الخليج الجديد:
2025-03-06@19:23:46 GMT

في تونس يتحدّثون عن تطهير الإدارة

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

في تونس يتحدّثون عن تطهير الإدارة

في تونس يتحدّثون عن "تطهير الإدارة"

هناك فرق شاسع بين الإصلاح الإداري، وهو مطلب شرعي وضروري وطُرح منذ الأشهر الأولى للثورة، والحديث عن تطهير إداري!

يخشى أن تترتب عن التطهير الإداري مظالم ومآس لا تُحمد عقباها، خصوصا في أجواء تتسم بالكراهية والرغبة في الانتقام وتصفية الخصوم.

الإصلاح عملية عقلانية تتم وفق آليات موضوعية تتجاوز الأشخاص والأطراف، في حين أن التطهير كلمة مشحونة بالرغبة في الانتقام والاستئصال.

ما المقاييس التي ستعتمد والآليات الإدارية والتشريعية التي سيلجأ إليها؟ ومن سيدير عملية التطهير التي ينتظر منها أن تفضي إلى طرد آلاف الاشخاص؟

يبلغ عدد موظفي القطاع العام 660 ألف شخص، رقم كبير مقارنة بحجم السكان، ومقارنة بدول أخرى مماثة، ويبلغ حجم أجور هؤلاء 40% من ميزانية الدولة.

كثر الحديث في التقارير الدولية عن التضخّم الإداري في تونس ويطالب صندوق النقد الدولي بتخفيض عدد الموظفين وعدم قبول موظفين جدد بأجهزة الدولة والقطاع العام.

سيحاسب من جرى توظيفهم بالمحسوبية والولاءات الحزبية ويُجبرون على إعادة الأجور والمنح التي تمتعوا بها "بدون وجه حق" خلال السنوات الأخيرة.

ستشهد الأيام المقبلة تصفية واسعة النطاق لتونسيين ستلاحقهم تهم عديدة ومختلفة فهل سيكون هذا أسلوبا ناجعا لمعالجة ملفٍّ مزمنٍ يتعلق بعصب الدولة وأجهزتها الإدارية؟

* * *

يجري الاستعداد في تونس لطرد عدد هام من الموظفين العاملين في القطاع العام ومؤسسات الدولة، بتهمة حصولهم على الوظيفة بطرق غير شرعية وخدمة أغراض سياسية، إلى جانب تزوير الشهادات العلمية، وعدم الكفاءة. وذلك كله تحت شعار ملغّم ومخيف، تطهير الإدارة.

تتنزّل هذه الحملة في سياق البحث المتواصل عمّن يقف وراء محاولات "إسقاط الدولة من الداخل" و"العبث بمقدّرات الشعب". وبما أن وعودا وقرارات عديدة للرئيس قيس سعيّد لم تتحقق ولم تتقدّم، ولا يزال كثير منها في حالة توقّف، فإن المتسبّب في ذلك من وجهة نظر الرئيس سعيّد هم "المندسّون في الإدارة"، الذين آن الأوان لاقتلاعهم من وظائفهم ومحاسبتهم، باعتبار أنهم مسؤولون عن هذا التعطيل، سواء بحكم عدم الكفاءة أو لأنهم يخدمون أجندة من وضعهم في تلك المواقع.

يبلغ عدد الموظفين في القطاع العام حوالي 660 ألف شخص، وهو رقم كبير مقارنة بحجم السكان، وأيضا مقارنة بدول أخرى شبيهة، لهذا يبلغ حجم أجور هؤلاء 40% من ميزانية الدولة.

لهذا السبب، كثر الحديث في التقارير الدولية عن ظاهرة التضخّم الإداري في تونس التي أصبحت مطالبةً من صندوق النقد الدولي بالتخفيض في عدد الموظفين، إلى جانب الامتناع عن قبول موظفين جدد في أجهزة الدولة والقطاع العام.

من أسبابٍ مباشرةٍ أدّت إلى جدل واسع بشأن هذه المسألة الانتدابات التي وصفت بالعشوائية، والتي حصلت بعد الثورة للمتمتّعين بالعفو التشريعي العام، وكان عددهم 6839 شخصا، إلى جانب إقحام عملة المناولة والآلية 16 الذين بلغ عددهم حوالي 54 ألف عامل.

وأثبتت الدراسات أن عدد الموظفين في تونس قد تضاعف منذ الاستقلال 16 مرّة. وبما أن معظم الذين استفادوا من العفو التشريعي ينتمون إلى حركة النهضة الذين جرى سجنهم وملاحقتهم قبل 2011، لهذا السبب، تم ربط مسألة تطهير الإدارة باحتمال استهداف حركة النهضة من رئيس الدولة، ما أكسب القضية بعدا سياسيا ستكون له انعكاسات خطيرة في حال جرى تنفيذ ما يجري الحديث عنه في الكواليس.

أصبح واضحا أن رئيس الحكومة الجديد، أحمد الحشاني، هو الذي سيتولى تنفيذ "خطة" تطهير الإدارة. والسؤال حاليا يتعلق بالمقاييس التي سيجري اعتمادها، والآليات الإدارية والتشريعية التي سيقع اللجوء إليها. ومن سيدير عملية التطهير التي ينتظر منها أن تفضي إلى طرد آلاف الاشخاص.

ولن يقف الأمر عند ذلك، بل ستتم محاسبة الذين جرى توظيفهم عبر المحسوبية والولاءات الحزبية الذين سيُجبرون على إعادة الأجور والمنح التي تمتعوا بها "بدون وجه حق" خلال السنوات الأخيرة.

