"بنيت على الدم".. سر الصداقة الغريبة بين موسكو وإفريقيا
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
تسلّط استضافة جنوب إفريقيا قمة بريكس، اليوم الثلاثاء، الضوء على العلاقات بين بريتوريا والكرملين، التي تتسم بالدفء فيما يعتبرها البعض أمراً محيّراً.
ويعود تاريخ العلاقة بين موسكو وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا إلى فترة الحرب الباردة، عندما دعم الاتحاد السوفيتي نضال المؤتمر الوطني الإفريقي ضد نظام الفصل العنصري.
لكن هذه العلاقات لا تزال قوية للغاية حتى اليوم، رغم التحولات التاريخية والأيديولوجية التي كان من المفترض -منطقيا - أن تؤدي إلى التباعد.
إذ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991، برزت بذور القومية في روسيا التي يقودها اليوم فلاديمير بوتين.
أما الانتصار على نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا فأدّى إلى قيام نظام ديمقراطية ودستور هو الأكثر ليبرالية في القارة.
صداقة بنيت على الدملكن المحللين الذين يسعون إلى فهم العلاقة بين الطرفين، يعتبرون أنّ الروابط التاريخية والشخصية تتجاوز الشقوق الأيديولوجية بينهما، مشيرين أيضاً إلى احتمال وجود احتياجات لديهما قد تكون أقل وضوحا.
وفي السياق، قال المحلل السياسي سانديل سوانا "يمكنك القول إن تحالفهما صداقة بنيت على الدم ... والرصاص".
في حين رأى المحلل ستيفن جروز من معهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية أنّه من الناحية السياسية ما يجمعهما "شراكة غريبة"، وفق ما نقلت فرانس برس.
أما من الناحية الاقتصادية، فيبدو أن وقوف بريتوريا إلى جانب موسكو في هذا الوضع أمر غير منطقي، بحسب متخصصين.
لاسيما أن الولايات المتحدة تأتي في المركز الثاني كأكبر شريك تجاري لجنوب إفريقيا بعد الصين. وبلغت صادراتها 4,2 مليار دولار في النصف الأول من عام 2023.
بالمقابل، تعتبر التجارة مع روسيا "منخفضة للغاية"، بحسب وصف مبعوث جنوب إفريقيا إلى موسكو، حيث بلغت قيمة الصادرات 132 مليون دولار فقط من كانون الثاني/يناير إلى حزيران/يونيو.
لذا اعتبر المحلل السياسي ويليام جوميدي أنّ الوقت حان لتدرك بريتوريا أنّ هذا الاتحاد لم يعد يخدمها.
كما أضاف أن هذه العلاقة تقوم على "رابطة عاطفية لا نستطيع تحمل تكلفتها بعد الآن".
وإثر اتهامات حول قيام بريتوريا بتزويد الكرملين سرا بالأسلحة دعا مشرعون أميركيون الإدارة لإخراج جنوب إفريقيا من اتفاق تجاري كبير، ما أثار قلقا لدى بعض الشركات وأحزاب المعارضة في الدولة الإفريقية.
مصلحة استراتيجيةلكن بوتين ينظر إلى جنوب إفريقيا في إطار مصلحة استراتيجية نظراً إلى وضعها في القارة التي أصبحت بشكل متزايد ساحة للمعارك الدبلوماسية بين القوى الكبرى، بحسب محلّلين.
فيما هناك إجماع أقل حول سبب اهتمام الحزب الوطني الإفريقي بالإبقاء على علاقة وثيقة للغاية مع بوتين.
إذ يواجه حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" الحاكم منذ ثلاثة عقود تقريباً نفورًا متناميًا يغذيه تعثّر الاقتصاد وتزايد البطالة وتفاقم عدم المساواة واستفحال أزمة الكهرباء.
وفي انتخابات العام 2024، سيصوّت المقترعون لانتخاب أعضاء الجمعية العامّة حيث يختار حزب الأغلبية بالعادة رئيس البلاد.
وكتب الصحافي ريتشارد بوبلاك في صحيفة ديلي مافريك الشهر الماضي "من الواضح أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يرى شيئا آخر في روسيا بوتين - أمرا ملهما".
بينما اعتبر آخرون أن المال مرتبط بالأمر.
