ثم ماذا بعد تصريحات الفريق البرهان
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
محمد بدوي
حفلت الساحة السياسية السودانية بردود أفعال مختلفة عقب تصريحات الفريق اول/ عبدالفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي الإنتقالي، لدي مخاطبته لقاء ” القوي السياسية والمجتمعية” بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية عقب حرب أبريل ٢٠٢٣، ولعل هذا اللقاء مثل احدي الاحداث البارزة في السياق السياسي في ظل سيطرة مشهد الحرب وفشل منبر جده في مايو٢٠٢٣ والرفض للدعوات المختلفة للسماح بالممرات الإنسانية أو اللقاءات الثنائية بين قاىدي الجيش والدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، إضافة إلي تجريم بعض قادة القوي السياسية وفقا لمواقفهم السياسية من الحرب ومواقف اطرافه الرئيسين من الانتهاكات التي طالت المدنيين، المساعدات الإنسانية ووقف الحرب.
دون الخوض في ردود الفعل الاخري من الحركة الاسلامية واجنحتها السياسية والمسلحة حول رفض الخطاب، لأن السياق التاريخي لعلاقة” الجيش، الانقلابات، السلطة، الاحزاب ” دوما يرجح الكفة تضامن الضباط وفقا للعلاقة العسكرية مع بعضهم للسيطرة على السلطة واقصاء المدنيين حتي داخل التنظيم، والمثال الاخير صراع البشير والترابي ١٩٩٩، وصراع البشير وقادة الحركة الاسلامية في ٢٠١٤، وكلاهما انتصر الضباط على المدنيين في السيطرة على السلطة، كما يدور السؤال حول توقيت الحدث والدوافع وفحوي الخطاب، فالأمر لا يخرج من سياقات المناورة أو استباق الواقع وفقا للتطورات الإقليمية والدولية.
في تقديري أنه بذات نسق سيطرة طرفي الحرب على زمام الفترة الانتقالية قبل الحرب وما نتج من أحداث كانقلاب اكتوبر٢٠٢١، فشلا في أحكام السيطرة على السلطة لان ذلك بالضرورة سيرزح تحت وطاة عدم الاعتراف الإقليمي والدولي، بالرغم من نجاح المدنيين بالسلطة خلال الفترة الانتقالية في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، الإ أن عدة عوامل منها ترك المدنيبن الكثير من القضايا الجوهرية لسبطرة العسكريين قاد إلي تغيبب النظر من قبل إلي قوتهم الذاتية في سياق الحالة، وهي أنهم الضلع الأساسي الذي لا يمكن دونه لأي طرف أن ينفرد بالسلطة أو يسيطر عليها، الدليل على ذلك إقصاءهم بانقلاب ٢٠٢١ قاد إلي حرب أبريل ٢٠٢٣.
في الأسابيع المنصرمة اعلنت تنسيقية تقدم عن فك الارتباط بين المجموعة الداعمة لفكرة حكومة المنفي، وهذا الموقف يكاد يكون قد قضي على الفكرة، التي بالنظر إليها من كل الجوانب كحال السردية الشعبية التي تذهب إلي أن شخص امتلك زجاجة سمن، وفي طريقه إلي السوق ، غفي تحت ظل شجرة ظليلة، وغرق في حلم بأنه بعد بيع زجاجة السمن، سيشتري بثمنها ماعزا، ويستمر في لبن الماعز ثن يبيعهم، ثم يشتري بقره، ويصنع السمن و. ويتكاثر عنده الربح حتي يتزوج من ذاك المال، ثم ينجب، وحين يرفض ابنه/ ته الانصياع، سيضربه بالعصا، فما كان من الرجل الا ان حمل العصا وضرب بها زجاجة السمن، لتندلق محتاجتها على الارض، ليصحوا على واقع اخر” ” إنتهي تصريف السرد “، لعل ذاك المقترح كان سيكون ورطة كبري للدعم السريع ناهيك عن عدم موضوعيته وتعارضه مع كيمياء المقاومة السودانية في سلسلة ثورات تاريخية عمدت مسارها في أقدار بين قرنين من الزمان على مزاجها مسنودة بإرادة الشعوب ” ٦٤،٨٥،٢٠١٨” حافلة بالنضال، الأدب،والغناء لم يشهد النطاق الافريقي أو العربي مثلها،لكن في عالم السياسة تظل القرارات رهينة لتقديرات الأطراف فربما يمضي دعاة تكوين حكومة المنفي في سعيهم في مقبل الايام من فبراير ٢٠٢٥.! ولا سيما غياب اي تعليق من قبل الدعم السريع على ما تم في بورتسودان .
