الجزائر- شكلت زيارة وزير الدولة، وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، إلى سوريا في الثامن من فبراير/شباط الجاري، فرصة مهمة لبحث مستقبل العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها، خاصة في ظل المتغيرات السياسية التي شهدتها دمشق بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأتاحت الزيارة فرصة للجزائر لتؤكد من خلالها دعمها وحدة سوريا واستقرارها، ولتجديد التعبير عن تضامنها ووقوفها إلى جانب دمشق خلال هذه المرحلة الدقيقة، ولمد المساعدة الكاملة في كل المجالات لتمكين الشعب السوري من كسب الرهانات وتحقيق تطلعاته المشروعة التي يرسمها في المستقبل.

وكشف المبعوث الخاص للرئيس الجزائري -عقب استقباله من قبل الرئيس السوري أحمد الشرع– استعداد الجزائر لتطوير تعاونها الثنائي مع دمشق، لا سيما في ميدان الطاقة والتعاون التجاري والاستثمار وإعادة الإعمار.

علاقات متينة

من جانبه، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن الإدارة السورية الجديدة بحثت مع الجزائر جهود رفع العقوبات الدولية عن دمشق انطلاقا من عضويتها بمجلس الأمن.

في السياق، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي عبد النور تومي أن العلاقات الجزائرية السورية ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى عهد الأمير عبد القادر وما قبله، وهي راسخة ومتينة بين الشعبين. وأضاف للجزيرة نت أنها تأتي في إطار حراك دبلوماسي تعيشه سوريا الجديدة.

إعلان

وأكد أن الجزائر بفضل دبلوماسيتها التي تقوم على مزيج من المبادئ الثابتة والواقعية الجديدة، استطاعت التكيف مع المستجدات التي تشهدها المنطقة. وباتت تمتلك نهجا واضحا في إدارة العلاقات المركبة في المنطقة، مما يعزز مكانتها كشريك إستراتيجي لسوريا، إلى جانب قوى إقليمية أخرى مثل تركيا وقطر.

وحسب تومي، ستلعب الجزائر دورا دبلوماسيا فاعلا خصوصا أنها تمتلك حضورا نشطا في مجلس الأمن، حيث تمثل الصوت العربي فيه، الأمر الذي قد يمنحها دورا حاسما في دعم سوريا الجديدة، ومن ذلك العمل على رفع العقوبات المفروضة عليها نهائيا.

وأشار إلى "تجربة الجزائر الناجحة في تحقيق المصالحة الوطنية، وهو ما يمنحها دورا مهما في دعم الاستقرار في سوريا".

أهمية كبيرة

اقتصاديا، قال الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي إن العلاقة بين البلدين تكتسب أهمية كبيرة، حيث شهدت السنوات الأخيرة حضورا بارزا للسوريين في الجزائر من خلال تأسيسهم شراكات واستثمارات متعددة، إلى جانب دورهم كخبراء في العديد من القطاعات.

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر تيغرسي أن السوريين أصبحوا جزءا مهما من المشهد الاقتصادي الجزائري "تماما كما هو الحال في تركيا"، وأوضح أن هذا الواقع يسهم في تقارب اقتصادي بين الجانبين.

وأكد أنه في هذه المرحلة يمكن تحفيز الشراكات السورية والجزائرية التي كانت قائمة في السابق لإعادة إحيائها، أو بعث شراكات أخرى سواء في مجالات الطاقة أوالتجارة أو الإعمار أو صناعة النسيج التي قال إنها تحديدا يمكن أن تكون نقطة انطلاق أساسية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ووفقا له، تمتلك الجزائر إمكانيات وثروات هائلة وتسعى إلى تطوير نموذج اقتصادي متكامل، يشمل قطاعات حيوية مثل البنية التحتية والزراعة والصناعة والصناعات التحويلية والصيدلانية والتعدين والصيد البحري والسياحة. وأضاف أن سوريا -بدورها- كانت معروفة بقطاعها السياحي المزدهر، فضلا عن شهرتها بصناعة النسيج.

