موقع 24:
2025-02-11@02:03:42 GMT

القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل

لم يكن حديثي العابر مع سائق تاكسي في لندن مجرد محادثة تقليدية، بل كان شهادة مباشرة على المكانة الاستثنائية التي باتت تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة في المخيلة العالمية. فبمجرد أن ذكرت له أنني من الإمارات، تهللت أساريره وأبدى إعجابه الشديد بالتجربة الإماراتية، مشيرًا إلى أن رئيس بلاده يُعد من أبرز المعجبين بنهج الإمارات في التنمية والإدارة.


هذا الموقف، رغم بساطته، يعكس حقيقة أعمق: الإمارات لم تعد مجرد دولة ناجحة اقتصاديًا وتنمويًا، بل أصبحت نموذجًا عالميًا يُحتذى به، ومصدر إلهام للدول التي تسعى لتحقيق قفزات نوعية في مسيرتها التنموية. ففي عالم تزداد فيه التحديات، وتُختبر فيه النماذج الاقتصادية والإدارية على أرض الواقع، تبرز الإمارات كحالة فريدة تجمع بين الرؤية الاستشرافية، والقدرة التنفيذية، والمرونة الاستراتيجية.
لم تكن الإمارات الدولة الأولى التي حققت تقدمًا اقتصاديًا، لكنها من الدول القليلة التي استطاعت تحويل نجاحها إلى نموذج يُحتذى. فالتجربة الإماراتية لم تبقَ حبيسة حدودها الجغرافية، بل امتدت لتصبح مرجعًا يُستشهد به في مختلف المجالات، من الإدارة الحكومية إلى التخطيط العمراني، ومن القوة الناعمة إلى الابتكار التكنولوجي.
السر في ذلك يكمن في أن الإمارات لا تتعامل مع التنمية كمجرد عملية تراكمية للإنجازات، بل كنهج استراتيجي مستمر. فليست هناك نقطة نهاية في المسيرة الإماراتية، إذ أن كل إنجاز يتحول إلى نقطة انطلاق نحو طموح جديد. هذا النهج الديناميكي هو ما يجعل الإمارات ليست فقط في موقع المنافسة، بل في موقع الريادة، حيث ترسم المعايير التي يسير عليها الآخرون.
وتُعدّ القمة العالمية للحكومات 2025، المنعقدة حاليًا في دبي، مثالًا حيًا على قدرة دولة الإمارات على تنظيم مؤتمرات عالمية رفيعة المستوى. تستضيف القمة هذا العام أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، و140 وفدًا حكوميًا، بالإضافة إلى مشاركة أكثر من 80 منظمة دولية وإقليمية. تتضمن فعاليات القمة 21 منتدى عالميًا، وأكثر من 200 جلسة حوارية وتفاعلية، يشارك فيها ما يزيد عن 300 شخصية عالمية من قادة الفكر والخبراء وصناع القرار. هذا التجمع الدولي يعكس الثقة العالمية في قدرة الإمارات على توفير منصة تجمع القادة والخبراء لمناقشة التحديات المستقبلية وتطوير استراتيجيات تعزز التنمية المستدامة والابتكار الحكومي.
عندما يحضر المرء مؤتمرًا أو فعالية دولية في الإمارات، فإنه يلحظ مستوى من التنظيم يكاد يكون أشبه بالعمل الهندسي الدقيق: لا مجال للارتجال، ولا أثر للعشوائية. التجربة تبدو سلسة إلى حد يثير الإعجاب، وكأن الأمور تسير بطبيعتها دون جهد، لكن الحقيقة أن وراء هذا الإتقان رؤية واضحة، وخبرة تراكمية، واستثمار مستمر في الموارد البشرية والبنية التحتية.
