ترامب يشعل النار مجددا.. وقيادات حزبية: تصريحاته تكشف الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية الاستعمارية
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
أدانت أحزاب سياسية مصرية بشدة التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أعرب فيها عن رغبته في تحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، وفرض الولايات المتحدة فرض سيطرتها على القطاع، وتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وقوبلت هذه التصريحات برفض قاطع على المستويين الرسمي والشعبي.
وفي هذا السياق، أكد ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كشفت عن الوجه الحقيقي للسياسات الأمريكية الاستعمارية، مشددًا على أن إسرائيل ليست سوى انعكاس لأمريكا، بينما يمثل ترامب صورة مجسدة لكليهما.
وأوضح الشهابي، أن هذه التصريحات الاستفزازية وحدت الشعب المصري بجميع أطيافه خلف الدولة والقيادة السياسية والقوات المسلحة والشرطة، في مواجهة التحديات والمخططات التي تستهدف المنطقة.
وأشار في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع» إلى أن مواقف ترامب الأخيرة، خاصة المتعلقة بقطاع غزة، عززت عزلة الولايات المتحدة عالميًا، إذ قوبلت برفض شديد من أقرب حلفائها في أوروبا الغربية، الذين انتفضوا ضد تصريحاته التي تعكس نوايا استعمارية واضحة.
وأضاف، أن تصريحات ترامب المتكررة جعلت الشعوب العربية ترى في مصر قيادة قوية وركيزة أساسية للاستقرار في المنطقة، معتبرًا أنها الأمل والسند في مواجهة التحديات الراهنة.
وأكد أن، المطلوب في هذه المرحلة هو موقف عربي موحد وقوي يرفض هذه التصريحات جملة وتفصيلًا، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لمعاقبة الولايات المتحدة على هذه السياسات، من خلال جميع الأدوات المتاحة.
ودعا الشهابي إلى عقد قمة عربية طارئة لاتخاذ قرارات حاسمة، من بينها تفعيل القرار السابق للقمة العربية بشأن إنشاء «القوات العربية المشتركة»، لتكون الدرع الواقي للأمن القومي العربي، مع التأكيد على أن القضية الفلسطينية ستظل القضية الأولى للعالم العربي.
موقف ترامب يعبر عن التوجهات الصهيونيةومن جانبه، قال الدكتور معتز الشناوي المتحدث الرسمي لحزب العدل، إن تصريحات ترامب مرفوضة بشكل قاطع، وهي تمثل صورة في غاية الوضوح للتوجهات الصهيونية التي تسيطر على السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة ترامب، والتي لا تراعي أي اعتبارات قانونية أو تحترم المواثيق الدولية.
وأكد «الشناوي» على رفضهم التام والدائم، لأي محاولات لتهجير أهل غزة من أرضهم بأي شكل من الأشكال وتحت أي عنوان سواء تهجير دائم أو حتى مؤقت.
ووصف «الشناوي» هذه المحاولات بأنها غير أخلاقية تهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها، لافتا إلى أنها تستهدف في الأساس تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على الأمل بإقامة دوله فلسطينية مستقلة كما تنص القرارات الأممية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
ودعا المجتمع الدولي للاضطلاع يمسؤولياته ليس فقط في التصدي لتلك التصريحات وإيقاف العمل بها، ولكن أيضاً في سرعة إعمار غزة ومداواة ما أفسدته آلة الإبادة العنصرية الصهيونية، ومداواة الوضع الإنساني المزري لسكان غزة من الفلسطينيين ومحاسبة كل من سولت له نفسه ارتكاب المذابح الجماعية التي شاهدها العالم أجمع.
تصريحات غير مسئولة من ترامبوفي سياق متصل، أكد عضو الهيئة العليا للوفد، الدكتور محمد عبده، عضو مجلس النواب السابق على أن تصريحات ترامب بشأن غزة تنم على عقلية غير سوية تخطت غزة وطالت كندا والمكسيك وقناة بنما، مشيرا إلى أن يتصرف وكأن العالم أصبح لعبة في يديه يلهو بها وقتما يشاء، ووصف ترامب بأنه مجنون لايدرك ما يقول.
وأشار إلى أن عضو مجلس النواب الأمريكي آل جرين طالب بالبدء في إجراءات عزل ترامب عن منصبه كرئيس للولايات المتحدة.
