صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-10@22:18:34 GMT

ثم ماذا بعد تصريحات الفريق البرهان

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

ثم ماذا بعد تصريحات الفريق البرهان

محمد بدوي

حفلت الساحة السياسية السودانية بردود أفعال مختلفة عقب تصريحات الفريق اول/ عبدالفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي الإنتقالي، لدي مخاطبته لقاء ” القوي السياسية والمجتمعية” بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية عقب حرب أبريل ٢٠٢٣، ولعل هذا اللقاء مثل احدي الاحداث البارزة في السياق السياسي في ظل سيطرة مشهد الحرب وفشل منبر جده في مايو٢٠٢٣ والرفض للدعوات المختلفة للسماح بالممرات الإنسانية أو اللقاءات الثنائية بين قاىدي الجيش والدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، إضافة إلي تجريم بعض قادة القوي السياسية وفقا لمواقفهم السياسية من الحرب ومواقف اطرافه الرئيسين من الانتهاكات التي طالت المدنيين، المساعدات الإنسانية ووقف الحرب.

دون الخوض في ردود الفعل الاخري من الحركة الاسلامية واجنحتها السياسية والمسلحة حول رفض الخطاب، لأن السياق التاريخي لعلاقة” الجيش، الانقلابات، السلطة، الاحزاب ” دوما يرجح الكفة تضامن الضباط وفقا للعلاقة العسكرية مع بعضهم للسيطرة على السلطة واقصاء المدنيين حتي داخل التنظيم، والمثال الاخير صراع البشير والترابي ١٩٩٩، وصراع البشير وقادة الحركة الاسلامية في ٢٠١٤، وكلاهما انتصر الضباط على المدنيين في السيطرة على السلطة، كما يدور السؤال حول توقيت الحدث والدوافع وفحوي الخطاب، فالأمر لا يخرج من سياقات المناورة أو استباق الواقع وفقا للتطورات الإقليمية والدولية.

في تقديري أنه بذات نسق سيطرة طرفي الحرب على زمام الفترة الانتقالية قبل الحرب وما نتج من أحداث كانقلاب اكتوبر٢٠٢١، فشلا في أحكام السيطرة على السلطة لان ذلك بالضرورة سيرزح تحت وطاة عدم الاعتراف الإقليمي والدولي، بالرغم من نجاح المدنيين بالسلطة خلال الفترة الانتقالية في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، الإ أن عدة عوامل منها ترك المدنيبن الكثير من القضايا الجوهرية لسبطرة العسكريين قاد إلي تغيبب النظر من قبل إلي قوتهم الذاتية في سياق الحالة، وهي أنهم الضلع الأساسي الذي لا يمكن دونه لأي طرف أن ينفرد بالسلطة أو يسيطر عليها، الدليل على ذلك إقصاءهم بانقلاب ٢٠٢١ قاد إلي حرب أبريل ٢٠٢٣.

في الأسابيع المنصرمة اعلنت تنسيقية تقدم عن فك الارتباط بين المجموعة الداعمة لفكرة حكومة المنفي، وهذا الموقف يكاد يكون قد قضي على الفكرة، التي بالنظر إليها من كل الجوانب كحال السردية الشعبية التي تذهب إلي أن شخص امتلك زجاجة سمن، وفي طريقه إلي السوق ، غفي تحت ظل شجرة ظليلة، وغرق في حلم بأنه بعد بيع زجاجة السمن، سيشتري بثمنها ماعزا، ويستمر في لبن الماعز ثن يبيعهم، ثم يشتري بقره، ويصنع السمن و. ويتكاثر عنده الربح حتي يتزوج من ذاك المال، ثم ينجب، وحين يرفض ابنه/ ته الانصياع، سيضربه بالعصا، فما كان من الرجل الا ان حمل العصا وضرب بها زجاجة السمن، لتندلق محتاجتها على الارض، ليصحوا على واقع اخر” ” إنتهي تصريف السرد “، لعل ذاك المقترح كان سيكون ورطة كبري للدعم السريع ناهيك عن عدم موضوعيته وتعارضه مع كيمياء المقاومة السودانية في سلسلة ثورات تاريخية عمدت مسارها في أقدار بين قرنين من الزمان على مزاجها مسنودة بإرادة الشعوب ” ٦٤،٨٥،٢٠١٨” حافلة بالنضال، الأدب،والغناء لم يشهد النطاق الافريقي أو العربي مثلها،لكن في عالم السياسة تظل القرارات رهينة لتقديرات الأطراف فربما يمضي دعاة تكوين حكومة المنفي في سعيهم في مقبل الايام من فبراير ٢٠٢٥.! ولا سيما غياب اي تعليق من قبل الدعم السريع على ما تم في بورتسودان .

