عن المعارضة والاصطفاف والمعارك الآمنة
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
كشفت تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب وإصراره على أن تضطلع الدولة المصرية مع الأردنية بدورٍ في لحظة ما بعد الحرب في غزة؛ عن طور آخر من الغرابة التي يتصف بها فصيل من المعارضة المصرية، التي سرعان ما لهثت إلى إعلان "اصطفافها" إلى جانب الموقف المُعلن حتى الآن للدولة المصرية في وجه مشروع ترامب الرامي لتهجير سكان قطاع غزة.
ربما حاول الكثيرون من الذين أعلنوا اصطفافهم، أن يخرجوا من دائرة المزايدات الوطنية والفصل بين موقفهم من النظام وموقفهم مع الدولة المصرية، وسيادتها، لكن ذلك الموقف الذي وإن كان نابعا من شعور وطنيّ مهموم بقضية مصيرية تواجه مصر، كان تعبيره الجليّ في أنه أوضح من في حاجة للآخر، النظام أم المعارضة؟ والإجابة المؤسفة هي أن المعارضة المصرية هي التي في حاجة إلى النظام أكثر من حاجة النظام إليها في ذلك الموقف الحساس.
منذ الثالث من تموز/ يوليو، كان النظام المصري، واضحا منذ لحظته الأولى في احتكاره لقضايا الأمن القومي وإقصائه لكل الهيئات التمثيلية للشعب المصري من أن يكون لها صوتا في أي مسألة تخص الأمن القومي بالتحديد، وهذا ما أثبتته منذ اللحظة الأولى قضية جزيرتيّ "تيران وصنافير" اللتين لم يأبه النظام لأي صوت خرج منددا بما تمثله تلك الخطوة من خيانة عظمى وتفريط يحددهُما الدستور المصري ذاته، بل إن القضاء المصري قد أدان المحامي "خالد علي" -في مفارقة غريبة- لأنه قرر أن يدافع عن سيادة بلاده وحدودها.
بخلاف "تيران وصنافير"، مرّت عشر سنوات من التعتيم والتجهيل الخاصة بقضية أمن قومي أكثر حساسية، هي قضية الأمن المائي وإدارة مصر لمسألة سد النهضة الإثيوبي في دهاليز مظلمة لا يعرف عنها الشعب شيئا سوى تصريحات شعبوية للاستهلاك المحلي أطلقها الرئيس من عيّنة "العفي محدش يقدر ياكل لقمته" و"لا يليق بنا أن نقلق أبدا" أو "اللي عايز يجرب يجرّب"، ورغم محاولات المعارضة المصرية أن تأخذ دورا في مسار تلك القضية الحساسة، إلّا أن محاولاتها كانت بمثابة آذان في مالطا.
لقد همَّش النظام المصري، وقضى على أي دور حقيقي للمعارضة طيلة عشرة سنوات، والآن تحاول المعارضة الاصطفاف، من أجل نفسها، وإثبات جدوى "الصوت" كأن له أهمية حقا في تلك اللحظة الفارقة رغم أنه كان معدوم الأهمية في كل لحظة فارقة مضت! المفارقة الأكبر أنه لم تمض سوى سنة وبضعة أشهر على إثبات السيسي مدى احتقاره للمعارضة، وجزاؤه لها جزاء "سنمار"
وفي قضية فلسطين ذاتها، وبعد أن فتحت الميادين المصرية في أعقاب خطابه الشهير "أرسلوهم إلى صحراء النقب" مع المستشار الألماني "شولتز"، نزلت فصائل من المعارضة إلى الشارع في نفس الوقت الذي سيق فيه رجال صبري نخنوخ وحزب مستقبل وطن في أماكن بعينها، وما أن قررت المعارضة أن تستفرد بالميادين لنفسها، نكَّل بها النظام ورجاله، وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية الذي يعود إلى حزيران/ يونيو من العام الماضي، يقبع أكثر من 123 شخصا في السجون لتضامنهم مع الفلسطينيين من خلال التظاهر السلمي، ومنهم أطفال وُجهت لهم تهم الإرهاب المعتادة.
على أي حال، سيكون من القسوة والسخف لوم أناسا لأنهم قرروا أن يعبروا عن موقف وطني رافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية لمجرد أنَ هذا الموقف اتسق مع موقف النظام في مصر، ولكن الغرض الرئيسي من كتابة تلك الكلمات، هو التعبير عن التناقض واللاجدوى الكامنة داخل مصطلح "الاصطفاف" الخاص بالمعارضة المصرية، التي فوتت الكثير من الفرص كان الأجدر بها أن تصطف فيها.
في آخر الفرص الضائعة من أجل "اصطفاف" حقيقي، فوتت المعارضة المصرية على نفسها فرصة أن تصطف حقا في الأيام القليلة التي سبقت طوفان الأقصى، حول المرشح الرئاسي أحمد طنطاوي، فبينما كان الرجل يخوض معركته بشكل شبه منفرد وأعزل تماما من أي وسائل ضغط على النظام، سواء من قوى خارجية أو مساحات داخلية لتجمع الحشود والتفافهم حوله، قرر فصيل من المعارضة أن يغرقه في معارك هامشية بلهاء، سابقة كثيرا لأوانها، خاصة بموقفه من المرأة والختان ومجتمع الميم عين.
