إتفاقات مرتقبة مع السعودية ومشاريع مُنتظرة.. بيروت –الخليج: نحو صفحة اقتصادية جديدة؟
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
لم تكن زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى بيروت مجرد محطة بروتوكولية، بل حملت في طياتها رسائل سياسية واقتصادية واضحة، تزامناً مع مرحلة جديدة دخلها لبنان عقب انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية. فبعد أكثر من 15 عاماً على انكفاء الحضور السعودي المباشر في بيروت، جاءت هذه الزيارة لتشكل مؤشراً على مقاربة مختلفة تبنّتها الرياض تجاه لبنان، مبنية على إصلاحات جذرية تنتظرها المملكة قبل إعادة تفعيل العلاقات الاقتصادية.
فجّرت مجموعة الحبتور مفاجأة مدوية بإعلانها إنهاء مشروعين أساسيين في لبنان، الأول يتمثل في إيقاف أعمالها الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك فندق الحبتور، والثاني يتمثل في التراجع نهائيًا عن مشروع المدينة الإعلامية، الذي كان من المفترض أن يشهد انطلاق قناة عربية من بيروت. هذه الخطوة، التي جاءت في توقيت حساس، أثارت تساؤلات حول مستقبل الاستثمارات الخليجية في لبنان ومدى قدرة البلاد على استعادة ثقة المستثمرين. ترى مصادر اقتصادية أن هذه القرارات قد تكون رسائل سياسية واقتصادية بشأن المرحلة المقبلة، لكنها قد لا تكون نهائية، خاصة أن مجموعة "الحبتور" سبق أن اتخذت قرارات مشابهة بالتوقف عن الاستثمار في لبنان، قبل أن تعاود نشاطها إيمانًا منها بموقع بيروت الاقتصادي الاستراتيجي. غير أن الفساد المستشري، والأزمات الأمنية، والحروب المتكررة، كلها عوامل تدفع المستثمرين إلى الهروب من لبنان نحو الأسواق الخليجية، التي تشهد صعودًا اقتصاديًا لافتًا.
في ظل هذا الواقع، يبقى السؤال الأبرز: هل بات لبنان خارج خريطة الاستثمارات الخليجية؟ وهل يمكن استعادة الثقة وجذب رؤوس الأموال مجددًا؟ أم أن مسلسل انسحاب الشركات الكبرى سيستمر، في ظل غياب الإصلاحات وانعدام الاستقرار؟
هذه الأسئلة حملناها إلى رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية في الهيئات الاقتصادية إيلي رزق، الذي شدّد على أن الزيارات الخليجية الأخيرة تحمل في طيّاتها رسائل إيجابية تؤكد حرص دول مجلس التعاون الخليجي على إعادة العلاقات مع لبنان إلى سابق عهدها. وأشار رزق إلى أن هذه الزيارات تأتي في ظل انتخاب رئيس للجمهورية، ما يعكس توجّهًا واضحًا نحو دعم استقرار لبنان والسعي إلى إعادة إحياء العلاقات الاقتصادية بين الطرفين. وأوضح أن دول الخليج لا تحمل إلا النيات الإيجابية، التي تتجلّى في السعي إلى رفع الحظر عن تصدير المنتجات اللبنانية إلى الأسواق الخليجية، إضافةً إلى إلغاء القيود المفروضة على سفر مواطني دول الخليج إلى لبنان، وهي خطوات ضرورية لاستعادة الثقة وضخّ استثمارات جديدة في الاقتصاد اللبناني المنهك.
ورأى رزق أنّ وزراء ومبعوثي الدول الخليجية لم يتلمسوا أي جدية حتى الان من الجانب اللبناني لناحية قدرته الكاملة على تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته، وتشكيل حكومة إصلاحات حقيقية، مشيرًا إلى أنّه في حال تأخر لبنان عن تطبيق القرار 1701، ولم يتم تشكيل حكومة إصلاحات فإنّ لا مساعدات للبنان، ومن المتوقع تباعا أن يخفّ الزخم الدولي، غامزًا من القناة السورية، خاصة مع بزوغ عهد جديد في دمشق تنصب إليه أعين الدول العربية، وتجلى ذلك من خلال الزيارات المهمة العربية إلى سوريا. ولفت رزق إلى أنّه في حال لم يستفد لبنان من هذا الزخم الحالي وأظهر جديةً على صعيد الاصلاحات فإنّ العلاقات العربية اللبنانية قد لا تعود إلى سابق عهدها، خاصة وأنّ الدول العربية تلمست جدية تامة من سوريا لناحية الاصرار على إصلاح الاوضاع، والعمل على إعادة إعمار سوريا.
وأكد رزق أن الدعوة الرسمية التي تلقاها الرئيس جوزاف عون لزيارة السعودية تحمل مؤشرات إيجابية، مشيرًا إلى أن جدول أعمال هذه الزيارة يتضمن 22 اتفاقية تتعلق بقطاعات السياحة، الاقتصاد، الإعلام، التجارة، والثقافة. ورغم أهمية هذه الاتفاقيات، إلا أن موعد الزيارة لم يُحدد بعد. وأشار رزق إلى أن الإمارات العربية المتحدة بدورها وجّهت دعوة رسمية للرئيس عون، ما يعكس توجّهًا خليجيًا واضحًا نحو إعادة بناء العلاقات مع لبنان، ولكن بشروط واضحة أبرزها إصلاحات جذرية تعيد الثقة بالدولة اللبنانية.
