صلاح جلال

(١)
الفريق البرهان هو شخص غير موثوق به من تجربة الخمسة أعوام الماضية ، فهو القائد العام الذى فى عهده تم تدمير السودان تابعت عبر الوسائط ولولة وصياح الكيزان ضد خطابه الأخير أتفق معهم فى تحليلهم وأختلف حول المطلوب لمواجهة الخطاب ، نتفق أن البرهان لايستحق الثقة وإذا إعتمدوا عليه حاقت بهم الندامة ، وقوفه ضد الكيزان لايعنى بالضرورة أنه سيقود البلاد نحو الأفضل أو فى إتجاه قوى الثورة ، هو ملتزم ببرنامج لإضعاف الدولة وقيادتها نحو المزيد من عدم الإستقرار
فهو خِصم لكل القوى التى لا تسند طموحه الشخصى ، فهو ضد الكيزان وضد تقدم وضد لجان المقاومة
يلاعب كل هؤلاء بمسطرة طموحاته فى السيطرة والإستحواذ على السلطة ، هو مع نفسه فقط ومجموعة صغيره إنتهازية بمقدوره التحكم فيها .


لكن لايوجد ما يدعوا للقلق ، فالبرهان نواياه إتضحت منذ قيامه بإنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م ، ليؤكد أنه ضد التحول المدنى الديمقراطى ، ويتطلع لتوظيف كل التناقضات السياسية والمجتمعية للإحتفاظ بالسلطة ، يناور بالكيزان ضد الحرية والتغيير ويناور بالدعم السريع لردع القوات المسلحة ويناور بلجان المقاومة لتقسيم الشارع الثورى ، فى كل الأحوال ليبقى هو شخصياً مركز الأحداث ممسكاً بكل الخيوط على رأس الملعب .

(٢)
الفريق البرهان مستعد لرهن السودان للخارج أى خارج تتوقعه أو لا تتوقعه (من إيران إلى إسرائيل ومن روسيا إلى أمريكا) ، وهو داخلياً مستعد لبيع أى قوى سياسية تشكل عبأ على مشروعه الشخصى من الكيزان إلى تقدم ، من اليسار الى لجان المقاومة ، يجب على القوى السياسية التعامل بحذر مع رجل بهذه المواصفات ، حلفائه الحاليين وخصومه فى نفس الوقت فهو بلا ضمانات لأحد لا يحكمه برنامج ولا مواثيق ولا حتى عهود رُجال شفوية ، رجل مع نفسه ضد الكل ، فالجميع لديه بيادق بما فيها الدماء والأشلاء التى خلفتها حربه الراهنة على كل أهل السودان ، التى يتطلع لتوظيفها لتأسيس شرعيته الجديدة ، أقول للكيزان إن لم تبكوا اليوم فستبكون غداً من طعنة البرهان النجلاء القادمة إذا إتضح له أنكم عقبه أمام مشروعه السياسى
كل من يضع الفريق البرهان مِحور ومركز لمشروعه السياسى سيندم ويسف التراب ، [الكلام ليك يا المنطط عينك داخل القاعة ].

(٣)
المهم والجيد خلال هذه الخمسة أعوام الماضية هى سنوات كاشفة لكل عيوب الواقع السياسى فى البلاد ، وباهظة التكلفة للشعب السودانى ، ولكن العزاء لايوجد تعليم مجانى No Free Meal ، لقد عرفنا الكيزان (الأخوان المسلمين) وخبرناهم من تجربة ثلاثين عام مضت ، لاتوجد زاوية مظلمة لا نعرفها عنهم  أصبحت لدينا مناعة ذاتية فى معرفة ومقاومة تكتيكاتهم للسيطرة والإستحواذ على السلطة ، وخبرنا كذلك القوى التقليدية الأمة والإتحادى مراكز ضعفهم وقوتهم ، من خلال زياراتهم خفيفة الظل لمركز السلطة منذ الإستقلال وإبعادهم بالإنقلابات العسكرية وعدم قدرتهم على تأسيس نظام سياسى مستقر وقادر للدفاع عن نفسه ، يتولون السلطة بالإنتخابات قبل إكتشاف المداخل والأبواب يعزف المغامرون موسيقى الإنقلابات رأس الرمح فيها ضباط يتطلعون للحكم وخلفهم مجموعة سياسية وطنية يستغلونها ومن ثم يتخلصون منها بعد إستتباب الأمر لهم ، من خلال سند إقليمى ودولى او مقاطعة شاملة لدول العالم والإحتفاظ بالبلاد رهينة ، فى كل الأحوال يستفيق الشعب من صدمته ويجتهد فى تصحيح المسار بالثورة المستمرة ويدفع تكاليف فى المقاومة ، ضد ابراهيم عبود وخلفه تيار من الأمة والإتحاديين وبسند من مصر الناصرية ، وضد نميرى الذى تولى السلطة بسند من الشيوعيين والقومبين العرب ودعم من مصر عبدالناصر ، وضد المخلوع البشير
وخلفه حركة الأخوان المسلمين وبسند من مصر حسنى مبارك إقليمياً ، و مباركة صامته أمريكية لعدم رضاهم عن الحكم الديمقراطى بقيادة الصادق المهدى .

