شيخة الجابري تكتب: «سند السنع» في «عام المجتمع»
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
الكتابة للمسرح الواقعي التفاعلي من أصعب أنواع الكتابة، ذلك أنها تتم على أرض الواقع وبين جمهور متعدد الثقافات والاهتمامات، وانتقائي الذائقة يُصدر حكمه في اللحظة التي يشاهد فيها العمل على الأرض، وبالتالي، فإن على الكاتب أن يكون ذكياً عند الدخول في حالة الكتابة، وعليه الاتكاء على لغة شاسعة لا تقف عند حد التأليف وكفى، بل إن أهم عنصر يجب التركيز عليه هو التشويق، حيث ساحة العرض هي الفيصل والحكم في مثل هذه الأعمال الكبيرة، وهي الفيصل إمّا في نجاعة العمل ومقدرته على الوصول إلى الجمهور، وإما في تعثره عند نقطة البداية.
من هنا كانت تجربة الكتابة للمسرح الواقعي التي اشتغلتُ عليها مؤخراً في العمل الفني الرئيس لـ«مهرجان الحصن»، وهي مسرحية «سند السّنع» استكمالاً للتجربة الأولى التي خضتها العام المنصرم، حين كتبتُ أيضاً الأوبريت الذي كانت فكرته تدور حول عادات الزواج وطقوسه في البيئتين البرية والبحرية في أبوظبي، في حقبة ما قبل الاتحاد، ولقد أكسبتني تلك التجربة، أعني الأولى ولله الحمد، والتي اعتبرتها تحدياً كبيراً، المعرفة والخبرة الكافية لكتابة «سند السنع» هذا العام.
حين كلّفتني اللجنة المنظمة للمهرجان بالكتابة كنتُ بين حالتين، فرح مشوب بالقلق، وخوفُ مسكون بالاطمئنان، كان من المهم الربط في مثل هذه الحالة بين احتفاء الدولة بـ«عام المجتمع 2025»، وبين الرؤى والمرئيات التي وُضعت للعمل كي يحقق أهدافه التي أريدت لهُ، من حيث تقديم مادة اجتماعية قيمة ذات معانٍ ترتبط بأسس التنشئة والتربية والعادات والتقاليد، كلُّ ذلك يحمله شاب صغير تركه والده ليقوم مقامهُ ويتحمل المسؤوليات الأسرية والمجتمعية في فترة غيابه، من أجل العمل وكسب الرزق.
وتمت الكتابة، ولله الحمد، واعتُمدت النصوص التي كانت عبارة عن خمسة مشاهد كل مشهد منفصل في فكرته عن الآخر، وكان هناك اختلاف واضح عن فكرة مسرحية العام الماضي التي كانت متصلة بلا انقطاع في مشاهدها، ولذا فإن «سند السنع»، الذي تم التركيز فيه على تحقيق بعض أهداف «عام المجتمع»، قد جاء في شكل مختلف تماماً، وفي مساحة أوسع ضمن مساحة المكان المخصص للمهرجان، وكذلك بمجاميع من الممثلين والممثلات الذين برعوا في أداء أدوارهم، وفق رؤية إخراجية متمكنة وناجحة.
كل ذلك شكّل عوامل نجاح للعمل الذي ترجم في داخله أهداف «عام المجتمع»، فيما يتعلق بالترابط الأسري وتلاحم المجتمع، ورعاية الشباب وتشجيعهم والأخذ بأيديهم نحو الريادة والتميز، من هنا نقول الحمد لله على تمام العمل والشكر والتقدير الكبيرين للجنة المنظمة لأضخم مهرجان في الدولة «مهرجان الحصن».
أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: عام المجتمع
إقرأ أيضاً:
قانون الذوق العام
لا أدري كيف وصل الحال بمجتمعنا لهذه الدرجة من التبلد واللامبالاة التي تجعلك تشعر بالخوف والقلق في المستقبل إذا ما استمر على هذا الحال في التردي الأخلاقي الخطير واهتزاز منظومة القيم وافتقاد بديهيات الذوق العام والخاص أحيانا!!