وطالب بتوخي الحذر وأخذ تهديداته علي محمل الجد، مؤكدا على ضرورة أن نكون صفا واحداً خلف القيادة السياسية في هذه الظروف الصعبة والتاريخية.
وأكد على ضرورة التنسيق بين الدول العربية والإسلامية لمحاربة المصالح الأمريكية أينما كانت.
وطالب بأن يكون الرد على ترامب حاسما وقويا حتى لا يقع وعد بلفور مرة أخرى و حتى يعلم أن مصر دولة ذات حضارة قدرها آلاف من السنين ولا يمكن أن يتعامل بالتهديد والوعيد.
تصريحات ترامب تنذر بإشعال حرب في الشرق الأوسطومن جهته، قال طارق درويش، رئيس حزب الأحرار الاشتراكيين إن ترامب رئيس بدرجة مجرم لا يحترم المعاهدات الدولية ولا المواثيق ولا حقوق الإنسان ولا أي نوع من أنواع الإنسانية لأنه يحاول أن يهدر حق شعب فلسطين في إقامة دولته حتى حدود 1967 على أن تكون القدس هي عاصمة فلسطين.
ورأى درويش، أن تصريحات ترامب في غير محلها ولن تنجح محاولاته في فرض الأمر الواقع على المنطقة العربية، مشيرا إلى أن هذه التصريحات بمثابة تهديدات مباشرة بنذور إشعال حرب في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في المنطقة الملتهبة حول مصر.
وأشار إلى أن الغرض من هذه التصريحات هو تضيق الخناق على مصر ومحاولة السيطرة على جزء من سيناء، لوضع قوات أجنبية فيها لتكون إضافة لحماية إسرائيل وتوسيع رقعة الاستيطان الاسرائيلية، بالإضافة إلى نهب ثروات المنطقة بالخروج عن المواثيق الدولية.
أما بخصوص تحويل غزة لريفييرا الشرق الأوسط يرى أن هذا إسفافا وحماقة من رئيس لا يدرك مخاطر التصريحات الذي يطلقها، مشيرا إلى أن الحزب كان قد أصدر بيانا يعبر عن رفضه لتصريحات ترامب، ويؤكد على حق الشعب الفلسطيني في السيادة على أراضيه.
وطالب بضرورة التكاتف خلف القيادة السياسية المصرية وتوحيد القرارات في شأن تفويض الرئيس السيسي في اتخاذ ما يراه مناسبا لحماية حقوق القضية الفلسطينية، كذلك حقوق الدولة المصرية في السيادة على أراضيها وحفظ الأمن القومي وعمق الأمن القومي في دول الجوار مثل فلسطين والسودان وليبيا وسوريا، لافتا إلى أن هذه الدول تعتبر أمن قومي بالنسبة لنا.
التهجير القسري انتهاك للقانون الدوليومن ناحيتها، أعربت الدكتورة جيهان مديح، رئيس حزب مصر أكتوبر عن رفضهم القاطع لأي محاولات لتهجير سكان قطاع غزة من أرضهم، مؤكدة على أن التهجير القسري يعتبر انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، وتحديدًا اتفاقيات جنيف التي تحظر النقل القسري للسكان من الأراضي المحتلة.
وتابعت: مثل هذه الخطط تُعتبر تطهيرًا عرقيًا وتُهدد بإشعال توترات وصراعات جديدة في المنطقة.
وأوضحت أن أي محاولات لفرض حلول أحادية الجانب تتجاهل حقوق الفلسطينيين المشروعة تُعد غير مقبولة، مشددة على أن أي حل يجب أن يكون نابعًا من إرادة الشعب الفلسطيني وبموافقتهم الكاملة.
كما أكدت على دعمهم لحل الدولتين كسبيل لتحقيق السلام الدائم في المنطقة، مشيرة إلى أنه يجب أن يتم التوصل إلى هذا الحل من خلال مفاوضات جادة تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل بأمن وسلام.
أما عن تحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، فقالت إنه يجب أن تكون جزءًا من رؤية شاملة لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة، لافتة إلى أنه لا يمكن تحقيق التنمية الحقيقية دون إنهاء الاحتلال وضمان حقوق الفلسطينيين.
وشددت على أن أي فكرة لمشاريع تنموية يجب أن تكون بالتعاون مع الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، وبما يضمن استفادتهم المباشرة منها.
ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في حماية حقوق الشعب الفلسطيني ومنع أي محاولات لفرض حلول غير عادلة.
