة، تحتوي غرينلاند على 25 من أصل 34 معدنًا تعتبرها المفوضية الأوروبية مواد خام استراتيجية، مما يجعلها لاعبًا محوريًا في سلاسل التوريد المستقبلية.
التحديات البيئية والاجتماعية في قطاع التعدينرغم الإمكانات الاقتصادية الواعدة، يواجه قطاع التعدين في غرينلاند تحديات بيئية واجتماعية معقدة. فهناك معارضة قوية من المجتمعات المحلية خشية التأثيرات البيئية السلبية على النظام البيئي الهش للجزيرة. بالإضافة إلى ذلك، تطرح البيروقراطية والتشريعات التنظيمية عقبات أمام استثمار الشركات الدولية في هذا القطاع.
من جهة أخرى، أدى التحول الاقتصادي في غرينلاند إلى مشاكل اجتماعية خطيرة، حيث ارتفعت معدلات الإدمان، والتشرد، وفقدان الهوية الثقافية بين السكان الأصليين، ما يعكس التحديات المرتبطة بالتحولات الاقتصادية السريعة.
كشف الفيلم الوثائقي "الذهب الأبيض في غرينلاند" عن جوانب غير معروفة من العلاقة الاقتصادية بين الدنمارك وغرينلاند، مما دفع إلى إعادة تقييم الأثر التاريخي الدنماركي هناك. في ظل تزايد النقاش حول الاستقلال، خصوصاً مع تجدد رغبة دونالد ترامب بالسيطرة على الجزيرة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية في مواجهة "طموحات ترامب".. غرينلاند تحظر التبرعات السياسية الأجنبية ترامب وغرينلاند: صفقة القرن أم حلم صعب المنال؟ سكان أصليون من غرينلاند يطالبون الدنمارك بتعويضات عن تجربة استعمارية فاشلة القطب الشماليذوبان الجليددونالد ترامبغرينلاندالدنماركالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل حركة حماس روسيا الاتحاد الأوروبي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب إسرائيل حركة حماس روسيا الاتحاد الأوروبي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني القطب الشمالي ذوبان الجليد دونالد ترامب غرينلاند الدنمارك دونالد ترامب إسرائيل حركة حماس روسيا الاتحاد الأوروبي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وقاية من الأمراض تدمر الذكاء الاصطناعي علم النفس قطاع غزة محادثات مفاوضات الذهب الأبیض فی غرینلاند یعرض الآنNext
إقرأ أيضاً:
بعد انتهاء الانتخابات.. كيف ستواجه غرينلاند تهديدات ترامب؟
نوك- انتهت الانتخابات البرلمانية المبكرة في غرينلاند بفوز حزب الديمقراطيين من يمين الوسط بحصوله على 29.9% من الأصوات، وفقا للنتائج الرسمية التي نُشرت في وقت مبكر اليوم الأربعاء.
وفي أجواء أدفأتها الشمس الساطعة وابتسامات سكان غرينلاند التي تعكس آمالهم بمستقبل أفضل في العاصمة نوك، تميزت انتخابات هذا العام بإقبال واضح على مراكز الاقتراع، وسط أجواء متوترة تسببت فيها مطامع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ضم الجزيرة الشمالية القطبية الغنية بالمعادن النادرة.
كما غلب على اختيار الناخبين مسألة الاستقلال عن الدانمارك، الحاكم الاستعماري السابق، فضلا عن تحديد موقع الجزيرة ضمن السباق الجيوسياسي العالمي الرامي إلى الهيمنة على منطقة القطب الشمالي.
وجاء حزب ناليراك القومي في المرتبة الثانية بحصوله على 24.5% من الأصوات، وهو الحزب الأكثر تأييدا للاستقلال ولقطع العلاقات مع الدانمارك في أقرب وقت ممكن، وهي مطالب زادت من شعبية الحزب بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
ومعربة عن سعادتها بما وصفته بـ"الانتخابات العظيمة والتاريخية"، ترى مرشحة حزب "ناليراك" كوبانوك أولسن أن هذا الحدث الديمقراطي يمكن أن يؤدي إلى حركة ضخمة نحو استقلال البلاد.
وفي حديث للجزيرة نت، قالت كوبانوك "أعتقد أن الناس يشعرون الآن بفعالية وأهمية أصواتهم وأنهم قادرون على التحرك والتصويت لصالح استقلال غرينلاند، فضلا عن إمكانية تحديد مصيرهم بشأن البقاء تحت سيطرة الدانمارك أو التمتع بدولة مستقلة".
إعلانويرى الدكتور وأستاذ العلوم السياسية توماس غينولي أن الغالبية العظمى من سكان غرينلاند لا يزالون ضد الاستقلال عن الدانمارك وأن نتيجة الانتخابات أظهرت إجماع الأغلبية على الحكم الذاتي القوي.
وبينما يرغب ترامب بضم الجزيرة إلى الولايات المتحدة، يعتبر غينولي ـفي حديث للجزيرة نت ـ أنه نظرا لنتائج الانتخابات "لا توجد شرعية ديمقراطية داخلية لسكان غرينلاند للقيام بذلك".
من جانبه، قال العضو في حزب الديمقراطيين الفائز للجزيرة نت، أمام مركز الاقتراع في العاصمة نوك الثلاثاء، إن حزبه الليبرالي النقابي يهتم بالتطور الذي يشهده العالم، معتبرا أن "المحادثات حول الاستقلال محورية بالنسبة لاهتمامي الشخصي ولحزبي، يجب أن يكون لأطفالنا مستقبل آمن وتوفير تعليم جيد أيضا".