لعل هذا ما دار في ذهني حينما تابعت بعض التصريحات الداعمة لتشكيل حكومة منفي وسلطات على الأرض في مساحات سيطرة الدعم السريع، لعل الاستغراب جاء حينما نظرت إلي الأمر ببساطة وواقعية، بأن الحرب لا تزال تدور واحوالها متغيرة فكيف يمكن أن يتم الامر، المغزي من السرد بأن ما حدث في بورتسودان جاء كخطوة سياسية بعد فشل مقترح حكومة المنفي، ولابد من النظر إلي أن موقف المدنيين هو ما شكل محور للاحداث، هذه إشارة أخري الي المدنيين بغض النظر عن ماهية وطبيعة التحالفات والمواقف منها الا انها جوهر الحل بالنسبة لطرفي الحرب الرئيسين ودونهما ليست هنالك شرعية تكتسب للبقاء في السلطة .

بالنظر الي الأمر فإن محتوي رد فعل الاسلاميين السودانيين على خطاب الفريق البرهان، وضعهم في خانة الحركة المسلحة بالتالي فقد استطاع البرهان أن يتنزع منهم ما يعزز موقفه بغض النظر الاتفاق أو الاختلاف معه، ولعل احدي الأهداف من ذلك أيضا هو لفت انتباه المجتمعين الدولي والاقليمي لهم ولحلفائهم ولا سيما عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي وجهها لدولة قطر بوقف دعم الإرهاب.

التوقيت لخطوة البرهان جاءت والعالم يشهد محاولة السيطرة على حالة السيولة في لبنان، حماس/ اسرائيل، الحالة السورية عقب رحيل الاسد، حيث أن توصل حماس وإسرائيل لاتفاق سيشكل نسقا للضغط على طرفي الحرب في السودان لوقفها، إضافة إلي أكتساب مصر كحليف مرتبطا بدورها في سياق المعادلة الفلسطينية الإسرائيلية ومدي اقتراب المسافة بينها والادارة الامريكية.

استباق الحالة بما تم في بورتسودان يشكل محاولة لكسب وضع سياسي ولا سيما عقب إعادة سيطرة الجيش غلى مناطق واسعة بولاية الجزيرة وقبلها سنجة وثم ولاية الخرطوم، لكن ستظل العقبة هي مدي جدية المضي قدما في حوار داخلي قبل وقف الحرب وفتح الممرات الإنسانية وهي الخطوة التي ستكون بين الجيش والدعم السريع كما اقترح في منبر جده فهاهو البرهان يعزز ذلك بأنه لامكان للاسلاميين في السلطة مرة أخري، إذن السؤال الجوهري أين المدنيين الذين تم الانقلاب عليهم في ٢٠٢١ من الحالة ! واين المدنيين من قوام الشارع الداعم للتحول الديمقراطي من المشهد، يبدو أن للأمر ما بعده في مقبل الايام ! وفي البال محاولات انقلابية أو وقف للحرب والمضي نحو التفاوض بين ” جدة أو جنيف” .

الوسوممحمد بدوي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: محمد بدوي

إقرأ أيضاً:

خطاب البرهان.. أحلام اليقظة والأوهام المرتدة

صلاح جلال

(١)
الفريق البرهان هو شخص غير موثوق به من تجربة الخمسة أعوام الماضية ، فهو القائد العام الذى فى عهده تم تدمير السودان تابعت عبر الوسائط ولولة وصياح الكيزان ضد خطابه الأخير أتفق معهم فى تحليلهم وأختلف حول المطلوب لمواجهة الخطاب ، نتفق أن البرهان لايستحق الثقة وإذا إعتمدوا عليه حاقت بهم الندامة ، وقوفه ضد الكيزان لايعنى بالضرورة أنه سيقود البلاد نحو الأفضل أو فى إتجاه قوى الثورة ، هو ملتزم ببرنامج لإضعاف الدولة وقيادتها نحو المزيد من عدم الإستقرار
فهو خِصم لكل القوى التى لا تسند طموحه الشخصى ، فهو ضد الكيزان وضد تقدم وضد لجان المقاومة
يلاعب كل هؤلاء بمسطرة طموحاته فى السيطرة والإستحواذ على السلطة ، هو مع نفسه فقط ومجموعة صغيره إنتهازية بمقدوره التحكم فيها .
لكن لايوجد ما يدعوا للقلق ، فالبرهان نواياه إتضحت منذ قيامه بإنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م ، ليؤكد أنه ضد التحول المدنى الديمقراطى ، ويتطلع لتوظيف كل التناقضات السياسية والمجتمعية للإحتفاظ بالسلطة ، يناور بالكيزان ضد الحرية والتغيير ويناور بالدعم السريع لردع القوات المسلحة ويناور بلجان المقاومة لتقسيم الشارع الثورى ، فى كل الأحوال ليبقى هو شخصياً مركز الأحداث ممسكاً بكل الخيوط على رأس الملعب .