وطالبت الدول العربية والإسلامية للوقوف صفًا واحدًا في مواجهة هذه المخططات ودعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
وأشارت إلى أن السلام العادل والشامل هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة، لافتة إلى أن أي مبادرات أو مقترحات يجب أن تُبنى على أساس احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، وبما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة.
وشددت على ضرورة التعامل مع هذه القضية بحكمة وتعقل، بعيدًا عن الحلول الأحادية التي لا تخدم سوى تعميق الصراع وزيادة معاناة الشعوب.
اتفاقية جنيف الرابعة تحظر التهجير القسري للسكان المدنيينوعلى صعيد آخر، قال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» تحت السيطرة الأمريكية تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والمواثيق الأممية.
وأضاف: هذه التصريحات تتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، لافتا إلى أن ميثاق الأمم المتحدة يحظر صراحةً على أي دولة الاستيلاء على أراضي دولة أخرى بالقوة المسلحة.
وشدد «مهران» على أن مثل هذه المقترحات تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر التهجير القسري للسكان المدنيين، كما تتعارض مع نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي يعتبر الترحيل القسري للسكان جريمة حرب.
أما عن فكرة تحويل غزة إلى منتجع سياحي تحت السيطرة الأمريكية، فأوضح أن مثل هذه الفكرة تتجاهل تماماً حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وتتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي التي تؤكد على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
وحذر من أن هذا النهج يشكل تهديداً خطيراً للنظام الدولي القائم على القانون، موضحاً أن تجاهل القرارات الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة ويقوض فرص السلام الدائم.
وفيما يتعلق بكفاية البيانات والإدانات لردع مثل هذه المواقف، أكد «مهران» أن المجتمع الدولي يحتاج إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزماً.
ويرى "مهران" أنه يجب اتخاذ عدة خطوات عملية تبدأ بتفعيل آليات المساءلة القانونية الدولية، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية على المنتهكين للقانون الدولي، فضلا عن تعزيز دور المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين.
كما أشار إلى ضرورة تحرك الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار قرارات ملزمة تحت مظلة «الاتحاد من أجل السلام» في حال استمرار عرقلة مجلس الأمن الدولي، مشددا على أن حماية القانون الدولي والنظام العالمي القائم على القواعد تتطلب موقفاً موحداً وحازماً من المجتمع الدولي، ومؤكدا أنه لا يمكن السماح بتجاهل القانون الدولي وحقوق الشعوب تحت أي ذريعة.
اقرأ أيضاً«إندبندنت» تحث على ضمان استمرار الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في غزة
«لا للتهجير - نعم للإعمار - العودة حق».. النقابات المهنية ترفض تصريحات ترامب بشأن السيطرة على غزة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ترامب غزة الأحزاب السياسية الأحزاب السياسية المصرية القضیة الفلسطینیة الولایات المتحدة الشعب الفلسطینی المجتمع الدولی التهجیر القسری للقانون الدولی القانون الدولی هذه التصریحات تصریحات ترامب القسری للسکان تحویل غزة إلى الشرق الأوسط فی المنطقة أی محاولات على ضرورة مثل هذه إلى أن على أن یجب أن
إقرأ أيضاً:
امريكا وتبادل الأدوار.. تصريحات “ترامب” تعزز طموحات الصهيونية في المنطقة
في التفاصيل؛ أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” حول غزة جدلاً واسعًا، رآها البعض أنها تجاوزت مجرد الدعم السياسي للمجرم “نتنياهو” و”حكومة” الكيان، أو تمهيدًا لمشاريع استراتيجية مثل شق قناة “بن غوريون”، إذ يُعتقد أن هذه التصريحات تنطوي على محاولةٍ لكشف مواقع المقاومة الفلسطينية وتعزيز الهيمنة الإسرائيلية عبر تحركاتٍ عسكريةٍ موجهة.
وحول تحليل هذه التصريحات ومحاولة فهم تداعياتها يحتاج إلى قراءةٍ معمقةٍ للعوامل السياسية والاستراتيجية المرتبطة بها، بعد 15 شهرًا من اندلاع معركة طوفان الأقصى؛ “موقع أنصار الله” يستعرض لكم أهم السيناريوهات والانعكاسات المحتملة.