(٤)
السؤال هل هذه الدوامة صدفه تاريخية وقدر محتوم لمسيرة الشعب السودانى. ؟؟ أم أنها نتيجة لغفلة واقع وطنى لم يكتشف طريقه للتقدم خلال فترة ما بعد الإستعمار !! أم أنها مؤامرة إقليمية ودولية على السودان من أجل السيطرة على الموارد وفرض الأجندة ؟ هل أجابت القوة الوطنية على هذه الأسئلة وقتلتها بحثاً لمعرفة حقيقتها ، حتى تضع البلاد على بداية الطريق الصحيح !! الإجابة [ لا ] إلى الآن لايوجد تفكير إستراتيجى فى البلاد الكل مشغول بتكتيكات الوصول للسلطة والحكم مثل كلب القرية الذى يلهث خلف كل عربة جارية إذا توقفت يعود أدراجه لإكتشافه أنه يجرى بلا هدف من مطاردتها ، هذا هو حال الجميع عسكريين ومدنيين منذ الإستقلال ، هذا الضعف فى التفكير الإستراتيجى فتح أبواب البحث عن ظهير للتدخلات الخارجبة الإقليمية والدولية لإستخدام الساحة الوطنية المحلية رقعة شطرنج للمنافسة البينية فى لعبة الأمم المشروعة من أجل المصالح والسيطرة والنفوذ والحروب بالوكالة .

(٥)
خطاب الفريق البرهان أمس ضد الكل ومع نفسه ومشروعه الخاص، كل من يعتقد أنه فى مصلحته واهم فهو كأس دائر [حلو مر] اليوم لك وغداً عليك ، الثابت الوحيد فيه الفريق البرهان وطموحه الشخصى ، لكن الحقيقة المهمة أن الساحة السياسية الوطنية والشارع العام أصبح لديه وعى ومعرفة بهذه المناورات الخائبة ، وهناك أهداف أصبحت أيقونات فى عنق الحقيقة أولها ضرورة أن يكون الحكم بقيادة مدنية وأن يتم إعادة تأسيس قوات مسلحة وطنية مهنية محترفة بمشاركة متوازنة لكل قوميات البلاد وجهاتها من القمة الى القاعدة ، لا تتدخل فى السياسة وتخضع للحكم المدنى لابد من إنعقاد مؤتمر قومى دستورى يعالج الأزمة الوطنية المتفاقمة بأفق إستراتيجى بلا إقصاء ويراجع التجربة السياسية منذ الإستقلال الى حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م كتاريخ فاصل للقطع بين الماضى السالب والنظر إلى الحاضر والمستقبل ولابد من تاسيس صارم للعدالة ووإقرار سياسة عدم الإفلات من المساءلة والعقاب ومحاربة الفساد .

(٦)
ختامة
حديث الفريق البرهان عن تشكيل حكومة يُفّصلها على مقاس مشروعه السياسى غير مزعجة ، فهى حمل خارج الرحم إذا تم تشكيلها ستولد ميتة وفاقده للشرعية والبرهان اليوم فى أضعف حلقاته السياسية بعد هذه الحرب المدمرة
التى تحتاج لجبهة وطنية عريضة متماسكة تحقق الرضا والإستقرار الداخلى لمواجهة تحديات إعادة بناء ما دمرته الحرب حكومة ذات قبول إقليمى ودولى تتمكن من إدماج البلاد فى مجتمع التنمية الدولى وترفع العقوبات والمقاطعة العالمية للسودان ، تشكيل حكومة معزولة داخليا ومعاقبة ومحاصرة دولياً ، تُسهل مقاومتها وإسقاطها بثورة شعبية حاسمة تقطع الطريق على كل المتربصين وتضع أساس جديد لمستقبل السودان ، الهدف الرئيسى أمام القوى الوطنية يجب أن يكون وقف الحرب وإسكات صوت البنادق وإستعادة الشارع المدنى الديمقراطى وهو سيد نفسه وصاحب القرار ونحن معه فى كل إختياراته الحرة بأدواته المجربة التظاهر والعصيان والإضراب العام ، ماعدا ذلك هرطقات عجولة [ تجهيز للقُران قبل البقر] لاتحتاج لكبير إهتمام ، أوقفوا الحرب
والقتال وإستعيدو الشارع المدنى السياسى سيقوم الشعب بإملاء الأجندة وفرضها على رؤوس الأشهاد وعلى الجميع الإنصياع لسيد نفسك ميين أسيادك سيدى الشعب الأسمر إذا أطل فى فجرنا ظالم .

١٠ فبراير ٢٠٢٥

الوسومصلاح جلال

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صلاح جلال الفریق البرهان

إقرأ أيضاً:

الجيش والقوّات المساندة بيحاريوا حميدتي والدول المساندة دفاعاً عن بقاء الدولة نفسها، السودان

