كيف تؤدي إستراتيجية ترامب إلى توحيد المعارضين لأميركا؟
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
أثار ما قاله دونالد ترامب بشأن غزة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، المجرم المتورط في جرائم ضد الإنسانية، بنيامين نتنياهو، ردود فعل غاضبة، كما كان متوقعًا. غير أن المشكلة لا تكمن في كلماته فحسب، بل في كونها لا يمكن أن يقبلها عقل متزن.
ولعل أول ردود الفعل التي أظهرها الناس تجاه تصريحاته جاءت من باب الاضطرار إلى أخذها على محمل الجد لمجرد كونه رئيسًا للولايات المتحدة.
أولئك الذين سارعوا إلى تصحيح تصريحاته حول غزة وقعوا في فخّ الاعتقاد بأنه يمكن إصلاح جزء منها على أمل أن يستقيم المعنى ككل، غير مدركين أن كلامه لا يتضمن أي جانب قابل للتصحيح، أو أي صلة بالواقع.
لقد نُوقش كثيرًا أن رؤيته لغزة لا تتعدى منظور "السمسار العقاري"، مما يمنعه من فهم كيف ينظر أهلها إليها كوطن لا مجرد قطعة أرض.
نصف مليون غزيّ انطلقوا في مسيرة ملحمية نحو الشمال بمجرد الإعلان عن وقف إطلاق النار، مدفوعين بدافع التشبث بوطنهم. لكن ترامب، الذي لم يفهم رسالتهم، يرى أنهم بقوا في غزة فقط؛ لأنه لا يوجد لديهم مكان آخر، ويقترح أنه لو عُرض عليهم مكان آخر، لرحلوا.
هذا التصور لا ينبع من عدم إدراكه مفهوم الوطن ومعانيه الروحية، بل من اعتقاده أن مثل هذا الدافع (التشبث بالأرض) لا يجوز أن يكون إلا لليهود.
إعلانولو كان الأمر غير ذلك، لكان بالإمكان اقتراح نفس "الحل" على الإسرائيليين: منحهم أراضي أكثر خصوبة واتساعًا في ألاسكا أو كندا أو أي ولاية أميركية، لحل القضية من جذورها! لكن أحدًا لا يجرؤ حتى على طرح مثل هذا الاحتمال، لأن الأرض بالنسبة لليهود مقدسة، بينما لا يُسمح للمسلمين بأن تكون لهم نفس القدسية تجاه أرضهم.
مهما تجاهلوا ذلك، فإن أهل غزة يردّون بأفعالهم، فقد أظهروا على مدار 75 عامًا استعدادهم لدفع أثمان باهظة دفاعًا عن هذه الأرض، وخلال الحرب الأخيرة، وعلى مدى 471 يومًا، نقشوا ذلك في ذاكرة العالم. وبعد وقف إطلاق النار، رأى الجميع كيف بدأ نصف مليون إنسان، رغم تدمير منازلهم بالكامل، في رحلة العودة نحو الشمال. كل من شاهد ذلك رأى بعينيه قدسية الوطن وقوة التمسك به.
وفي المقابل، لمجرد أن بلدانهم غير مستقرة، أو لأنهم يتعرضون بين الحين والآخر لهجمات المقاومة، فرّ أكثر من مليون مستوطن إسرائيلي إلى أماكن أخرى، رغم أنهم جاؤوا إلى فلسطين بدافع "إيمانهم" بأنها أرضهم الموعودة، واستوطنوا فيها بعد الاستيلاء على منازل وأراضي الفلسطينيين. هذا يثبت أن الفلسطينيين هم وحدهم من أثبتوا، عبر التاريخ، أن الأرض ليست مجرد قطعة عقار بالنسبة لهم.
أما عن كلمات ترامب، فلا داعي لأخذها بجدية، فقد قدّم أهل غزة أفضل رد عليها. أول ردود الفعل الشعبية كانت الضحك الممزوج بالدهشة، ثم التساؤل: "هل هذا نوع من النكات؟!".
على مدار 471 يومًا، قاوم الغزيون آلة الحرب الصهيونية ببسالة، ولو لم يتوقف القتال، لاستمروا في إرهاق الاحتلال. في الواقع، لم تتوقف الحرب لأن إسرائيل أرادت إنقاذ رهائنها فحسب، بل لأنها أدركت أنها لن تحقق أي انتصار، وأُجبرت على رفع الراية البيضاء.
لكن الفلسطينيين لم يهزموا إسرائيل وحدها، بل هزموا الولايات المتحدة أيضًا، وهم يرتدون نعالهم البسيطة!
إعلانحين ننظر إلى تصريحات ترامب بشأن غزة إلى جانب أفكاره حول "ضم غرينلاند" و"الاستيلاء على قناة بنما"، نجد أنفسنا أمام عقلية مختلفة تمامًا، لا تحكمها لغة السياسة، بل العبث.
وعندما زجّ بمصر والأردن والسعودية في خططه لإعادة توطين الغزيين، جاءت ردود الفعل الغاضبة من الدول الثلاث، ما يطرح تساؤلات حول نواياه الحقيقية، ويفتح المجال أمام تحليلات معقدة لفهم ما يسعى إليه. فلو لم يكن رئيسًا للولايات المتحدة، لما استغرق أحد في التفكير في هذه الأوهام أكثر من ثانية واحدة!
لكن الغريب أن هذه التصورات العبثية تُمنح أحيانًا قيمة إستراتيجية كبيرة، وكأنها محاولة منه لفرض هذه الفكرة على الأجندة العالمية، أو على الأقل لإجبار الجميع على التعامل معها، ما يهيئ العقول تدريجيًا لتقبل المستحيل. لكن هل يتطلب فرض مثل هذه الأوهام كل هذا القدر من العبثية؟ وهل هناك فرصة لاستعادة أي مصداقية بعد هذا؟
السعودية، ردّت على ترامب بسرعة وحزم، مؤكدة "دعمها القاطع والثابت لإقامة دولة فلسطينية مستقلة". مصر والأردن تبنتا نفس الموقف، مما يثير تساؤلًا مهمًا: هل دفع ترامب، دون أن يدري، نحو تكوين جبهة دولية أكثر تماسكًا في مواجهة الهيمنة الأميركية المطلقة؟
في النهاية، هذه الأوهام العبثية لن تمنح أميركا أي مكاسب إضافية، لا في غزة ولا في أي مكان آخر. على العكس، فإن شخصية بهذا القدر من التخبط والتناقض ستدفع حتى أقرب حلفاء الولايات المتحدة إلى إعادة حساباتهم.
من يدري؟ ربما يكون الدور الذي يلعبه ترامب، دون قصد، هو إضعاف الهيمنة الأميركية وإزاحتها عن كاهل العالم! رغم أننا نعلم جيدًا أن هذا لم يكن يومًا هدفه الحقيقي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
نتيجة اللوتري 2025.. ماذا بعد الفوز في قرعة الهجرة العشوائية لأميركا؟
القرعة العشوائية (أو برنامج تأشيرات التنوع – DV Lottery) هي فرصة يحصل عليها الأفراد من دول معينة للحصول على تأشيرة هجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية.
تنظم وزارة الخارجية الأميركية هذه القرعة سنويا، وتستهدف الأشخاص الذين ينتمون إلى دول ذات معدل هجرة منخفض إلى الولايات المتحدة. يتم اختيار الفائزين بشكل عشوائي، ويُمنح لهم فرصة التقديم للحصول على تأشيرة هجرة من خلال برنامج التنوع.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قضية الطالبة التركية أوزتورك تهدد بأزمة دستورية في أميركاlist 2 of 2ترامب يقرر احتجاز المهاجرين في غوانتانامو وكوبا تنددend of list كيف أعرف أنني فزت؟للتأكد من فوزك في القرعة العشوائية، يجب أن تقوم بمتابعة النتائج عبر موقع وزارة الخارجية الأميركية. يتم الإعلان عن الفائزين في الرابع من مايو/أيار 2025، ويمكنك التحقق من ذلك عبر الرابط المخصص للتحقق من النتائج باستخدام الرقم التأكيدي الذي حصلت عليه عند التقديم.
الخطوة الأولى: الدخول إلى الموقع الرسمي للقرعة العشوائية www.dvlottery.state.gov.
الخطوة الثانية: إدخال الرقم التأكيدي الذي حصلت عليه أثناء تقديم الطلب.
الخطوة الثالثة: استعراض النتيجة لمعرفة ما إذا كنت من بين الفائزين.
