أغير من صديقة لأنها أجمل مني.. فهل هذا يعني أنني أحسدها؟ شيخ الأزهر يرد على سؤال طفلة
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
صدر حديثاً الجزء الثانى من كتاب "الأطفال يسألون الإمام" لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذى أتيح للجمهور بجناح الأزهر بـ معرض الكتاب فى نسخته الماضية، ويتضمن أسئلة كثيرة تدور في ذهن الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانًا، ظنًّا منهم أنَّ تلك الأسئلة مسيئة للعقيدة، ويطلبون منهم التوقف عن ذلك، جاءت فكرة هذا الكتاب الذي جمع فيه أسئلة الأطفال ليجيب عنها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بنفسه ليرشدهم، ويعلمهم صحيح دينهم، وتكون رسالة تربويَّة لأولياء الأمور توجههم إلى أهمية الانتباه إلى أسئلة أبنائهم الصغار، والإجابة عنها بعقل متفتح؛ بل وتشجيعهم على التفكير والتدبر في أمور العقيدة وغيرها من الأمور في الحياة.
وكان السؤال:
أشعر بالغيرة من صديقة لي؛ لأنها أجمل مني.. فهل هذا يعني أنني أحسدها ؟ وهل سيحاسبني الله على ذلك ؟
وجاء الرد كالتالى:
اعلمي يا ابنتي أن التفاوت بين البشر أمر طبعي، وهذا التفاوت قد يتخذ أشكالا متنوعة؛ فهناك تفاوت في الأعمار والأرزاق والفهم والثقافة، وكذلك في الأشكال والصفات، والله عز وجل له حكمة بالغة في هذا التفاوت؛ ليرى الإنسان نفسه في حالة نقص واحتياج إلى الله تعالى، وكذلك لغيره من البشر.
وعلى هذا يا ابنتي فإن رؤيتك لصديقتك أنها أجمل منك لا يعني أبدًا أنها أفضل منك، ولكن منحها الله تعالى تفضيلا في جانب ما ، وليس مجرد نظرك إليها على أنها أجمل منك يكون حسدًا ؛ لأن الحسد معناه تمني زوال النعمة عن الغير، فإذا كنت تستكثرين عليها عطاء الله وتتمنين أن يزول جمالها فهذا حسد منهي عنه، أما مجرد المقارنة فهذا ليس حسدًا ، ولن يحاسبك الله عليه طالما لم يتحول إلى سخط أو كره أو كلام يدخل في الغيبة والنميمة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن مجرد حديث النفس لا يُحاسب عليه الإنسان، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا َوسْوَسَتْ، أَوْ حَدَّثَتْ به أنْفُسَها ، ما لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ .
ولا بد من التذكير بأن الله تعالى لا ينظر إلى الشكل وإنما إلى القلب والعمل، وهنا أقدم لكم أبنائي وبناتي نصيحة مهمة لكل من يشعر بمثل هذا الشعور : توقفوا عن هذه المقارنات الجوفاء، وانظروا إلى نعم الله تعالى عليكم، فربما منح الله إنسانًا شكلا حسنًا وابتلاه بشيء آخر، وآخر منحه الله شكلاً غير حسن لكن عافاه من أمور أخرى، فكل إنسان خلقه الله في أحسن تقويم ومنحه من العطايا والنعم الكثير، مهما كان شكله أو لونه أو مستواه، والتكريم حاصل لكل بني آدم فلا تنظري لنفسك على أنك أقل من أحد بل أنت مكرمة بنعم كثيرة من الواحد الأحد .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شيخ الأزهر طفلة صغيرة الحسد الغيرة الجمال الإمام الأكبر المزيد الله تعالى
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم فلا تيأس وثق فى الله
قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الثقة بالله سبحانه وتعالى دَيدَن المؤمنين، وهي ركن من أركان الإيمان، وصِلة واضحة جليّة بين العبد وربه.
ونوه جمعة عبر صفحته الرسمية على فيس بوك أن الثقة بالله تجعلنا نؤمن بما عند الله أكثر من تصديقنا لما بين أيدينا، لأن الله سبحانه وتعالى فعالٌ لما يريد، وهو على كل شيء قدير، رب السماوات والأرض وما بينهما، وهو الذي خلقنا وأحيانا ويميتنا، وهو الذي رزقنا وهدانا إلى سواء الصراط المستقيم.
واضاف: لا ينبغي أن يدخل الشك إلى قلب أحدٍ من المؤمنين في ربه، فإن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن هدايةً للعالمين إلى يوم الدين، وبيّن لنا فيه سننًا إلهيةً جرت عبر التاريخ، لا لمجرد الاستماع إلى القصص، بل للاهتداء بها، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ﴾، وقال: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾.
وبين ان القرآن الكريم نزل هدىً للمتقين، وعمىً على الكافرين. وقد خصّ الله قصة موسى عليه السلام بذكرها في مواضع كثيرة من القرآن، حتى شغلت جزءًا كبيرًا من قصص الأنبياء، لما فيها من عبرٍ وحكم وهداية تُصلح حياة الأفراد والأمم.
ولفت الى ان من هذه الهداية: أن الله تعالى وصف موسى عليه السلام بالقوة؛ فقد كان قويّ البنية، كما قال تعالى: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾، ضربة واحدة أنهت حياة عدوه، وهي ليست ضربة بل "وكزة"! مما يدل على شدة قوته.
ولم يكن موسى قويّ الجسد فقط، بل كانت له نفسية قوية، وهيبة في الناس، فقد احتمى به الناس { فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ}. ولما ذهب إلى مدين سَقَى لبنات شعيب مع رعاء الناس في وسط الزحام.
ومع هذه القوة الظاهرة والباطنة، كان موسى عليه السلام يخاف، فقد ورد الخوف في كل مراحله:
• بعد القتل: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾
• بعد التحذير وعند الخروج: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾
• عندما أمره الله بالذهاب إلى فرعون: ﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾، ﴿ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾
• وعند مواجهة السحرة: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى﴾، فقال له ربه: ﴿ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى﴾
وبين ان موسى، رغم قوته الجسدية والنفسية والإيمانية، كان خائفًا، لأن العدو (فرعون) كان طاغية فاجرًا، يحكى عنه أنه كان يقتل بالنظرة، ويقول: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾، فقال الله فيه وفي من كان مثله من الجبابرة الطغاة على مر التاريخ: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾.
وقد قرر القرآن قاعدة عظيمة تُورث الثقة بنصره في قلوب المؤمنين، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ﴾
فالخطاب تحول من الغائب ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ﴾ إلى الخطاب المباشر ﴿مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ﴾، ليخاطب المؤمنين إلى يوم الدين.
هذه الآية تؤكد أن التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم، فهو القادر على إزالتهم في لحظة، ويخاطبك ربك قائلاً: "لا تخف".
وإن وقع الخوف في قلبك، فلا تيأس، فقد خاف موسى وهو كليم الله.
فكن ككليم الله موسى في الثقة والتصديق بأمر الله ولا تخف، واجعل حياتك لله: اجعله هو مقصودك.. وناصرك.. واعتمادك.. وذكرك.. وتوجهك، حتى لو لم يكن معك أحد.
فالنبي يأتي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان، وربما ليس معه أحد، فعامل لله، وثق بالله، ترى من عجائب قدرته ما يدهشك.