قراءة للواقع السياسي ..
+++++++++++++++++++
قبيل لقيت أخونا Amr مشيّر تقرير فوزي بشرى دا ومثني عليه؛
بديت أسمعه وغلبني أكمّله؛
– زول قاعد في قطر بيحاكم زول قاعد في الميدان!
دا كان تعليقي، أو كما كتبت؛
لكن حسّة أدهشني العنوان لمن صادفني تاني في النيوزفيد [١]؛
الناس دي عايشة في الماضي؛
ما قادرة تعمل ريفرش لقراياتها للواقع؛
يا عزيزي الفاضل؛
الشرعيّة الاكتسبها الجيش والقوّات المساندة في حرب أبريل أكبر من الشرعيّة الاكتسبها الثوّار في ثورة ديسمبر؛
لو ما عارف حقّك تعرف؛
وانا ما بحكي ليك عن أمنياتي عشان تجي تتمسخر وتشبكني تطبيل ومش عارف؛
بالعكس، من مصلحتي أحفظ رصيدي السياسي في ديسمبر؛
لكن أنا بعكس ليك قراية موضوعيّة وواقعيّة للمشهد السياسي في البلد؛
والنشرح ليك موضوعيّة دي؛
ثورة ديسمبر كانت نزاع سياسي على سلطة الدولة؛
بينما حرب أبريل نزاع سيادي على الدولة نفسها؛
يعني الجيش والقوّات المساندة بيحاريوا حميدتي والدول المساندة دفاعاً عن بقاء الدولة نفسها، السودان؛
مش نضال من أجل تغيير نظام الحكم داخل السودان؛
وشرعيّة الجيش دي عمليّا بيمثّلها البرهان، بصفته القائد العام؛
زي ما قحت كاتت ممثّل دي فاكتو لشرعيّة الثورة؛
يعني يادووووب البرهان بقى جد جد ممثّل لسيادة الدولة السودانيّة؛
تمثيل حقيقي؛
مش “تشريفي” زي ما جابوه زمان؛
ومساندتي ليه الظاهرة ليك حسّة دي؛
أنا وكتييير من الناس الوقفوا ضدّه بقوّة زمان؛
منطلقة تحديداً من النقطة دي؛
نحن ما بندافع عن البرهان في شخصه وللا عشان ح يدّينا حلاوة؛
وإنّما بندافع عن سيادة الدولة السودانيّة الشاءت الأقدار تتمثّل فيه؛
ياريت تفهم الحتّة دي لو ما واقعة ليك؛
وياريت تتعامل معاها بالمستوى المطلوب من المسئوليّة؛
وترجئ الخلافات السياسيّة لحدّي ما نجتاز الأزمة الوجوديّة؛
ونخلص من التهديد الخارجي القدّامنا!
رجوعاً لقراية الواقع؛
ف بخلاف قحت الاكتسبت الشرعيّة بعد سقوط البشير، لكن كانت مفتقرة للسلطة، أو لأدوات انفاذها؛
فالبرهان حسّة تركّزت تحت يدّه أكبر سلطة سياسيّة نافذة في البلد؛
قبل يومين لقيت بوست لأخونا Husam وصف فيه البرهان بأنّه “أحد أضعف قادة الجيش السوداني عسكرياً وأحد أضعف رؤوس الدولة السودانية سياسياً”؛
بختلف تماماً مع التوصيفين؛
عسكرياً فأداؤه والمعاه في الحرب دي بشهد ليه، وح يخلّد إسمهم في كتاب التاريخ العسكري، ما عندي أدنى شك في الحاجة دي، زي ما علّقت عليها في أكتوبر ٢٠٢٤ [٢] مع بداية الانفتاح وقلب الميزان العسكري؛
وقتها كنت معترض عليهم كقادة سياسيّين، لكن تسلسل الأحداث خلّاني أغيّر رايي؛
فسياسيّاً؛
الراجل دا لمن اتقدّم لقيادة الجيش في ١٣ أبريل ٢٠١٩ ما كان فيه أيّ زول بعرفه؛
ما عنده أيّ قاعدة سياسيّة يستند عليها غير المؤسّسة العسكريّة المنهكة؛
واللي يفترض إنّها ناقمة عليه بسبب انحيازه للدعم السريع، حسب السرديّة الكنّا بنتبادلها؛
جا في ظرف فيه تحالف حزبي قوي، مدعوم من الخارج، ومستند على شرعيّة ثوريّة؛
وفيه ميليشيا عسكريّة قويّة، تدين بالولاء المطلق لقائدها، مدعومة من نفس الخارج، ومتحالفة مع القوى السياسيّة؛
ما بترايدوا، لكن الاتنين متّفقين على تنفيذ أجندة الأطراف الخارجيّة البتموّلهم؛
فالخيارات صعبة بالنسبة لأيّ زول ح يتقدّم لقيادة المؤسّسة العسكريّة؛
يا يفوّتوه، زي ما فوّتوا بن عوف؛
يا يحترم روحه ويفوت براه، زي ما عمل عبد المعروف؛
وللا يكتل حيله، زي ما عمل البرهان والمعاه؛
ودا الخلق عندنا الانطباع عن ضعفهم؛
لكن عمليّا ف هم اتمسكنوا لامن اتمكّنوا؛
فما شايف شهادة بتاعة قدرات سياسيّة أكبر من إنّك تجي في ظروف زي دي؛
وتنجح، في زمن وجيز نسبيّا، إنّك تقلب الطاولة؛
وتحصل على أكبر شرعيّة سياسيّة والتفاف جماهيري يلقاه فرد في تاريخ البلد؛
أو نحواً من ذلك لو ما متّفق مع الوصف دا؛
وترمي خصومك خارج الحلبة؛
: تبقى إنت البطل وهم الخونة!
والحاجة دي ما جات بالصدفة؛
لمن البرهان دا كان حايم ما بين الجزاير وروسيا، القدّم ليها عقّار أيّامه التحت الحصار، الناس كانت بتضحك عليهم، كعادة نخبتنا، فطاحلة السياسة؛
لكن الحاجة دي جابت ثمرتها في مواقف تاريخيّة فاصلة من داخل مجلس الأمن الدولي!
توصيف البرهان بالشكل دا قد يبدو مجرّد كسّير تلج في عيون الناس المتعوّدة تكسّر تلج؛
لكن ممكن يكون مخيف لكثير من الناس الموضوعيّة البتقرا في مقالي دا؛
حقّا؛
تركيز السلطة والشرعيّة في يد حفنة من الأفراد فعلاً ممكن يكون مخيف؛
حتّى لو بقوا أنبياء؛
ناهيك عن ناس تاريخهم مليء بالشوائب، مهما أحسنّا بهم الظن؛
لــــــــــــكـــــــــــن؛
الناس ديل ما منفردين بينا في جزيرة معزولة زي ما في فلم “البداية” بتاع جميل راتب والراحل احمد زكي؛
وإنّما نحن مازلنا داخل كوكب السودان؛
اللي مازالت متكالبة حوله الدول، رغم خسارتها لذراعها العسكري وعملائها السياسيّين في هذه الجولة؛
ومن وراء ذلك، فنحن عايشين فوق كوكب الأرض، بكامل تشكيلة وعيه وتوزيع النفوذ فيه؛
يبقى مجرّد الحصول على سلطة نافذة وشرعيّة راسخة وقاعدة جماهيريّة عريضة “مااا بيأكّلوا عيش”؛
حرفيّا، مش بس بالمعنى المجازي للتعبير؛
قبل فترة علّق لي أحد الأصدقاء، أظنّه Poky، إنّه البرهان باحث عن السلطة زي حميدتي، وإنّي ما مفروض أهمل الحاجة دي؛
أو كما قال؛
البرهان شخصيّة غامضة، يمكن دا مصدر قوّته الوصّله للحتّة دي؛
فما قادر اقرا نواياه؛
لكن على كلّ حال فالبحث عن السلطة غريزة بشريّة، زي ما ناقشت قبل كدا [٣]؛
فعلى افتراض إنّه البرهان باحث عن السلطة زي ما بقول بوكي؛
فيغلب ظنّي، رغم غموضه، إنّه بيطمح لسلطة “مستدامة” أكتر من سلطة “مطلقة” زي الببحث عنّها حميدتي؛
يعني ممكن نقول “سلطوي” مش “متسلّط”؛
يعني بحثه عن السلطة دافعه الطمع اكتر من الخوف الموروث من العُقُد؛
ودي حاجة مشروعة، ويمكن التعامل معها والمساومة فيها؛
المهم؛
نرجع لموضوعنا؛
السلطة والشرعيّة والسند الشعبي الاتركّزت في يد البرهان والمعاه ما دايمة؛
الدايم الله؛
إنّما هي راس مال محتاجين يستثمروه عشان ما يخسروه؛
وأعتقد إنّهم بمتلكوا الحد الأدنى من الذكاء البخلّيهم واعين للحاجة دي؛
وفوق كدا، أعتقد إنّهم عمليّا باذلين مجهود في الاتّجاه دا؛
يعني بفضّلوا يلعبوا دور “الآباء المؤسّسين” أكتر من دور “الدكتاتور العادل” المحكوم عليه مسبقاً بالفشل، كما تعكس تجارب البشير وصدّام والقذّافي و و و؛
فرجوعاً للمخاوف؛
أنا عن نفسي ما خايف شديد من تحوّل الموضوع لرغبة في الانفراد بالسلطة؛
لأنّه باين لي هم أوعى من كدا؛
بما يكفيهم لاستيعاب إنّه أيّ زول ح يحاول ينفرد بالسلطة في السودان في الظرف الحالي ح يفقدها قريب جدّا بضياع السودان نفسه!
الوصفة الصحيحة في الظرف دا هي تأسيس منطومة توافقيّة عريضة للسلطة، يحتفظوا فيها هم، لحين، بالسلطة السياديّة، ويتيحوا المجال للقوى السياسيّة للتنافس والتعاون على المستوى التنفيذي؛
ودا، فيما يبدو لي، هو العرض الطرحه البرهان في كلمته الأخيرة [٤]؛
وانا عن نفسي مرحّب بيه وموافق عليه لو كان بالفهم دا؛
خلّينا نلخّص فهمي؛
يكون فيه مجلس سيادي يفوّض حكومة تنفيذيّة ويشرف عليها على مرحلتين؛