إعلان

وحسب الخبير الاقتصادي، يكمن التحدي اليوم في كيفية تفعيل هذه الإمكانيات واستثمارها ضمن شراكة حقيقية بين سوريا والجزائر، مؤكدا أن هناك آفاقا واسعة لتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، خصوصا من خلال العنصر البشري.

وأكد أن الجزائر كانت "دائما داعمة لاستقلال القرار السوري، وحرصت على أن تعتمد سوريا على شعبها وإمكانياتها"، معتبرا أن المرحلة المقبلة ستكون بداية مشجعة لتعزيز هذه العلاقات الاقتصادية وتطوير شراكة متينة بين البلدين.

زيارة نوعية

وتعد زيارة وزير الخارجية الجزائري الأولى من نوعها لمسؤول جزائري رفيع منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وكانت وزارة الخارجية الجزائرية أصدرت بيانا، بعد إعلان سقوط النظام المخلوع، دعت فيه "كافة الأطراف السورية إلى الوحدة والسلم". كما شددت "على الحوار بين أبناء الشعب السوري، بكافة أطيافه ومكوناته، وتغليب المصالح العليا لسوريا الشقيقة والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد، والتوجه إلى المستقبل لبناء وطن يسع الجميع".

كما دعت الجزائر على لسان وزير خارجيتها أحمد عطاف إلى "إشراف أممي على الحوار بين الفرقاء السوريين في ظل حرمة ووحدة التراب السوري"، مشيرا إلى أن "الجزائر تعترف بالدول وليس بالحكومات"، وأضاف أنه "نهج يعزز مرونة الموقف الدبلوماسي الجزائري عبر التاريخ".

وكانت إدارة الشؤون السياسية في سوريا قد وجهت في 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي شكرا للجزائر على استمرار عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق، مؤكدة توفير كل التسهيلات لاستمرار أعمالها.

ولم يصدر من الجزائر أي موقف رسمي من التطورات السياسية في دمشق بعدما أعلنت إدارة العمليات العسكرية السورية، في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية.

وكشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في حوار أجراه في الثالث من فبراير/شباط الجاري مع صحيفة "لوبينيون الفرنسية"، أنه أرسل مبعوثا للرئيس المخلوع بشار الأسد قبل سقوطه، مؤكدا أن "الجزائر اقترحت -بموافقة الأمم المتحدة– أن تكون وسيطا لكي يتحدث الأسد مع معارضيه، إلا أن الأمر لم يؤت أكله".

إعلان

وأكد تبون أن بلاده "لطالما تحدثت مع الأسد وكانت حازمة معه ولم تقبل أبدا بالمجازر التي ارتكبها ضد شعبه".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بین البلدین

إقرأ أيضاً:

كندا تخفّف عقوباتها وتعيّن سفيرة غير مقيمة في دمشق

أعلنت كندا، أمس الأربعاء، عزمها على تخفيف عقوباتها المالية على سوريا، وتعيين سفيرتها في بيروت سفيرة غير مقيمة في دمشق، مندّدة من جهة ثانية بالفظائع التي ارتُكبت في الأيام الأخيرة في غرب البلاد، بحقّ مئات المدنيين من الأقليّة العلوية.

وقال المبعوث الكندي الخاص إلى سوريا، عمر الغبرة، إنّه "يمكن لكندا أن تؤدّي دوراً فاعلاً في تمكين السوريين من بناء دولة جامعة تحترم جميع مواطنيها".

وأضاف "يمكننا أيضاً المساعدة في منع سوريا من الوقوع في الفوضى وعدم الاستقرار"، مشيراً إلى أنه سيتم تقديم 84 مليون دولار كندي (59 مليون دولار أمريكي)، كتمويل جديد للمساعدات الإنسانية.

Today, the government of Canada announced several key measures to help the Syrian people build a stable country that respects all of its citizens:
- $84 million in humanitarian aid
- Easing economic sanctions
- Restoring diplomatic relations https://t.co/XKZ9JVKP1r

— Omar Alghabra (@OmarAlghabra) March 13, 2025

وتأتي هذه الخطوة الكندية في الوقت، الذي تسعى فيه السلطات الانتقالية السورية للحصول على دعم دولي.

وقالت وزارة الخارجية الكندية في بيان إنّه "سيتم تخفيف العقوبات للسماح بإرسال أموال عبر بعض البنوك في البلاد، مثل البنك المركزي السوري". وأضاف البيان أنّ "السفيرة الكندية في لبنان ستيفاني ماكولوم، ستتولى مهمة إضافية إذ تمّ تعيينها أيضاً سفيرة غير مقيمة لدى سوريا".

وعلى غرار دول غربية عديدة أخرى، كانت كندا تفرض عقوبات مشدّدة على حكومة الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وبحسب بيان وزارة الخارجية الكندية فإنّ "هذه العقوبات استُخدمت كأداة ضد نظام الأسد، وتخفيفها سيساعد على تمكين إيصال المساعدات بشكل مستقر ومستدام، ودعم جهود إعادة التنمية المحلية، والمساهمة في تعافي سوريا السريع".

Canada strongly condemns atrocities perpetrated in coastal Syria. Violence must stop. All civilians-regardless of religion or ethnicity-must be protected, and perpetrators held accountable.

— Mélanie Joly (@melaniejoly) March 13, 2025

وفرّ الأسد من سوريا في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعدما أطاح بنظامه تحالف فصائل مسلّحة تقودها هيئة تحرير الشام، التي بات زعيمها أحمد الشرع رئيساً انتقالياً لسوريا. ورحّبت عواصم عديدة بسقوط الأسد، لكنّها ظلت حذرة إزاء نوايا السلطات الجديدة في دمشق.

وتعهّدت السلطات الانتقالية السورية، حماية الأقليات الدينية والعرقية في البلاد، لكنّ تقارير عديدة أفادت بأنّ قوات موالية للحكومة الانتقالية، قتلت في الأيام الأخيرة مئات المدنيين العلويين في غرب البلاد ووسطها.

ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قُتل ما لا يقلّ عن 1383 مدنياً منذ 6 مارس (أذار) الجاري، على يد قوات الأمن السورية وجماعات متحالفة معها، في عمليات نفذت في معقل الأقلية العلوية التي يتحدّر منها الرئيس المخلوع.

واندلعت أعمال العنف، الخميس الماضي، بعد هجوم دموي شنّه موالون للأسد على قوات الأمن، في جبلة قرب مدينة اللاذقية الساحلية غربي البلاد.

وفي بيان إعلان تخفيف العقوبات، أعربت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، ووزير التنمية الدولية الكندي أحمد حسين، عن قلقهما إزاء هذه الفظائع التي ارتكبت بحق المدنيين.

وقال الوزيران "ندين بشدّة هذه الفظائع وندعو السلطات المؤقتة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإنهاء العنف". وأضافا "يجب حماية المدنيين، وصون كرامة وحقوق كل الجماعات الدينية والعرقية، ومحاسبة الجناة".

مقالات مشابهة

  • «تيته» تبحث مع وزير الخارجية الجزائري القضايا المتعلقة بـ«المتغيرات الإقليمية»
  • هل تتوسع خيارات السائح الجزائري بعد زيادة مخصصات السفر؟
  • الدبلوماسية السورية في عهد جديد.. أين تقف دمشق من العالم؟
  • رغم سقوط الأسد.. مصانع الكبتاغون تتجذر في الشرق الأوسط
  • كندا تخفّف عقوباتها وتعيّن سفيرة غير مقيمة في دمشق
  • الخارجية الأمريكية ترحّب باتفاق اندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهوريّة العربية السوريّة
  • تأهب امني في البصرة بعد زيارة لمسؤول كبير للقنصلية الايرانية
  • وزير السكن الجزائري يترأس اجتماعًا تقييميًا
  • ما المعطيات العسكرية التي أدت إلى اتفاق دمشق وقسد؟
  • إسرائيل تعلن قصف مقار عسكرية جنوبي سوريا