(٢)
الفريق البرهان مستعد لرهن السودان للخارج أى خارج تتوقعه أو لا تتوقعه (من إيران إلى إسرائيل ومن روسيا إلى أمريكا) ، وهو داخلياً مستعد لبيع أى قوى سياسية تشكل عبأ على مشروعه الشخصى من الكيزان إلى تقدم ، من اليسار الى لجان المقاومة ، يجب على القوى السياسية التعامل بحذر مع رجل بهذه المواصفات ، حلفائه الحاليين وخصومه فى نفس الوقت فهو بلا ضمانات لأحد لا يحكمه برنامج ولا مواثيق ولا حتى عهود رُجال شفوية ، رجل مع نفسه ضد الكل ، فالجميع لديه بيادق بما فيها الدماء والأشلاء التى خلفتها حربه الراهنة على كل أهل السودان ، التى يتطلع لتوظيفها لتأسيس شرعيته الجديدة ، أقول للكيزان إن لم تبكوا اليوم فستبكون غداً من طعنة البرهان النجلاء القادمة إذا إتضح له أنكم عقبه أمام مشروعه السياسى
كل من يضع الفريق البرهان مِحور ومركز لمشروعه السياسى سيندم ويسف التراب ، [الكلام ليك يا المنطط عينك داخل القاعة ].

(٣)
المهم والجيد خلال هذه الخمسة أعوام الماضية هى سنوات كاشفة لكل عيوب الواقع السياسى فى البلاد ، وباهظة التكلفة للشعب السودانى ، ولكن العزاء لايوجد تعليم مجانى No Free Meal ، لقد عرفنا الكيزان (الأخوان المسلمين) وخبرناهم من تجربة ثلاثين عام مضت ، لاتوجد زاوية مظلمة لا نعرفها عنهم  أصبحت لدينا مناعة ذاتية فى معرفة ومقاومة تكتيكاتهم للسيطرة والإستحواذ على السلطة ، وخبرنا كذلك القوى التقليدية الأمة والإتحادى مراكز ضعفهم وقوتهم ، من خلال زياراتهم خفيفة الظل لمركز السلطة منذ الإستقلال وإبعادهم بالإنقلابات العسكرية وعدم قدرتهم على تأسيس نظام سياسى مستقر وقادر للدفاع عن نفسه ، يتولون السلطة بالإنتخابات قبل إكتشاف المداخل والأبواب يعزف المغامرون موسيقى الإنقلابات رأس الرمح فيها ضباط يتطلعون للحكم وخلفهم مجموعة سياسية وطنية يستغلونها ومن ثم يتخلصون منها بعد إستتباب الأمر لهم ، من خلال سند إقليمى ودولى او مقاطعة شاملة لدول العالم والإحتفاظ بالبلاد رهينة ، فى كل الأحوال يستفيق الشعب من صدمته ويجتهد فى تصحيح المسار بالثورة المستمرة ويدفع تكاليف فى المقاومة ، ضد ابراهيم عبود وخلفه تيار من الأمة والإتحاديين وبسند من مصر الناصرية ، وضد نميرى الذى تولى السلطة بسند من الشيوعيين والقومبين العرب ودعم من مصر عبدالناصر ، وضد المخلوع البشير
وخلفه حركة الأخوان المسلمين وبسند من مصر حسنى مبارك إقليمياً ، و مباركة صامته أمريكية لعدم رضاهم عن الحكم الديمقراطى بقيادة الصادق المهدى .

(٤)
السؤال هل هذه الدوامة صدفه تاريخية وقدر محتوم لمسيرة الشعب السودانى. ؟؟ أم أنها نتيجة لغفلة واقع وطنى لم يكتشف طريقه للتقدم خلال فترة ما بعد الإستعمار !! أم أنها مؤامرة إقليمية ودولية على السودان من أجل السيطرة على الموارد وفرض الأجندة ؟ هل أجابت القوة الوطنية على هذه الأسئلة وقتلتها بحثاً لمعرفة حقيقتها ، حتى تضع البلاد على بداية الطريق الصحيح !! الإجابة [ لا ] إلى الآن لايوجد تفكير إستراتيجى فى البلاد الكل مشغول بتكتيكات الوصول للسلطة والحكم مثل كلب القرية الذى يلهث خلف كل عربة جارية إذا توقفت يعود أدراجه لإكتشافه أنه يجرى بلا هدف من مطاردتها ، هذا هو حال الجميع عسكريين ومدنيين منذ الإستقلال ، هذا الضعف فى التفكير الإستراتيجى فتح أبواب البحث عن ظهير للتدخلات الخارجبة الإقليمية والدولية لإستخدام الساحة الوطنية المحلية رقعة شطرنج للمنافسة البينية فى لعبة الأمم المشروعة من أجل المصالح والسيطرة والنفوذ والحروب بالوكالة .

