ثقافة قصر الحصن.. وملحمة الإنسان الضبياني
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
تعدّ القلاع والحصون همزه الوصل للتفاعل السياسي والاقتصادي
يمثل قصر الحصن أول مبنى تاريخي يتم تشييده في قلب العاصمة أبوظبي لهذا تعد هذه المدينة بهية شامخة بأصالتها التراثية، وتعدّ القلاع والحصون والبيوت الأثرية وسائل الدفاع من الغزاة في حال تعرضها للهجوم في العصور القديمة، كما تعد معلمًا من المعالم الحضارية التي يزيد عمرها على 250 سنة، لا سيما لما لها من دور أساسي في استقرار وأمن ِالمجتمع، كما أنّها مقرّ لإقامة أجيال متعاقبة من حكام آل نهيان الكبار بلغوا خمسة عشر حاكماً كان آخرهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.مهرجان قصر الحصن احتفاء بتاريخ مدينة أبوظبي العريقة، وبالثقافة الإماراتية وتقاليدها وعاداتها الأصيلة، واعتزاز بالذات الوطنية والهوية العربية، ورفض أي تغريب للأجيال، ولا عجب أن يمثل الحفاظ على الموروث هاجسًا وطنيًّا، منشؤه الوفاء للقيمة التاريخية العريقة التي يمثلها التراث العمراني والتاريخي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
من الحقائق التي تتوارى فيها بوارق النهضة الحديثة إرادة الإنسان الإماراتي والضبياني -خصوصًا- وقدرته على العطاء والبناء، ومسايرته مستجدات العصر الحديث، وفي الوقت نفسه حافظ فيه على هويته ومزاياه، لتتبوأ الإمارة بتلك الشخصية الناضجة، والهمة العالية، الريادة والتنمية المتوازنة والمستدامة في الجزيرة العربية في مدّة زمنية وجيزة، ما أدهش وأذهل العالم.
تعدّ القلاع والحصون همزه الوصل للتفاعل السياسي والاقتصادي، ومنارة للعلم الديني والإدارة والأنشطة الاجتماعية، التي تضجّ بالحركة والحيوية والنماء الاقتصادي، وتتكامل فيها شروط الحياة الضرورية والآمنة، ولا مناص من الاعتراف بأن ثقافة القلاع والحصون عبر الحضارات الإنسانية سمة للقوة والوحدة والتعاون، وتبلور الشخصية الإنسانية وتصقل من خبراتها، فهي معاقل لإقامة الحكام العظماء، فضلاً عن أنّه يستمد من هذا البنيان العظيم القوة والأصالة والعراقة، حيث شكلت تفرداً وتميزاً في الإنسان الإماراتي يضعه في الصدارة بين الأمم الأخرى، لان جذورها ضاربة في أصل التاريخ العريق.
لا نغالي إذا قلنا إننا أبناء هذه العاصمة "أبو ظبي" نستمد من أصالة "قصر الحصن" كثيرًا من المعاني الإنسانية العميقة والقيم الأخلاقية الخالدة التي أضافت لشخصية الإنسان -الضبيانى- حبه للتاريخ وللأصالة، حيث اتسم أهلها بالتسامح الديني وكرم الضيافة، واحترام ثقافات اﻵخرين، وهذه ميزه تبلورت بها ثقافتنا الوطنية.
إنّ تعلق الإنسان بهذا البناء الراسخ- قصر الحصن- الذي شكل عبر السنين عقلية ابن الإمارات صاغ مفاهيمه ومواهبه وثقافته، وعلى الخصوص أبناء هذه المدينة أبوظبي، كما يعدّ ارتباطهم بالبحر وقربهم من ضفاف الشواطئ الساحرة، إضافة إلى وعيهم الإنساني، ورسخ فيهم من قيم الجمال، وحب والهدوء والسكينة، وأضاف النضوج إلى قدرتهم السياسية والاقتصادية من خلال اختلاطهم مع الشعوب في رحلاتهم البحرية، واقترابهم من الشواطئ من أجل الصيد والعمل.
كما أثّرت الصحراء في حياة الإنسان الضبيانى بين ربوع ليوا والظفرة والختم من الخصال العربية الحميدة وحب الأوطان والإقدام والكرم والأصالة ومكارم الأخلاق التي عززتها بيئة الصحراء القاسية، إذ كان يتطلع البدوي البسيط إلى تحقيق الأمل في الرخاء ورغد العيش لإخوانه أبناء القبائل والعشائر في الصحراء.