بعد أن استبعد الرجل من السباق الانتخابي، قرر فصيل آخر من المعارضة يمثله المرشح الرئاسي "فريد زهران" أن يمضي في طريقه مُعطيا شرعية التنافس لانتخاب السيسي لولاية ثالثة وربما أبدية، وفي خضم تسارع الأحداث في المنطقة العربية، اُعتقل السيد "طنطاوي" في صمت سلس من البيروقراطية القضائية التي نجحت في ألَّا تجعل من الرجل شهيدا أو رمزا، حيث إنه سُجن في قضية تزوير. وبعد ما يقارب عام من القبض عليه، لم يجد اصطفافا حتى الآن يليق بموقفه الذي قدمه في وقت ظن الجميع أن النظام في مصر كليّ القدرة وكليّ البطش وألا صوتا سيعلو فوق صوته، لأنه لن يفكر أحد في ذلك من الأساس من فرط القمع وتكميم الأفواه.
نهاية، إن كان ترامب يوجه كلماته الواحدة تلو الأخرى، إلى "الجنرال" السيسي شخصيا لا إلى الشعب المصري أو الحكومة، وإن كان السيسي بدوره يرد عليه من خلال حشد جوقة بلطجية نخنوخ ومستقبل وطن، على الحدود مع رفح، تعبيرا عن الغضب الشعبي المصري، في مشهد كوميدي يمكنك أن تراهن على أنه أضحك ترامب حينما سمع به، فما جدوى أن تسعى المعارضة لاهثة لإعلان "اصطفافها" إلى جانب نظام دؤوب جدا في تعبيره عن احتقارها بكل شكل ممكن من الأشكال؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب المصرية غزة المعارضة السيسي مصر السيسي غزة معارضة تهجير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعارضة المصریة من المعارضة
إقرأ أيضاً:
باسيل يتحضّر لإطلاق هُوية المعارضة
يتوقع ان يدشن "التيار الوطني الحر" مرحلة جديدة من عمله السياسي المعارض، على ان يطلق مشروعه الجديد، الذي اعدته لجان "التيار"على مرحلتين من "أوتيل الحبتور" مساء الجمعة 14 آذار الجاري وعشية الأحد 16 من الشهر نفسه بعد خلوة سياسية لـ"التيار"، على ان يتبع "الاعلان السياسي" تعيينات جديدة في التيار على مستوى قياداته في كافة مستوياتها، تمهيدا لخوض الانتخابات البلدية والنيابية، التي بدأت ورشة الاستعداد والتحضير لها، ودرس التحالفات.
باسيل سيطلق ليل الجمعة ماكينة "التيار الوطني الحرّ" للانتخابات البلدية والنيابية، وسيعِدُ التياريين بنتائج كبيرة.
أوساط باسيل كشفت ان باسيل سيطلق خارطة سياسية جديدة تبدأ بالتموضع السياسي، وتؤكد حماية لبنان من الأخطار الوجودية، انتقالاً إلى عدم المهادنة مع "الثنائي الشيعي" وتحميله مسؤولية ضرب عهد الرئيس ميشال عون.
ووفق المعطيات، فان "التيار" الذي يعمل بشكل بطيء على استعادة قدراته التنظيمية والشعبية بعد ان بات في صفوف المعارضة، لا يلقى تجاوبا جديا معه حتى الان في الشارع المسيحي.
المصدر: لبنان 24 مواضيع ذات صلة خطى "أبل" تتعثر في تحديثات "سيري" و"Apple Intelligence" Lebanon 24 خطى "أبل" تتعثر في تحديثات "سيري" و"Apple Intelligence" 12/03/2025 08:16:32 12/03/2025 08:16:32 Lebanon 24 Lebanon 24 باسيل يُعلن عن التوجه إلى المعارضة "الإيجابية والبنّاءة" Lebanon 24 باسيل يُعلن عن التوجه إلى المعارضة "الإيجابية والبنّاءة"
12/03/2025 08:16:32 12/03/2025 08:16:32 Lebanon 24 Lebanon 24 "إكس" تتيح توجيه أسئلة إلى روبوت الدردشة "غروك" Lebanon 24 "إكس" تتيح توجيه أسئلة إلى روبوت الدردشة "غروك"
12/03/2025 08:16:32 12/03/2025 08:16:32 Lebanon 24 Lebanon 24 إلهام شاهين ترد على انتقاد "اعتماد" في "سيد الناس" Lebanon 24 إلهام شاهين ترد على انتقاد "اعتماد" في "سيد الناس"
12/03/2025 08:16:32 12/03/2025 08:16:32 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص رادار لبنان24 قد يعجبك أيضاً
جلسة مجلس الوزراء غدا اختبار عملي للتعيينات.. إجتماع موسّع في دارة ميقاتي بطرابلس الجمعة
Lebanon 24 جلسة مجلس الوزراء غدا اختبار عملي للتعيينات.. إجتماع موسّع في دارة ميقاتي بطرابلس الجمعة
02:00 | 2025-03-12 12/03/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 خدم في المارينز ومن أصول لبنانية.. ترامب يعين سفيرا جديدا لأميركا في تونس
Lebanon 24 خدم في المارينز ومن أصول لبنانية.. ترامب يعين سفيرا جديدا لأميركا في تونس
00:06 | 2025-03-12 12/03/2025 12:06:24 Lebanon 24 Lebanon 24 لا تعيينات إدارية في القريب العاجل..
