الخليج الجديد:
2024-11-27@03:23:24 GMT

في تونس يتحدّثون عن تطهير الإدارة

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

في تونس يتحدّثون عن تطهير الإدارة

في تونس يتحدّثون عن "تطهير الإدارة"

هناك فرق شاسع بين الإصلاح الإداري، وهو مطلب شرعي وضروري وطُرح منذ الأشهر الأولى للثورة، والحديث عن تطهير إداري!

يخشى أن تترتب عن التطهير الإداري مظالم ومآس لا تُحمد عقباها، خصوصا في أجواء تتسم بالكراهية والرغبة في الانتقام وتصفية الخصوم.

الإصلاح عملية عقلانية تتم وفق آليات موضوعية تتجاوز الأشخاص والأطراف، في حين أن التطهير كلمة مشحونة بالرغبة في الانتقام والاستئصال.

ما المقاييس التي ستعتمد والآليات الإدارية والتشريعية التي سيلجأ إليها؟ ومن سيدير عملية التطهير التي ينتظر منها أن تفضي إلى طرد آلاف الاشخاص؟

يبلغ عدد موظفي القطاع العام 660 ألف شخص، رقم كبير مقارنة بحجم السكان، ومقارنة بدول أخرى مماثة، ويبلغ حجم أجور هؤلاء 40% من ميزانية الدولة.

كثر الحديث في التقارير الدولية عن التضخّم الإداري في تونس ويطالب صندوق النقد الدولي بتخفيض عدد الموظفين وعدم قبول موظفين جدد بأجهزة الدولة والقطاع العام.

سيحاسب من جرى توظيفهم بالمحسوبية والولاءات الحزبية ويُجبرون على إعادة الأجور والمنح التي تمتعوا بها "بدون وجه حق" خلال السنوات الأخيرة.

ستشهد الأيام المقبلة تصفية واسعة النطاق لتونسيين ستلاحقهم تهم عديدة ومختلفة فهل سيكون هذا أسلوبا ناجعا لمعالجة ملفٍّ مزمنٍ يتعلق بعصب الدولة وأجهزتها الإدارية؟

* * *

يجري الاستعداد في تونس لطرد عدد هام من الموظفين العاملين في القطاع العام ومؤسسات الدولة، بتهمة حصولهم على الوظيفة بطرق غير شرعية وخدمة أغراض سياسية، إلى جانب تزوير الشهادات العلمية، وعدم الكفاءة. وذلك كله تحت شعار ملغّم ومخيف، تطهير الإدارة.

تتنزّل هذه الحملة في سياق البحث المتواصل عمّن يقف وراء محاولات "إسقاط الدولة من الداخل" و"العبث بمقدّرات الشعب". وبما أن وعودا وقرارات عديدة للرئيس قيس سعيّد لم تتحقق ولم تتقدّم، ولا يزال كثير منها في حالة توقّف، فإن المتسبّب في ذلك من وجهة نظر الرئيس سعيّد هم "المندسّون في الإدارة"، الذين آن الأوان لاقتلاعهم من وظائفهم ومحاسبتهم، باعتبار أنهم مسؤولون عن هذا التعطيل، سواء بحكم عدم الكفاءة أو لأنهم يخدمون أجندة من وضعهم في تلك المواقع.

يبلغ عدد الموظفين في القطاع العام حوالي 660 ألف شخص، وهو رقم كبير مقارنة بحجم السكان، وأيضا مقارنة بدول أخرى شبيهة، لهذا يبلغ حجم أجور هؤلاء 40% من ميزانية الدولة.

لهذا السبب، كثر الحديث في التقارير الدولية عن ظاهرة التضخّم الإداري في تونس التي أصبحت مطالبةً من صندوق النقد الدولي بالتخفيض في عدد الموظفين، إلى جانب الامتناع عن قبول موظفين جدد في أجهزة الدولة والقطاع العام.

من أسبابٍ مباشرةٍ أدّت إلى جدل واسع بشأن هذه المسألة الانتدابات التي وصفت بالعشوائية، والتي حصلت بعد الثورة للمتمتّعين بالعفو التشريعي العام، وكان عددهم 6839 شخصا، إلى جانب إقحام عملة المناولة والآلية 16 الذين بلغ عددهم حوالي 54 ألف عامل.

وأثبتت الدراسات أن عدد الموظفين في تونس قد تضاعف منذ الاستقلال 16 مرّة. وبما أن معظم الذين استفادوا من العفو التشريعي ينتمون إلى حركة النهضة الذين جرى سجنهم وملاحقتهم قبل 2011، لهذا السبب، تم ربط مسألة تطهير الإدارة باحتمال استهداف حركة النهضة من رئيس الدولة، ما أكسب القضية بعدا سياسيا ستكون له انعكاسات خطيرة في حال جرى تنفيذ ما يجري الحديث عنه في الكواليس.

أصبح واضحا أن رئيس الحكومة الجديد، أحمد الحشاني، هو الذي سيتولى تنفيذ "خطة" تطهير الإدارة. والسؤال حاليا يتعلق بالمقاييس التي سيجري اعتمادها، والآليات الإدارية والتشريعية التي سيقع اللجوء إليها. ومن سيدير عملية التطهير التي ينتظر منها أن تفضي إلى طرد آلاف الاشخاص.

ولن يقف الأمر عند ذلك، بل ستتم محاسبة الذين جرى توظيفهم عبر المحسوبية والولاءات الحزبية الذين سيُجبرون على إعادة الأجور والمنح التي تمتعوا بها "بدون وجه حق" خلال السنوات الأخيرة.

