واشنطن وموسكو وطهران: عجائب الزوايا
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
واشنطن وموسكو وطهران: عجائب الزوايا
ذات مرة كان بوتين ضيف قمّة الأطلسي المدلل، وأن صفقة إيران-كونترا انطوت على شحنات أسلحة أمريكية إلى… طهران!
الأمريكي يتناسى أنه، ذات يوم غير بعيد تماماً، تغافل عن تعاون عسكري روسي إيراني وثيق في سوريا، بل وتواطأ على تحسين شروطه وقطف ثماره.
إيران ليست أقلّ من تركيا أو السعودية في مساعي «التنغيص» على واشنطن والتناغم مع الكرملين في تشكيل استقطابات موازية أو رديفة أو حتى منافسة.
تضغط أمريكا على إيران كي تتوقف عن بيع مسيّرات إلى روسيا؛ وأنّ الطلب جاء خلال مباحثات «تفاهم غير مكتوب» أوسع نطاقاً بين البلدين يستهدف «خفض التوتر».
أيّ علاقات طيبة تجمع بأمريكا بإيران حتى تطلب أمريكا من إيران وقف عقود السلاح، ومع مَنْ: قوّة عظمى نووية مثل روسيا؟ فلماذا تتوقف إيران، ومقابل ماذا من أمريكا؟
ثمة في أمريكا والناتو والاتحاد الأوروبي قواسم مشتركة عظمى لمبدأ «السياسة الواقعية» الذي استسهلت العلوم السياسية تنزيهه عن انتهاك القوانين ارتكاب الجرائم مقابل وظائف جليلة تخدم المصالح.
* * *
انفردت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية باقتراح حصّة الطرافة ضمن غابة الأخبار المتشابكة المتلاطمة القاتمة بصدد حرب أوكرانيا، فنشرت تقريراً نُسب إلى «مصادر مطلعة» مفاده أنّ الولايات المتحدة تضغط على إيران كي تتوقف الأخيرة عن بيع مسيّرات إلى روسيا؛ وأنّ الطلب جاء خلال مباحثات «تفاهم غير مكتوب» أوسع نطاقاً بين البلدين، يستهدف «خفض التوتر».
والمرء لا يُكثر من استخدام أهلّة الاقتباس في الفقرة السابقة إلا لأنّ خلائط العجب والارتياب تطفو على سطوح المعاني والمفردات، من زاوية أولى بسيطة يمكن أن يصنعها تساؤل لا يقلّ بساطة: اشمعنى، كما قد يقول أشقاؤنا في مصر، وأيّ علاقات طيبة كريمة سمحة تجمع بين واشنطن وطهران حتى «تطلب» الأولى من الثانية وقف عقود السلاح!
ومع مَنْ: قوّة عظمى نووية مثل روسيا؟ الزاوية الثانية قد لا تتوسل البساطة خلف سؤال آخر: لماذا تتوقف إيران، ومقابل ماذا من جانب واشنطن؟
صحيح، بالطبع، أنّ الأجواء الراهنة بين الولايات المتحدة وإيران تتنقل من خطوة إيجابية في تبادل السجناء، ثمنها رفع التجميد عن 6 مليارات من الأموال الإيرانية في كوريا الجنوبية، وصولاً إلى «أخذ علم» أمريكي بأنّ طهران بصدد تخفيض جداول العمل في برنامجها النووي.
لكن الصحيح الموازي، ولعله الأصحّ هنا تحديداً، أنّ إيران ليست أقلّ من تركيا أو السعودية في مساعي «التنغيص» على واشنطن و/أو التناغم مع الكرملين في تشكيل استقطابات موازية أو رديفة أو حتى منافسة.
وحين تطلب واشنطن امتناع إيران عن تزويد روسيا بالمسيّرات، التي استُخدمت وسوف تُستخدم في العمليات العسكرية الروسية داخل أوكرانيا؛ فإنّ المُطالِب الأمريكي يتناسى أنه، ذات يوم غير بعيد تماماً، تغافل عن تعاون عسكري روسي إيراني وثيق في سوريا، بل وتواطأ على تحسين شروطه وقطف ثماره.
الزمن كان صيف 2016، بعد أقلّ من سنة على التدخل العسكري الروسي المباشر لصالح نظام بشار الأسد، حين بدأ الطيران الحربي الروسي ينطلق من قاعدة همذان العسكرية الإيرانية، لقصف أهداف في سوريا؛ وأُتيح لقاذفة Tu-22M الروسية الاستراتيجية أن تلقي 20 طناً متريا من القنابل أو الصواريخ، ولا بأس أن تحمل أيضا رسائل سياسية متعددة العناوين: إلى واشنطن، والحلف الأطلسي، وأوكرانيا، والاتحاد الأوروبي، وسوق النفط، وسوق السلاح..
وأمّا بمعزل عن هذا الاعتبار، وفي أسواق الرمزيات السياسية التي تُباع بسهولة لجمهور «الممانعة» في الشرق الأوسط وجمهور إحياء الإمبراطورية القيصرية في روسيا؛ فإنّ التعاون العسكري الروسي الإيراني يروّج، عند موسكو، لأطروحة القوّة الكونية الجديرة بمجابهة أمريكا والأطلسي خارج حدود جورجيا وأوكرانيا، ثمّ استطراداً خارج حروب أسعار النفط والعقوبات الاقتصادية.
