الرئيس الفرنسي يعلن عن رغبته في رؤية أوروبا تلحق بأمريكا في استخدام الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء اليوم الإثنين، أهمية تبني استراتيجية أوروبية في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك لتعويض تأخر أوروبا في هذا المجال واللحاق بركب هذه الطفرة التكنولوجية.
جاءت تصريحات ماكرون في ختام اليوم الأول من قمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي، حيث ألقى كلمة أعرب فيها عن رغبته في رؤية أوروبا تلحق بالولايات المتحدة في استخدام وتطوير الذكاء الاصطناعي.
واقترح ماكرون أيضًا الاستلهام من استراتيجية ترميم كاتدرائية نوتردام بباريس، في إشارة إلى ترميمها في وقت قياسي بعد أن دمر حريق هائل جزءًا منها، وذلك لتعويض تأخر أوروبا في سباق الذكاء الاصطناعي والذي تهيمن عليه الصين والولايات المتحدة.
وتحت قبة «القصر الكبير» بباريس وأمام الآلاف من الأطراف الفاعلة في عالم التكنولوجيا، تحدث الرئيس الفرنسي قائلًا: «حان الوقت لتبني استراتيجية أوروبية في مجال الذكاء الاصطناعي».
وأضاف: «لقد أظهرنا للعالم أنه من خلال جدول زمني واضح يمكننا تحقيق ذلك»، في إشارة إلى التطور الذي تحقق عند ترميم كاتدرائية نوتردام ببارس العريقة، داعيًا أيضًا إلى تبسيط الإجراءات والإدارة.
وأوضح أن نهج واستراتيجية العمل الخاصة بترميم كاتدرائية نوتردام سيتم اعتمادها في مراكز البيانات والتراخيص وجاذبية الذكاء الاصطناعي.
كما أشار إلى أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ستقدم، غدًا الثلاثاء، «الاستراتيجية الأوروبية بشأن الذكاء الاصطناعي»، والتي من شأنها أن تسمح للاتحاد الأوروبي بتسريع وتبسيط تنظيم الذكاء الاصطناعي وتعزيز السوق الموحدة والاستثمار أيضًا في قدرات الحوسبة.
وتابع: «نحن بحاجة إلى المزيد من أوروبا، ونحتاج إلى توفير سوق داخلية أكبر لجميع الشركات الناشئة التي تعمل في أوروبا».
يأتي هذا بعد يوم من إعلان الرئيس الفرنسي عن استثمار بقيمة 109 مليارات يورو في فرنسا في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، وخاصة فيما يتعلق ببناء مراكز البيانات.
وقال ماكرون، مساء أمس الأحد: «نريد أن نتقدم بشكل أسرع وأقوى بكثير»، كاشفًا عن استثمار 109 مليارات يورو في مجال الذكاء الاصطناعي في فرنسا خلال السنوات المقبلة، وتشمل هذه الاستثمارات 50 مليار يورو من الإمارات العربية المتحدة، و20 مليار يورو من صندوق بروكفيلد الكندي، و10 مليارات يورو من شركة «فلويد ستاك» البريطانية.
وانطلقت، صباح اليوم الاثنين، فعاليات «قمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي»، بالعاصمة الفرنسية، وتستمر ليومين، بمشاركة واسعة من رؤساء دول وحكومات وقادة منظمات دولية وكبرى الشركات الفاعلة في هذا المجال وممثلين عن المجتمع المدني من جميع أنحاء العالم.
وحضر نحو 1500 مشارك في القصر الكبير، منذ صباح اليوم، خلال إطلاق هذا الاجتماع الدولي، برئاسة مشتركة مع الهند، وتهدف هذه القمة إلى تعزيز استراتيجية فرنسية وأوروبية طموحة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يسلط هذا الحدث الدولي الضوء على خبرات الأطراف الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا وجمع شركائها الدوليين حول هذه الرؤية المشتركة.
اقرأ أيضاً«الرئيس الفرنسي» يعلن عن خطط لتجديد متحف اللوفر ونقل «الموناليزا» إلى غرفة مخصصة لها
الرئيس الفرنسي يدعو لاحترام التزامات اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
لمواجهة الولايات المتحدة.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى «أوروبا قوية وموحدة»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الرئيس الفرنسي الذكاء الاصطناعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجال الذكاء الاصطناعي تطوير الذكاء الاصطناعي فی مجال الذکاء الاصطناعی الرئیس الفرنسی
إقرأ أيضاً:
محاكمة أشباح الذكاء الاصطناعي
لا يمكن إنكار إيجابيات التقدم التكنولوجي الكثيرة، كما لا يمكن تجاهل سلبياتها المتمثلة في تعطيل الكثير من المهارات والكفاءات البشرية، فحين ظهرت الآلات الحاسبة ازداد اعتماد الإنسان عليها متجاوزا تنمية مهارات الحساب وحل المعادلات الرياضية، وحين تطورت أجهزة الهاتف المحمولة استغنى كثير من الناس عن الساعات والمذكرات اليومية والتقويم، بل حتى الاستدلال الجغرافي المكاني وتحديد المواقع توقفا اعتمادا على التطبيقات الذكية لتحديد ومسح المواقع جغرافيا، كما استعاض الإنسان بذاكرة الأجهزة المحمولة عن ذاكرته الواقعية الحيّة.