لعل هذا ما دار في ذهني حينما تابعت بعض التصريحات الداعمة لتشكيل حكومة منفي وسلطات على الأرض في مساحات سيطرة الدعم السريع، لعل الاستغراب جاء حينما نظرت إلي الأمر ببساطة وواقعية، بأن الحرب لا تزال تدور واحوالها متغيرة فكيف يمكن أن يتم الامر، المغزي من السرد بأن ما حدث في بورتسودان جاء كخطوة سياسية بعد فشل مقترح حكومة المنفي، ولابد من النظر إلي أن موقف المدنيين هو ما شكل محور للاحداث، هذه إشارة أخري الي المدنيين بغض النظر عن ماهية وطبيعة التحالفات والمواقف منها الا انها جوهر الحل بالنسبة لطرفي الحرب الرئيسين ودونهما ليست هنالك شرعية تكتسب للبقاء في السلطة .
بالنظر الي الأمر فإن محتوي رد فعل الاسلاميين السودانيين على خطاب الفريق البرهان، وضعهم في خانة الحركة المسلحة بالتالي فقد استطاع البرهان أن يتنزع منهم ما يعزز موقفه بغض النظر الاتفاق أو الاختلاف معه، ولعل احدي الأهداف من ذلك أيضا هو لفت انتباه المجتمعين الدولي والاقليمي لهم ولحلفائهم ولا سيما عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي وجهها لدولة قطر بوقف دعم الإرهاب.
التوقيت لخطوة البرهان جاءت والعالم يشهد محاولة السيطرة على حالة السيولة في لبنان، حماس/ اسرائيل، الحالة السورية عقب رحيل الاسد، حيث أن توصل حماس وإسرائيل لاتفاق سيشكل نسقا للضغط على طرفي الحرب في السودان لوقفها، إضافة إلي أكتساب مصر كحليف مرتبطا بدورها في سياق المعادلة الفلسطينية الإسرائيلية ومدي اقتراب المسافة بينها والادارة الامريكية.
استباق الحالة بما تم في بورتسودان يشكل محاولة لكسب وضع سياسي ولا سيما عقب إعادة سيطرة الجيش غلى مناطق واسعة بولاية الجزيرة وقبلها سنجة وثم ولاية الخرطوم، لكن ستظل العقبة هي مدي جدية المضي قدما في حوار داخلي قبل وقف الحرب وفتح الممرات الإنسانية وهي الخطوة التي ستكون بين الجيش والدعم السريع كما اقترح في منبر جده فهاهو البرهان يعزز ذلك بأنه لامكان للاسلاميين في السلطة مرة أخري، إذن السؤال الجوهري أين المدنيين الذين تم الانقلاب عليهم في ٢٠٢١ من الحالة ! واين المدنيين من قوام الشارع الداعم للتحول الديمقراطي من المشهد، يبدو أن للأمر ما بعده في مقبل الايام ! وفي البال محاولات انقلابية أو وقف للحرب والمضي نحو التفاوض بين ” جدة أو جنيف” .
الوسوممحمد بدويالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: محمد بدوي
إقرأ أيضاً:
ما دلالات مصادرة الحريات وهلع البرهان من اللساتك؟
بقلم : تاج السر عثمان
١
حديث البرهان عن البندقية كبديل ل "اللساتك"، ومصادرة نشاط وإغلاق دار الحزب الشيوعي السوداني بعطبرة، وإعادة تدوير الكيزان كما في تعيين رئيس وزراء، وتعديلات وزارية من "كيزان" الصف الثاني، يشير إلى هلع حكومة الأمر الواقع الانقلابية غير الشرعية من نهوض الحركة الجماهيرية الذي فجر ثورة ديسمبر التي مازالت جذوتها متقدة، والتي تحاصرها الأزمات من كل جانب، فهي أوهى من خيوط العنكبوت، وتجرب المجرب من أساليب القمع العتييقة التي فشلت في حماية نظامهم المدحور لأكثر من ثلاثين عاما، رغم الة القمع الجهنمية من أمن ودعم سريع كتايب الظل والوحدات الهادية. الخ. " فمن جرب المجرب صار عقله مخرب،" كما يقول المثل.