(٥)
خطاب الفريق البرهان أمس ضد الكل ومع نفسه ومشروعه الخاص، كل من يعتقد أنه فى مصلحته واهم فهو كأس دائر [حلو مر] اليوم لك وغداً عليك ، الثابت الوحيد فيه الفريق البرهان وطموحه الشخصى ، لكن الحقيقة المهمة أن الساحة السياسية الوطنية والشارع العام أصبح لديه وعى ومعرفة بهذه المناورات الخائبة ، وهناك أهداف أصبحت أيقونات فى عنق الحقيقة أولها ضرورة أن يكون الحكم بقيادة مدنية وأن يتم إعادة تأسيس قوات مسلحة وطنية مهنية محترفة بمشاركة متوازنة لكل قوميات البلاد وجهاتها من القمة الى القاعدة ، لا تتدخل فى السياسة وتخضع للحكم المدنى لابد من إنعقاد مؤتمر قومى دستورى يعالج الأزمة الوطنية المتفاقمة بأفق إستراتيجى بلا إقصاء ويراجع التجربة السياسية منذ الإستقلال الى حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م كتاريخ فاصل للقطع بين الماضى السالب والنظر إلى الحاضر والمستقبل ولابد من تاسيس صارم للعدالة ووإقرار سياسة عدم الإفلات من المساءلة والعقاب ومحاربة الفساد .

(٦)
ختامة
حديث الفريق البرهان عن تشكيل حكومة يُفّصلها على مقاس مشروعه السياسى غير مزعجة ، فهى حمل خارج الرحم إذا تم تشكيلها ستولد ميتة وفاقده للشرعية والبرهان اليوم فى أضعف حلقاته السياسية بعد هذه الحرب المدمرة
التى تحتاج لجبهة وطنية عريضة متماسكة تحقق الرضا والإستقرار الداخلى لمواجهة تحديات إعادة بناء ما دمرته الحرب حكومة ذات قبول إقليمى ودولى تتمكن من إدماج البلاد فى مجتمع التنمية الدولى وترفع العقوبات والمقاطعة العالمية للسودان ، تشكيل حكومة معزولة داخليا ومعاقبة ومحاصرة دولياً ، تُسهل مقاومتها وإسقاطها بثورة شعبية حاسمة تقطع الطريق على كل المتربصين وتضع أساس جديد لمستقبل السودان ، الهدف الرئيسى أمام القوى الوطنية يجب أن يكون وقف الحرب وإسكات صوت البنادق وإستعادة الشارع المدنى الديمقراطى وهو سيد نفسه وصاحب القرار ونحن معه فى كل إختياراته الحرة بأدواته المجربة التظاهر والعصيان والإضراب العام ، ماعدا ذلك هرطقات عجولة [ تجهيز للقُران قبل البقر] لاتحتاج لكبير إهتمام ، أوقفوا الحرب
والقتال وإستعيدو الشارع المدنى السياسى سيقوم الشعب بإملاء الأجندة وفرضها على رؤوس الأشهاد وعلى الجميع الإنصياع لسيد نفسك ميين أسيادك سيدى الشعب الأسمر إذا أطل فى فجرنا ظالم .

١٠ فبراير ٢٠٢٥

الوسومصلاح جلال

مقالات مشابهة

  • خطاب البرهان.. أحلام اليقظة والأوهام المرتدة
  • قراءة خلف السطور لحديث البرهان
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • ماذا لو قرر حزب الله التصديق على خطاب خصومه؟
  • الإسلاميون ومخاوف التحالف مع البرهان: حسابات المصالح والمخاطر السياسية
  • حديث البرهان يشعل الساحة السياسية
  • حديث البرهان للقوى السياسية والمجتمعية.. التوقيت والمآلات
  • باختصار، البرهان قال للإسلاميين لن تعودوا إلى السلطة إلا عبر الانتخابات
  • البرهان: مشاورات القوى السياسية تمهد للحوار السوداني