ويأتي الذكاء الاصطناعي ليحمل عنا عبء الكثير من المسؤوليات توفيرا للجهد والمال، وليسرق منا -في ذات الوقت-كثيرا من المهارات الحياتية والكفاءات المعرفية، تنسيق الكتابة والتدقيق والتصحيح الإملائي، مراجعة وتلخيص الكتب الموسوعية والمصادر المعرفية، الترجمة والعروض المصوّرة للأفكار والتصورات البحثية والمشاريع، كتابة الرسائل وصياغة الخطب، جدولة الأعمال وتنسيقها والتذكير بأوقاتها وفقا لأولوية كل منها، كل هذه الأشكال من الراحة الرقمية أسلمت الإنسان إلى الدعة مستعيضا بالآلة عن ذاته، وعن ذاته تحديدا بذات رقمية ظن بها القدرة على تمثيله خير تمثيل في أي معرض بأي زمان ومكان.
وهذه الصورة ليست محض صورة ذهنية نمطية متخيلة لما يمكن أن يفعل الذكاء الاصطناعي ببعض عشاقه ومريديه، بل هي واقع صرنا نعايشه في كثير من المواقف ومنها ما حدث حاليا حينما استشاطت قاضية في محكمة استئناف بولاية نيويورك غضبًا بعد محاولة أحد المُدّعين استخدام مقطع رمزي مُصمم بواسطة الذكاء الاصطناعي للدفاع عن قضيته، متسببا بحالة من البلبلة داخل قاعة المحكمة ظنا من القضاة بأنه يقدم حجته شخصيا أو عن طريق محاميه، لكن الرجل ويدعى جيروم دي وال لديه محامٍ، كان يأمل أن تُقدم الصورة الرمزية حُجة مُحكمة، معتذرا لاحقًا كتابيًا للمحكمة، قائلاً إنه لم يقصد أي ضرر، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس، إنما حاول جاهدا إنشاء نسخة رقمية طبق الأصل تشبهه، لكنه لم يتمكن من القيام بذلك قبل جلسة الاستماع، وقال إنه يأمل أن يقدم نموذج الذكاء الاصطناعي حججًا أكثر دقة دون التلعثم في الكلمات أو التذمر مما قد يصدر عن الإنسان الطبيعي!
إن غضب القاضية وصدمة الحضور بذلك انعكاس لصدمة الجميع من تسارع التطور في عالم الذكاء الاصطناعي، ذلك التطور الذي قد تتعطل معه الكثير من القدرات والمهارات البشرية التي لا يمكن للآلة تعويضها بأي حال من الأحوال مهما تطورت برمجياتها وحُدِّثت مُدخلاتها المعرفية، كما أنها صدمة القلق القادم من قدرة الذكاء الاصطناعي على التضليل بصنع النسخ المطابقة للواقع في مجالات مختلفة، لكن مبلغ الصدمة أن تتمثل إنسانا كاملا بمشاعره ومخاوفه، وتبريراته ومنطقه، في قدرتها (إن حصلت) على الربط والتحليل والاستنتاج والجدل وحتى التقاضي، ثم إن كانت قاعدة البيانات لكل هذه البرمجيات موجهة بشريا فكيف يمكن توافر ضمانات لاعتماد برمجيات عادلة غير منحازة ولا مؤدلجة؟ ثم خطورة ورعب الوجه الآخر لهذه التقنيات حين تكون مدفوعة بسلطة مادية أو نفوذ سياسي يحركها وفقا للمستهدف من مساع ومصالح.
هل سيكون هذه المشهد من المحكمة واستخدام الناطق البديل بالذكاء الاصطناعي -بعد تغذيته بالمعلومات والحجج- مشهدا طبيعيا بعد أمد؟ وهل يمكن للتقاضي ذاته بكل أطرافه أن يشهد هذه الرقمنة الصادمة في حديّتِها وعدم استيعابها للحضور البشري الواقعي؟ هل نتحول مع عالم البرمجيات والشفرات البرمجية إلى مجرد أرقام تعبث بها الآلات وتحركها المصالح الاقتصادية؟
ختاما: يقينا ليست هذه التساؤلات أول المطروح في عالم التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية، ولن تكون الأخيرة بالضرورة، لكنها نافذة نحاول من خلالها تلمس الثابت والمتحول في هذه اللعبة المعاصرة الآخذة بأعطاف المستقبل إلى عالم مجهول نترقبه، ولا ندرك كنه تفاصيله بعد، لكننا نتمنى استبقاء الثابت القيمي والأخلاقي في هذه المعادلة الرقمية معقدة الأطراف.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية