لجريدة عمان:
2025-03-14@12:23:01 GMT

الحجة الإيجابية لصالح أسعار الفائدة السالبة

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

ويليم إتش. بويتر - إبراهيم رحباري

مرة أخرى، تتصدر فكرة أسعار الفائدة السالبة العناوين الرئيسية، بعد القرار الذي اتخذه البنك الوطني السويسري «SNB» في ديسمبر بخفض سعر الفائدة إلى 0.5% فقط. عندما طُرِحَـت هذه المسألة في الماضي، شجب المعلقون أسعار الفائدة الاسمية السالبة واصفين إياها بأنها «كارثة مشؤومة»، و«مناهضة للرأسمالية»، بل وحتى «أغبى فكرة في تاريخ الاقتصاد».

ورغم أن الروايات الرسمية الصادرة عن مسؤولين في بنوك مركزية طبقت أسعار الفائدة السالبة كانت أقل قسوة في انتقادها، فإنها لم تكن متحمسة لها.

بعد أن ارتفع المخزون العالمي من الديون ذات العائد السالب إلى ذروته عند مستوى 18 تريليون دولار في أواخر عام 2020، انهار بحلول عام 2022، عندما رفعت البنوك المركزية أسعار الفائدة لاحتواء التضخم. وعندما رفع حتى بنك اليابان سعر الفائدة إلى المنطقة الإيجابية في مارس 2024، رأى في ذلك عدد كبير من المراقبين نهاية حقبة؛ إذ لم يكن من المرجح العودة إلى أسعار الفائدة السالبة قريبا.

لكن التقارير التي تحدثت عن موت أسعار الفائدة السالبة لم تخل من مبالغة شديدة. فقبل شهرين من خفض البنك الوطني السويسري لأسعار الفائدة في ديسمبر، أوضح رئيس البنك الجديد، مارتن شليجل، أنه من غير الممكن استبعاد أسعار الفائدة السالبة. ورغم أن الأسواق المالية تتوقع انخفاض أسعار الفائدة السويسرية إلى الصفر وبقائها عند هذا المستوى، فإننا نعتقد أن البنك الوطني السويسري قد يخفض أسعار الفائدة «إلى المنطقة السالبة» مرة أخرى في غضون العام المقبل.

أحد الأسباب وراء ذلك هو أن أسعار الفائدة السالبة يمكن استخدامها لمواجهة الارتفاع المفرط في قيمة العملة، وهو يمثل بالفعل مشكلة لسويسرا. في ديسمبر 2024، كان معدل التضخم السنوي لمؤشر أسعار المستهلكين 0.6% فقط، وهو ما يقع ضمن هدف التضخم الذي حدده البنك الوطني السويسري، «أقل من 2%» ــ وهو في حد ذاته أقل من المعيار غير الرسمي في الاقتصادات المتقدمة. في الوقت ذاته، ارتفعت قيمة الفرنك السويسري بشكل ملحوظ، بما يزيد عن 40% مقابل اليورو منذ طُـرِحَ اليورو.

لا تعكس قوة الفرنك السويسري النمو الاقتصادي السريع في سويسرا «نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة مُـعتَـبَرة لكنها متواضعة عند مستوى 2% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2024» أو أداء سوق الأسهم، بل يعكس وضعها كملاذ آمن. على الرغم من الحوادث المؤسفة مثل انهيار بنك كريدي سويس في عام 2023، أصبح الفرنك السويسري ــ مثله كمثل الذهب أو البيتكوين ــ وسيلة تحوط ضد انخفاض قيمة العملة في أماكن أخرى.

إن وضع سويسرا كملاذ آمن ليس جديدا بطبيعة الحال. فمنذ فرض رسوما على الودائع الأجنبية في سبعينيات القرن العشرين، أظهر البنك الوطني السويسري على نحو منتظم كيف من الممكن أن تردع أسعار الفائدة السالبة تدفقات رؤوس الأموال إلى الداخل دون أن تتسبب في إرباك الاقتصاد المحلي بشكل مفرط. في الحالة السويسرية، كانت أسعار الفائدة السالبة في المقام الأول أداة لإدارة سعر الصرف وحساب رأس المال، على غرار التدخلات في سوق العملات أو ضوابط رأس المال. من هذا المنظور، اكتسبت أسعار الفائدة السالبة جدواها.

كما عادت أسعار الفائدة السالبة من جديد إلى المناقشات المتعلقة بالسياسات لأنها عادت إلى الانخفاض مرة أخرى على مستوى العالم، حتى مع انتعاش أسعار الفائدة في السوق. تتصارع الاقتصادات من كندا إلى السويد مع انخفاض التضخم وارتفاع معدلات البطالة. وفي حين لا تزال الأسواق تتوقع أن تظل أسعار الفائدة إيجابية في هذه الحالات، فإن الصدمة الناجمة عن سياسة الحد من التضخم قد تدفع البنوك المركزية إلى نقطة حيث تتطلب أسعار الفائدة الحقيقية (المعدلة حسب التضخم) المحفزة بالقدر الكافي خفض أسعار الفائدة الاسمية الرسمية إلى ما دون الصفر.

يقودنا هذا إلى السبب الأخير وراء عدم إمكانية استبعاد أسعار الفائدة السالبة: وهو أن الأدوات البديلة لتحفيز الطلب منقوصة. في مختلف أنحاء العالم، لا تزال البنوك المركزية تحاول فهم ما الذي انحرف عن الصواب في أزمة «التضخم العظيم» في عشرينيات القرن الحالي. الأمر الواضح رغم ذلك هو أن العجز المالي الهائل والدين العام الذي ارتفع إلى مستوى غير مسبوق ربما يقيدان محاولات زيادة التحفيز المالي دون دعم نقدي. مع ذلك، كانت عمليات شراء الأصول من جانب البنوك المركزية على مدى العقد ونصف العقد الأخيرين مفرطة ومكلفة. وقد أدت بشكل مباشر إلى خسائر كبيرة في الميزانيات العمومية للبنوك المركزية، وبشكل غير مباشر إلى الإسراف المالي ونشوء فقاعات الأصول.

بالنظر إلى هذه النتائج، نعتقد أن معظم تقييمات أسعار الفائدة السالبة تغفل عن حقيقة جوهرية. فهي تتجاهل حقيقة مفادها أن أسعار الفائدة لم تصبح سالبة إلا بالكاد (كان أدناها 0.75% بالسالب، في سويسرا، كما خمنت)، وأن هذه المعدلات لم تُـمَـرَّر إلى الشركات إلا بشكل جزئي، وحتى بدرجة أقل إلى الأسر. علاوة على ذلك، يتفق معظم المراقبين على أن الآثار الجانبية الـمُـشَـوِّهة المترتبة على أسعار الفائدة السالبة كانت متواضعة. وكما يلاحظ شليجل، «لا أحد يحب أسعار الفائدة السالبة»، لكن النتيجة الرئيسية المستخلصة من التجربة الأخيرة هي أنها «نجحت».

من المؤكد أننا لا نتوقع العودة كليا إلى حقبة الركود المزمن وأسعار الفائدة الشديدة الانخفاض، كما أننا لا نزعم أن أسعار الفائدة السالبة هي وسيلة مؤكدة لتحفيز الطلب. لكنها تكمل ترسانة السياسة النقدية عندما يكون التضخم منخفضا والنشاط الاقتصادي ضعيفا.

نظرا لهذه الإمكانية، ينبغي لنا أن ننظر إلى أسعار الفائدة السالبة على أنها أداة قياسية لإدارة العملة وحساب رأس المال. علاوة على ذلك، نتوقع حدوث تباين أكبر بين البلدان بمرور الوقت. وبسبب نُـدرة الأدوات البديلة لإدارة الطلب، ستظل أسعار الفائدة السالبة ــ بمفردها أو مقترنة بأدوات أخرى ــ على قدر من الأهمية في مكان ما على الأقل.

