كشفت أكثر من 120 وسيلة إعلامية في فرنسا، النقاب عن أداة ذكاء اصطناعي مخصصة للصحافيين تحمل اسم "سبينوزا"، بمناسبة قمة باريس الدولية حول الذكاء الاصطناعي التي انطلقت اليوم الاثنين.
وبحسب منظمة مراسلون بلا حدود (RSF)، غير الحكومية، تؤكد هذه الأداة أن "الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي ممكن في غرف الأخبار" شرط أن يكون "الصحافيون منخرطين في العملية".


في نوفمبر 2023، تعاونت المنظمة غير الحكومية واتحاد صحافة المعلومات العامة الذي يمثل نحو 300 صحيفة في فرنسا، لابتكار هذه الأداة.
بعد أكثر من عام بقليل، أعلنتا في تقرير عن نتائج هذه التجربة وأهمها أنّ "النموذج الأول من أداة سبينوزا يعمل".
ويرتكز النموذج الأوّل، الذي يركّز على قضايا المناخ، على نظام بحث وتوليف مصمم لمساعدة الصحافيين لا لاستبدالهم، بحسب مبادئ أخلاقية عدة مثل موثوقية المعلومات أو شفافية المصادر أو احترام حقوق النشر.
ويتضمّن النموذج ست قواعد بيانات: أكثر من 28 ألف مقال، ونحو ألف محتوى مقدّم من وكالة فرانس برس (مساهمة منذ تموز/يوليو 2024)، وبيانات علمية وتشريعية من هيئات عامة ووكالة إدارة البيئة والطاقة.
وأكد تيبو بروتان مدير عام مراسلون بلا حدود أنّ هذه النتائج "تبدو بمثابة دعوة لعدم ترك تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي بين أيادي اللاعبين التكنولوجيين وحدهم، الذين تختلف أولوياتهم الاقتصادية وتحيزاتهم الأيديولوجية عن احتياجات وسائل الإعلام الإخبارية".
سيتم نشر الرمز الخاص بالأداة كمصدر مفتوح (إتاحة مجانية) في الربيع للسماح "للصحافيين والمطورين بتكييف الأداة بحسب احتياجاتهم".
ودعت المنظمة غير الحكومية إلى "الاستلهام من ميثاق باريس بشأن الذكاء الاصطناعي والصحافة" الذي أُطلق عام 2023، واحترام حقوق الطبع والنشر للصحافيين والحقوق المجاورة لناشري الصحف.

أخبار ذات صلة %13.6 مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإماراتي اجتماع وزاري للدول الأعضاء بالشراكة العالمية للذكاء الاصطناعي في باريس المصدر: آ ف ب

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الصحافة فرنسا الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

محاكمة أشباح الذكاء الاصطناعي

لا يمكن إنكار إيجابيات التقدم التكنولوجي الكثيرة، كما لا يمكن تجاهل سلبياتها المتمثلة في تعطيل الكثير من المهارات والكفاءات البشرية، فحين ظهرت الآلات الحاسبة ازداد اعتماد الإنسان عليها متجاوزا تنمية مهارات الحساب وحل المعادلات الرياضية، وحين تطورت أجهزة الهاتف المحمولة استغنى كثير من الناس عن الساعات والمذكرات اليومية والتقويم، بل حتى الاستدلال الجغرافي المكاني وتحديد المواقع توقفا اعتمادا على التطبيقات الذكية لتحديد ومسح المواقع جغرافيا، كما استعاض الإنسان بذاكرة الأجهزة المحمولة عن ذاكرته الواقعية الحيّة.

ويأتي الذكاء الاصطناعي ليحمل عنا عبء الكثير من المسؤوليات توفيرا للجهد والمال، وليسرق منا -في ذات الوقت-كثيرا من المهارات الحياتية والكفاءات المعرفية، تنسيق الكتابة والتدقيق والتصحيح الإملائي، مراجعة وتلخيص الكتب الموسوعية والمصادر المعرفية، الترجمة والعروض المصوّرة للأفكار والتصورات البحثية والمشاريع، كتابة الرسائل وصياغة الخطب، جدولة الأعمال وتنسيقها والتذكير بأوقاتها وفقا لأولوية كل منها، كل هذه الأشكال من الراحة الرقمية أسلمت الإنسان إلى الدعة مستعيضا بالآلة عن ذاته، وعن ذاته تحديدا بذات رقمية ظن بها القدرة على تمثيله خير تمثيل في أي معرض بأي زمان ومكان.