كما يؤكد أيضا ما اشرنا اليه سابقا أن هدف الحرب اللعينة الصراع على السلطة بين مليشيات الإسلامويين وصنيعتهم الدعم السريع لمصلحة المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب بهدف نهب ثروات وأراضي البلاد المستمر رغم الحرب، و قطع الطريق أمام الثورة كما في التهجير والنزوح الواسع الجاري لسكان الخرطوم وبقية المدن والمناطق الصناعية والزراعية والخدمية، لإضعاف قوى الثورة الحية ، بعد مجازر دارفور والمناطق الطرفية الأخرى ، بعد تصاعد المقاومة لانقلاب 25 أكتوبر حتى أصبح قاب قوسين أو أدني من السقوط ، وعقب الصراع الذي انفجر في الاتفاق الإطاري حول الإصلاح الأمني والعسكري في قضية الدعم السريع اقترح البرهان عامين واقترح حميدتي عشر سنوات ، هذا فضلا عن توفر الظروف الموضوعية لانفجار الثورة واسقاط الانقلاب ، كما في الثورات والانتفاضات السابقة التي أسقطت الأنظمة العسكرية الديكتاتورية بسلاح الاضراب السياسي العام والعصيان المدني.
٢
قبل الحرب وبعد انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ حدث نهوض جماهيري واسع كما في الآتي :
- المواكب والمليونيات التي كانت تنظمها لجان المقاومة وفشل القمع الوحشي في وقفها ، واضرابات العاملين من أجل رفع الأجور وتحسين الأوضاع المعيشية، جراء التصاعد المستمر في الأسعار والتدهور في قيمة الجنية السوداني وتآكل الأجور ، وتدهور الخدمات الصحية والنقص في الدواء ، وانتشار أمراض مثل: حمى الضنك في ظل معيشة ضنكا ونقص في الأنفس الثمرات عاشها يعيشها شعبنا ، مع شبح المجاعة الذي يخيم على البلاد جراء تدهور الإنتاج الزراعي والصناعي ، اضافة لتدهور التعليم وأوضاع المعلمين مما أدي لإضرابهم من أجل تحسين الأجور والبيئة التعليمية ، ومقاومة الطلاب والمعلمين للرسوم الدراسية الباهظة التي تجعل التعليم للقادرين، في حين بلغت ميزانية الأمن والدفاع 75% ، وهي ميزانية مصدرها الأساسي جيب المواطن ، مما يعني المزيد من الافقار والبؤس ، مما يؤدي للانفجار الجماهيري الشامل الذي بدأت نذره تلوح في الأفق، وبعد انفجار الحرب ازداد الوضع تدهورا..
- التطور اللافت لمعركة انتزاع النقابات، كما حدث وسط الصحفيين والدراميين و بعض فرعيات أساتذة الجامعات ، وأخيرا انتزاع نقابة أطباء السودان بعد 34 عاما بعد عقد الجمعية العمومية وانتخاب اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان
- تصاعد الحركات المطلبية كما في مقاومة جماهير الشرق لميناء "ابوعمامة "الذي يهدد السيادة الوطنية ويقضي على ميناء بورتسودان في ظل حكومة انقلابية غير شرعية مرتهنة للخارج، ومقاومة القبائل القاطنة في ولايات مشروع الهواد لنهب اراضيهم وتمليكها للامارات ، ورفض الجماهير في مناطق البترول و التعدين لنهب ثرواتهم من الذهب وتدمير البيئة ، وحقوقهم في تنمية المنطقة بنسبة محددة ، واعادة النظر في العقود الجائرة التي تنهب بموجبها الشركات ثروات البلاد ، اضافة لمقاومة جماهير النوبيين لنزع اراضيهم ، واتساع حركة المطالبة بعودة المناطق المحتلة مثل : حلايب وشلاتين ، ابورماد ، نتؤات وادي حلفا ، الفشقة. الخ، ونهب ثروات البلاد من قبل مصر كما في مطالب ترس الشمال.
