في الوقت الذي رحبت فيه حكومة الاحتلال باستقالة رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي بسبب إخفاقه في التصدي لانطلاق عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الاول/ أكتوبر، وتعيين آيال زامير خلفاً له، فإن ذلك لا ينفي أن الحكومة ذاتها مسؤولة عن فشل هيئة الأركان العامة.

وقال المؤرخ بجامعة بن غوريون، البروفيسور آفي برئيلي: إن "عاما وربع العام من الحرب كشف عن فشل جيش الاحتلال في تنفيذ المهام التي أوكلتها إليه الحكومة، الأمر الذي سيكون له عواقب خطيرة للغاية، فورية وطويلة الأمد، ومتعددة القطاعات، لاسيما عدم النجاح في القضاء على حركة حماس في قطاع غزة كقوة عسكرية وحكومية، وهذا الفشل ينبع من ضعف بناء القوة والتصور الخاطئ للردع".



وأكد برئيلي في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" وترجمته "عربي21" أن "هذا الفشل مناسبة ليسأل الإسرائيليون أنفسهم عن فهم كيفية وصولهم إلى النقطة المنخفضة الحالية في الحرب الأخيرة، وأن ينظرون لمستقبلهم في هذه الأرض بعد أن وصلوا إلى أدنى نقطة في حياتهم، ليس فقط بسبب العواقب المترتبة على هجوم حماس في السابع من أكتوبر، بل بسبب الفشل على المستوى العملياتي والاستخباراتي، وعدم القدرة على إنقاذ المختطفين في غزة".

وأشار إلى أنه "رغم ما يمكن اعتبارها إنجازات تكتيكية، لكن الجيش لم يتمكن من فرض الصفقة الحالية على حماس، وخلال عام وربع العام من القتال الضاري في غزة، وهي الفترة التي لم يتصور أحد أن القيادة السياسية قادرة على توفيرها له، في ظل العداء الدولي الذي يحيط بإسرائيل، حتى يتمكن من تنفيذ المهمة التي كلفته بها الحكومة، وهكذا مرّت شهور طويلة لم يعد فيها أمل بأن يتمكن نتنياهو من تحقيق أهدافه، وعلى رأسها القضاء على حماس في غزة، وتحرير المختطفين في نفس الوقت". 


واعتبر أن "هذا الفشل يعود لضعف بناء القوة، والمفهوم الخاطئ للردع، والحرق في الوعي، بدلاً من الدفاع الفعال، والسعي لاتخاذ القرار في الواقع، وليس في الوعي، ومن خطة هجوم غير مناسبة، فيما خاض رئيس الأركان هاليفي وجنرالاته خلال أشهر طويلة من الحرب حملة علاقات عامة، مما أوجد كارثة متعددة الأبعاد، وكان يتوقع أن يؤدي هذا لحدوث تصدّع بين المستويين السياسي والعسكري".

وذكر أن "ما يمكن وصفه بـ"الخوف العقائدي"، وربما ضعف بناء القوة، دفع الجيش لتبني نظام فاشل من الغارات والانسحابات، بدلاً من الاستيلاء العسكري الكامل على غزة، فيما الحكومة مسؤولة عن فشل هيئة الأركان العامة، وفقدت سيطرتها على الجيش بشكل متزايد، وعززت سيطرتها عليه، كجزء من الانقلاب الزاحف الذي تنفذه المستويات المهنية في الحكومة ضد المستويات المنتخبة، وفيما بات الجيش أكثر صرامة، فإن الحكومة لا تزال تتصرف بشكل أكثر صرامة منه". 

وأشار إلى أن "رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحزب الليكود، الحزب الحاكم طيلة معظم العقد ونصف العقد الماضيين، يتحملان المسؤولية عن هذا التطور، مما جعل دولة الاحتلال تواجه مأزقاً استراتيجياً خطيراً، مما يجعل من استبدال هاليفي ورجاله على وجه السرعة أمرا مهماً في ظل الهدوء الحالي، لأنه من الواضح أن المهام العملياتية التي حددتها الحكومة لا يمكن إنجازها في وجودهم". 

وختم بالقول إن "الحكومة الحالية تتحمل مسؤولية إنقاذ الدولة من الفخ الذي وقعت فيه، وطالما أنه يمكن استبدال هيئة الأركان العامة من خلال استقالة قائدها، فإنه لا يمكن استبدال الحكومة إلا ممن عينوها، وهم الناخبين الإسرائيليين، مع أن الانتخابات في هذه المرحلة الآن تعني هزيمة خطيرة للدولة".


بدوره، قال المحامي أورييل ليفين في مقال نشره صحيفة "معاريف"، إنه "في هذه الأيام الصعبة التي تمرّ بها الدولة، لا يخجل كبار السياسيين، الذين يفتقرون للاحترام والشعور بالمسؤولية، من أجل المكاسب السياسية، من مواصلة مهاجمة رئيس الأركان هآرتسي هاليفي، الذي أوكلت إليه إدارة حروب الدولة منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر، ويبدو صعباً علي أن أفكر في سلوك أكثر حقارة من ذلك، لأن هؤلاء السياسيين الصغار المحرضين من مختلف الأنواع يعملون على تآكل ثقة الجمهور في الجيش، ويريدون إقناعه بأن حروب الدولة يديرها رئيس أركان فاشل". 