وهذا يعني أن الأيام المقبلة ستشهد تصفية واسعة النطاق لقسم مهم من التونسيين الذين ستلاحقهم تهم عديدة ومختلفة، فهل سيكون هذا أسلوبا ناجعا لمعالجة ملفٍّ مزمنٍ يتعلق بعصب الدولة وبأجهزتها الإدارية.

لا خلاف على أن ثمّة أزمة في الإدارة التونسية. لكنْ هناك فرق شاسع بين الإصلاح الإداري، وهو مطلب شرعي وضروري، وقد طُرح منذ الأشهر الأولى للثورة، والحديث عن تطهير إداري.

فالإصلاح عملية عقلانية تتم وفق آليات موضوعية تتجاوز الأشخاص والأطراف، في حين أن التطهير كلمة مشحونة بالرغبة في الانتقام والاستئصال. ويخشى أن تترتب عنها مظالم ومآس لا تُحمد عقباها، خصوصا في أجواء تتسم بالكراهية والرغبة في الانتقام وتصفية الخصوم.

كما يجري الحديث أيضا عن موظفين استعملوا شهادات جامعية مزوّرة، وهي مسألة خطيرة ولا أخلاقية، لكن لا أحد قادر على تحديد عدد هؤلاء لمعرفة حجم الظاهرة وتداعياتها.

مع ذلك، هناك من سمح لنفسه بالقول إن هناك عشرات الآلاف من المزوّرين، فإن صحّ ذلك سيكون من تداعياته توجيه ضربة قاصمة لصورة الدولة والإدارة التونسية.

باختصار شديد، يخشى أن تخاض معركة على هذا المستوى من الخطورة بكثير من الارتجال والتسرّع، أو أن يتم تحويل الإدارة إلى مجال مفتوح لنوع من المكارثية على الطريقة التونسية.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تونس الإصلاح الانتقام المحسوبية تطهير الإدارة قيس سعيد القطاع العام أحمد الحشاني عدم الكفاءة عدد الموظفین فی الانتقام فی تونس

إقرأ أيضاً:

تأجيل محاكمة جمال اللبان وآخرين بتهمة الاستيلاء على ملايين الجنيهات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قررت محكمة جنايات جنوب الجيزة، تأجيل جلسة محاكمة جمال إبراهيم اللبان مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة الأسبق، و5 متهمين آخرين من بينهم سيدات أعمال، في اتهامهم بالاستيلاء على أكثر من 73 مليون جنيه في صورة مناقصات وهمية عبر شركات صورية ومناقصات بالأمر المباشر لجلسة 8 مارس الجاري .
تفاصيل القضية

أحالت نيابة الأموال العامة العليا جمال إبراهيم اللبان مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة و5 رجال أعمال إلى محكمة الجنايات، لاتهامهم فى قضية جديدة بتسهيل الاستيلاء على أموال جهة عمله المقدرة بـ 73 مليون جنيه.

ووفق أمر الإحالة في القضية، تبين أن المتهم بصفته موظف عام مدير الإدارة العامة التوريدات بمجلس الدولة استولى بغير حق على مال مملوك لجهة عامة بأن استولى على مبلغ 70 مليون ومائتين وثلاثة وتسعين ألفًا ومائتين وثلاثة وأربعين جنيها وأربعة وستين قرشًا) والمملوك لجهة عمله.


وأضاف أمر الإحالة أن المتهم الأول اتفق مع المتهمين من الثانى حتى السادس على استخدام شركات مملوكة لهم تعمل فى مجال التوريدات، وتأسيس شركات أخرى تعمل فى ذات المجال بأنفسهم أو عن طريق آخرين يتبعونهم، وتولى وفقا لاختصاصه الوظيفى إعداد مذكرات باحتياجات مجلس الدولة المختلفة ومذكرات طرح اقترح فيها أن يكون الشراء بطريق المناقصات المحدودة فى غير الأحوال المنصوص عليها فى قانون المناقصات والمزايدات، وحرر دعوات لعدد من الشركات فى كل مناقصة محدودة من بينها الشركات المملوكة للمتهمين من الثانى حتى السادس أو تابعهم، وأعد محاضر لجان القيمة التقديرية حدد فيها القيمة التقديرية للأصناف الخاصة بكل مناقصة بما يزيد عن القيمة السوقية لتلك الاصناف، وأعد العطاءات المالية والفنية للشركات.

مقالات مشابهة

  • إدارة الأمن العام بدرعا لـ سانا: نتقدم بخالص العزاء لذوي الشهداء من أهلنا الذين ارتقوا برصاص المجموعات الخارجة عن القانون التي أرادت زعزعة الأمن في مدينة الصنمين،ونعدهم بأننا مستمرون بتأدية واجبنا حمايةً لهم وصوناً لممتلكاتهم
  • تأجيل محاكمة جمال اللبان وآخرين بتهمة الاستيلاء على ملايين الجنيهات
  • بعيو: تونس دولة لا مكان فيها للعملاء الذين يسرحون في بلادنا المتروكة دون باب
  • مسؤول بالأرصاد الجوية يتحدّث لـ«عين ليبيا» عن المنخفض الجوي وتأثيراته على مختلف المناطق
  • محاكمة تاريخية في تونس
  • الحسيني يكشف عن الدولة التي اغتالت حسن نصر الله| ويؤكد: ليست إسرائيل
  • 62.7% حصة آسيا من الشركات متعددة الجنسيات التي استقطبتها غرفة دبي العالمية في 2024
  • ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
  • محاكمة المعارضين في تونس.. تآمر على أمن الدولة أم تصفية سياسية؟
  • معارضون تونسيون متهمون "بالتآمر" أمام القضاء