في المرحلة “التأسيسيّة” الأولى، سنتين، المجلس ح يعيّن رئيس وزراء بشكل مباشر، ويكلّفه بتشكيل حكومة تكنوقراط رشيقة تدير البلد وترمّم الخدمة المدنيّة؛
وعليه فرئيس الوزراء دا ممكن يكون شخصيّة تنفيذيّة أكتر من سياسيّة؛
تحضرني شخصيّة زي هشام علّام وللا عبد المجيد الشفيع كدا، من بين الناس البعرفه: زول شغل بنجاح منصب مدير تنفيذي، CEO، في مؤسّسات كبيرة؛
خلال السنتين ديل السلطة السياديّة ح تتواصل مباشرة مع القواعد من أجل التأسيس الدستوري للبلد، زي توصيف فكرة “#لقاء_الشعب” الطرحتها مؤخّرا [٥]؛
وحتتواصل بي غادي مع العالم عشان تعكس ليه إنّه السودان في طريقه للتعافي، والناس فيه متّجهة نحو الوفاق والسلام؛
دا طبعاً مع استمرار دورها الحالي في قيادة الحرب ضد “التمرّد”!
بعد تخلص الفترة التأسيسيّة بنمشي لي فترة انتقاليّة، سنتين برضو؛
الحكومة المرّة دي بتتشكّل بالتوافق بين القوى السياسيّة، وتجيزها السلطة السياديّة؛
وياهو البرهان في خطابه بيلوّح لأنّه ما عندنا مانع تجوا تاني يا حمدوك والمعاه؛
وانا برضو ما عندي مانع الوقت داك؛
لكن غالباً ح تظهر وجوه جديدة، وتكوينات سياسيّة مختلفة؛
السلطة السياديّة البنتكلّم عنّها دي حاليّا صفت على تلاتة شخصيّات: البرهان، عقّار، ومنّاوي؛
البرهان اتكلّمنا عنّه بما يغني عن التكرار؛
عقّار عنده قيمة رمزيّة كبيرة بما يحمله من إرث نضالي في الحركة الشعبيّة؛
ونجح بشكل كبير خلال الحرب في تمثيل سيادة الدولة الكان بيحارب ضدّها عقود من الزمان؛
كما نجح مسبقاً في دمج قوّاته في الجيش، وخلع السترة العسكريّة والتحوّل للعمل السياسي السلمي؛
الحاجة دي عندها قيمة كبيرة في المرحلة الجاية المحتاجين فيها لدمج الميليشيات في الجيش؛
فممكن تنظر ليه كأخ كبير مرشد لقادة الفصائل المسلّحة، كيكل وطنبور والمصباح وغيرهم؛
أمّا منّاوي، فنجح بشكل كبير في اكتساب رمزيّة سياسيّة لإقليم دارفور؛
حكاية “حاكم إقليم دارفور” دي كانت زي النكتة، لكن قلبت جد؛
والنجاح الأكبر العمله منّاوي خلال الحرب هو التحوّل من قائد حركة جهويّة مسلّحة إلى شخصيّة قوميّة سياسيّة محترمة وتتمتّع بشعبيّة كبيرة في كلّ السودان؛
ممكن نتناقش أكتر في التفاصيل؛
المهم؛
لو علي، فبقترح تقليص المجلس السيادي للتلاتة ديل؛
بينما يتم نقل الكبّاشي والعطا والجابر لمهام تنفيذيّة؛
مثلاً الكبّاشي يبقى قائد عام (البرهان قائد أعلى من خلال منصبه السيادي)؛
العطا مشرف عام على استيعاب الميليشيات وعمليّات الدمج والتسريح؛
الجابر شخصيته مجهولة بالنسبة لي الصراحة، فما عندي اقتراحات؛
بس بستغلّ الفرصة دي للتعليق على إنّه وجوده في المجلس خلال فترة الحرب، رغم تخوّفنا، كان ليه دور مهم جدّاً في التأكيد على قوميّة الدولة، الحاجة الفشل التمرّد في عكسها؛
المهم؛
دا مجرّد اقتراح من وجهة نظري، يمكن الناس تكون شايفة خيارات أفضل؛
وعندي كلام كتير لسّة؛
لكن نكتفي بهذا القدر.

عبد الله جعفر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الجيش والقوّات المساندة بيحاريوا حميدتي والدول المساندة دفاعاً عن بقاء الدولة نفسها، السودان
  • ثم ماذا بعد تصريحات الفريق البرهان
  • خطاب البرهان إستثمار في الركود السياسي السوداني والعربي
  • خطاب البرهان وتجريب المجرب
  • خطاب البرهان الجديد بين الدلالات والمصداقية
  • الإسلاميون ومخاوف التحالف مع البرهان: حسابات المصالح والمخاطر السياسية
  • البرهان: مشاورات القوى السياسية تمهد للحوار السوداني
  • البرهان يخاطب ختام مشاورات القوى السياسية الوطنية والمجتمعية “حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة”