من الرباط إلى مكة: نموذج سعودي عالمي في خدمة الحجاج والمعتمرين
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
لا يخفى على أحد مكانة المملكة المغربية، بتراثها العريق وهويتها الإسلامية الراسخة، كإحدى الدول التي ترتبط روحياً وتاريخياً بالحرمين الشريفين. هذه العلاقة المميزة تجلت في التفاعل المستمر بين الشعبين السعودي و المغربي ، لا سيما من خلال خدمات العمرة والحج التي تشهد تطوراً مستمراً يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة عالمياً من حيث ما تقدمه من خدمة لزوارها من الحجاج والمعتمرين.
إنجازات نوعية في موسم 2024
كان عام 2024 علامة فارقة، حيث تجاوز عدد زوار المدينتين المقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة) 18 مليون زائر، في انعكاس واضح لجهود السعودية لتوسيع نطاق خدماتها وتحسين تجربة الزائرين. وشهد موسم حج 2024م م تطورات لافتة، أبرزها توسع برنامج « الحج المباشر » ليشمل 126 دولة، بزيادة بلغت 88% مقارنة بالموسم السابق، ما أتاح لأكثر من 50 ألف حاج من 90 دولة فرصة أداء مناسكهم بسهولة ويسر. كما قُدِّمت باقات اقتصادية تنافسية بأسعار تبدا من 11 ألف ريال سعودي، مدعومة بجاهزية رقمية للمنصة الإلكترونية بلغت 99.9%، مما عزز الشفافية وسهولة الوصول إلى الخدمات.
تعزيز التجربة الروحية للزوار
ضمن استراتيجية المملكة لتحسين تجربة المعتمرين والزوار، شهدت زيارة الروضة الشريفة نقلة نوعية، حيث زاد عدد الزوار اليومي إلى 48 ألف زائر، مع تسجيل 9.4 مليون موعد خلال عام 2024. وتم دمج تقنيات متطورة لتحسين تجربة الزوار، شملت استخدام مظلات مبتكرة لحمايتهم من أشعة الشمس الحارقة، في انعكاس لرؤية المملكة الرامية إلى توفير بيئة آمنة ومريحة لضيوف الرحمن.
مبادرة « طريق مكة »
المملكة المغربية كانت من بين الدول الثماني المستفيدة من توسعة مبادرة « طريق مكة »، التي أصبحت نموذجاً يُحتذى به في تسهيل إجراءات السفر. فبفضل هذه المبادرة، تقلصت مدة الإجراءات من 120 دقيقة إلى 15 دقيقة فقط، مما وفر تجربة سفر سلسة للمعتمرين المغاربة منذ مغادرتهم إلى وصولهم إلى الأراضي المقدسة.
النقل السريع والمريح: تجربة قطار الحرمين
قطار الحرمين السريع كان أحد الركائز المهمة لتطوير النقل، حيث ارتفع عدد ركابه إلى 7 ملايين راكب حتى أكتوبر 2024، بزيادة تجاوزت 111% مقارنة بالعام السابق. هذا التطور رافقه تحقيق نسبة رضا زوار بلغت 93%، إضافة إلى توقيع اتفاقيات جديدة تضمن نقل الحقائب مباشرة إلى أماكن إقامة الحجاج، مما يعكس التزام المملكة بتقديم خدمات متكاملة لضيوف الرحمن.
الحفاظ على الإرث الثقافي والتاريخي
حرصت المملكة على إثراء التجربة الثقافية للزوار من خلال تأهيل أكثر من 40 موقعاً تاريخياً في مكة والمدينة، بما يشمل مواقع الغزوات والمساجد التاريخية. وقد تجاوزت هذه الجهود المستهدفات المعلنة لعام 2023 بنسبة 43%، ما يبرز اهتمام المملكة بالحفاظ على الإرث الإسلامي وتعزيز البعد الثقافي والروحاني للزوار.
ختاماً، إن هذه الإنجازات ليست وليدة الصدفة، بل نتاج رؤية استراتيجية وجهود متواصلة تهدف إلى جعل العمرة والحج تجربة روحانية وثقافية شاملة. فالمملكة العربية السعودية، بتفانيها وريادتها، تقدم نموذجاً عالمياً يُحتذى به في خدمة الإسلام والمسلمين، وتؤكد التزامها برسالتها الإنسانية والدينية.
باسم بلادي، أُشيد بالتعاون الوثيق مع أشقائنا في المغرب، الذين يشاركوننا ذات الروح والرؤية في تعزيز قيم الإسلام وخدمة الأمة الإسلامية.
المصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
ماعت تطلق تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة العربية خلال 2024
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقريرها السنوي الثامن لعام 2024، بعنوان "حقوق الإنسان في الدول العربية 2024: تقييم المواقف والتحديات في ظل استمرار النزاعات"، والذي يكشف عن حالة حقوق الإنسان في 22 دولة عربية، مسلطًا الضوء على التقدم المحرز وأبرز التحديات التي تعيق تعزيز هذه الحقوق، حيث يعكس التقرير تحليلاً معمقًا لمدى التزام الدول العربية بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويركز على أربعة محاور رئيسية وهي: موقف الدول العربية من الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، تقييم جهود الدول العربية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مراجعة تفصيلية لأوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية، وكذلك تداعيات النزاعات المسلحة على حقوق اللاجئين والنازحين.
التقرير يؤكد إحراز بعض الدول تقدمًا ملحوظًا في ملف التمييز ضد المرأة
وأشار التقرير إلى تفاوت التزام الدول العربية بالاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية مناهضة التعذيب "CAT"، اتفاقية حقوق الطفل "CRC"، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "CEDAW"، حيث أحرزت بعض الدول مثل المغرب وتونس والأردن تقدمًا ملحوظًا، بينما تستمر دول أخرى كسوريا واليمن والسعودية في مواجهة تحديات كبيرة على الصعيدين التشريعي والتطبيقي.
ماعت: السودان يعاني من تدهور حاد يهدد حياة الملايين
كما كشف التقرير عن العقبات الكبيرة التي تواجه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أحرزت بعض الدول الخليجية تقدمًا في مجالات الصحة والتعليم، في حين تعاني دول النزاع مثل اليمن وسوريا والسودان تدهورا حادا يهدد حياة الملايين.
وفيما يخص اللاجئين والنازحين، يبرز التقرير الوضع الكارثي الذي يعيشه ملايين الأشخاص في مناطق النزاع، وسط انعدام شبه تام للخدمات الأساسية. وأوصى التقرير بضرورة تعزيز الاستجابة الإنسانية ودعم التعاون مع المنظمات الدولية لضمان توفير الحماية والمساعدات اللازمة لهذه الفئات.
أيمن عقيل: التقرير يوضح استمرار المنطقة في مواجهة تحديات كبيرة في مجال حقوق الإنسان
وفي هذا السياق، أكد أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت، أن هذا التقرير الصادر في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تطورات متسارعة، يبرز بوضوح استمرار المنطقة في مواجهة تحديات كبيرة في مجال حقوق الإنسان.
وأشار عقيل إلى أن النزاعات المسلحة المستمرة والقيود التشريعية المفروضة تعرقل تقدم حقوق الإنسان في العديد من الدول العربية. وأضاف أن هناك حاجة ملحة لتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لضمان حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.
كما شدد عقيل على أن التقدم في مجال حقوق الإنسان لا يمكن فصله عن الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأن غياب الإرادة السياسية في بعض الدول يمثل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الإصلاحات اللازمة. ودعا عقيل الحكومات إلى اتخاذ خطوات ملموسة تشمل مراجعة القوانين المقيدة للحريات، وتعزيز استقلال القضاء، وضمان مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار، لضمان احترام حقوق الإنسان وفقًا للمعايير الدولية. وأشار إلى أن هذه الخطوات ضرورية لضمان بيئة حقوقية صحية ومستدامة في المنطقة العربية.
من جانبه شدد شريف عبد الحميد، نائب رئيس مؤسسة ماعت للأبحاث والدراسات، على أهمية التقرير بقوله: لا يمكن تحقيق الاستقرار والتنمية دون احترام حقوق الإنسان. فهذا التقرير يسلط الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون والنازحون، الذين يتعرضون يوميًا لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك نقص الغذاء والماء والرعاية الصحية، إلى جانب التهجير القسري وتدمير البنية التحتية لمجتمعاتهم.
وأضاف عبد الحميد إن استمرار هذه الأوضاع دون تدخل فعال يفاقم الأزمة الإنسانية ويفرض تحديات جسيمة على الأمن الإقليمي والدولي. وطالب الحكومات العربية والمنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها، من خلال توفير ممرات إنسانية آمنة، وضمان تقديم المساعدات اللازمة للنازحين، والعمل على إيجاد حلول دائمة تكفل حقهم في الحياة الكريمة. مؤكدا على إن صمت المجتمع الدولي لم يعد مقبولًا في مواجهة هذه الأزمات، حيث إن عدم التحرك سيؤدي إلى مزيد من الانتهاكات التي تهدد السلم والاستقرار في المنطقة بأكملها.
الجدير بالذكر أن هذا التقرير يعد وثيقة مرجعية تشخص حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية وفق منهج رصدي قانوني موضوعي تحليلي مرتكز على أسس ومعايير تتواءم مع أحكام الدساتير الوطنية والمعايير الدولية التي التزمت بها هذه الدول. ليكون هذا التقرير على غرار التقارير السابقة أحد أدوات التقويم الحقوقي، التي تساهم في تعزيز الوعي والتعاون بين الدول العربية والمجتمع الدولي في مجال حقوق الإنسان. حيث قدم التقرير مجموعة من التوصيات دعا من خلالها الحكومات العربية والمجتمع الدولي إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لحماية حقوق الإنسان، والعمل على مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، إضافةً إلى تبني سياسات مستدامة لضمان حقوق الفئات الأكثر تأثرًا بالنزاعات.