أولاً: السياق العسكري والاستراتيجي:
تُعتبر “غزة” قلعة المقاومة الفلسطينية، تُدير فيها حركات مثل حماس والجهاد الإسلامي منظومة أمنية وعسكرية معقدة تشمل، “شبكة أنفاق تحت الأرض تُستخدم للنقل والتحصينات والهجمات المباغتة، ومواقع تخزين وإطلاق صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، وقواعد تدريب عسكرية ومراكز تطوير أسلحة محلية.
وكانت السيطرة على هذه البنية التحتية هدفًا استراتيجيًا دائمًا للكيان الإسرائيلي، الذي عانى من صعوبة القضاء عليها رغم العمليات العسكرية المتكررة، خلال أكثر من 15 شهرًا.
عسكريًا؛ وفي تحليلٍ لأهداف تصريحات “ترامب”، يرى مراقبون أنها تهدف إلى جمع معلومات استخباراتية، من خلال إثارة التصريحات حول إعادة هيكلة الوضع في غزة، إذ تأمل “واشنطن وتل أبيب” في تحفيز المقاومة الفلسطينية على القيام بتحركاتٍ أو تعزيز مواقع دفاعية معينة.
هذه التحركات قد تكشف خطوط الإمداد، ومخابئ الأسلحة، ومسارات الأنفاق، من خلال تسليط تقنيات المراقبة المتطورة مثل الطائرات بدون طيار، والأقمار الاصطناعية والذكاء الاصطناعي التي ستُستغل لمراقبة كل هذه الأنشطة، ولا يستبعد خبراء عسكريون من وضع شرائح أو أجهزة تجسسية في بعض المواد والاصناف المقدمة كمساعدات، أملاً من أن تأخذها المقاومة إلى الأنفاق.
كما يؤكد مراقبون أن مثل هذه التصريحات ليست عبثية بل هي تمهيد لهجومٍ عسكري شامل، إذا تم تحديد مواقع الأنفاق وترسانات المقاومة بدقة، فقد يكون الهدف تنفيذ عملية عسكرية موجهة تهدف إلى، تدمير شبكة الأنفاق الاستراتيجية، واستهداف مستودعات الأسلحة وتحييد قيادات المقاومة، وكسر إرادة المقاومة وتجريدها من سلاحها.
وأشار المراقبون إلى كونها تأتي في سياق إضعاف الغطاء الشعبي للمقاومة، فمثل هذه لتصريحات قد تهدف أيضًا إلى تهيئة الرأي العام العالمي لتقبل أي تصعيد عسكري إسرائيلي بحجة “محاربة الإرهاب” أو إعادة السيطرة على قطاع غزة.
ولعل المتتبع لردود فعل المقاومة وتحركاتها ميدانيًا، يجد أنها بالفعل تدرك هذه الخطوات من خلال تعزيز التحصينات، فمن المتوقع أن تقوم المقاومة بتوسيع وتعزيز شبكاتها الدفاعية ومواقعها التكتيكية، وزيادة الحذر الأمني، مع احتمال رفع درجة السرية حول مواقع تخزين السلاح ومسارات الأنفاق، وقد تستبق المقاومة أي تحركات عسكرية بعملياتٍ هجومية مباغتة لتحذير كيان الاحتلال من أية مغامرةٍ عسكرية.
وبحسب مراقبين؛ فإن هذا السيناريو قد يحمل تداعيات إقليمية ودولية، وأي محاولة للقضاء على المقاومة قد تؤدي إلى تصعيد وتدخل عاجل من أطرافٍ إقليميةٍ مثل “القوات المسلحة اليمنية وإيران وحزب الله والمقاومة العراقية”، ما يوسع من رقعة الصراع.
كما أنهُ سيثير موجة غضب شعبي عارم، وقد تشهد الشعوب العربية والإسلامية احتجاجات وتحركاتٍ واسعة، ما يزيد من الضغط على الحكومات المتحالفة مع “واشنطن”، في ظل تراجع مصداقيتها، انحيازها الصريح لإسرائيل الذي أضعف صورة الولايات المتحدة كوسيطٍ نزيه في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وفي المحصلة وضمن السياق العسكري الاستراتيجي؛ فتصريحات “ترامب” قد تكون أداةً متعددة الأهداف تهدف إلى، كشف مواقع المقاومة وتعطيل قدراتها، وتمهيدًا لضربةٍ عسكريةٍ شاملة في غزة، بعد تهيئة الرأي العام لتقبل تصعيد صهيوني جديد على القطاع المنكوب.