في الترويج للأطروحة ذاتها، تذكّر طهران بأنها قوّة إقليمية عظمى، مستعدة للاتجار بالمصالح الكونية الجيوسياسية مع قوى كونية أخرى غير أمريكا، وأنّ الاتفاق النووي الذي وقعته مع «المجتمع الدولي» ليس منتهى تلك التجارة، أو ليس ذروتها القصوى.
وهكذا، بين استمرار توكيل تركيا بملفات تزويد سلال العالم الغذائية بالحبوب الأوكرانية، وبين مطالبة إيران بالتوقف عن تغذية الجيش الروسي على جبهات أوكرانيا بمسيّرات «شاهد» المتقدمة تكنولوجياً، وبين شحن القنابل العنقودية الأمريكية عالية الفتك والتدمير إلى الجيش الأوكراني؛ ثمة في الولايات المتحدة، ثمّ الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، تلك القواسم المشتركة العظمى لمبدأ «السياسة الواقعية»، الذي استسهل قاموس العلوم السياسية تنزيهه عن انتهاك القوانين ارتكاب الجرائم مقابل وظائفه الجليلة في خدمة المصالح.
والأرجح أنّ «فايننشال تايمز» فضّلت الإمعان في الطرافة وعدم إفسادها عن طريق تذكير القرّاء بأنّ بوتين كان ذات مرّة ضيف قمّة حلف الأطلسي المدلل، وأن صفقة إيران كونترا انطوت على شحنات أسلحة أمريكية إلى… طهران!
*صبحي حديدي كاتب وباحث سوري
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: ة عظمى
إقرأ أيضاً:
عمرو أديب عن حرائق كاليفورنيا: عجائب الدنيا بالدولة الأكبر في العالم
كتب- حسن مرسي:
علق الإعلامي عمرو أديب على الحرائق الضخمة التي اجتاحت ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدًا على حجم الكارثة التي تسببت في خسائر تقدر بـ 130 مليار دولار في غضون 48 ساعة فقط.
خلال برنامجه "الحكاية" الذي يُبث على فضائية mbc مصر، وصف أديب المشهد بأنه يمثل "عجائب الدنيا في الدولة الأكبر في العالم"، حيث اجتاحت رياح جافة محملة بالنيران المناطق الخضراء وأحالتها إلى رماد.
وأشار أديب إلى أن جهود فرق الإنقاذ لم تكن كافية لاحتواء الحرائق، حيث فشلت بشكل زريع في مواجهة هذه الكارثة المدمرة، واصفًا المشهد، قال: "دول كانوا بيملوا حقائب النساء وخوذ الرأس بالماء عشان يطفوا النار، في مشهد لا نراه إلا في دول الدرجة الرابعة".
وتحدث الإعلامي عن الأثر المدمر الذي خلفته الحرائق، موضحًا أن "كاليفورنيا شعرت كأنها تعرضت لقصف بقنبلة نووية، حيث تسطحت المدينة على الأرض وتم إجلاء مئات الآلاف من الأشخاص من منازلهم".
كما أبدى أديب استغرابه من عدم توفر الإمكانيات اللازمة لمواجهة هذه الكارثة، مشيرًا إلى "فشل رهيب" للمسؤولين في كاليفورنيا. وتابع قائلاً: "20 ألف منزل دمرت، والفشل في وقف هذا الدمار الكبير أصبح واقعًا مؤلمًا".
اقرأ أيضا..
يعبر النيل ويربط القاهرة بالجيزة.. أبرز المعلومات عن محور شمال طرة (صور)
"الأرصاد": أمطار متفاوتة الشدة خلال ساعات بهذه المناطق
تابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة متحدث الصحة: خطر المضاد الحيوي على المصريين أعظم من الفيروسات أخبار اتحاد الغرف السياحية: لجنة للتحقيق في بيع الغرف الفندقية بأسعار أقل من أخبار عمرو أديب: كلمة الرئيس بكاتدرائية ميلاد المسيح تتجاوز مجرد التهنئة أخبار نشرة التوك شو| حقيقة وصول فيروس HMPV الجديد إلى مصر وأصداء إقالة السيد أخبار أخبار مصر "أولادنا مش فئران تجارب".. تحرك برلماني عاجل بعد إعلان نظام البكالوريا منذ 48 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر أمطار وشبورة مائية.. الأرصاد تحذر من التقلبات الجوية خلال الأيام المقبلة منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر مصطفى بكري يكشف حقيقة تغييرات وزارية مقبلة منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر موعد إجازة 25 يناير 2025 لموظفي القطاعين العام والخاص منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر التنمية المحلية تكشف تفاصيل خطة تشجير الدائري بالقاهرة الكبرى منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر انطلاق حفل عيد الأثريين.. والأمين العام: مكافآت وسفريات للأثريين منذ 3 ساعات قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبارعمرو أديب عن حرائق كاليفورنيا: عجائب الدنيا بالدولة الأكبر في العالم
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك "ساحة حرب".. بايدن عن ما يحدث في لوس أنجلوس حريق كاليفورنيا.. 13 صورة ترصد مشاهد الهروب والحسرة على وجوه مواطني أمريكا 21القاهرة - مصر
21 13 الرطوبة: 50% الرياح: غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك