البوابة نيوز:
2025-02-11@13:10:25 GMT

فى محبة راهب الأدب مصطفي بيومي

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

جمعتنى صفحات التواصل عبر الفيسبوك بعمى الأديب الراحل مصطفى بيومي، نعم، قبل تسع سنوات مضت لم أكن على علم بأن الموسوعى الكبير هو ابن خال والدى رحمه الله، تابعت صورة البروفايل ووقفت مشدوهة أمامها دقائق.. ياالله، هذا الرجل قريب الشبه لأبى، تسللت عبر صفحته الشخصية، مصطفى بيومى – كاتب وروائى مصرى – مواليد صندفا – المنيا، زاددت دهشتى والدى أيضًا من مواليد المركز والمحافظة، سارعت فرحة بإرسال طلب صداقة لأكتشف عالم هذا الموسوعى الثرى، ولكن خاب أملى فى قبول الطلب على مدار أسبوع كامل ولم أعاود فى طلبه مرة أخرى.

. فى إحدى المساءات الباردة تواصل معى عبر الماسنجر وطلب رقم هاتفى بعد أن ألقى علىَّ التحية وبادرنى بسؤاله "انتى مى بنت مختار عبد الوهاب؟"، أجبته "أيوه، حضرتك تعرف أبويا؟"، جاءنى صوته حنونًا "أنا عمك مصطفى على بيومى يا مى، ابن خال أبوكى وصاحبى رغم فرق السن"، نطقت كلمة عمى مندهشة، لم يجعلنى أستسلم لشرودى كثيرًا واسترسل فى حديثه معى.. كان متابعًا لمنشوراتى على صفحتى الشخصية على مدار الأسبوع وكانت مفاجأة له أن مى بنت مختار نبتة فى عالم الأدب تكتب الشعر والقصة وتواصل معى بعدها وأعلن عن رغبته مقابلتى فى مكتبه بجريدة "البوابة" فى أقرب وقت.

١١ ديسمبر٢٠١٧ تاريخ لن يمحى من ذاكرتى أبدًا.. اللقاء الأول وما أمتعه لقاء وكأن أبى عاد للحياة من جديد.. لحظتها آمنت بالاستنساخ فى البشر رغم أننى ضد هذا الأمر تمامًا، آخر لقاء بيننا كان عمرى خمسة وقت أن كان عمى طالبًا بكلية الإعلام بجامعة القاهره زائرًا لمنزل جدتى برفقة أبى، بعدها لم أره أبدًا وسحقتنا الحياة.. فى طريقى إلى مكتبه حاصرتنى الأسئلة، كيف سأبدو له بعد سنوات الغياب، وماذا سيبدو لى، ماذا أخبره عنى؟، طرقت باب مكتبه مرتبكة قلقة، أذن لى بالدخول رأيته جالسًا خلف مكتبه بين أوراق مبعثرة وأقلام من الرصاص التى لا تفارقه الكتابة وأقداح قهوة فارغة وكثير من رماد وأعقاب السجائر بالمطفأة، ابتسم لى ابتسامة هادئة وأذن لى بالجلوس جلست ودقات قلبى لا أستطيع إيقافها، لمح قلقى وأطال النظر إلىَّ دون أن يتفوه بكلمة وكأنه يستعيد ذكريات صورة الطفلة صاحبة الأعوام الخمسة والتى يراها اليوم امرأة متحققة فى أواخر الأربعين، أخفى دخان سجائره ملامح وجهه قليلًا، قطع الصمت بيننا بعد سماعى لصوت المطربة نور الهدى من خلال جهاز الكمبيوتر القريب من مكتبه وبادرت بسؤاله "حضرتك بتحب تسمع نور الهدى؟"، أجاب مبتسمًا "طبعًا، نور الهدى دى صوت قريب من القلب"، فى جلستنا الأولى سألنى عن أحوالى وأسرتى الجديدة وعملى وهواياتى وكتاباتى وطلب منى الحكى عن طفولتى ومراهقتى ومرحلتى الجامعية، سردت له كل شيء يخصنى ويخص أشعارى وكتاباتى حبيسة الأدراج سنوات، كان يسمعنى باهتمام ويراقب انفعالاتى التى سرعان ما كانت تتحول من سعادة ومرح إلى حزن ودموع، حركات رزينة لامرأة أربعينية وأخرى طفولية لطفلة الخامسة، كان منصتًا جيدًا لحكاياتى قرابة ساعتين وأكثر لم يقاطعنى فيها إلا قليلًا فقط لتشغيل أغنية قديمة أخرى لأم كلثوم، انتهيت من الحكى وطلب منى كتابة كل الحكى على الورق، سألته عن السبب وجاءت الإجابة صادمة لى "أنتِ يا مى مشروع روائية هايلة، إنسى الشعر" وطلب منى إرسال أوراق الحكى لقراءتها، وقبل أن أهمّ بمغادرة مكتبه أهدانى كتابه الأقرب إلى قلبه الصادر وقتها حديثًا (النبش فى الذاكرة) مع إهداء لطيف لا أنساه، من جلسة واحدة استطاع فيها تحليل شخصيتى "العزيزة مى، عصير النقاء والطفولة والجنون الجميل"، هذا الكتاب كتاب بوح لمصطفى بيومى بأسرار علاقاته بأحبائه الذين تركوا فى حياته بصمات غير عادية، تسعون شخصيه يشاركونه أحلامه فى اليقظة والنوم وميلاد رواياته، ما أجمل مشاعرك أيها النبيل الراقى فجميع أحبائه من الموتى لكنه لرقة قلبه يقول إن الأحبة لا يغادرون القلب ويظلون أحياء، أم كلثوم، هنرى باربوس، ساندرا بولوك، صلاح عبد الصبور، ليلى مراد، نور الهدى، يحى حقي، الشيخ محمد رفعت، ديستويفسكى وكثيرون من قائمة التسعين.