- نهوض المزارعين ضد ارتفاع تكلفة الإنتاج والوقود ، وتوفير الرى ، والعائد المجزى لمحاصيلهم والضرائب الباهظة مما يهدد بفشل الموسم الزراعي ، ومقاومة مصادرة الأراضي، وحقهم في التنظيم بقيام اتحادات ديمقراطية تدافع عن حقوقهم ومصالحهم.
– استنكار جماهير النازحين في المعسكرات لخدعة ما يسمي بالعدالة الانتقالية كجواز مرورللافلات من العقاب كما يجرى في التسوية السياسية الجارية، وعدم تسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية في تكرار لما حدث في حكومات الفترة الانتقالية السابقة ، والحكومة الانقلابية الراهنة التي تورطت أكثر في ارتكاب المجازر وفشل اتفاق جوبا في تحقيق العدالة ، كما جاء في بيان المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بتاريخ 12 مارس 2023، الذي وضع النقاط فوق الحروف.
اضافة للصمود أمام القمع الوحشي للمواكب السلمية حتى وصل عدد الشهداء (125) شهيدا، واصابة أكثر من (8 الف) شخص بعضها خطير باستخدام الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع ومدافع الدوشكا ، والاوبلن، والدهس بالمدرعات . الخ ، اضافة للاعتقال والتعذيب الوحشي للمعتقلين وحالات الاغتصاب ، واستمرار الابادة الجماعية في دارفور وبقية المناطق لنهب الأراضي وثرواتها ، مما أدي في العام 2022 "عام انقلاب 25 أكتوبر" لنزوح (314) الف شخص في غرب وشمال وجنوب وشرق دارفور وجنوب وغرب كردفان وجنوبالنيل الأزرق ، ومقتل (991) شخصا ، واصابة (1,1173 ) شخص، حسب احصائية الأمم المتحدة .
- رفض تهريب ثروات البلاد للخارج ، والتفريط في السيادة الوطنية، اضافة لرفض أن يكون السودان في مرمي نيران الصراع الدولي لنهب الموارد والموانئ بين أمريكا وحلفائها وروسيا والصين
- مقاومة الانقلات الأمني الذي وراءه السلطة الانقلابية بعد اتفاق جوبا والسماح لجيوش الحركات في المدن ، والفوضي الأمنية التي خلقتها في البلاد ، مما يتطلب الغاء اتفاق جوبا ، والاسراع في الترتيبات الأمنية لحل كل تلك الجيوش ، مع مليشيات الدعم السريع وجيوش الكيزان ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد.
- مقاومة الجماهير واسر الشهداء لعدم الافلات من العقاب ومجاكمة المجرمين في مجازر فض الاعتصام ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر ، ومحاكمة المجرمين ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية.
- مواصلة المعركة من أجل استكمال مهام ثورة ديسمبر التي قطعها انقلاب 11 أبريل 2019 ، وانقلاب مجزرة فض الاعتصام ، وانقلاب 25 أكتوبر الذي جاء امتدادا لهما حتى اسقاطه وانتزاع الحكم المدني ورفض التسوية الجارية على أساس الاتفاق الإطاري الهادف لاطالة عمر الانقلاب. واصفية الثورة..
3
قطعت الحرب النهوض الجماهيري الذي كان يسير قدما نحو اسقاط الانقلاب العسكري، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، ورغم ذلك فشلت في اخماد جذوة الثورة التي مازالت متقدة، التي أصابت البرهان والحركة الإسلاموية بالهلع، ولم تتعلم من دروس التاريخ وسوف يقتلعها شعبنا اقتلاعا. مما يتطلب عودة الجماهير للشارع و"اللساتك" لوقف الحرب واسترداد الثورة، لانتزاع حقوقها والديمقراطية والسيادة الوطنية، والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، وعودة العسكر للثكنات وحل الدعم السريع ومليشيات الكيزان وكل المليشيات وجيوش الحركات ، والاسراع في الترتيبات الأمنية لنزع سلاح المليشيات وتسريحها ، ودمجها في المجتمع ، وعودة كل شركات الجيش والدعم السريع والشرطة والأمن لولاية وزارة المالية، ومواصلة الثورة حتى تحقيق مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.
alsirbabo@yahoo.co.uk