غير أن المقاومة في غزة؛ ووفقًا للمراقبين؛ أثبتت مرارًا قدرتها على التأقلم مع الضغوط الأمنية والعسكرية، وإن أي تصعيدٍ محتمل لن يكون بلا تكلفة باهظة، وقد يُدخل المنطقة في موجةٍ جديدة من الصراع.
تانيًا: في السياق السياسي والاقتصادي:
في هذا السياق، يعتقد البعض أن تصريحات “ترامب” تأتي في سياق محاولة دعم “بنيامين نتنياهو” سياسيًا، خاصة في ظل مشكلاته الداخلية المتعددة، بما في ذلك محاكمات الفساد والانقسامات في المجتمع الإسرائيلي، لكن لماذا الآن؟
يرى مراقبون أن توقيت التصريحات قد يكون مدروسًا من قبل إدارة “ترامب” التجارية بهدف إعادة توجيه الرأي العام الإسرائيلي، نحو قضيةٍ وطنيةٍ مصيرية بالنسبة للمجتمع الصهيوني الداخلي، ما يمنح “نتنياهو” فرصة لتعزيز شعبيته بين التيارات اليمينية المتشددة.
ويلفت المراقبون إلى أن الأثر المحتمل لهذه التصريحات، من شأنها استقطاب المزيد من الدعم لحكومة “نتنياهو” من اليمين المتطرف، وتشجيع الرأي العام الداخلي الإسرائيلي على تبني أفكار استباقية تجاه حل قضية غزة بالقوة، بغض النظر عن زيادة التوترات السياسية مع الفلسطينيين والدول الإقليمية.
وفي المسار الاقتصادي؛ يُعد مشروع شق قناة “بن غوريون” البديل الإسرائيلي لقناة “السويس المصرية” أحد السيناريوهات الاستراتيجية المطروحة على الطاولة الاستثمارية لإدارة “ترامب” التجارية، ويتضمن شق قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، وإنشاء مشاريع استثمارية عملاقة على أنقاظ البيوت المدمرة في غزة.
وبحسب رؤية “ترامب” في استلام مهمة إعمار قطاع غزة، سيتيح سيطرة إسرائيلية كاملة على القطاع، أو حتى تقليص نفوذ الفلسطينيين فيه، ما يُسهل عمليات تنفيذ مشاريع وطموحات الإدارة الأمريكية الإسرائيلية على المدى الطويل.
وعلى المدى القصير جدًا، وبحسب مراقبين؛ فإن هذا الأمر سيعمل على تقليص الحاجة للتعاون مع الحكومة المصرية كوسيطٍ اقتصادي مهم في النقل البحري، ما أثار بالفعل مخاوف مصر ودول أخرى حول تأثيرات اقتصادية وسياسية عميقة، يمكن أن يؤدي إلى تصعيد التوتر الإقليمي بسبب تهديد مشروع “بن غوريون” لدور “قناة السويس” الاستراتيجي.
ووفقًا لقراءةٍ تحليلية لانعكاسات هذه السيناريوهات على ردود الفعل الدولية، من التصريحات الأمريكية، رصدنا رفضًا دوليًا واسعًا، وسواءً جاءت لدعم “نتنياهو” أو تمهيدًا لمشاريع استراتيجية، إلا أنها لقيت استنكارًا واسعًا، لأن التهجير القسري أو السيطرة غير القانونية على أراضي الفلسطينيين يمثل انتهاكًا للقانون الدولي.
ورصدنا حالة من التوتر خصوصًا مع الحلفاء الإقليميين، مثل “مصر، السعودية، وتركيا”، حيث رفضت كلا منها بشكلٍ قاطع أي تهديد للأوضاع الجيوسياسية أو استهداف سكان غزة، ما عدهُ مراقبون تراجعًا للنفوذ الأمريكي، فاستمرار “ترامب” في طرح أفكار مرفوضة دوليًا قد يعزز نفوذ “روسيا والصين” كبدائل سياسية في المنطقة، قد يلجأ إليها الحلفاء.
وعليه؛ يؤكد خبراء ومحللون أن تصريحات “ترامب” سواء كانت جزءًا من دعم “لنتنياهو” أو تمهيدًا لمشاريع استراتيجية استثمارية، فإنها تمثل خطرًا مزدوجًا؛ داخليًا على مستوى تعزيز الخطاب المتطرف داخل “إسرائيل”، وإقليميًا ودوليًا عبر تأجيج الصراع مع الفلسطينيين والدول العربية وتقويض فرص السلام.
