عربي21:
2025-04-14@16:15:37 GMT

عن المعارضة والاصطفاف والمعارك الآمنة

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

كشفت تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب وإصراره على أن تضطلع الدولة المصرية مع الأردنية بدورٍ في لحظة ما بعد الحرب في غزة؛ عن طور آخر من الغرابة التي يتصف بها فصيل من المعارضة المصرية، التي سرعان ما لهثت إلى إعلان "اصطفافها" إلى جانب الموقف المُعلن حتى الآن للدولة المصرية في وجه مشروع ترامب الرامي لتهجير سكان قطاع غزة.



ربما حاول الكثيرون من الذين أعلنوا اصطفافهم، أن يخرجوا من دائرة المزايدات الوطنية والفصل بين موقفهم من النظام وموقفهم مع الدولة المصرية، وسيادتها، لكن ذلك الموقف الذي وإن كان نابعا من شعور وطنيّ مهموم بقضية مصيرية تواجه مصر، كان تعبيره الجليّ في أنه أوضح من في حاجة للآخر، النظام أم المعارضة؟ والإجابة المؤسفة هي أن المعارضة المصرية هي التي في حاجة إلى النظام أكثر من حاجة النظام إليها في ذلك الموقف الحساس.

منذ الثالث من تموز/ يوليو، كان النظام المصري، واضحا منذ لحظته الأولى في احتكاره لقضايا الأمن القومي وإقصائه لكل الهيئات التمثيلية للشعب المصري من أن يكون لها صوتا في أي مسألة تخص الأمن القومي بالتحديد، وهذا ما أثبتته منذ اللحظة الأولى قضية جزيرتيّ "تيران وصنافير" اللتين لم يأبه النظام لأي صوت خرج منددا بما تمثله تلك الخطوة من خيانة عظمى وتفريط يحددهُما الدستور المصري ذاته، بل إن القضاء المصري قد أدان المحامي "خالد علي" -في مفارقة غريبة- لأنه قرر أن يدافع عن سيادة بلاده وحدودها.

بخلاف "تيران وصنافير"، مرّت عشر سنوات من التعتيم والتجهيل الخاصة بقضية أمن قومي أكثر حساسية، هي قضية الأمن المائي وإدارة مصر لمسألة سد النهضة الإثيوبي في دهاليز مظلمة لا يعرف عنها الشعب شيئا سوى تصريحات شعبوية للاستهلاك المحلي أطلقها الرئيس من عيّنة "العفي محدش يقدر ياكل لقمته" و"لا يليق بنا أن نقلق أبدا" أو "اللي عايز يجرب يجرّب"، ورغم محاولات المعارضة المصرية أن تأخذ دورا في مسار تلك القضية الحساسة، إلّا أن محاولاتها كانت بمثابة آذان في مالطا.

لقد همَّش النظام المصري، وقضى على أي دور حقيقي للمعارضة طيلة عشرة سنوات، والآن تحاول المعارضة الاصطفاف، من أجل نفسها، وإثبات جدوى "الصوت" كأن له أهمية حقا في تلك اللحظة الفارقة رغم أنه كان معدوم الأهمية في كل لحظة فارقة مضت! المفارقة الأكبر أنه لم تمض سوى سنة وبضعة أشهر على إثبات السيسي مدى احتقاره للمعارضة، وجزاؤه لها جزاء "سنمار"

وفي قضية فلسطين ذاتها، وبعد أن فتحت الميادين المصرية في أعقاب خطابه الشهير "أرسلوهم إلى صحراء النقب" مع المستشار الألماني "شولتز"، نزلت فصائل من المعارضة إلى الشارع في نفس الوقت الذي سيق فيه رجال صبري نخنوخ وحزب مستقبل وطن في أماكن بعينها، وما أن قررت المعارضة أن تستفرد بالميادين لنفسها، نكَّل بها النظام ورجاله، وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية الذي يعود إلى حزيران/ يونيو من العام الماضي، يقبع أكثر من 123 شخصا في السجون لتضامنهم مع الفلسطينيين من خلال التظاهر السلمي، ومنهم أطفال وُجهت لهم تهم الإرهاب المعتادة.

على أي حال، سيكون من القسوة والسخف لوم أناسا لأنهم قرروا أن يعبروا عن موقف وطني رافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية لمجرد أنَ هذا الموقف اتسق مع موقف النظام في مصر، ولكن الغرض الرئيسي من كتابة تلك الكلمات، هو التعبير عن التناقض واللاجدوى الكامنة داخل مصطلح "الاصطفاف" الخاص بالمعارضة المصرية، التي فوتت الكثير من الفرص كان الأجدر بها أن تصطف فيها.