Lebanon 24 لا تعيينات إدارية في القريب العاجل..
23:42 | 2025-03-11 11/03/2025 11:42:01 Lebanon 24 Lebanon 24 "إعلان النيات" الحكومي رهن خطوات تنفيذية
Lebanon 24 "إعلان النيات" الحكومي رهن خطوات تنفيذية
23:33 | 2025-03-11 11/03/2025 11:33:03 Lebanon 24 Lebanon 24 "الثنائي الشيعي" يتجه لتعميم التجربة الحكوميّة بلدياً وإختيارياً
Lebanon 24 "الثنائي الشيعي" يتجه لتعميم التجربة الحكوميّة بلدياً وإختيارياً
23:29 | 2025-03-11 11/03/2025 11:29:52 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
الحرارة ستنخفض 21 درجة بقاعاً.. لا تفرحوا كثيرا بالطقس الربيعي استعدوا لـ "غدر" آذار
Lebanon 24 الحرارة ستنخفض 21 درجة بقاعاً.. لا تفرحوا كثيرا بالطقس الربيعي استعدوا لـ "غدر" آذار
04:31 | 2025-03-11 11/03/2025 04:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصورة... وفاة ممثلة في حادث سير مروّع وإصابة 3 من زميلاتها!
Lebanon 24 بالصورة... وفاة ممثلة في حادث سير مروّع وإصابة 3 من زميلاتها!
06:59 | 2025-03-11 11/03/2025 06:59:00 Lebanon 24 Lebanon 24 للمرة الخامسة... فنانة تُفاجئ الجميع بخبر زواجها
Lebanon 24 للمرة الخامسة... فنانة تُفاجئ الجميع بخبر زواجها
06:09 | 2025-03-11 11/03/2025 06:09:57 Lebanon 24 Lebanon 24 هذه هوية المُستهدف في الغارة على جنوب لبنان اليوم
Lebanon 24 هذه هوية المُستهدف في الغارة على جنوب لبنان اليوم
08:55 | 2025-03-11 11/03/2025 08:55:41 Lebanon 24 Lebanon 24 أصيب بسكتة قلبية.. النجم الشهير ابن 43 عاما عُثر عليه ميتا داخل منزله (صورة)
Lebanon 24 أصيب بسكتة قلبية.. النجم الشهير ابن 43 عاما عُثر عليه ميتا داخل منزله (صورة)
03:57 | 2025-03-11 11/03/2025 03:57:13 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب
"خاص لبنان24" أيضاً في لبنان
02:00 | 2025-03-12 جلسة مجلس الوزراء غدا اختبار عملي للتعيينات.. إجتماع موسّع في دارة ميقاتي بطرابلس الجمعة 00:06 | 2025-03-12 خدم في المارينز ومن أصول لبنانية.. ترامب يعين سفيرا جديدا لأميركا في تونس 23:42 | 2025-03-11 لا تعيينات إدارية في القريب العاجل.. 23:33 | 2025-03-11 "إعلان النيات" الحكومي رهن خطوات تنفيذية 23:29 | 2025-03-11 "الثنائي الشيعي" يتجه لتعميم التجربة الحكوميّة بلدياً وإختيارياً 23:26 | 2025-03-11 كنيسة لبنان تقف بحذر خلف البطاركة السوريين فيديو "جابتلي المرض".. حسام حبيب يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل خلافاته مع شيرين عبد الوهاب شاهدوا الفيديو
Lebanon 24 "جابتلي المرض".. حسام حبيب يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل خلافاته مع شيرين عبد الوهاب شاهدوا الفيديو
00:20 | 2025-03-12 12/03/2025 08:16:32 Lebanon 24 Lebanon 24 دعما لإيلون ماسك.. هذا ما سيشتريه ترامب (فيديو)
Lebanon 24 دعما لإيلون ماسك.. هذا ما سيشتريه ترامب (فيديو)
16:27 | 2025-03-11 12/03/2025 08:16:32 Lebanon 24 Lebanon 24 "خرابة بيوت وفاتنة ست اليأس".. هكذا وصف رامز جلال ضيفته الجميلة (فيديو)
Lebanon 24 "خرابة بيوت وفاتنة ست اليأس".. هكذا وصف رامز جلال ضيفته الجميلة (فيديو)
01:12 | 2025-03-11 12/03/2025 08:16:32 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24