كما امتزجت هذه الخصائص الثنائية بين البحر وبيئة ابن الصحراء في أعماق هذا المواطن وكانت كحجر زاوية في أي رؤية يتطلع بها إلى المستقبل، وما يحمله هذا المنجز الأثري -قصر الحصن - من معانٍ حضارية وتراث مستدام أثر في ثقافة المواطن، وشكلت خلاله صياغة عقلية الإنسان الإماراتي، فضلًا عن تكوين إرادة لا يستهان بها، وقدرة من الإصرار، وعزيمة لا تلين، شاهدًا على هذه الملحمة الإنسانية قيادة نادرة قادها حاكم استطاع ان يفجر في نفوس شعبه طاقات كامنة نحو التغيير، إنه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إنه الرجل الحقيقي والقيادي الفذ والملهم لشعبه.
لهذا كان من دواعي فخارنا وسؤددنا أننا في المكان الذي قادنا إليه إلهام وبصيرة عائلة آل نهيان وأفكارهم النيرة، وأفضل تعريف لمعنى التراث في الحضارة والثقافة "أنّها كالجذور في الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات قصر الحصن آل نهیان
إقرأ أيضاً:
ابن بيّه: العالم بحاجة لجهود مخلصة ترعى السلام
أبوظبي: «الخليج»
شهدت العاصمة أبوظبي، خلال الفترة ما بين 28 إلى 30 إبريل/نيسان الماضي، انعقاد الاجتماع الدوري السادس عشر لمجلس أمناء منتدى أبوظبي للسلم، برئاسة الشيخ عبدالله بن بيّه، وبمشاركة أعضاء المجلس من مختلف أنحاء العالم.
شكّل هذا الاجتماع الدوري مناسبة مهمة لاستخلاص الدروس واستشراف الآفاق الاستراتيجية لمسيرة عقد كامل من الإنجازات المهمة والعمل الدؤوب في سبيل ترسيخ ثقافة السلم.
وتوجّه مجلس الأمناء بأسمى عبارات الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والذي شكلت رؤيته وإيمانه برسالة السلم مصدر إلهام للمنتدى منذ تأسيسه وحتى اليوم، وتثميناً للدور الريادي المشهود للدولة في تعزيز ثقافة السلم ونشر قيم التسامح والتعايش الإنساني في مختلف أرجاء العالم.
وأشار العلامة الشيخ عبدالله بن بيّه إلى أن المنتدى تأسس وفق رؤية قيادة دولتنا، وبرعاية كريمة من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، والتي تتجلى في السعي نحو الخير والتعاون على البر وبذل السلام للعالم.
وأضاف أن المنتدى حقق في عقده الماضي عدداً كبيراً من الإنجازات المباركة، وأطلق الكثير من المبادرات التاريخية، وأصدر عدداً من الوثائق التأسيسية التي أسهمت في تعزيز ثقافة الحوار على المستوى الإقليمي والدولي، ومنها إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية، وإعلان أبوظبي للمواطنة الشاملة، وميثاق حلف الفضول الجديد.
وأكد أن العالم اليوم، في ظل التحديات التي يشهدها، بحاجة إلى مضاعفة الجهود المخلصة لرعاية شجرة السلام التي تمّ غرسها في أبوظبي، بروح المحبة والأخوة، لكيلا تجتثها النزاعات والصراعات، موضحاً أن المنتدى يطمح إلى توسيع الشراكات وتنويع الشركاء، جغرافياً ووظيفياً، لتحقيق تأثير أعمق في نشر ثقافة التعايش السعيد، وتوصيل ثمار التأصيل إلى شرائح أوسع من المجتمعات حول العالم، من خلال بناء المؤسسات وتوفير محتوى رسالي عبر المناهج التعليمية والوسائط الفنية والتقنية وغيرها من الوسائل والأدوات. كما استعرض المجلس الإنجازات التي حققها المنتدى في مجالات الحوار والتعاون بين الثقافات، وأكد الأعضاء في كلماتهم أهمية تعزيز العمل المؤسسي، مقدّمين جملة من المقترحات التي من شأنها توسيع أثر المنتدى.
وثمّن مجلس الأمناء الجهود الخيرة التي قدّمها الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية البابا الراحل فرانسيس، في دعم الحوار الإنساني.