مونتسكيو والإسلام.. رؤية مثيرة للجدل بين الاستشراق والتنوير
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
يُعد الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو (1689-1755) أحد أبرز مفكري عصر التنوير، حيث أسهمت أفكاره في تشكيل الأنظمة الديمقراطية الحديثة من خلال نظريته حول الفصل بين السلطات. غير أن تناوله للإسلام والحضارات الشرقية في كتابه الشهير روح القوانين (1748) أثار جدلًا واسعًا بين المؤيدين لطرحه والمنتقدين له، خاصة فيما يتعلق بوصفه للأنظمة السياسية الإسلامية.
رأى مونتسكيو أن النظم السياسية في المجتمعات الإسلامية تميل إلى الحكم الاستبدادي، حيث اعتبر أن القوانين الدينية في الإسلام تساهم في تركيز السلطة في يد الحاكم، مما يؤدي إلى غياب الحريات الفردية التي كان يدعو إليها. كما أشار إلى أن الطابع المناخي والجغرافي للبلاد الإسلامية، وفقًا لنظريته الجغرافية، ساهم في تشكيل ثقافة سياسية استبدادية قائمة على الطاعة والخضوع للحاكم.
جدل حول طرحه: نقد واستشراقلاقى طرح مونتسكيو حول الإسلام انتقادات واسعة، حيث اعتبره بعض الباحثين امتدادًا للخطاب الاستشراقي الذي هيمن على الفكر الأوروبي في تلك الفترة. فقد قدم صورة نمطية عن العالم الإسلامي، متأثرًا بنظرة الغرب للشرق كمنطقة تخضع لحكم فردي مطلق، دون النظر إلى التنوع السياسي والاجتماعي داخل المجتمعات الإسلامية عبر التاريخ.
على الجانب الآخر، يرى بعض المؤرخين أن مونتسكيو لم يكن معاديًا للإسلام بقدر ما كان يحاول دراسة القوانين التي تحكم المجتمعات المختلفة، مستخدمًا أدوات عصره في التحليل السياسي والاجتماعي. ومع ذلك، فإن مقارنته بين النظم الإسلامية والغربية جاءت منحازة بشكل واضح للنموذج الأوروبي، الذي اعتبره الأكثر تقدمًا من الناحية السياسية.
إرث مونتسكيو وتأثيره اليومرغم الجدل حول رؤيته للإسلام، لا يمكن إنكار تأثير مونتسكيو العميق على الفكر السياسي الحديث، خاصة في ترسيخ مفهوم الفصل بين السلطات، الذي تبنته العديد من الدساتير حول العالم. ومع ذلك، فإن إعادة قراءة أفكاره اليوم في ضوء الدراسات الحديثة حول الإسلام والحضارات الشرقية تسلط الضوء على الحاجة إلى رؤية أكثر شمولية وغير متحيزة عند تناول النظم السياسية المختلفة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القوانين الإسلام العالم الإسلامي عصر التنوير الفكر الأوروبي المزيد
إقرأ أيضاً:
"العالم العربي من خلال فنون الاستشراق".. كتاب جديد للدكتور أحمد جمال عيد
صدر عن دار نشر البديل كتاب "العالم العربي من خلال فنون الاستشراق – جدلية الصورة والهوية"، للناقد والفنان الدكتور أحمد جمال عيد، والذي يتوغل في عوالم الصورة الشرقية كما رآها المستشرقون.
وقال الدكتور أحمد جمال مؤلف الكتاب أن المضمون له يفتح باب التساؤل: هل كانت تلك الريشات صادقة في انعكاسها، أم أنها صاغت هوية أخرى، مشوبة برؤى الآخر وأوهامه؟
وأضاف جمال أنه بين سطور الكتاب، تتجلى رحلة نقدية تتقاطع فيها الفنون والتاريخ، حيث يفكك المؤلف الرؤية الاستشراقية في الفنون التشكيلية، كاشفًا عن طبقات المعنى المتراكمة في تفاصيل اللوحات، متسائلًا عن الحدود الفاصلة بين التوثيق الفني والتوظيف الأيديولوجي.
يُعد الدكتور أحمد جمال عيد أحد أبرز الأسماء في مجال النقد الفني والتصميم الجرافيكي في العالم العربي، فهو قاص وفنان وناقد، وأستاذ مشارك في التصميم الجرافيكي، يشغل منصب مساعد عميد كلية الفنون والتصميم لشؤون الجودة والاعتماد، ورئيس قسم التصميم الجرافيكي بجامعة جدارا – الأردن بخطى واثقة بين الأكاديميا والإبداع.
وأصدر مؤلف الكتاب أكثر من 21 كتابًا تنوعت بين النقد والفن والأدب، ونشر أكثر من 80 بحثًا علميًا محكمًا في دوريات عالمية حاصل على الإقامة الذهبية فئة النوابغ والمبدعين من الإمارات، وجوائز أدبية وفنية مرموقة، منها جائزة الشارقة للإبداع العربي في النقد عام 2015، وجائزة أفضل باحث عربي متميز من اتحاد الجامعات العربية لعام 2024.
يأتي هذا الكتاب ليكون إضافة جديدة إلى المكتبة النقدية، حيث يضيء مساحات كانت مستترة في جدلية الصورة والهوية، فاتحًا الأفق أمام رؤى جديدة لفهم العلاقة بين الفن والتاريخ والاستشراق.
يشار إلى أن الكاتب كان قد صدر له مؤخرا كتاب "حين تسألني الأرض: لماذا أتيت؟"، عن دار الرحمة للنشر والتوزيع، والذي يقدم للقارئ تجربة أدبية مميزة تسبر أغوار الروح وتسائلها عن أعمق ما يعتريها من تساؤلات وجودية
ويتألف الكتاب من مجموعة من النصوص المنثورة التي تنبض بالشعرية العميقة وتفتح أبوابًا للتأمل والتفكر، تجمع النصوص بين الذكريات والفقد، بين الحب والغياب، وبين السؤال والجواب، لتصيغ رحلة أدبية وفكرية تتشابك فيها الحياة والموت في معانٍ إنسانية شديدة الثراء. يشكل الكتاب مرآةً تعكس أسئلة الروح الباحثة عن الحقيقة وسط أصداء الذاكرة.