رافقنى إلى باب المصعد وطلب منى التواصل وعدم الانقطاع مرة أخرى، اجتهدت وكتبت كل الحكى والتقينا بعدها مرات ومرات داخل «البوابة» وفى منزله وأحيانا فى مقهى الفيشاوى، فتح لى أسرار خزائن الكتابة وفتح لى خبايا أسراره أيضًا وصرنا صديقين مقربين، وفى أحد اللقاءات وضعت بين يديه أوراق الحكى، كان سعيدًا لحماسى ونشاطى وعشقى للكتابة وتحولت الأوراق خلال عام واحد فقط إلى رواية اختار لى هو اسمها (شفق)، راجعها باهتمام وصحح أخطاءها اللغوية وحذف ما حذف.. بعدها صدرت رواية "شفق" عن دار المعارف فى عام ٢٠١٨ أى بعد عام من لقائى به ولأول مره يوضع اسمى أسفل كلمة رواية بفضل الأديب الراحل ليحقق لى حلمًا من أحلامى المؤجلة.

أفنى مصطفى بيومى عمره دفاعًا عن ثقافة هذا البلد دون كلمة شكر أو امتنان لموهبته الفذة، ماذا عمن قرأ أعمالهم ونصحهم بمحبة أب وإنسان قبل أن يكون كاتبًا؟، ماذا عن عشرات العناوين التى أنتجها فى الرواية والأعمال النقدية؟، ماذا عن مئات المقالات والحوارات؟، رجل بمثابة أرشيف للثقافة والأدب والفن، تجاوزته الدولة فى احتفالاتها وجوائزها فلا يليق أن يتجاوزه من نصحهم وكتب عنهم ودفع بهم إلى عالم الأدب بمحبة أب، وهذا ما يجب أن نعيد النظر فيه.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مصطفى بيومي نور الهدى

إقرأ أيضاً:

الاتحاد العربي للتايكوندو يعقد اجتماع مكتبه التنفيذي بإمارة الفجيرة

على هامش إقامة بطولة العرب وبطولة الفجيرة الدولية المفتوحة للتايكوندو المتواصلة فعالياتها حاليا بهذه الإمارة، عقد الاتحاد العربي للتايكوندو يوم أمس السبت 08 فبراير اجتماع مكتبه التنفيذي الذي افتتح بكلمة رئيسه الأستاذ إدريس الهلالي وبكلمة رئيس اتحاد الإمارات الدكتور أحمد زيدان اللذان رحبا بكل الأعضاء الحاضرين، وخلال هذا الاجتماع تمت المصادقة على محضر الاجتماع الأخير الذي تلاه كل من أمين سر الاتحاد السيد حسن اسماعيلي ونائبه السيد سامي الراشيد ، كما تمت أيضا مناقشة العديد من النقط المدرجة على جدول الاجتماع من قبل أعضاء المكتب التنفيذي والذين تقدموا بالعديد من الاقتراحات التي تندرج في إطار تعزيز مختلف المكتسبات التي مافتيء يحققها هذا الاتحاد على كل الأصعدة وكذا تلك التي من شأنها أن تضمن له توهج إشعاعه مستقبلا .
كما تميزت نهاية هذا الاجتماع أيضا بالاستقبال الذي خص به الأعضاء الحاضرين لرئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو الدكتور تشونغ وون تشو الذي حضر مرفوقا بكل من رئيس الاتحاد الآسيوي الأستاذ لي ورئيس الاتحاد الإفريقي إدي أسكا وبعض أعضاء الاتحاد الدولي وشخصيات رياضية أخرى ،حيث ألقى كلمة شكر من خلالها كل رؤساء الاتحادات الوطنية العربية على مجهوداتهم المتواصلة في تبويء رياضة التايكوندو ماتستحقه من مكانة متميزة داخل بلدانهم، كما استعرض أيضا خارطة الطريق التي رصدت لهذه الرياضة خلال السنوات المقبلة ، ليقوم بعد ذلك بتكريم كل أعضاء الاتحاد العربي بمجموعة من الهدايا عربونا منه على تفانيهم في خدمة رياضة التايكوندو.
عرباوي مصطفى

مقالات مشابهة

  • مصطفى بيومي.. وداعًا شجرة الصنوبر
  • اقرأ غدًا في «البوابة»| راهب في محراب الأدب.. باقة حب إلى روح المبدع الكبير مصطفى بيومي
  • خالد عبدالرحيم يكتب: مصطفى بيومي.. حين تنطفئ الشموع ويبقى النور
  • مصطفي بيومي.. الرجل الذي عاش بالكلمات ومات وحيدًا
  • مصطفي بيومي.. الاستثنائى الجميل الذى ندين له كُتابًا وقُرًاء ومُثقفين
  • مصطفي بيومي .. الإنسان قبل الكاتب
  • مصطفى بيومي.. ناقد أنصف «المسكوت عنه فى الأدب والحياة»
  • مصطفى بيومي.. مثقف عضوي ارتبط بالمجتمع
  • الاتحاد العربي للتايكوندو يعقد اجتماع مكتبه التنفيذي بإمارة الفجيرة