وشدّد رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية إيلي رزق على أنه لا يمكن القول أن للسعودية مصلحة كبيرة الآن في العودة إلى لبنان، إلا أن السعودية تسعى لتحقيق مصالح لبنان والوقوف إلى جانبه. وطرح تساؤلًا جوهريًا حول جدية لبنان في التحرّر من هيمنة الدول الأخرى التي تدعم بعض الأحزاب اللبنانية، مشيرًا إلى أن هذا التحرّر يشكل العائق الأكبر أمام إعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج.
وأكد رزق أن الحل اليوم يكمن في تسليم السلاح غير الشرعي للدولة، داعيًا إلى بسط سلطة الجيش على كامل الأراضي اللبنانية. واعتبر أن الاستقرار السياسي والأمني لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إعادة فرض سلطة الدولة على كل المؤسسات والمناطق، بعيدًا عن أي تدخلات خارجية أو التسلّط الحزبي.
وأعرب إيلي رزق عن أمله في أن لا تكون لحظة انتخاب الرئيس عون وما صاحبها من حالة إيجابية، التي بثّها خطاب القسم، مجرّد "رهجة" سرعان ما تنقضي، بل شدّد على ضرورة أن يكون هناك إعادة بناء "هيبة" موقع الرئاسة، التي تعدّ الركيزة الأساسية لاستعادة الاستقرار السياسي في لبنان. إلا أنه أشار إلى أن هناك مكونات معينة لا ترغب في خدمة هذه الهيبة، وأن الممارسات السياسية الحالية قد تؤدي إلى مزيد من الشكوك والتوترات، مشددًا على أن هذا النوع من السلوك لا يعطي الطمأنينة اللازمة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العلاقات الاقتصادیة فی لبنان إلى أن ه
إقرأ أيضاً:
عياد رزق: جولة الرئيس السيسي الخليجية تأتي في توقيت هام
أكد عياد رزق ، عضو الأمانة المركزية لحزب الشعب الجمهوري ، أهمية الجولة التي يجريها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى عدد من الدول الخليجية الشقيقة، خاصة في ظل الأوضاع والتحديات الصعبة التي تشهدها المنطقة جراء الصراعات المختلفة وعلى رأسها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والهجمات التي تشنها قوات الاحتلال على أنحاء متفرقة من لبنان وسوريا بما يتطلب توحيد الجهود العربية والدولية للحفاظ على الأمن والاستقرار وإرساء قواعد السلام الشامل والعادل.
وأوضح رزق في بيان له اليوم، أن جولة الرئيس السيسي الخليجية تأتي في إطار جهود الدولة المصرية لتوحيد الصفوف وكسب مواقف إقليمية ودولية لدعم القضية الفلسطينية ورفض مخطط التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم وقطع الطريق على أية محاولات من شأنها تصفية القضية وضياع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ودعم جهود إعادة إعمار قطاع غزة والعمل على عودة الحياة الإنسانية لأهالي القطاع مرة أخرى.
وأشار عضو الأمانة المركزية لحزب الشعب الجمهوري إلى أن استهلال الرئيس السيسي جولته بزيارة قطر، يؤكد رغبة البلدين في تجاوز الماضي والانطلاق نحو شراكة حقيقية في جميع المجالات المختلفة على كافة المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفتح الباب أمام تبادل الاستثمارات، وكذلك التأكيد على الرغبة المشتركة في توحيد الصف العربي لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية.
ولفت عياد رزق إلى أن التاريخ يشهد بحجم العلاقات المصرية الكويتية ومدى التوافق بين البلدين في مختلف الملفات، موضحا أن جولة الرئيس السيسي تؤكد متانة العلاقات المصرية الخليجية القائمة على الاحترام والمصالح المتبادلة، كما تؤكد أيضا أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأن توحيد الموقف العربي بات ضرورة الآن أكثر من أي وقت مضى، لحماية الأمن والاستقرار والتنمية.
أفادت موفدة "القاهرة الإخبارية" إلى الدوحة، أمل الحناوي، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي بدأ زيارة رسمية إلى قطر، حيث عقد فور وصوله لقاء ثنائيًا مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر.
وأضافت "الحناوي"، خلال رسالتها على الهواء، أنه بحسب جدول أعمال الزيارة، من المقرر أن يلتقي الرئيس السيسي مساء اليوم مع مجتمع الأعمال القطري، على أن يعقد غدًا الإثنين لقاء موسعًا مع أمير قطر، بحضور وفدي البلدين، يتبعه اجتماع ثنائي بين الزعيمين.
وأوضحت أن الزيارة تأتي في ظل تطور مستمر تشهده العلاقات الثنائية بين القاهرة والدوحة، إذ تسعى الدولتان إلى تعزيز أواصر التعاون في مختلف المجالات، استنادًا إلى الاحترام والتقدير المتبادل، بحسب الموفدة.