موجات من ردود الأفعال الرافضة لتصريحات “ترامب”:
في الإطار؛ أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الأخيرة، والتي اقترح فيها سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وترحيل سكانه الفلسطينيين إلى دول مجاورة، ردود فعل واسعة من الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي.
نبدأها من فلسطين، حيث أدانت حركات وفصائل وقوى الجهاد والمقاومة الفلسطينية بشدة تصريحات “ترامب”، واعتبرتها محاولة لخلق مزيد من الفوضى والتوتر في المنطقة، كما أكدت السلطة الفلسطينية أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، وأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أرضه وحقوقه ومقدساته.
بدورها؛ أعربت الحكومة المصرية عن رفضها القاطع لمقترح “ترامب”، مؤكدة أن مستقبل قطاع غزة يجب أن يكون جزءًا من الدولة الفلسطينية المستقلة، وأن أي محاولة لتهجير سكانه تتعارض مع القانون الدولي.
من جهتها، أكدت الدول الخليجية موقفها الثابت والداعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ورفضها لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو المساس بحقوقهم المشروعة.
ووصف وزير الخارجية التركي، من جانبه، تصريحات ترامب بأنها “غير مقبولة”، مؤكدًا أن أي خطط تجعل الفلسطينيين خارج المعادلة ستؤدي إلى مزيد من الصراع.
كم أعربت جمهورية إيران الإسلامية عن استنكارها الشديد لمقترح ترامب، واعتبرته انتهاكًا لحقوق الفلسطينيين وتهديدًا لاستقرار المنطقة.
وفي سياق، المواقف الدولية، فقد أعربت الأمم المتحدة عن رفضها لمقترح ترامب، مؤكدة أن أي عملية ترحيل أو نقل قسري للسكان دون أساس قانوني تُعتبر محظورة تمامًا بموجب القانون الدولي.
واعتبرت الخارجية الفرنسية أن التهجير القسري لسكان غزة سيكون انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، ويمثل هجومًا على التطلعات المشروعة للفلسطينيين ويزعزع استقرار المنطقة.
وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية، “أنالينا بيربوك”، أن قطاع غزة “ملك للفلسطينيين”، وأن طردهم منه سيكون غير مقبول ويتعارض مع القانون الدولي.
ورفض وزير الخارجية الإسباني، “خوسيه مانويل ألباريس”، اقتراح ترامب، مؤكدًا أن غزة هي أرض للفلسطينيين وسكانها يجب أن يبقوا فيها.
وأعلنت الصين معارضتها للترحيل القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكدة دعمها لما يسمى “حل الدولتين” كسبيل لتحقيق السلام في المنطقة.
وأكدت الحكومة الأسترالية دعمها لما يسمى “حل الدولتين”، مشددة على أن مستقبل غزة يجب أن يكون في إطار دولة فلسطينية مستقبلية.
وأما روسيا فأكدت أن التسوية في الشرق الأوسط ممكنة فقط على أساس ما يسمى ” حل الدولتين”، كما وصف الرئيس البرازيلي، “لويس إيناسيو لولا دا سيلفا”، تصريحات ترامب بشأن السيطرة على قطاع غزة بأنها “ليست منطقية”.
أنصار الله
وفي سياق، ردود الفعل الإسرائيلية، فقد حظيت تصريحات ترامب بترحيبٍ من كافة الأوساط السياسية الإسرائيلية، حيث أشاد “رئيس وزراء” الكيان “نتنياهو” بالرئيس الأمريكي، واصفًا إياه بأنه “أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق”.
كما أبدى معظم السياسيين الإسرائيليين دعمهم لمقترح ترامب، معتبرين أنه يمثل “تفكيرًا إبداعيًا” لحل قضية غزة، ولن يقف الأمر هنا؛ بل سال لعاب وزير مالية الكيان المجرم “سيموترتش” بأن طالب “ترامب” بالعمل على هذا النحو في الضفة الغربية المحتلة.
بالمحصلة؛ تُجمع ردود الفعل الدولية على رفض تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بشأن السيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين، مع التأكيد على ضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني ودعم وقف إطلاق النار، كسبيلٍ لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.