الانقسام السياسي يهدد خارطة الطريق في السودان
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في خطوة تعد محورية في محاولات السودان لاستعادة الاستقرار السياسي بعد أكثر من تسعة أشهر من الحرب المستمرة، طرح رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، وحكومته "خارطة طريق" لمرحلة ما بعد الحرب.
الخطة تهدف إلى استئناف العملية السياسية وتذليل العقبات أمام وقف الصراع الذي اندلع في 15 أبريل 2023، وهي تسعى لتحديد مسار سياسي يفضي إلى مرحلة انتقالية تنتهي بتعديل الوثيقة الدستورية وإجراء انتخابات عامة، إلا أن هذه الخطوة أثارت تساؤلات وجدلًا واسعًا حول مدى قدرتها على تحقيق تلك الأهداف.
تباينت الآراء حول مستقبل السودان السياسي بعد تصريحات البرهان واستبعاد الإسلاميين، حيث يطالب البعض بفتح قنوات الحوار بين جميع الأطراف السياسية للوصول إلى توافق شامل، في حين يرى آخرون أن الشراكة السياسية الجديدة يجب أن تقوم على قوة الجيش والتوافق مع القوى المدنية الضعيفة؛ وبينما يرحب البعض بتعزيز دور الجيش، يحذر آخرون من مغبة استمرار التمييز بين التيارات السياسية المختلفة، مما قد يعرقل استقرار البلاد في المستقبل.
بنود الخطة وآراء القوى السياسية
تضمنت خطة البرهان عدة محاور رئيسية، أهمها: إطلاق حوار وطني شامل مع جميع القوى السياسية والمجتمعية، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، بالإضافة إلى مساعدة الدولة على تخطي تبعات الحرب وإجراء التعديلات الضرورية على الوثيقة الدستورية بما يضمن توافق القوى الوطنية والمجتمعية. كما تضمن ذلك اختيار رئيس وزراء مدني ليقود الحكومة الانتقالية في المرحلة المقبلة.
وفي رد فعلها على هذه المبادرة، عقدت القوى السياسية في بورتسودان اجتماعات عدة خلال الأيام الماضية لمناقشة خطة البرهان.
أشار الأمين السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، معتز الفحل، إلى أن موقف البرهان "كان واضحًا في محاولته سرقة مجهود السودانيين لصالح قوى معينة"، ولكنه في الوقت نفسه أبدى ترحيبه بمشاركة كافة السودانيين في التحول السياسي، معتبرًا ذلك إيجابيًا ويعكس وعيًا بطموحات الشعب السوداني.
وأضاف الفحل: "يمكن للقوى السياسية أن تتحد وتعمل معًا، خصوصًا بعد ما أفرزته الحرب من تغييرات على الأرض"، موضحًا أن هذه الفرصة قد تساهم في إعادة توحيد البلاد.
من جهة أخرى، أكد رئيس الحراك الوطني في إقليم دارفور، التيجاني السيسي، أنه كان جزءًا من العمل على هذه الخارطة، مؤكدًا ضرورة تجنب الاستقطاب الذي صاحب الحركة السياسية بعد ثورة الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.
وقال السيسي: "يجب أن نؤمن بأن هذا الوطن يسع الجميع إذا أردنا استقرارًا حقيقيًا".
اعتراضات على خطة والبرهان
في المقابل، وجدت الخطة رفضًا من بعض القوى السياسية التي رأت فيها محاولة جديدة من البرهان للتمسك بالسلطة، إذ اتهم بكري الجاك، المتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم"، البرهان بالسعي للسلطة، معتبرًا أن خطته هي امتداد لفشله السياسي في إدارة البلاد، مشيرًا إلى أن البرهان "انقلب على حكومة الثورة وأدخل البلاد في حرب دمرت كل شيء".
وأضاف الجاك في تصريحاته أن "البرهان لم يقدم أي تعهد بإيقاف الحرب أو بإجراء مصالحة وطنية شاملة، وهو ما يساهم في استمرار الاحتقان العرقي والقبلي، مما يعرقل عملية التعافي الاجتماعي والانتقال الديمقراطي".
وطالب الجاك بضرورة تحقيق مصالحة وطنية تساهم في تهدئة الأوضاع وتوفير بيئة مناسبة لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة.
تحديات مستقبلية
تمثل خارطة الطريق التي طرحها البرهان خطوة نحو تهدئة الأوضاع في السودان، لكنها تواجه تحديات كبيرة في ظل الانقسامات الداخلية والقلق من استمرار حالة الاستقطاب بين القوى السياسية المختلفة. كما إن نجاح الخطة مرهون بقدرة الأطراف السودانية على تجاوز الخلافات العميقة التي تفجرت خلال السنوات الماضية، سواء في سياق الخلافات السياسية أو الانقسامات القبلية التي تأثرت بها العديد من المناطق.
يبقى أن نرى كيف تتفاعل القوى السياسية مع دعوة البرهان للحوار، وهل تتمكن من التوصل إلى اتفاقات مشتركة تعيد للسودان الاستقرار السياسي وتفتح الطريق لمرحلة انتقالية حقيقية قادرة على إنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة السودانية من جديد.
مشكلة مصطنعة
في تعليق له على تصريحات البرهان، اعتبر الأمين السياسي لحركة المستقبل للإصلاح والتنمية، هشام الشواني، أن مسألة الإسلاميين هي "إشكالية متوهمة ومضخمة"، مشيراً إلى أن التركيز على هذه المسألة يشبه وجود مشكلة مصطنعة تقتصر على التيار الإسلامي فقط. وأكد الشواني، في تصريحات صحفية على أن هذه النظرة تجاه الإسلاميين تُسهم في نشر "دعاية سلبية تقف خلفها وسائل إعلام خارجية"، داعياً إلى ضرورة فتح أبواب الحوار السياسي بين جميع القوى السياسية في السودان بما فيها التيارات الإسلامية، مشدداً على أن "منهج التمييز" ضد بعض الأطراف "مناقض للواقع".
ودعا الشواني إلى إعادة التفكير في الفترة الانتقالية في السودان، مع التأكيد على ضرورة تجاوز الأخطاء التي أفضت إلى اندلاع الحرب في الفترة الماضية.
وأضاف أن إجراء حوار سياسي شامل يعد خطوة أساسية نحو تحقيق التوافق الوطني، الأمر الذي يساهم في الاستقرار المستدام للبلاد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاستقرار الأطراف القوى السیاسیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
البرهان يتحدث عن حكومة انتقالية.. دعا حزب البشير للعمل السياسي
جدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان، السبت، عزمه تشكيل حكومة في الفترة المقبلة لاستكمال مهام المرحلة الانتقالية.
ووجه البرهان رسالة إلى حزب "المؤتمر الوطني" المحلول الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير، بأنه إذا أراد أن يحكم مستقبلا فعليه التنافس مع بقية القوى السياسية عبر الوسائل الديمقراطية.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في ختام مشاورات عقدتها قوى سياسية ومجتمعية بمبادرة من بعض الشخصيات بشأن خريطة الطريق للحوار السوداني ـ السوداني بمدينة بورتسودان شرقي البلاد، وفقا لوكالة الأنباء السودانية الرسمية.
وشارك في هذه المشاورات التي استمرت عدة أيام، قوى سياسية، وحركات مسلحة موقعة على اتفاق سلام مع الحكومة، إضافة إلى زعماء قبائل، وشخصيات عامة تمثل المجتمعات المحلية بعدد من مناطق البلاد.
وقال البرهان في كلمته: "نريد لهذا الحوار أن يكون شاملا لكل القوى السياسية والمجتمعية".
وأضاف: "الفترة القادمة ستشهد تكوين حكومة لاستكمال مهام الانتقال".
وتابع: "هذه الحكومة يمكن تسميتها حكومة تصريف أعمال أو حكومة حرب".
وأوضح أن الهدف من تشكيلها "مساعدة الدولة على إنجاز المهام العسكرية المتبقية، والمتمثلة في تطهير السودان من المتمردين من قوات الدعم السريع".
وأشار البرهان إلى أن الحكومة المقبلة ستكون مكونة من الكفاءات الوطنية المستقلة.
وبعد عزل البشير إثر احتجاجات شعبية عام 2019، بدأت فترة انتقالية في السودان بين المجلس العسكري وقوى سياسية مدنية كانت مدتها 4 سنوات.
لكن لم تكتمل الفترة الانتقالية التي كانت ستفضي إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية عبر انتخابات حرة ونزيهة، عقب إعلان البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 إجراءات استثنائية منها حل الحكومة الانتقالية واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ وإقالة الولاة.
وبعد هذه الإجراءات، شكل البرهان حكومة من وزراء مكلفين، يقودها رئيس الوزراء المكلف عثمان حسين.
وفي كلمته اليوم بختام المشاورات التي عقدتها قوى سياسية ومجتمعية للتوافق على وثيقة مشروع وطني يحمل رؤية لإنهاء الحرب، وللإجابة عن أسئلة اليوم التالي، والتمهيد لحوار سوداني شامل يعقد داخل السودان، اعتبر البرهان أن "هذا التداعي والحضور من القوى السياسية الوطنية والمجتمعية ينبغي أن نأخذ بتوصياته ومخرجاته لاستكمال مسيرة الفترة الانتقالية".
وأردف أن "هذه القوى ستكون جزءا أصيلا مما سيتحقق من نصر كامل في كل السودان".
ووجه رئيس مجلس السيادة، الجهات المختصة في الجوازات إلى عدم منع أي شخص من الحصول على الجواز والأوراق الثبوتية طالما هو سوداني.
وأضاف: "لا نعادي الناس بسبب آرائهم وأي شخص لديه الحق في الحديث ضد النظام وانتقاده، لكن ليس له الحق في هدم الوطن والمساس بثوابته".
وفي موقف لافت، قال البرهان: "إذا أراد حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقا)، أن يحكم في المستقبل، فعليه أن يتنافس مع بقية القوى السياسية".
يُذكر أن حزب المؤتمر الوطني قد تم حله رسميا عقب سقوط نظامه، وذلك بموجب قانون تفكيك نظام الإنقاذ الذي أصدرته السلطات الانتقالية السودانية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
وفي سياق حديثه عن مستقبل العملية السياسية، أكد البرهان أنه سيتم اختيار رئيس وزراء جديد بعد إقرار الوثيقة الدستورية المعدلة، ليقوم بإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل من الأطراف الأخرى.
والوثيقة الدستورية هي وثيقة موقعة بين المجلس العسكري برئاسة البرهان آنذاك وتحالف قوى الحرية والتغيير لإدارة الفترة الانتقالية التي كانت من المفترض أن تنتهي في يناير/ كانون الثاني 2023. وهذا أول إعلان من البرهان عن مساع لإدخال تعديلات على الوثيقة، دون توضيح ماهية هذه التعديلات.