في آخر الفرص الضائعة من أجل "اصطفاف" حقيقي، فوتت المعارضة المصرية على نفسها فرصة أن تصطف حقا في الأيام القليلة التي سبقت طوفان الأقصى، حول المرشح الرئاسي أحمد طنطاوي، فبينما كان الرجل يخوض معركته بشكل شبه منفرد وأعزل تماما من أي وسائل ضغط على النظام، سواء من قوى خارجية أو مساحات داخلية لتجمع الحشود والتفافهم حوله، قرر فصيل من المعارضة أن يغرقه في معارك هامشية بلهاء، سابقة كثيرا لأوانها، خاصة بموقفه من المرأة والختان ومجتمع الميم عين.

بعد أن استبعد الرجل من السباق الانتخابي، قرر فصيل آخر من المعارضة يمثله المرشح الرئاسي "فريد زهران" أن يمضي في طريقه مُعطيا شرعية التنافس لانتخاب السيسي لولاية ثالثة وربما أبدية، وفي خضم تسارع الأحداث في المنطقة العربية، اُعتقل السيد "طنطاوي" في صمت سلس من البيروقراطية القضائية التي نجحت في ألَّا تجعل من الرجل شهيدا أو رمزا، حيث إنه سُجن في قضية تزوير. وبعد ما يقارب عام من القبض عليه، لم يجد اصطفافا حتى الآن يليق بموقفه الذي قدمه في وقت ظن الجميع أن النظام في مصر كليّ القدرة وكليّ البطش وألا صوتا سيعلو فوق صوته، لأنه لن يفكر أحد في ذلك من الأساس من فرط القمع وتكميم الأفواه.

نهاية، إن كان ترامب يوجه كلماته الواحدة تلو الأخرى، إلى "الجنرال" السيسي شخصيا لا إلى الشعب المصري أو الحكومة، وإن كان السيسي بدوره يرد عليه من خلال حشد جوقة بلطجية نخنوخ ومستقبل وطن، على الحدود مع رفح، تعبيرا عن الغضب الشعبي المصري، في مشهد كوميدي يمكنك أن تراهن على أنه أضحك ترامب حينما سمع به، فما جدوى أن تسعى المعارضة لاهثة لإعلان "اصطفافها" إلى جانب نظام دؤوب جدا في تعبيره عن احتقارها بكل شكل ممكن من الأشكال؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب المصرية غزة المعارضة السيسي مصر السيسي غزة معارضة تهجير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعارضة المصریة من المعارضة

إقرأ أيضاً:

زعيم المعارضة بتنزانيا يواجه تهما بالخيانة وإحداث الفوضى

وجّه القضاء في تنزانيا تهمة الخيانة إلى زعيم المعارضة والمرشح السابق للرئاسة توندو ليسو الذي قاد مظاهرات في عموم البلاد تطالب بالعدالة والإصلاح السياسي طيلة الأسابيع الماضية.

واعتقل ليسو يوم الأربعاء الماضي بعد أن ألقى كلمة أمام حشد من الجماهير طالب فيها بإجراء إصلاحات سياسية قبل الانتخابات المقررة في شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم.

ويترأس توندو ليسو حزب "تشاديما" أحد أكبر أحزاب المعارضة حضورا في البلاد.

ولدى الحزب حاليا 20 مقعدا من أصل 339، ويقود حملة انتخابية سابقة لأوانها تحت شعار "لا إصلاحات لا انتخابات".

مسيرة من النضال والأخطار

بدأ ليسو حياته السياسية من بوابة الحقوق والدفاع عن المظلومين حيث تدرب محاميا في بريطانيا وتنزانيا في تسعينيات القرن الماضي.

وعندما توجّهت البلاد نحو التعددية السياسية عام 1995 دخل المعترك الانتخابي ونافس في الحصول على مقعد في البرلمان.

ورغم أنه لم يدخل المجلس التشريعي في تلك الانتخابات، فإنه أصبح معروفا، وذاع صيته في الأوساط السياسية بسبب ترشحه وعمله في منظمة غير ربحية في تنزانيا تسعى إلى جمع التحقيقات عن الانتهاكات الحقوقية والإنسانية.