وبعد هيمنة حزبي الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته -المكون من حزب "الإنويت أتاكاتيجيت" (اليساري الأخضر) والديمقراطيين الاجتماعيين في حزب سيوموت- على المشهد السياسي في السنوات الأخيرة، احتل الحزبان المركزين الثالث والرابع بخسارة 15.3 نقطة و14.7 نقطة على التوالي مقارنة بما كانا عليه قبل 4 سنوات.
وفي هذا الإطار، يعتبر رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا إيمانويل ديبوي أن نتائج هذه الانتخابات لم تكن مفاجئة نظرا لوجود دفع قوي للغاية من التيار المؤيد للاستقلال، والذي تعزز أكثر بسبب الخوف من عدم قدرة الدانمارك على توفير القوة المالية لحماية السلامة الإقليمية للجزيرة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف ديبوي "كان ذلك بمثابة وسيلة لإظهار أن سكان غرينلاند يريدون تحمل المسؤولية عن مصيرهم تجاه أطماع الولايات المتحدة والتعامل معها مباشرة دون الحاجة إلى المرور عبر الدانمارك، لذا فمن المنطقي إلى حد ما أن يكون هناك نوع من التراجع من الحركات القريبة من كوبنهاغن وصعود الحركة المستقلة".
إعلانويعتقد المتحدث أن على حزب الديمقراطيين الفائز إدراك أن الرئيس الأميركي ترامب ليس جادا جدا بشأن قدرته على الرغبة في الذهاب بتصريحاته إلى حد تطبيقها على أرض الواقع "فمن المعروف أنه يصرخ بصوت عال جدا، وبمجرد أن يحصل على ما يريد، يبدأ في التفاوض".
وقد أعلن ترامب صراحة عن رغبته في السيطرة على أكبر جزيرة في العالم، والتي يبلغ عدد سكانها 57 ألف نسمة، حيث صرح في جلسة مشتركة للكونغرس الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة ستحصل عليها "بطريقة أو بأخرى".
وبالتالي، يرى المحلل السياسي غينولي أن فكرة موافقة الدانمارك ـوهي دولة ديمقراطية ليبراليةـ على بيع غرينلاند ومواطنة شعبها إلى الولايات المتحدة "فكرة سخيفة"، معتبرا أنه على ترامب التفكير بعناية قبل الاستمرار في دبلوماسية المواجهة الدائمة، وهو بصدد توحيد الأوروبيين ضده وإنهاء تبعيتهم لواشنطن.
يبلغ إجمالي مقاعد البرلمان في غرينلاند 31 مقعدا، ويحتاج تحقيق الأغلبية 16 مقعدا، ويُذكر أن النتائج الأولية لهذه الانتخابات لن يتم اعتمادها رسميا إلا بعد أسابيع من موعد التصويت، حيث ستشق أوراق الاقتراع طريقها جوا وبحرا ـ بالقوارب والمروحيات ـ من العاصمة نوك إلى المستوطنات النائية داخل الجزيرة.
ويؤيد كل من حزب الديمقراطيين الفائز وصاحب المركز الثاني حزب ناليراك، الاستقلال عن مملكة الدانمارك، لكنهما يختلفان بشأن وتيرة التغيير. فبينما يُعد ناليراك الأكثر تأييدا للاستقلال، يفضل الديمقراطيون اللجوء إلى وتيرة أكثر اعتدالا.
أما فيما يتعلق بشبح التهديدات القادمة من البيت الأبيض، فقال رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا إيمانويل ديبوي "إذا اتفقت غرينلاند والدانمارك والولايات المتحدة على استغلال المعادن النادرة وتعزيز الوجود العسكري الأميركي، مع الرغبة في أن توافق كوبنهاغن على استقبال السفن الحربية الأميركية ـ بهدف حماية أو منع التوغلات الصينية والروسية ـ فقد ينشأ عن ذلك اتفاق بين الأطراف الثلاثة في المستقبل القريب".
ولتفسير ذلك، أضاف المتحدث "لقد رأينا هذا بوضوح في حالة أوكرانيا، حيث يوجد نوع من المواقف المتطرفة يسمح في نهاية المطاف، بعد التفاوض والضغط، للولايات المتحدة بالحصول على ما تريده. كما أن واشنطن لن تذهب إلى حد الحرب المفتوحة ـ بالمعنى الحركي للمصطلح ـ مع الدانمارك التي تعد أحد شركائها الرئيسيين ضمن الأجندة الأوروبية.
من جانبه، يعتقد توماس غينولي أنه إذا كانت القضية بالنسبة لدونالد ترامب تتمحور حول الأمن البحري لبلاده والوصول إلى المعادن الإستراتيجية في غرينلاند، فيمكنه تحقيق ذلك من خلال اتفاقيات مع الدانمارك دون ضم الجزيرة القطبية الشمالية.
إعلانأما وفقا لنظرية الصفائح التكتونية، فيبدو أن الولايات المتحدة ترغب في تذكير أوروبا والعالم بأن آيسلندا وغرينلاند تنتميان إلى الصفيحة الأميركية، وهو نوع من إزالة الطابع الأوروبي عن هذه القضية لصالح الطابع الأميركي الشمالي.