فما هذا الكم من الظواهر السلبية التي عصفت بملامح المجتمع!! وماهى الأسباب الرئيسية التي أدت لهذه الأوضاع المتردية؟
لا أتحدث هنا عن ازدياد وتيرة الجريمة بمختلف أنواعها، فهي لاشك مرحلة متأخرة في التدهور ومرتكبوها فئة شاذة عن المجتمع. ولكن أيضا الاندهاش فيما يخص باقي أفراد المجتمع الذين من المفترض أنهم أفراد طبيعيون ليسوا بمجرمين. فبمجرد نزولك للشارع تشعر وكأنك في حالة احتراب سلوكي بين الجميع. ابتداءا من مستوى الضوضاء والصخب المزعج من مصادره المتعددة المتمثلة في استعمال آلات التنبيه «الكلكسات» دون ضابط أو رابط، ونبرة حديث أصوات البشر التي باتت مرتفعة والتي تشعرك بأن الجميع أصم وبالتالي لابد من استعمال مكبرات الصوت لكي يسمع بعضهم البعض!! ناهيك عن ضوضاء شكمانات الدراجات البخارية عموما أو التي يستعملها السرسجية لزوم المنظرة والشبحنة دون أي مراعاة لأسماعنا.
أما على صعيد افتقاد الذوق في محتوى ومضمون الحديث وانحطاط الألفاظ المستخدمة بين البعض فهو طامة أخرى دالة على أن المجتمع اعتاد على استخدام وسماع لغة الشتائم الوضيعة بين أفراده في احاديثهم الودية وغير الودية لدرجة أن البعض اعتبر تلك الشتائم المنحطة لغة تحية وترحاب!!
فكيف لمجتمع يسمح لأفراده بمثل هذا الكم من الألفاظ الوضيعة في الأماكن العامة تحت مسمى الحرية؟؟ فهو بلاشك انفلات وليست حرية.
فهل أيضا المجتمع المتحضر يقبل أن يغض الطرف عن التحرش اللفظي وغير اللفظي من البعض دون أن يحرك ساكنا؟ وقد طالعنا مؤخرا جريمة قتل لشاب طعنا دفاعا عن شقيقاته ضد التحرش!!
إن الجرائم الكبيرة في رأيي تبدأ من انعدام أبجديات الذوق العام، والتخلي عن الاتيكيت النبوي الشريف في المعاملات بين الناس. فقد قال صلى الله عليه وسلم افشوا السلام بينكم.
ونهى عن الطعن واللعن والبذاءة. ونهانا الله عز وجل في القرآن الكريم عن علو الصوت كصوت الحمير.
وإذا عدنا إلى تفنيد أسباب تدني الذوق العام سنجدها تتركز في غياب دور الأبوين في التربية وغياب دور المدرسة في الضبط والتقويم. مما أنتج جيلا نبت شيطانيا يفتقد لبديهيات الذوق.
أما عن العلاج لمثل هذه الظواهر التي تقلل بلاشك من تصنيف المجتمع كمجتمع صالح لحياة كريمة ويقلل من فرص الأحلام بتدفق مزيد من السياحة.. فإنه من الضروري تجانس جميع المكونات والأدوار بداية من البيت ومؤسسات التعليم ودور العبادة مرورا بضرورة سن وتفعيل قانون الذوق العام في الشارع بمعاقبة كل من يتجاوز قولا أو فعلا في مكان عام دون مراعاة حق المجتمع.
اقرأ أيضاًالذوق العام في خطر
30 يونيو.. إرادة شعب ومسيرة وطن.. صناعة السينما والدراما تستعيد بريقها بالارتقاء بالذوق العام
آخرهم حمدي الوزير.. فنانون شاركوا بإعلانات تضر الذوق العام