ولذلك، بات من المعتاد أن نرى دولًا أخرى تحاول استنساخ النموذج الإماراتي في تنظيم الفعاليات الكبرى، ليس فقط من حيث الجوانب اللوجستية، بل حتى في تفاصيل مثل تجربة الزوار، وإدارة الحشود، وآليات الابتكار في الفعاليات. غير أن الفارق الجوهري يكمن في أن الإمارات لا ترى في هذا التقليد تهديدًا، بل تعتبره شهادة نجاح، وإقرارًا عالميًا بأن نموذجها هو المعيار الجديد في هذا المجال.
لم يعد نجاح الإمارات مقتصرًا على الاقتصاد أو البنية التحتية، بل امتد ليشمل القوة الناعمة التي باتت أحد أعمدة سياستها الخارجية. فمن خلال الدبلوماسية الثقافية، والمساعدات التنموية، والمشاركة الفاعلة في القضايا الدولية، تمكنت الإمارات من بناء صورة عالمية لدولة مؤثرة، لا تكتفي بمراكمة الإنجازات، بل تشارك خبراتها، وتدعم الدول الساعية إلى تحقيق التنمية المستدامة.
هذا الحضور الإماراتي اللافت على الساحة الدولية لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج رؤية سياسية وثقافية تدرك أن التأثير الحقيقي لا يُبنى على القوة الصلبة فحسب، بل على القدرة على تقديم نموذج يُحتذى به، والاستثمار في العلاقات طويلة الأمد التي تعزز من مكانة الدولة في المشهد العالمي.
أحد أبرز العوامل التي حافظت على تفوق الإمارات هو رفضها لمفهوم "الإنجاز النهائي". فبينما تتعامل بعض الدول مع التنمية كهدف يُسعى لتحقيقه ثم يُحتفى به، تتعامل الإمارات معها كعملية مستمرة لا تتوقف. فلا يكاد يمر عام دون أن نرى مبادرات جديدة، ومشاريع طموحة، واستراتيجيات تُعيد تعريف ما يمكن تحقيقه في مجالات التنمية والابتكار.
هذه الرؤية الديناميكية هي التي مكّنت الإمارات من الحفاظ على موقعها في طليعة الدول المؤثرة عالميًا. فهي لا تكتفي بتطبيق أفضل الممارسات، بل تسعى لابتكارها، ولا تتبع النماذج التقليدية، بل تصنع نموذجها الخاص الذي يسعى الآخرون لمحاكاته.
في عصر يُقاس فيه النجاح بمدى القدرة على التأثير والاستدامة، تبرز الإمارات كدولة لا تكتفي بترك بصمة في الحاضر، بل تعمل على رسم ملامح المستقبل. فهي لا تسعى فقط إلى تحقيق التميز في المجالات التقليدية، بل تخطو بثبات نحو قطاعات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، واستكشاف الفضاء، مما يعزز مكانتها كدولة لا تُلهم فقط، بل تصنع المستقبل.
ولعل هذا ما يجعل الإمارات ليست مجرد قصة نجاح، بل تجربة عالمية متكاملة، تقدم للعالم نموذجًا في كيفية تحويل الطموح إلى واقع، وتحويل الرؤية إلى إنجاز، وتحويل الدولة إلى فكرة تُلهم الآخرين، ليس فقط لمحاكاتها، بل للسير على نهجها في إعادة تعريف مفهوم التقدم والريادة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية القمة العالمية للحكومات القمة العالمية للحكومات عالمی ا

