موقع النيلين:
2025-04-14@11:45:31 GMT

خطاب المغازلات والمغارز البرهانية

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

ألقي خطاب الفريق البرهان حجرا ثقيل الوزن في بركة السياسة السودانية الفائر.
أعقب الخطاب كثير من التخمينات والتكهنات، أهمها وجود تفاهمات، برعاية وضغوط خارجية، بينه وبين شق تقدم الرافض لتشكيل حكومة موازية. وقبل أن تغادر هذا البوست لاحظ تواتر مفردات مثل إحتمال وتكهن وتخمين.

يدعم هذه التكهنات الترحيب السريع من قيادات من تقدم بخطاب البرهان، مصحوبا بالتصريح بانهم علي وشك فك الإرتباط مع الداعين لتشكيل حكومة موازية.

وقد أعتبر بعض المعلقين أن في هذا عدم وقار وخفة في التجاوب مع الغزل البرهاني. ولكن في حال وجود تفاهمات مسبقة تسقط تهمة الخفة ويكون وقار شق تقدم في مكانه.

يدعم إحتمال التفاهم المسبق ميلاد تناغم إبتعد فيه البرهان من المؤتمر الوطني. وايضا في المغازلة وجه السيد البرهان بعدم منع جوازات السفر عن خصومه من تقدم واشار إلي إمكانية العفو عنهم والقبول بهم بشرط أن يكفوا عن الحرب في صف الجنجا بالسياسة والكلمة. وفي المقابل سارع شق تقدم في تفعيل فراق نصفه الحلو الموشك علي تشكيل حكومة موازية.

ونتيجة لهذا الغزل بين البرهان وشق تقدم، يشعر المؤتمر الوطني بالقلق بعد أن أغضبه ما أعتبره تحرش غير مبرر بهم من قبل البرهان في خطاب المغازلة رغم أنهم كانوا وظلوا من أبرز مساندي الجيش في الحرب.

ولكن الفريق البرهان، كعاشق ماهر، يجيد ضبط الكنتكة، أيضا حرص علي وزن الصورة والتاكيد علي أن من حق المؤتمر الوطني المشاركة في أي إنتخابات قادمة، وهذا يختلف عن موقف تقدم الرافض لأي مشاركة للمؤتمر الوطني في أي عملية سياسية.

موقف تقدم يعني أنها جهة تملك حق أن تمنح أو تمنع حق المشاركة في السياسة، بينما يترك خطاب البرهان الامر للشعب ليقرر ماذا يفعل بالمؤتمر الوطني في إنتخابات قادمة – أما درجة مصداقية البرهان في الحديث عن إنتخابات قادمة فتلك قضية أخري.

من حق تقدم واي كائن آخر أن يدعو لنفي المؤتمر الوطني أو كل الإسلاميين من الساحة السياسية ولكن عليهم ألا يندهشوا وان يكونوا علي إستعداد لرد فعلهم علي طردهم من الساحة بقرار.

عقب سقوط البشير وقفت هذه الصفحة ضد حل جهاز الأمن وضد حل حزب المؤتمر الوطني أو أي حزب آخر وقالت إن الإسلاميين واقع شديد التاثير في المشهد، أو قل هم قضاء وقدر. وهذا الواقع يستحيل نسفه بقرار فوقي إذ أن حظر جماعة تدفعها للعمل السري من تحت الأرض، وهذا أخطر، أو قد تغير الجماعة إسمها وتعود متخففة من ثقل تجاوزاتها السابقة ومستقوية بغضب المظلوم أو من يظن أنه مظلوم.

أضف إلي ذلك إن حظر الإسلاميين بالقانون عملية دونكيشوتية تماما لانها لا تعني موتهم، بل تعني تحولهم للعمل السري المبرر أو التخريب السياسي وسوف يكونون المستفيد الأول من جملة الصعوبات الإقتصادية والسياسية التي لا مفر منها. وفي إصدار حظر يستحيل تطبيقه علي أرض الواقع ومشكوك في ديمقراطيته بلادة مركبة. ولا يصدر قرار مكلف وغير قابل للتطبيق إلا من أحمق شديد الحمق.

وعليه قلنا ونقول ان المواجهة الفكرية والسياسية مع المؤتمر الوطني، والإسلاميين عموما، هي الطريق الأكثر فعالية واتساقا مع قيم الديمقراطية، وفي خضم هذه المواجهة إما اندثر التيار الإسلامي أو أجبر علي مراجعات تطوره بما يقارب قيم الديمقراطية والممارسة السياسية الرشيدة.

أما من يعطي نفسه حق أن يمنح ويمنع حق المشاركة السياسية فذلك كائن نفاقي لا يؤمن بالديمقراطية لان أساسها الروحي المتين هو إستعدادنا لقبول وجود أفكار وجماعات قد نختلف معها أو نجدها مثيرة للغثيان ووجع البطن. كما أن من يؤمن بان الديمقراطية وحرية الراي إمتياز يمنحه لمن يحب، ويمنعه عمن يخشي منافسته من طمع أو تعصب أيديلوجى، فهو كائن معاد للديمقراطية أخطر من بندقية الإنقلابات.

من السمات الأبرز في تاريخ السودان منذ فجر الإستقلال هو هذا الصراع الدامي بين الإسلاميين والحداثيين بمختلف مدارسهم من يسار وليبرال واصحاب رسالة ثانية. وقد كلف هذا الصراع الصفري البلد الرهق والخراب واتضح فيه أن السمو الوطني والخيانة والغباء والجودة ليسوا من إختصاص أحد. لا الفضيلة ولا الخيانة احتكارا لاحد. فكل التيارات أصابت حينا وأخطأت كثيرا.

ولم نكن بحوجة لهذه الحرب اللعينة لتذكيرنا بان الخيارات الوطنية المتاحة هي هل يتوافق الحداثيون والإسلاميون علي صيغة تعايش مشترك ككل أسرة سودانية يتعايش أفرادها فيهم سلفي، واخر دهري خندريسي، وفتاة جندرية. ويتضامن أفراد هذه الأسرة في السراء والضراء ولا يسمحون للغريب أن يدخل بينهم أو يستغل خلافهم الفكري لضرب الأسرة في إجتماعها. وفي هذا المشهد تغض الجندرية الطرف عن لحية أخيها التي قاربت تراب الأرض وحين تفوح رائحة تبغ من غرفتها يتظاهر السلفي بانه فقد حاسة الشم ويجد حديثا رائعا للرسول يبرر فقدان حاسة الشم الطوعي، المؤقت.

إما تعايش ديمقراطي صادق بين الحداثيين والإسلاميين، وهذه مسؤولية الطرفين، أو هو الخراب الدائم وفقدان وطن يطمع فيه الجار القريب والعدو البعيد. ونظل نكرر ماساة سيزيفية يضربنا فيها الإستعمار حينا بالإسلاميين وحينا بالحداثيين في تحقيق لمقولة أضرب العبد باخيه.

ونسبة لتدني سقف الحوار ووجود جماعات سوء الفهم المتعمد، نذكر بان الدعوة لقبول وجود تيار فكري لا يعني القبول بافكاره ولا يعني النكوص عن مواجهته في سوح الراي والسياسة. لذلك فان الدعوة بحق الحداثيين والإسلاميين في الوجود لا يجعلني صديقا لأي منهما بالضرورة ولا يجعلني رافضا أو قابلا بالجملة لكل ما أتي من ديارهم. فربما من كل بستان زهرة في مسار تبدو فيه قضية تلو أخري. وربما رفضا كاملا أو قبولا كاملا في قضية معينة وليس بالجملة ولا بالكوم. فانا لست حداثيا ولست إسلاميا. وأنا لست أدري من أنا فقد أقبل الليل والزهر لاح والبدر فاح.