وأضاف ليفين أن "هذا السلوك الحزبي تجاه هاليفي يعيد للأذهان ما ذكرته الكاتبة الكبيرة في سيرة الصهيونية وبناء الدولة، البروفيسور أنيتا شابيرا، أنها رأت الدولة منذ بدايتها وحتى يومنا هذا، ولم تشك أبدًا في قدرتها على التغلب على جميع أعدائها الخارجيين، لكنها في الآونة الأخيرة، باتت تشعر بالقلق من أعداء الدولة في الداخل، ومن الحكومة الفاسدة والمفسدة، وفقدان التضامن الداخلي الذي كان بمثابة الغراء الذي أبقى الإسرائيليين متحدين كل هذه السنوات، وهذا لوحده يشكل قلقًا حقيقيًا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الإسرائيليون إسرائيل غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حماس فی

إقرأ أيضاً:

إبراهيم الشاذلي يكتب: مصر بين الأفخاخ والتحديات.. رؤية استراتيجية لصمود الدولة

على مدار أحد عشر عامًا، واجهت مصر اختبارات مصيرية كادت تعصف بمقدراتها، لولا وعي قيادتها وإرادة شعبها. كانت الأفخاخ منصوبة بعناية، أهدافها واضحة: نزع أنياب الدولة وإلهاء القيادة بصراعات داخلية تحجب عنها الرؤية الاستراتيجية. ورغم كثافة الضغوط وتعدد الجبهات، اختارت مصر طريق البناء بالتوازي مع المواجهة، لتثبت للعالم أن الإرادة الحقيقية لا تُكسر.

رهان على البقاء وسط العواصف
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، بل كان مملوءًا بالتحديات، فمن إرهاب غادر أراد تقويض استقرار البلاد، إلى محاولات استدراج الجيش المصري في مستنقعات حدودية مشتعلة، وصولًا إلى الضغوط الاقتصادية التي سعت لإضعاف الجبهة الداخلية. هذه التحديات كانت كفيلة بإرباك المشهد وإعاقة مسيرة التنمية، غير أن الرؤية الاستراتيجية للقيادة المصرية اختارت المواجهة الشاملة، فلم يكن الحل في تأجيل البناء انتظارًا لنهاية الأزمات، بل كان في البناء رغم العواصف.

معادلة القيادة.. بين الأمن والتنمية
الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذ قرارًا استثنائيًا في لحظة استثنائية. كان بإمكانه الانشغال حصريًا بالقضاء على الإرهاب وتأجيل مشروعات البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، لكنه اختار الأصعب: مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية في وقت واحد. لم يكن ذلك الخيار سهلًا، فالأفخاخ زادت ضراوتها، والضغوط تضاعفت، لكن الرهان كان على المصريين، وعلى قدرة الدولة على تحقيق معادلة الصمود والتنمية معًا.

مرحلة فارقة في تاريخ مصر
ما مرت به مصر خلال السنوات الماضية ليس مجرد تحديات سياسية أو اقتصادية عابرة، بل لحظة تاريخية فارقة، تكتب فيها الدولة فصلًا جديدًا من صمودها. فالذي يحدث ليس مجرد إصلاحات أو مشاريع، بل إعادة بناء وطن على أسس قوية، رغم كل المحاولات لعرقلته. ومن المؤكد أن التاريخ سيتوقف طويلًا أمام هذه المرحلة، التي ربما لن تتكرر في المائة عام القادمة، حيث تحددت فيها ملامح مصر الجديدة، دولة قوية بمؤسساتها، متماسكة بجبهتها الداخلية، قادرة على مواجهة التحديات، ومتطلعة إلى المستقبل بثبات وثقة.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل ترفع تأهب الجيش بعد تأجيل حماس إطلاق سراح الرهائن.. وبن غفير يعلق
  • رؤية إسرائيلية: استقالة هاليفي وتعيين زامير غير كاف لإنقاذ إسرائيل من الفخ
  • إبراهيم الشاذلي يكتب: مصر بين الأفخاخ والتحديات.. رؤية استراتيجية لصمود الدولة
  • انسحاب إسرائيل يوفر شبكة الأمان لإنقاذ لبنان
  • إسرائيل: مفاوضات المرحلة الثانية لصفقة التبادل مرتبط باجتماع الحكومة المصغر
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • هذا ما فعله الجيش الاسرائيلي بالطرقات التي تربط رب ثلاثين ببلدة العديسة
  • رئيس الوزراء يشاهد فيلما تسجيليا عن رؤية الدولة لتطوير التأمين الصحي الشامل
  • الأركان الأوكرانية تعلن ارتفاع خسائر الجيش الروسي في الأفراد والمعدات