تشكل عودة أسعار الفائدة السالبة تذكِرة مفيدة بأن الظروف الاقتصادية من الممكن أن تتغير بسرعة، وكذا مقايضات صناع السياسات وعقلياتهم. في عالم يتسم بالتقلبات ومقايضات السياسات المتصاعدة، ستكون أسعار الفائدة السالبة أداة لا يملك صناع السياسات والمستثمرون ترف تجاهلها ــ سواء شاؤوا أو أبوا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البنک الوطنی السویسری البنوک المرکزیة

إقرأ أيضاً:

جولد بيليون: سعر الذهب في مصر يستهدف أعلى مستويات خلال عام

ارتفعت أسعار الذهب العالمي ليقترب من أعلى مستوى تاريخي سجله حيث دعمت بيانات التضخم الضعيفة في الولايات المتحدة توقعات خفض أسعار الفائدة، في حين حافظت تهديدات الرئيس دونالد ترامب الجديدة بالرسوم الجمركية على جاذبية الذهب كملاذ آمن.

سجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع اليوم الخميس بنسبة 0.5% ليسجل أعلى مستوى منذ أسبوعين عند 2948 دولار للأونصة، بعد أن افتتح تداولات اليوم عند المستوى 2934 دولار للأونصة ليتداول حالياً عند المستوى 2947 دولار للأونصة.

الذهب استطاع الارتفاع لليوم الثالث على التوالي ليتمكن يوم أمس من الاغلاق فوق مستوى المقاومة 2930 دولار للأونصة، وبذلك يستمر اليوم في الصعود مستهدفاً أعلى قمة تاريخية سجلها عند 2956 دولار للأونصة، وفق جولد بيليون.


يأتي هذا الارتفاع في سعر الذهب العالمي بعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية ليظهر انخفاض أكبر من المتوقع في معدلات التضخم الأمريكية الأمر الذي زاد من التوقعات بإمكانية خفض أسعار الفائدة هذا العام.

التوقعات تزايدت الآن أن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن هذا العام من خفض أسعار الفائدة، وتشير توقعات الأسواق إلى 3 عمليات خفض للفائدة خلال عام 2025 على أن يكون أول قرار للخفض في يونيو القادم.
الجدير بالذكر أن انخفاض أسعار الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يقدم عائداً لحائزيه، وبالتالي يجعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين.
الاجتماع الأخيرة للبنك الاحتياطي الفيدرالي شهد قرار البنك بتثبيت أسعار الفائدة دون تغيير، وذلك بعد أن خفض البنك الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس خلال عام 2024، حيث يرى رئيس البنك والأعضاء ان وضع الفائدة حالياً مناسب في ظل عدم اليقين المصاحب لقرارات الرئيس الأمريكي ترامب المتعلقة بالتعريفات الجمركية وما قد ينتج عنها من ضغوط تضخمية.

ولا يزال الذهب مدعومًا باحتمالية تباطؤ اقتصادي في الولايات المتحدة مدفوع بالرسوم الجمركية، مما قد يعجل بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

أدت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية المتقلبة بفرض وتأجيل الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك ورفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى اضطراب الأسواق المالية العالمية، خاصة بعد أن فرضت الصين وكندا رسومًا جمركية مضادة مما يزيد من مخاوف الحرب التجارية.


هدد ترامب يوم الأربعاء بفرض رسوم جمركية إضافية على سلع الاتحاد الأوروبي إذا واصل الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية مضادة مخطط لها على المنتجات الأمريكية. وجاء هذا التصعيد بعد وقت قصير من تطبيق الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم، وهي خطوة أدت إلى توتر العلاقات مع شركائها التجاريين الرئيسيين.

من جهة أخرى استقر مؤشر الدولار الأمريكي إلى حد كبير خلال تداولات اليوم، لكنه ظل قريبًا من أدنى مستوى له في أربعة أشهر الذي لامسه هذا الأسبوع وسط مخاوف من الركود، ليعمل هذا عل تقديم المزيد من الدعم لأسعار الذهب في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما منذ كون الذهب سلع تسعر بالدولار.


أسعار الذهب في مصر 
سجل سعر الذهب المحلي ارتفاع خلال تداولات اليوم ليخترق منطقة التداول العرضي التي تحرك خلالها الذهب خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعد أن وجد الدعم من ارتفاع سعر الذهب العالمي بالإضافة إلى ارتفاع تدريجي في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك.

افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم عند المستوى 4160 دولار للأونصة، ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 4170 جنيه للجرام، وذلك بعد أن ارتفع يوم أمس بمقدار 18 جنيه للجرام حيث أغلق تداولات الأمس عند المستوى 4143 جنيه للجرام بعد أن افتتح جلسة الأمس عند 4125 جنيه للجرام، وفق تحليل جولد بيليون.

كامل الوزير: مشروعات النقل الجماعي الكهربائي تساهم في خفض 4 ملايين طن من الكربون سنويًاالمشاط: 4 مليارات دولار تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص

تمكن سعر الذهب المحلي من اختراق المستوى 4130 جنيه للجرام الذي كان يمثل مستوى مقاومة لمنطقة التداول العرضية التي تحرك خلالها الذهب المحلي خلال الفترة الأخيرة، والآن يستهدف السعر الوصول إلى آخر قمة سعرية سجلها عند 4175 جنيه للجرام ومن بعده أعلى مستوى تاريخي سجله عند 4200 جنيه للجرام.
وجد الذهب المحلي الدعم من ارتفاع سعر أونصة الذهب العالمي واقترابه من أعلى مستوى تاريخي، هذا بالإضافة إلى ارتفاع تدريجي في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك الرسمية مما ساعد في ارتفاع تسعير الذهب.
الارتفاع الحلي في الذهب المحلي يأتي في الوقت الذي تراجع فيه التضخم في مصر مما زاد من التوقعات أن البنك المركزي المصري يقترب من قرار خفض أسعار الفائدة، الأمر الذي سيكون له تأثير على المدى المتوسط على أسعار الذهب من حدوث حركة تنقلات لرؤوس الأموال خارج البنوك بسبب تراجع العائد على الشهادات.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
ارتفع سعر الذهب العالمي بعد بيانات التضخم الأمريكية التي صدرت يوم أمس وأظهرت تراجع في معدلات التضخم الأمر الذي زاد من التوقعات أن البنك الفيدرالي قد يلجأ إلى خفض الفائدة هذا العام، خاصة مع تزايد توقعات حدوث ركود اقتصادي ناتج عند السياسات التجارية الأمريكية.

شهد سعر الذهب المحلي ارتفاع خلال تداولات اليوم بدعم من ارتفاع في سعر الذهب العالمي بالإضافة إلى ارتفاع تدريجي آخر في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك، مما ساعد الذهب على اختراق منطقة التداول العرضي التي سيطرت على تحركاته خلال الفترة الأخيرة.

استطاع سعر الذهب العالمي أن يغلق تداولات الأمس فوق المستوى 2930 دولار للأونصة ليختلق مستوى المقاومة وبالتالي استكمل الذهب الارتفاع اليوم مستهدفاً الوصول إلى أعلى قمة سعرية سجلها عند 2956 دولار للأونصة.

أما عن السعر المحلي:
ارتفع سعر الذهب المحلي عيار21 ليخترق المستوى 4130 جنيه للجرام والذي كان يمثل مستوى المقاومة لمنطقة التداولات العرضية السابقة، ليستهدف حالياً الوصول إلى آخر قمة سعرية سجلها الذهب عند 4175 جنيه للجرام، وإذا تمكن من اختراق هذا المستوى يستهدف أعلى مستوى تاريخي عند 4200 جنيه للجرام.

مقالات مشابهة

  • أسعار الذهب تقفز إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق
  • «أكسفورد إيكونوميكس» تتوقع تخفيض الفائدة في البنك المركزي المصري 3%
  • جولد بيليون: سعر الذهب في مصر يستهدف أعلى مستويات خلال عام
  • البنك المركزي البولندي يبقي أسعار الفائدة ثابتة
  • تباطؤ التضخم في الهند إلى 3.61% في شباط متجاوزًا مستهدف البنك المركزي
  • مدبولي: استقرار وانخفاض التضخم سيساهم في انخفاض أسعار الفائدة الفترة المقبلة
  • خبير: تراجع التضخم في مصر يعكس تحسن الاقتصاد وتوقعات بخفض الفائدة قريبا
  • الذهب يستقر مع ترقب الأسواق لبيانات التضخم الأمريكية
  • بعد تراجع التضخم.. حقيقة توقف شهادات الـ 27% بالبنوك؜
  • الدولار في البنك المركزي يسجل 50.54 جنيه مع قرب خفض الفائدة