معتصم أقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی

إقرأ أيضاً:

منظمة تعلن مسؤوليتها عن الهجوم على مكاتب شركة السكك الحديدية اليونانية

في أعقاب هجوم بقنبلة استهدف مكاتب شركة السكك الحديدية اليونانية "هيلينيك ترين" وسط العاصمة أثينا، أعلنت منظمة تدعى "الدفاع الذاتي الثوري للطبقات" مسؤوليتها عن الهجوم.
وتم نشر خطاب الاعتراف بالمسؤولية عن العملية، اليوم الأحد، على موقع إلكتروني يستخدمه متطرفون يساريون.
أخبار متعلقة الشرطة الهولندية تصادر 145 كيلوجرامًا من الحشيش بعد تعطل زورقانتخاب زعيم الانقلاب في الجابون أوليجي نجيما رئيسُا بنسبة 90%ووفقًا لما أفادت به قناة "إر آر تي نيوز" التلفزيونية اليونانية، فقد تولت وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة اليونانية التحقيقات في الحادث.
وكانت القنبلة انفجرت مساء أول أمس الجمعة أمام مدخل مبنى شركة السكك الحديدية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } قنابل حارقة واشتباكات.. اندلاع أعمال شغب في وسط العاصمة اليونانيةأضرار كبيرة
لم يصب أحد بأذى، لأن الشرطة قامت بإخلاء المبنى في الوقت المناسب بعد تلقيها اتصالًا هاتفيًا مجهولا، لكن واجهة المبنى تعرضت لأضرار كبيرة.
وتتعرض شركة "هيلينيك ترين" والحكومة اليونانية المحافظة لانتقادات متواصلة، خاصة بعد حادث قطار مروع وقع قبل أكثر من عامين في وسط اليونان، وأسفر عن مقتل 57 شخصًا، عندما اصطدم قطار ركاب فائق السرعة بقطار شحن وجهًا لوجه.
ولا تزال التحقيقات في هذا الحادث جارية حتى الآن. ويتهم العديد من ذوي الضحايا، إلى جانب أحزاب سياسية، شركة السكك الحديدية والحكومة المحافظة بإهمال نظام السكك الحديدية.خطاب اعتراف
تطرقت المنظمة السرية إلى هذه الانتقادات في خطاب اعترافها بالمسؤولية عن الهجوم.
وكانت منظمة "الدفاع الذاتي الثوري للطبقات" أعلنت أيضا في فبراير 2024 مسؤوليتها عن هجوم بقنبلة استهدف مكاتب وزارة العمل اليونانية، ولم يسفر حينها سوى عن أضرار مادية.
وجدير بالذكر أن منظمات سرية من التيار اليساري المتطرف وذات التوجه اليساري نفذت خلال العقود الماضية العديد من الهجمات المشابهة.
وتعتبر هذه الجماعات نفسها نوعًا من حركات حرب العصابات في المدن، وتهدف - بحسب تصريحاتها - إلى إسقاط الدولة والانتقام لما تعتبره ظلما اجتماعيا داخل البلاد.

مقالات مشابهة

  • منظمة تعلن مسؤوليتها عن الهجوم على مكاتب شركة السكك الحديدية اليونانية
  • شايف حملة ممنهجة اليومين ديل ضد منّاوي
  • العدوان الإسرائيلي الشامل على غزة وتداعياته المدمرة في ضوء خطاب السيد القائد
  • فلسطينيو الخارج: الفراغ السياسي وتوقف العمل الوطني أضعفا مواجهة التهجير
  • خطاب القائد .. يرسم معادلة الانتصار ويحمل الرسائل المتعددة
  • الهيئة الدولية «حشد» تحلل خطاب القيادات الإسرائيلية منذ بداية العدوان على قطاع غزة
  • خطاب القائد .. يرسم معادلة الانتصار ويحمل الرسائل المتعددة 
  • بعد زيادة البنزين.. "الوعي": مستقبل الاقتصاد يتطلب خطابًا وطنيًا جادًا
  • مع تقدم المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي لمؤشر ستانفورد 2025 .. جامعة الأمير سلطان تواصل دورها الفاعل في دعم التقدّم الوطني بهذا المجال الحيوي من خلال مبادرات استراتيجية ومساهمات نوعية انسجامًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030
  • القيمة المضافة للموقف اليمني الصاعد والمتصاعد وفق خطاب السيد القائد