الخليج الجديد:
2024-07-06@02:59:47 GMT

الأردن والفرصة الأخيرة للإصلاح

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

الأردن والفرصة الأخيرة للإصلاح

الفرصة الأخيرة للإصلاح الأردني

ما الضمانات المتبادلة المطلوبة بين مراكز القرار والقوى السياسية والمدنية الأخرى؟

إذا خسرت مؤسّسات الدولة امتحان المصداقية بعد ذلك كلّه، فلا مجال لاستعادته لاحقاً، وكلفة ذلك ستكون كبيرة.

كيف نجمع بين مسار الانتقال نحو الحكومة الحزبية الديمقراطية والانتقال الديمقراطي من جهة والاستقرار السياسي من جهةٍ أخرى؟

انعكاسات سلبية كبيرة على مشروع التحديث السياسي أضعفت موقف الإصلاحيين والأحزاب وعزّز مواقف التيار المشكّك والمتشكك بنياتٍ مطبخ القرار.

ما الإطار الذي يعرّف (ويحدّد) القيم والمصالح الوطنية المشتركة التي يتوافق الجميع عليها وتحدّد المسموح والممنوع والخطير في قواعد اللعبة الجديدة؟

تقتضي المصلحة الوطنية العليا حماية الفرصة الأخيرة لعملية التحديث والإصلاح لأنّها ترتبط بتشريعات وسياسات ووعود وتأكيدات فلا مجال للتلاعب بالمصداقية.

سؤال جوهري يتمثل بإعادة تعريف المصلحة الوطنية العليا في اللعبة السياسية الداخلية مع التأكيد المستمرّ من الملك على المضي في مشروع "التحديث السياسي".

* * *

شهدت الفترة الأخيرة توتّراً كبيراً في العلاقة بين مؤسّسات الحكم والمعارضة السياسية والمجتمع المدني وقوى أخرى ناشطة على خلفية التراجع في ملف الحريات السياسية، ثم قانون الجرائم الإلكترونية الذي أحدث ردود فعل كبيرة متتالية سلبية وقاسية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والخارجية الأميركية وهيومن رايتس ووتش العالمية.

إلاّ أنّ التأثير الأكبر ضرراً تمثّل بالانعكاسات السلبية الكبيرة على مشروع التحديث السياسي، إذ أضعف موقف الإصلاحيين والأحزاب السياسية عموماً، وعزّز من حجج (ومواقف) التيار المشكّك والمتشكك بمدى وجود نياتٍ حقيقية لدى مطبخ القرار بالانتقال نحو حياة حزبية وحكومة حزبية ديمقراطية، وبالتالي، نسف رصيداً كبيراً من العمل المتراكم في العامين الماضيين في سبيل بناء الثقة مع جيل الشباب لهدم الجدران النفسية والثقافية بينهم وبين العمل السياسي والحزبي.

يضعنا ما حدث أمام سؤال مهم وجوهري يتمثل بإعادة تعريف المصلحة الوطنية العليا في ما يخصّ اللعبة السياسية الداخلية، في ظل التأكيد المستمرّ من الملك للمضي في مشروع "التحديث السياسي".

وتقتضي الإجابة طرح مجموعة من التساؤلات الرئيسية؛ في مقدّمتها كيف نجمع بين مسار الانتقال نحو الحكومة الحزبية الديمقراطية والانتقال الديمقراطي من جهة والاستقرار السياسي من جهةٍ أخرى؟ ما الضمانات المتبادلة المطلوبة بين مراكز القرار والقوى السياسية والمدنية الأخرى؟ ما الإطار الذي يعرّف (ويحدّد) القيم والمصالح الوطنية المشتركة التي يتوافق الجميع عليها وتحدّد المسموح والممنوع والخطير في قواعد اللعبة الجديدة؟

ثمّة مجال واسع وكبير يمكن الاتفاق عليه لترسيم معالم المرحلة المقبلة، والخروج من حالة الشك ومن المنطقة الرمادية الراهنة المسكونة بالأسئلة والتساؤلات والحيرة، ليس فقط في أوساط المعارضة، بل حتى لدى أغلب النخب السياسية في البلاد.

ولعلّ المفتاح المطلوب هو التفاهم والتوافق على أن المصلحة الوطنية العليا تتمثل اليوم وفي المستقبل بضرورة الانتقال نحو حكومات حزبية برامجية تلتزم الدستور والمصالح والقيم الوطنية المشتركة، وتقدّم برامج سياسية واقتصادية للحكم، ما يوسّع ويعزّز مساحة المشاركة السياسية والتعدّدية في أوساط اللعبة السياسية، ويردم الفجوة الواسعة من الثقة التي تكرّست في الفترة الماضية بين مؤسسات الحكم والشارع، بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية.

تتمثّل المصلحة الوطنية العليا بأن تكون مؤسّسة الملك مظلة لجميع القوى السياسية وكافلة لحماية الدستور ومصالح الدولة الاستراتيجية، ما يقتضي أن تكون هنالك طبقة عازلة سميكة تحمي المؤسّسة الملكية من الدخول في تفصيلات الأزمات السياسية والاقتصادية.

لا توجد مصلحة للدولة ولا للنظام في توريط مؤسّسة الملك بالتفاصيل التنفيذية وبمشكلات الإدارة اليومية والخدماتية والاقتصادية التي هي من شأن الحكومات والبلديات، والمفترض أن تكون من شأن الأحزاب، إذ تعكس توجهات المواطنين السياسية والاقتصادية والأيديولوجية.