وهذا يعني أن الأيام المقبلة ستشهد تصفية واسعة النطاق لقسم مهم من التونسيين الذين ستلاحقهم تهم عديدة ومختلفة، فهل سيكون هذا أسلوبا ناجعا لمعالجة ملفٍّ مزمنٍ يتعلق بعصب الدولة وبأجهزتها الإدارية.

لا خلاف على أن ثمّة أزمة في الإدارة التونسية. لكنْ هناك فرق شاسع بين الإصلاح الإداري، وهو مطلب شرعي وضروري، وقد طُرح منذ الأشهر الأولى للثورة، والحديث عن تطهير إداري.

فالإصلاح عملية عقلانية تتم وفق آليات موضوعية تتجاوز الأشخاص والأطراف، في حين أن التطهير كلمة مشحونة بالرغبة في الانتقام والاستئصال. ويخشى أن تترتب عنها مظالم ومآس لا تُحمد عقباها، خصوصا في أجواء تتسم بالكراهية والرغبة في الانتقام وتصفية الخصوم.

كما يجري الحديث أيضا عن موظفين استعملوا شهادات جامعية مزوّرة، وهي مسألة خطيرة ولا أخلاقية، لكن لا أحد قادر على تحديد عدد هؤلاء لمعرفة حجم الظاهرة وتداعياتها.

مع ذلك، هناك من سمح لنفسه بالقول إن هناك عشرات الآلاف من المزوّرين، فإن صحّ ذلك سيكون من تداعياته توجيه ضربة قاصمة لصورة الدولة والإدارة التونسية.

باختصار شديد، يخشى أن تخاض معركة على هذا المستوى من الخطورة بكثير من الارتجال والتسرّع، أو أن يتم تحويل الإدارة إلى مجال مفتوح لنوع من المكارثية على الطريقة التونسية.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تونس الإصلاح الانتقام المحسوبية تطهير الإدارة قيس سعيد القطاع العام أحمد الحشاني عدم الكفاءة عدد الموظفین فی الانتقام فی تونس

إقرأ أيضاً:

هل وافقت تل أبيب على وقف الاغتيالات في لبنان؟ تقرير إسرائيليّ يتحدّث

ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية، اليوم الإثنين، أن إسرائيل لم تتعهد في إطار مفاوضات التسوية مع لبنان، بتجنب تصفية قادة مسؤولي "حزب الله" في حال حدوث انتهاكات، مشيرة إلى أنّ "تل أبيب لم توافق على مطالب إعادة عناصر حزب الله الذين تحتجزهم إسرائيل كجزءٍ من الإتفاق".  وأوضحت الصحيفة في تقرير ترجمهُ "لبنان24" أنَّ "القوة الأميركية التي ستتمركز في لبنان خلال الأيام المقبلة ستصل للإشراف على وقف إطلاق النار وليس لتنفيذه"، فيما من المُتوقع أن تغادر لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني عند الحدود. وأشارت الصحيفة إلى أنهُ "من غير المتوقع أن تدعو الحكومة سكان الشمال للعودة إلى منازلهم بشكل فوري، وهو ما يشبه الإجراء الذي تم اتباعه لعودة السكان إلى قطاع غزة العام الماضي". إلى ذلك، ذكرت القناة "n12" الإسرائيلية، مساء الإثنين، أنه سيتم الإعلان رسمياً عن وقف القتال في لبنان خلال 72 ساعة لمُدّة 60 يوماً. وقالت القناة نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين إنه بعد الإتفاق، لن تكون هناك دعوة رسمية لعودة سكان المُستوطنات الإسرائيلية إلى منازلهم. وأوضحت القناة أن الإتفاقية بين لبنان وإسرائيل تتضمّنُ وقفاً مُتبادلاً لإطلاق النار، في حين أنه لن تكون هناك منطقة عازلة في جنوب لبنان، فيما سيعود السكان إلى منازلهم هناك.  كذلك، فإن الجيش الإسرائيلي سينحسب تدريجياً من لبنان على أن يبقى 60 يوماً في الجنوب بعد توقيع الإتفاق.  ووفقاً للقناة، فإنهُ سيتمّ تشكيل لجنة للإشراف على الإتفاق برئاسة الولايات المتمحدة الأميركية وعضوية فرنسا. من ناحيتها، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن هناك تقديرات تشير إلى استعداد "حزب الله" لتنفيذ عمليات واسعة النطاق باتجاه إسرائيل قبل إعلان وقف إطلاق النار. بدورها، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر قولها إنّ "الأمور تتجه نحو التوصل إلى تسوية في لبنان والجيش يدعمها". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • إخلاء 66 عقاراً من ممتلكات الدولة في بلدية إجدابيا
  • غرفة تجارة عدن تبحث مع رجال الأعمال التحديات التي تواجه القطاع الخاص
  • من هي الدولة العربية التي يُريد لبنان مشاركتها في مراقبة “أي اتّفاق”
  • تونس تستهدف خفض الدين العام إلى 76.4% في 2027
  • المدراء العامون الذين تم تثبيتهم في وزارة الكهرباء.. وثيقة
  • هل وافقت تل أبيب على وقف الاغتيالات في لبنان؟ تقرير إسرائيليّ يتحدّث
  • آخر موعد للتقديم في وظائف محافظة القاهرة
  • العراق يتحدّث عن آثار توقف إمدادات الغاز الإيراني
  • شرطة دبي: تأمين 87 مليون مسافر ومليوني طن شحنات العام الماضي
  • البرهان يؤكد عزم القوات المسلحة على تطهير البلاد من دنس التمرد والقضاء على المليشيا الإرهابية