الخطوات التفصيلية بعد الفوز التحقق من الأهلية:بعد التأكد من الفوز، يجب أن تتحقق من أنك تستوفي جميع متطلبات الهجرة، بما في ذلك المستوى التعليمي أو الخبرة المهنية المطلوبة.
إعلانيجب أن تكون من دولة مؤهلة وفقا للقوانين الأميركية.
إعداد الأوراق والمستندات:جمع كافة المستندات المطلوبة، مثل جواز السفر، شهادة الميلاد، صور شخصية حديثة، شهادات التعليم أو الخبرة المهنية، صحيفة الحالة الجنائية من البلدان التي عشت فيها لأكثر من 6 أشهر منذ سن 16 عاما، وغيرها من الوثائق الضرورية.
ملء نموذج DS-260:يجب عليك ملء النموذج DS-260 عبر الإنترنت، الذي يعد جزءا من عملية التأشيرة. يتضمن النموذج معلومات شخصية وتفاصيل عن خلفيتك.
إجراء الفحص الطبي:إجراء فحص طبي من قبل أطباء معتمدين من قبل السفارة الأميركية. يتطلب هذا الفحص تقديم نتائج طبية تثبت أنك لست مصابا بأمراض تمنع دخولك إلى الولايات المتحدة.
بعد تقديم نموذج (دي إس 260) DS-260 والفحص الطبي، ستتم دعوتك لحضور مقابلة في السفارة الأميركية في بلدك. يتم خلال هذه المقابلة مراجعة مستنداتك، والتأكد من صحة المعلومات.
قد تشمل الأسئلة المحتملة في المقابلة معلومات عن خلفيتك، الغرض من الهجرة، والروابط مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى استفسارات حول تاريخك الجنائي والصحي.
دفع رسوم التأشيرة:إذا تمت الموافقة على طلبك، ستحتاج لدفع رسوم التأشيرة في السفارة الأميركية.
انتظار إصدار التأشيرة:بعد الموافقة على المقابلة، سيتم إصدار تأشيرتك وتحديد موعد السفر إلى الولايات المتحدة.
أسئلة شائعة هل يمكنني التقديم في أكثر من مرة؟لا، يجب التقديم مرة واحدة فقط خلال فترة التقديم. إذا قمت بتقديم طلب آخر في العام نفسه، سيتم استبعاد طلبك.
هل يمكنني التقديم مع العائلة؟نعم، يمكنك التقديم مع زوجتك وأولادك الذين لم يتجاوزوا 21 عاما.
هل يمكنني تعديل معلوماتي بعد تقديم الطلب؟لا يمكنك تعديل بياناتك بعد تقديم الطلب. يجب التأكد من صحة المعلومات قبل تقديم الطلب.
إعلان ماذا يحدث إذا لم أتمكن من إجراء المقابلة في الوقت المحدد؟إذا لم تتمكن من إجراء المقابلة في الوقت المحدد، فقد تفقد فرصتك في الحصول على التأشيرة، ولكن يمكن طلب إعادة تحديد الموعد في بعض الحالات.
هل أحتاج إلى محام للهجرة؟ليس من الضروري أن يكون لديك محام للهجرة، لكن إذا كان لديك أسئلة معقدة أو تحتاج إلى مساعدة إضافية، يمكنك استشارة محام.
متى تحصل على الجنسية الأميركية؟الحصول على الإقامة الدائمة: بمجرد وصولك إلى الولايات المتحدة وحصولك على بطاقة الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء)، يمكنك العيش والعمل بشكل قانوني في البلاد.
التقدم للحصول على الجنسية: بعد مرور 5 سنوات من الحصول على الإقامة الدائمة، يمكنك التقدم بطلب للحصول على الجنسية الأميركية إذا كنت تستوفي الشروط المطلوبة، مثل إتقان اللغة الإنجليزية، وفهم القوانين الأميركية.
كما يجب أن تكون قد أقمت في الولايات المتحدة بشكل مستمر لمدة 5 سنوات (1825 يوما)، مع قضاء نصف هذا الوقت داخل الولايات المتحدة (912 يوما). بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون قد عشت في الولاية أو المنطقة المحلية التي قدمت فيها طلب التجنيس لمدة 3 أشهر على الأقل.
إتمام هذه المراحل يتطلب التزاما دقيقا بالقوانين والإجراءات الرسمية، ولكنها تمثل فرصة رائعة للعديد من الأشخاص لتحقيق حلم الهجرة إلى الولايات المتحدة.