وفي المقابل، المطلوب أن يتسم سلوك مؤسّسات الدولة العسكرية والأمنية والسيادية بالحيدة السياسية لحماية القيم الوطنية والمصالح العليا.

ما دام هنالك اتفاق بين الجميع على المصلحة الوطنية المشتركة، كما أوضحنا سابقاً، فالمطلوب أن يُترك العمل الحزبي لينمو بصورة طبيعية، وألا تكون هنالك تدخّلات رسمية أو تفضيلات من المؤسّسات لهذا الحزب أو ذاك، فلا فرق بين زيد أو عبيد.

فالمفترض أن تكون الدولة للجميع، وأن تكون الفرص متساوية أمامهم في لعبة التنافس السياسي، كي تكتسب شرعية ومصداقية وقبولاً من الأطراف المختلفة، وأن يتوازى ذلك مع رسالة واضحة بنزاهة الانتخابات المقبلة، لأنها امتحان حقيقي للحياة الحزبية ولجدّية الدولة ومصداقية مؤسّسة الحكم أمام الشارع.

ومن المهم أن يكون هنالك حراك سياسي شعبي حقيقي يؤدّي إلى إعادة إنتاج النخبة السياسية وبناء مسارات عادلة منصفة للجميع، للوصول إلى المواقع السياسية بناءً على قدراتهم ومهاراتهم في العمل السياسي.

تقتضي المصلحة الوطنية العليا حماية الفرصة الأخيرة لعملية التحديث والإصلاح السياسي الراهنة، لأنّها تأتي مرتبطة بتشريعات وسياسات ووعود وتأكيدات، فلا مجال هنا للتلاعب بهذه المصداقية والسمعة؛ فإذا خسرت مؤسّسات الدولة امتحان المصداقية بعد ذلك كلّه، لا مجال لاستعادته لاحقاً، وكلفة ذلك ستكون كبيرة.

*د. محمد أبورمان باحث في الإصلاح السياسي، وزير أردني سابق

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأردن الإصلاح الشرعية المجتمع المدني العمل السياسي المعارضة السياسية قانون الجرائم الإلكترونية التحدیث السیاسی أن تکون مؤس سات من جهة

إقرأ أيضاً:

الذكرى الـ 11 لانتصار الشعب.. النص الكامل لبيان 3 يوليو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحل اليوم الأربعاء، الذكرى الـ 11 لبيان 3 يوليو الذي انتصر لإرادة الشعب المصري الذي خرج في الميادين للمطالبة بإسقاط جماعة الإخوان الإرهابية. 

وجاء نص البيان كالتالي:"بسم الله الرحمن الرحيم... شعب مصر العظيم"، إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطنى، وليس دورها السياسى على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسى.

ولقد استشعرت القوات المسلحة - انطلاقا من رؤيتها الثاقبة - أن الشعب الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته.. وتلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسي آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسؤولية والأمانة.

لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلى، وإجراء مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012.. بدأت بالدعوة لحوار وطنى استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة.. ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه.

وتقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجي على المستوى الداخلي والخارجي تضمن أهم التحديات والمخاطر التي تواجه الوطن على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ورؤية القوات المسلحة بوصفها مؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعي وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.

في إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة رئيس الجمهورية في قصر القبة يوم 22 / 6 / 2013، حيث عرضت رأى القيادة العامة ورفضها للإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها لترويع وتهديد جموع الشعب المصري.

ولقد كان الأمل معقودا على وفاق وطني يضع خارطة مستقبل، ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل انتهاء مهلة الـ48 ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب.. الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة استنادا على مسؤوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد.. حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوى ومتماسك لا يقصى أحدا من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام وتشتمل هذه الخارطة على الآتى:

- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.

- يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة.

- إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.

- لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.

- تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.

- تشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتا.

- مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية.

- وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.

- اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكا في القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.

- تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.

تهيب القوات المسلحة بالشعب المصرى العظيم بكل أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمى، وتجنب العنف الذى يؤدى إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء.. وتحذر من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم ضد أى خروج عن السلمية طبقا للقانون، وذلك من منطلق مسؤوليتها الوطنية والتاريخية.

وتوجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطني العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم.

حفظ الله مصر وشعبها الأبى العظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات مشابهة

  • ما هو المشروع السياسي لقيادة الجيش؟
  • سي إن إن: الساعات القادمة قد تكون حاسمة بحياة بايدن السياسية
  • [ مودة وموضة وبردة السياسي الكتكوت اللحيمي مشروع قيادة ]
  • حكومة التحديات.. المواطن أولا
  • مؤتمر القاهرة.. الفرصة الأخيرة للقوى السياسية السودانية
  • حلم يسعى التوحيديون لتحقيقه.. هل يمكن أن تكون بورتوريكو جزءا من إسبانيا؟
  • يس محمد آدم: ملامح وحدتنا الوطنية تتجلى
  • المستشار محمود فوزي: الحكومة ستساعد في مخرجات الحوار الوطني
  • وزير الشؤون النيابية: الحكومة ستساعد في مخرجات الحوار الوطني التشريعية والتنفيذية
  • الذكرى الـ 11 لانتصار الشعب.. النص الكامل لبيان 3 يوليو