ومن حزب "تشاديما" انتخب نائبا في البرلمان عام 2010، وبدأ يتدرج في المناصب القيادية للحزب حتى أصبح رئيسا له في العام الماضي بعد منافسة قوية من داخل الأعضاء التنفيذيين.

إعلان

في العام 2020 ترشح توندو ليسو للانتخابات الرئاسية، لكن التحالف بين جون ماغوفولي وسامية صولوحو الرئيسة الحالية للبلاد حال بينه وبين تحقيق طموحه.

يوصف ليسو بأنه شغوف بالسياسة ويسعى جاهدا لإحداث التغيير، لكنه متفرّد بالقرارات، ولا يتبنّى أي طرح يخالف آراءه وتوجهاته.

الاعتقال ومحاولة الاغتيال

اعتقل ليسو 8 مرات في سنة 2017 وحدها، ووجهت له تهم تتعلق بالتحريض والإخلال بالسكينة العامة، وبعد خروجه من السجن تعرض لمحاولة اغتيال عند مغادرته لمنزله في "دودوما" العاصمة الإدارية لجمهورية تنزانيا، إذ أطلق عليه مسلّحون مجهولون 16 طلقة نارية.

مناصرون لزعيم حزب تشاديما يرددون شعارات مؤيدة له أمام المحكمة الابتدائية في دار السلام (رويترز)

وبعد حادثة محاولة الاغتيال ذهب ليسو لكينيا وبلجيكا للعلاج، وظل يراقب الوضع السياسي حتى عاد للبلاد في 2020 وخاض السباق الانتخابي ضد الرئيس الراحل جون ماغوفولي.

وبعد الانتخابات الرئاسية في نهاية 2020 تلقى ليسو تهديدات بالقتل جعلته يغادر البلاد مرة أخرى، لكن بعد وفاة الرئيس السابق ماغوفولي وتولّي سامية صولوحو منصب رئيس الجمهورية عاد مجددا في سنة 2023 وحظي باستقبالات واسعة من قبل مناصريه، وبدأ في استعادة نشاطه السياسي حتى تولّى قيادة حزب تشاديما العام الماضي.

ورغم أن البرلمان في تنزانيا أقر قانونا خلال السنة المنصرمة يقضي بإصلاح لجنة الانتخابات، وإعطائها مزيدا من الاستقلالية فإن أحزاب المعارضة مازالت تطالب بإصلاحات أكثر.

ويهدد حزب "تشاديما" برئاسة توندو ليسو بمقاطعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إذا لم تتم إصلاحات أوسع على العملية الانتخابية التي يقول إنها لصالح الحزب الحاكم.

ويرى بعض المراقبين أن مقاطعة الانتخابات قد تضر بالحزب، إذ سيغيب صوته عن قبة البرلمان التي يمثل فيها حاليا بـ20 نائبا.

إعلان اتهامات خطرة

وخلال الأسابيع الماضية، دعا حزب تشاديما إلى مظاهرات في جميع أنحاء البلاد للمطالبة بالإصلاحات السياسية، مما جعل الحكومة تعتقله وتوجه له اتهامات بالخيانة التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

ويقول محاميه وأنصاره بأن هذه الاتهامات تقف وراءها دوافع سياسية هدفها إبعاد الحزب ورئيسه عن المشهد السياسي.

مقالات مشابهة

  • الخليفة يوثق لمعارك الكتلة الديمقراطية الممهدة للتناوب التوافقي في المغرب
  • نائب المصري الديمقراطي: الحضارتان المصرية واليونانية شكّلتا جزءًا جوهريًّا من إرث الإنسانية
  • استبعاد حزب المعارضة الرئيسي في تنزانيا من الانتخابات العامة وسط اتهامات بالخيانة لزعيمه
  • تنزانيا تُقصي حزب المعارضة الرئيسي من الانتخابات وسط انتقادات واسعة
  • إزالة الحواجز الإسمنتية التي وضعها النظام البائد أمام مبنى أمن الدولة في حي المحافظة بمدينة حلب وفتح الطرقات المحيطة لتسهيل حركة مرور الآليات
  • الهند تقر مشروع قانون مثير للجدل بشأن ممتلكات المسلمين
  • قتلى بمظاهرات ضد قانون إصلاح الأوقاف الإسلامية بالهند
  • الدولار.. الضحية الأحدث لفوضى الرسوم الجمركية
  • زعيم المعارضة بتنزانيا يواجه تهما بالخيانة وإحداث الفوضى
  • إمام أوغلو يمثل أمام المحكمة في إسطنبول بتهمة إهانة المدعي العام