للوهلة الأولى من قراءة تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإصراره على تملُّك قطاع غزة -بل وشرائه وبيعه- يبدو الأمر وكأنه يتحدث عن أرض بلا شعب، أو يتحدث عن أرضٍ لم يضحِ شعبها بدمائه من أجلها وقدم في ذلك عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من المصابين وأصحاب الإعاقات، وهو ما يجعلنا نقف أمام حالة فجّة من حالات النفاق الأمريكي التي اعتاد عليها العرب والعالم.
هذا النفاق الأمريكي يكشف للجميع ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا والأزمات، ففي الوقت الذي تدعي فيه أمريكا الحريات والدفاع عن الإنسانية، نجد رئيسها يشن حرب تصريحات حول تهجير الفلسطينيين واستعمار غزة، لكن الموقف الدولي والعربي الرافض لهذا الأمر سيُفشِل المخططات الشيطانية.
وتأتي تصريحات ترامب منافية للضمان الأمريكي لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أقره الوسطاء ومن بينهم الإدارة السابقة للرئيس جو بايدن، في مؤشر خطير لنسف كافة الجهود المبذولة طوال الأشهر الماضية لوقف نزيف الدم.
إنَّ الولايات المتحدة الأمريكية وبما لديها من مصالح في مختلف دول العالم، لا ينبغي لأي رئيس أو إدارة أن تُحرِّكه أطماعه السياسية والاستثمارية، في مقابل تهديد العلاقات الاستراتيجية مع دول المنطقة، ولذلك على واشنطن أن تنهض بمسؤولياتها الأخلاقية باعتبارها القوة العظمى في العالم، وأن يتوقف سيل التصريحات الاستفزازية حول مخططات التهجير، التي يعلم الجميع تمام العلم أنها لن تتحقق، بفضل صمود الأشقاء الفلسطينيين وبالموقف العربي الصلب الذي لن يسمح بتصفية القضية الفلسطينية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فلا أمن ولا أمان لإسرائيل
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الأخيرة بشأن تهجير الفلسطينيين ،والبحث عن وطن بديل تطرق الأمر فيه إلى مصر والأردن، ثم الحديث عن المملكلة العربية السعودية تجعلنا أمام منعطف خطير فيما يتعلق بأمن منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم أجمع.
وجاء الموقف المصري كما هو معتاد برفض كل التصريحات التي صدرت في هذا الشأن، لتؤكد القاهرة دوماً بأن القضية الفلسطينية ستظل الشاغل الأكبر لمصر، سواء من خلال تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي أو بيانات ولقاءات السفير الدكتور بدر عبد العاطي،وزير الخارجية وهو الأمر المعبر عما يدور في صدور كل المصريين والعرب.
وإذا كان الرئيس الأمريكي مع بداية توليه المسئولية يسعى للسيطرة على قطاع غزة أو فلسطين من أجل مصلحة إسرائيل وأمنها، فإن كافة التصريحات الصادرة عن ترامب تؤكد أنه يدير الأمر كمطور عقاري أو سمسار، وليس رئيس دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية.
وما يفعله الرئيس الأمريكي يدفع بالمنطقة كلها إلى خطر لا يحمد عقباه، لأن تنفيذ ما يريده الرئيس الأمريكي لن تقبله مصر، ولا الدول العربية بشكل أو بآخر في ظل المقاومة الفلسطينية التي نجحت كثيراً خلال السنوات الماضية في إثبات وجودها على الأرض والتعامل بندية واضحة في التعامل مع كافة الملفات، إلى جانب احتمالية خرق أو وقف الهدنة الأخيرة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني لأسباب كثيرة.
الذي يجب أن يعرفه ترامب جيداً أن وجود إسرائيل بالشكل الذي يريده ،وبالطريقة التي يسعى إليها لن تجعل إسرائيل في أمن وأمان كما يتخيل، فلا أمن ولا أمان سواء لإسرائيل أو أمريكا ذاتها بغض النظر عن أمن منطقة الشرق الأوسط، لأن شرارة النيران ستحرق وتصيب الجميع بلا شك.
والمؤكد أن تصريحات الرئيس الأمريكي، والجانب الإسرائيلي في هذا الصدد قد خلقت حالة من الوحدة العربية التي غابت كثيراً تجاه الكثير من القضايا ،وكأن ترامب أراد أن يوحد كلمة العرب دون قصد ضد مخطط التهجير، والرفض العربي الواضح للتصريحات والتأكيد على حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية وحق العودة للأرض.
خلاصة القول أن استمرار النهج الأمريكي على النحو الذي نراه خلال الأيام الماضية لن يكون في صالح أحد، فلا أمن ولا أمان لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية أو على حساب مصر وأمنها ودعم الشعب للقيادة السياسية في هذا الأمر ، أو الدول العربية جمعاء..حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء وللحديث بقية إن شاء الله.