موقع 24:
2025-03-14@17:58:35 GMT

القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل

لم يكن حديثي العابر مع سائق تاكسي في لندن مجرد محادثة تقليدية، بل كان شهادة مباشرة على المكانة الاستثنائية التي باتت تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة في المخيلة العالمية. فبمجرد أن ذكرت له أنني من الإمارات، تهللت أساريره وأبدى إعجابه الشديد بالتجربة الإماراتية، مشيرًا إلى أن رئيس بلاده يُعد من أبرز المعجبين بنهج الإمارات في التنمية والإدارة.


هذا الموقف، رغم بساطته، يعكس حقيقة أعمق: الإمارات لم تعد مجرد دولة ناجحة اقتصاديًا وتنمويًا، بل أصبحت نموذجًا عالميًا يُحتذى به، ومصدر إلهام للدول التي تسعى لتحقيق قفزات نوعية في مسيرتها التنموية. ففي عالم تزداد فيه التحديات، وتُختبر فيه النماذج الاقتصادية والإدارية على أرض الواقع، تبرز الإمارات كحالة فريدة تجمع بين الرؤية الاستشرافية، والقدرة التنفيذية، والمرونة الاستراتيجية.
لم تكن الإمارات الدولة الأولى التي حققت تقدمًا اقتصاديًا، لكنها من الدول القليلة التي استطاعت تحويل نجاحها إلى نموذج يُحتذى. فالتجربة الإماراتية لم تبقَ حبيسة حدودها الجغرافية، بل امتدت لتصبح مرجعًا يُستشهد به في مختلف المجالات، من الإدارة الحكومية إلى التخطيط العمراني، ومن القوة الناعمة إلى الابتكار التكنولوجي.
السر في ذلك يكمن في أن الإمارات لا تتعامل مع التنمية كمجرد عملية تراكمية للإنجازات، بل كنهج استراتيجي مستمر. فليست هناك نقطة نهاية في المسيرة الإماراتية، إذ أن كل إنجاز يتحول إلى نقطة انطلاق نحو طموح جديد. هذا النهج الديناميكي هو ما يجعل الإمارات ليست فقط في موقع المنافسة، بل في موقع الريادة، حيث ترسم المعايير التي يسير عليها الآخرون.
وتُعدّ القمة العالمية للحكومات 2025، المنعقدة حاليًا في دبي، مثالًا حيًا على قدرة دولة الإمارات على تنظيم مؤتمرات عالمية رفيعة المستوى. تستضيف القمة هذا العام أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، و140 وفدًا حكوميًا، بالإضافة إلى مشاركة أكثر من 80 منظمة دولية وإقليمية. تتضمن فعاليات القمة 21 منتدى عالميًا، وأكثر من 200 جلسة حوارية وتفاعلية، يشارك فيها ما يزيد عن 300 شخصية عالمية من قادة الفكر والخبراء وصناع القرار. هذا التجمع الدولي يعكس الثقة العالمية في قدرة الإمارات على توفير منصة تجمع القادة والخبراء لمناقشة التحديات المستقبلية وتطوير استراتيجيات تعزز التنمية المستدامة والابتكار الحكومي.
عندما يحضر المرء مؤتمرًا أو فعالية دولية في الإمارات، فإنه يلحظ مستوى من التنظيم يكاد يكون أشبه بالعمل الهندسي الدقيق: لا مجال للارتجال، ولا أثر للعشوائية. التجربة تبدو سلسة إلى حد يثير الإعجاب، وكأن الأمور تسير بطبيعتها دون جهد، لكن الحقيقة أن وراء هذا الإتقان رؤية واضحة، وخبرة تراكمية، واستثمار مستمر في الموارد البشرية والبنية التحتية.
ولذلك، بات من المعتاد أن نرى دولًا أخرى تحاول استنساخ النموذج الإماراتي في تنظيم الفعاليات الكبرى، ليس فقط من حيث الجوانب اللوجستية، بل حتى في تفاصيل مثل تجربة الزوار، وإدارة الحشود، وآليات الابتكار في الفعاليات. غير أن الفارق الجوهري يكمن في أن الإمارات لا ترى في هذا التقليد تهديدًا، بل تعتبره شهادة نجاح، وإقرارًا عالميًا بأن نموذجها هو المعيار الجديد في هذا المجال.
لم يعد نجاح الإمارات مقتصرًا على الاقتصاد أو البنية التحتية، بل امتد ليشمل القوة الناعمة التي باتت أحد أعمدة سياستها الخارجية. فمن خلال الدبلوماسية الثقافية، والمساعدات التنموية، والمشاركة الفاعلة في القضايا الدولية، تمكنت الإمارات من بناء صورة عالمية لدولة مؤثرة، لا تكتفي بمراكمة الإنجازات، بل تشارك خبراتها، وتدعم الدول الساعية إلى تحقيق التنمية المستدامة.
هذا الحضور الإماراتي اللافت على الساحة الدولية لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج رؤية سياسية وثقافية تدرك أن التأثير الحقيقي لا يُبنى على القوة الصلبة فحسب، بل على القدرة على تقديم نموذج يُحتذى به، والاستثمار في العلاقات طويلة الأمد التي تعزز من مكانة الدولة في المشهد العالمي.
أحد أبرز العوامل التي حافظت على تفوق الإمارات هو رفضها لمفهوم "الإنجاز النهائي". فبينما تتعامل بعض الدول مع التنمية كهدف يُسعى لتحقيقه ثم يُحتفى به، تتعامل الإمارات معها كعملية مستمرة لا تتوقف. فلا يكاد يمر عام دون أن نرى مبادرات جديدة، ومشاريع طموحة، واستراتيجيات تُعيد تعريف ما يمكن تحقيقه في مجالات التنمية والابتكار.
هذه الرؤية الديناميكية هي التي مكّنت الإمارات من الحفاظ على موقعها في طليعة الدول المؤثرة عالميًا. فهي لا تكتفي بتطبيق أفضل الممارسات، بل تسعى لابتكارها، ولا تتبع النماذج التقليدية، بل تصنع نموذجها الخاص الذي يسعى الآخرون لمحاكاته.
في عصر يُقاس فيه النجاح بمدى القدرة على التأثير والاستدامة، تبرز الإمارات كدولة لا تكتفي بترك بصمة في الحاضر، بل تعمل على رسم ملامح المستقبل. فهي لا تسعى فقط إلى تحقيق التميز في المجالات التقليدية، بل تخطو بثبات نحو قطاعات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، واستكشاف الفضاء، مما يعزز مكانتها كدولة لا تُلهم فقط، بل تصنع المستقبل.
ولعل هذا ما يجعل الإمارات ليست مجرد قصة نجاح، بل تجربة عالمية متكاملة، تقدم للعالم نموذجًا في كيفية تحويل الطموح إلى واقع، وتحويل الرؤية إلى إنجاز، وتحويل الدولة إلى فكرة تُلهم الآخرين، ليس فقط لمحاكاتها، بل للسير على نهجها في إعادة تعريف مفهوم التقدم والريادة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية القمة العالمية للحكومات القمة العالمية للحكومات عالمی ا