وهذه الصورة ليست محض صورة ذهنية نمطية متخيلة لما يمكن أن يفعل الذكاء الاصطناعي ببعض عشاقه ومريديه، بل هي واقع صرنا نعايشه في كثير من المواقف ومنها ما حدث حاليا حينما استشاطت قاضية في محكمة استئناف بولاية نيويورك غضبًا بعد محاولة أحد المُدّعين استخدام مقطع رمزي مُصمم بواسطة الذكاء الاصطناعي للدفاع عن قضيته، متسببا بحالة من البلبلة داخل قاعة المحكمة ظنا من القضاة بأنه يقدم حجته شخصيا أو عن طريق محاميه، لكن الرجل ويدعى جيروم دي وال لديه محامٍ، كان يأمل أن تُقدم الصورة الرمزية حُجة مُحكمة، معتذرا لاحقًا كتابيًا للمحكمة، قائلاً إنه لم يقصد أي ضرر، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس، إنما حاول جاهدا إنشاء نسخة رقمية طبق الأصل تشبهه، لكنه لم يتمكن من القيام بذلك قبل جلسة الاستماع، وقال إنه يأمل أن يقدم نموذج الذكاء الاصطناعي حججًا أكثر دقة دون التلعثم في الكلمات أو التذمر مما قد يصدر عن الإنسان الطبيعي!

إن غضب القاضية وصدمة الحضور بذلك انعكاس لصدمة الجميع من تسارع التطور في عالم الذكاء الاصطناعي، ذلك التطور الذي قد تتعطل معه الكثير من القدرات والمهارات البشرية التي لا يمكن للآلة تعويضها بأي حال من الأحوال مهما تطورت برمجياتها وحُدِّثت مُدخلاتها المعرفية، كما أنها صدمة القلق القادم من قدرة الذكاء الاصطناعي على التضليل بصنع النسخ المطابقة للواقع في مجالات مختلفة، لكن مبلغ الصدمة أن تتمثل إنسانا كاملا بمشاعره ومخاوفه، وتبريراته ومنطقه، في قدرتها (إن حصلت) على الربط والتحليل والاستنتاج والجدل وحتى التقاضي، ثم إن كانت قاعدة البيانات لكل هذه البرمجيات موجهة بشريا فكيف يمكن توافر ضمانات لاعتماد برمجيات عادلة غير منحازة ولا مؤدلجة؟ ثم خطورة ورعب الوجه الآخر لهذه التقنيات حين تكون مدفوعة بسلطة مادية أو نفوذ سياسي يحركها وفقا للمستهدف من مساع ومصالح.

هل سيكون هذه المشهد من المحكمة واستخدام الناطق البديل بالذكاء الاصطناعي -بعد تغذيته بالمعلومات والحجج- مشهدا طبيعيا بعد أمد؟ وهل يمكن للتقاضي ذاته بكل أطرافه أن يشهد هذه الرقمنة الصادمة في حديّتِها وعدم استيعابها للحضور البشري الواقعي؟ هل نتحول مع عالم البرمجيات والشفرات البرمجية إلى مجرد أرقام تعبث بها الآلات وتحركها المصالح الاقتصادية؟

ختاما: يقينا ليست هذه التساؤلات أول المطروح في عالم التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية، ولن تكون الأخيرة بالضرورة، لكنها نافذة نحاول من خلالها تلمس الثابت والمتحول في هذه اللعبة المعاصرة الآخذة بأعطاف المستقبل إلى عالم مجهول نترقبه، ولا ندرك كنه تفاصيله بعد، لكننا نتمنى استبقاء الثابت القيمي والأخلاقي في هذه المعادلة الرقمية معقدة الأطراف.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

مقالات مشابهة

  • أخنوش: المغرب يترافع من أجل ذكاء اصطناعي أخلاقي يخدم الصالح العام
  • محاكمة أشباح الذكاء الاصطناعي
  • نائب:الفساد لن يغادر المؤسسات الحكومية طالما العراق تحت سلطة اللصوص
  • مايكروسوفت: نماذج الذكاء الاصطناعي تواجه تحديات في اكتشاف ثغرات البرامج
  • يوتيوب تطلق أداة ذكاء اصطناعي جديدة لتوليد موسيقى خلفية مجانية للفيديوهات
  • «Adobe» تكشف عن تحديثات ذكاء اصطناعي ثورية في برامجها
  • «وزير الاتصالات»: نستهدف تدريب أكثر من 30 ألف متخصص في الذكاء الاصطناعي
  • إطلاق أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي.. مخصص للتعامل مع «الأوامر الصوتية»
  • Amazon تعلن عن نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي
  • أداة ذكاء اصطناعي تساهم في الحفاظ على أشجار الكرز المزهرة في اليابان