إذ تلقى الحزب العام الماضي أكثر من 800 ألف دولار من شركة لتعدين المنغنيز مرتبطة بقطب ثري روسي يخضع لعقوبات اميركية للمساعدة في تمويل مؤتمر حزبي.
وفي أيار/مايو الماضي، قال زعيم المعارضة جون ستينهاوزن إن الحزب الوطني الإفريقي "يقف إلى جانب روسيا لسبب واحد فقط: لأن الاتحاد الروسي يموله، وبالتالي يتسلل ويزعزع استقرار الديمقراطية في جنوب إفريقيا".
فيما رفض الحزب الحاكم بغضب هذه التلمحيات. وأكد المسؤول الحزبي في جوهانسبرغ كولوغو نجواشينج أن الحزب تلقى أيضا تبرعات من "رجال أعمال أميركيين".
كما أضاف: "إنها مشكلة فقط عندما يدعم الروس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي"، مؤكّداً أنّ "هذا غير عادل".
يشار إلى أن بوتين دعي للمشاركة في قمة مجموعة دول بريكس (جنوب إفريقيا، والبرازيل، والصين، والهند، وروسيا) والتي تستضيفها جنوب إفريقيا من 22 الى 24 آب/أغسطس.
لكنّ الرئيس الروسي صدرت بحقّه مطلع آذار/مارس مذكّرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جريمة حرب تتمثّل في "ترحيل" أطفال أوكرانيين منذ غزو أوكرانيا، وهي اتهامات ترفضها موسكو بالكامل.
لذا من المفترض نظرياً أن تقوم جنوب إفريقيا باعتقال بوتين في حال دخل أراضيها، بصفتها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.
وكان الرئيس الجنوب إفريقي، سيريل رامابوزا، اتخذ موقفا متناقضا بشأن هذه المسألة إلى أن أعلن في نهاية المطاف أنّ بوتين قرر عدم الحضور.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News روسيا جنوب_إفريقياالمصدر: العربية
كلمات دلالية: روسيا جنوب إفريقيا المؤتمر الوطنی الإفریقی جنوب إفریقیا فرانس برس
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يزور جنوب إفريقيا الشهر المقبل لتعزيز الدعم الدولي لأوكرانيا
يعتزم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، زيارة جنوب إفريقيا خلال شهر أبريل المقبل.
وقال المتحدث باسم الرئاسة في جنوب إفريقيا، في بيان اليوم الجمعة، إن الرئيس الجنوب إفريقي، سيريل رامافوزا، سوف يجري مباحثات مع زيلينسكي خلال الزيارة، مشيرا إلى أن الزيارة تأتي في إطار استمرار جهود رامافوزا للتواصل مع كل من كييف وموسكو من أجل إيجاد مسار للسلام، بحسب تقرير لمنصة "أفريقا نيوز" الاخبارية.
وتتبنى جنوب إفريقيا موقفًا محايدًا تجاه الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث حاولت لعب دور الوسيط بين الجانبين، رغم محدودية نجاح هذه الجهود.
وكان رامافوزا، قاد بعثة سلام إفريقية إلى كل من روسيا وأوكرانيا عام 2023، حيث التقى بكل من زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ومنذ ذلك الحين، أجرى الرئيس الجنوب أفريقي مكالمات منفصلة مع كلا الزعيمين.
وتتمتع بريتوريا بعلاقات وثيقة مع روسيا، حيث تنتمي الدولتان إلى مجموعة "بريكس" للاقتصادات الناشئة، والتي تسعى إلى منافسة النظام الاقتصادي الذي يهيمن عليه الغرب.
وتأتي زيارة زيلينسكي في لحظة حاسمة، خاصة بعد اجتماعه المتوتر مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض الأسبوع الماضي.. ويسعى الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدعم الدولي لبلاده، بعد أن أوقفت واشنطن مشاركة المعلومات الاستخباراتية وجميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
من جانبها، أكدت جنوب إفريقيا أن أوكرانيا يجب أن تكون جزءًا من أي محادثات سلام، وهو الموقف ذاته الذي تبناه القادة الأوروبيون.
ومن المقرر أن يلتقي رامافوزا الأسبوع المقبل مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا في كيب تاون خلال القمة السنوية بين الاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا.
وتتولى جنوب إفريقيا رئاسة مجموعة العشرين هذا العام، حيث دعت إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لإيجاد حل لإنهاء الحرب في أوكرانيا.