إقرأ أيضاً:

وزير الاستثمار: الإمارات مركز عالمي جاذب للاستثمارات

أكد محمد حسن السويدي، وزير الاستثمار، أن الإستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031، التي أقرها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تشكل محطة رئيسية في مسيرة تعزيز مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً جاذباً للاستثمارات.

وقال إن الإستراتيجية الوطنية للاستثمار الممتدة للسنوات الست القادمة، تضع خارطة طريق واضحة وطموحة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ودفع عجلة التنوع الاقتصادي، وضمان تحقيق نمو مستدام طويل الأمد.
وأضاف أنه من خلال استهداف رفع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية من 112 مليار درهم إلى 240 مليار درهم بحلول عام 2031، وزيادة إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 2.2 تريليون درهم، نؤكد التزام دولة الإمارات بترسيخ بيئة استثمارية تنافسية تشجع على الابتكار وتعزز الشراكات العالمية.

فرص واعدة 

وأشار محمد حسن السويدي إلى أن القطاعات الحيوية مثل الصناعة والخدمات المالية والخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات، ستكون في صلب هذا التحول مما يضمن الاستمرار في استكشاف الفرص الاقتصادية الواعدة.
وقال إن دولة الإمارات لطالما كانت رائدة في صياغة السياسات الاستشرافية التي تعزز الاستثمار والازدهار الاقتصادي، ومن خلال إطلاق 12 برنامجًا إستراتيجيًا و30 مبادرة مستهدفة ستعزز الإستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031 دور الإمارات كجسر يربط الأسواق العالمية، ويعزز ثقة المستثمرين ويدفع نحو اقتصاد أكثر ديناميكية ومرونة وانفتاحًا.
وأعرب عن تطلعات وزارة الاستثمار إلى مواصلة العمل عن كثب مع الشركاء في القطاعين العام والخاص، وتعميق الشراكات العالمية لتحقيق هذه الإستراتيجية، ودفع دولة الإمارات نحو مزيد من النجاح الاقتصادي.
 

مقالات مشابهة

  • السعودية تتفوّق على مصر وإسرائيل.. الدول التي تمتلك أقوى «مقاتلات عسكرية»!
  • جامعة الإمارات تناقش تطوير المناهج لوظائف المستقبل
  • خبير سياحي: دعوة رؤساء الدول والمشاهير لافتتاح المتحف المصري يعزز مكانة مصر عالميًا
  • محمد بن راشد: قوة الترابط بين أبناء الإمارات نموذج عالمي في الأُلفة والتعايش
  • «خليفة التربوية»: الإمارات نموذج يحتذى في التلاحم المجتمعي عالمياً
  • جامعة الإمارات تناقش مواءمة المناهج مع وظائف المستقبل
  • إطلاق دليل نموذج الإمارات للحد من العنف الرقمي والعنف ضد المرأة والفتيات
  • وزير الاستثمار: الإمارات مركز عالمي جاذب للاستثمارات
  • هل تعيد بريكس تشكيل موازين القوى الاقتصادية العالمية؟
  • فاينانشال تايمز ترصد الاقتصادات الصاعدة التي ولدت خلال الأزمة المالية