إقرأ أيضاً:

غرف دبي "شريك مميز" في القمة العالمية للحكومات 2025

أعلنت القمة العالمية للحكومات 2025 عن انضمام غرف دبي إلى قائمة الشركاء المميزين للقمة، التي ستعقد في دبي خلال الفترة من 11 – 13 فبراير (شباط) الجاري، تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل"، حيث ستجمع القمة قادة الفكر والخبراء العالميين وصناع القرار من جميع أنحاء العالم، وذلك بهدف تعزيز التعاون الدولي، وإيجاد الحلول الفعالة لأهم التحديات العالمية الراهنة، وتطوير الأدوات والسياسات والنماذج التي تعتبر من ضروريات تشكيل الحكومات المستقبلية.

وسيشارك سلطان بن سعيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة غرف دبي، في جلسة حوارية حول محفزات النمو الاقتصادي، وتعزيز الشراكات مع مجتمع الأعمال العالمي.
وسيترأس جلسة حوارية خاصة للشركات العائلية، بمشاركة مسؤولين حكوميين وأكثر من 50 شخصية من أهم رؤساء ومسؤولي الشركات العائلية حول العالم، لمناقشة مواضيع متنوعة ذات علاقة بالحوكمة والانتقال السلس للقيادة عبر الأجيال، ودور الشركات العائلية في خلق الوظائف ودعم النمو الاقتصادي.
وقال سلطان بن سعيد المنصوري إنا نحرص على تعزيز التعاون الدولي لخدمة الأهداف الاقتصادية والتنموية المشتركة عبر بناء شراكات واعدة مع مختلف الأطراف الفاعلة عالمياً، وتوسيع دور القطاع الخاص في دعم تطور المجتمعات بالتعاون مع القطاع العام لابتكار حلول تساهم في صنع مستقبل أفضل، وتطوير نماذج أعمال ريادية تواكب التحولات العالمية.
وأضاف أن شراكة غرف دبي مع القمة العالمية للحكومات، تعكس الالتزام بدعم الحوار الاقتصادي العالمي لمشاركة المعارف والتجارب التي تساهم في وضع حلول نوعية لبيئة أعمال مستدامة، ونتطلع من خلال هذه الشراكة لترسيخ دور غرف دبي في رسم ملامح بيئة أعمال المستقبل، والارتقاء بدور مجتمع الأعمال في صياغة استراتيجيات تلبي تطلعات المجتمعات.

أولويات التنمية

وقال المنصوري إن القمة العالمية للحكومات تجسيد لرؤية دولة الإمارات المستقبلية التي تضع الإنسان في مقدمة أولويات التنمية، وتعمل على تمكين الحكومات والمؤسسات من تبني الابتكار والإبداع لتحقيق تقدم شامل ومستدام، وفي غرف دبي، نلتزم بالعمل جنباً إلى جنب مع شركائنا الدوليين والمحليين لاستشراف آفاق جديدة وواعدة للتعاون بين القطاعين العام والخاص وخلق بيئة أعمال متكاملة تضمن استدامة النمو الاقتصادي والاجتماعي، حيث نتطلع لمشاركة خبراتنا في دعم مجتمع الأعمال وتعزيز تنافسيته والاستفادة من تجارب نظرائنا.
وتنسجم جهود غرف دبي مع الخطط التنموية الطموحة لإمارة دبي، حيث تلتزم بتحقيق أولوياتها الاستراتيجية المتمثلة في تحسين البيئة المحفزة للأعمال في الإمارة، وجذب الشركات والاستثمارات العالمية إلى دبي، بالإضافة إلى قيادة توسع الشركات المحلية في الأسواق الخارجية، إلى جانب تنمية الاقتصاد الرقمي لدبي وتعزيز كفاءة المنظومة التشريعية والتنظيمية واستدامة التميز في العمل المؤسسي وخدمة العملاء.

مقالات مشابهة

  • محمد بن زايد ومحمد بن راشد يرحبان بضيوف الإمارات المشاركين في القمة العالمية للحكومات 2025
  • رئيس الدولة ومحمد بن راشد يرحبان بضيوف الإمارات المشاركين في القمة العالمية للحكومات 2025
  • من الرباط إلى مكة: نموذج سعودي عالمي في خدمة الحجاج والمعتمرين
  • القمة العالمية للحكومات 2025.. منتدى المالية العامة يبحث التنمية والاستدامة
  • القمة العالمية للحكومات 2025.. انطلاق المنتدى التاسع للمالية العامة في الدول العربية
  • متحف المستقبل.. مهد استشراف الغد
  • القطاع الخاص يستشرف المستقبل في القمة العالمية للحكومات 2025
  • غرف دبي "شريك مميز" في القمة العالمية للحكومات 2025
  • خبير اقتصادي: الإمارات نموذج عالمي في تحديث التعليم لبناء اقتصاد المعرفة