سودانايل:
2025-02-11@07:34:41 GMT

زمن الخداع والحرب السائلة

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

تتجمع كتائب الكيزان الآن في الخرطوم، وتهتف: “إسلامية بس”، ردًا على خطاب البرهان المثير للجدل، المدعوم إقليميًا للإيهام بتغيير الحاضنة السياسية، في تناقض يراد اعلانه على الملأ بين الأجندة والمصالح مع حزب المؤتمر الوطني. لم يعد الأمر مجرد تكهّن بانتقال الحرب إلى مرحلة جديدة؛ فالأيام المقبلة ستكشف عن خفايا الصراع مع التنظيم الحزبي الذي غزل شباك الحرب وصنع ظروفها المواتية، وكان يعدّ العدّة للعودة إلى الحكم.

فالخطاب في جوهره محاولة لإعادة ترتيب معادلة الحرب بطريقة لا تصب في مصلحة المؤتمر الوطني في الظاهر، وما تؤيده البيانات المتطايرة والتصريحات المنددة الصادرة عن الحزب وسط صراع أجنحته الضاري، الذي بات معلومًا للقاصي والداني. لم يصعد عبد الفتاح البرهان إلى منصة المخاطبة أمام من سمّوا أنفسهم “كتلة التغيير الديمقراطي” من تلقاء نفسه أو بوحي نزل عليه من السماء. فالرجل، الذي قال ذات يوم إنه يحفر بالإبرة، قد حفر هذه المرة حتى أخرج ثعبانًا جديدًا وألقاه على ثوب حلفائه من المهووسين. إنه رجل يعتقد في تفوق قدراته على خداع الحلفاء والخصوم معًا، خدمةً لغرض لم يعد خافيًا. البرهان، الذي يتوق إلى حكم أحادي مطلق لرغبة في نفسه وليس تحقيقا لحلم ابيه، لا يختلف عن سلفه المخلوع، إذ يرى في اعتلاء السلطة مهربًا مثاليًا من المساءلة، وغسلًا لجرائم يصعب حصرها، ارتكبها منذ بداية حياته العسكرية، وبلغت ذروتها بتورطه في الإعداد المشترك وإشعال هذه الحرب الكارثية. منذ توليه رئاسة مجلس السيادة، لم يكن “الضابط العظيم” يفكر أو يخطط لنفسه، بل يترك ذلك للآخرين ليرسموا له المسار، ثم ينتظر التوجيهات ويلقيها لاحقًا أمام تجمع للجنود أو العسكريين، غالبًا عبر مناسبات تُصنع وتُنظم بعناية. هذه المرة، أعاد لعبة التحذير للمؤتمر الوطني من مغبة التلاعب بالحرب واتخاذها وسيلة للعودة إلى الحكم. لكن فساد فكرة التحذير ذاته لن يمكنه من مدّ رجليه لفترة طويلة، إذ إن الدافع وراء إطلاقه إعلاميًا غالبًا ما يكون بإيعاز من حليف إقليمي، مدفوع بحسابات دولية استراتيجية تتصل بنوايا وتكتيكات الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الذي يُتوقّع تصعيده ضد جماعات التطرف الديني، خاصة بعد أن وجّه قبل أيام ضربة موجعة لتجمعاتهم في الصومال. لقد لوّح “حاكم الامر الواقع” في خطابه بتحذيرات موجّهة إلى الجماعة، كما أطلق وعودًا يعتقد أن بعض القوى المدنية الديمقراطية “الحقيقية” ستتلقفها، في انتظار إعلان لـ”توبتها”. لكنه، في الواقع، لا يفعل شيئًا سوى تكرار نهج سلفه وأستاذه الحاكم السابق في التضليل، متوهّمًا أن بقاءه في السلطة أمر حتمي وأبدي، غير مدرك أن جرائمه المتقاسمة بينه وبين غريمه محمد حمدان دقلو في الفتك والتنكيل بالسودانيين لن تُنسى بمرور الزمن، ولن تُمحى من ذاكرة التاريخ أو وجدان الشعب. أسئلة حتمية وصراع مفتوح : تفرض الأسئلة نفسها في هذا السياق: – هل المؤتمر الوطني، كتنظيم سياسي، يمثل الخريطة الكاملة للضالعين في الحرب من الكتائب، والوحدات الخاصة، والاستخبارات، والجماعات المسلحة ذات الشعارات والعقيدة القتالية الإسلاموية؟ – هل يمكن اعتبار الجيش كيانًا موحدًا دون المؤتمر الوطني؟ – ما هي الإجراءات التي ينبغي على البرهان اتخاذها؟ هل سيجرؤ على التسريح من الخدمة لاعضاء التنظيم، والاعتقال، وإعادة محاكمة الرموز الهاربة من السجون، واستعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم؟ الإجابة على كل ذلك تبدو واضحة وضوح الشمس، إذ امتلأت التجارب والتاريخ بالحكم التي تقول إحداها: "اللصوص لا تحاكم اللصوص، بل تتواطأ معها.” أو “لا تنتظر العدل من قاضٍ يخشى أن يُحاكم غدًا.” ما يُنتظر من البرهان أبعد من ذلك بكثير، وأهمه محاكمة من ارتكبوا المجازر وقتلوا خارج إطار القانون، وتطهير الجيش من مظاهر التوحش، الذي كان (رحمًا) للدعم السريع. لكن الخشية الحقيقية تتجلى في قول الفيلسوف الفرنسي والمفكر شارل لوي دي سكوندا بارون دي مونتسكيو: “عندما تتركز السلطة المطلقة في يد شخص فاسد، يصبح القانون مجرد أداة لخدمة مصالحه.” وما أدقها كذلك من مقولة لاريك ارثر بلير الكاتب البريطاني الذي اشتهر بجورج أورويل صاحب رواية ١٩٨٤ عندما قال: “في زمن الخداع، يكون قول الحقيقة عملًا ثوريًا.” إن ما نشهده اليوم ليس مجرد صراع سياسي، بل هو معركة وجودية تحدد مصير السودان، حيث يشتد الخداع، وتتبدل الأقنعة، بينما تبقى الحقيقة ثابتة تؤكد ان لا يمكن لمن صنع الأزمة أن يكون جزءًا من حلها. وانه لا بد من عودة الحكم المدني الديمقراطي، ولو طال النزوح والتشريد والقتل الممنهج. الطغاة مثل البرهان دائما ما يخطئون في تعريف الحقيقة، محاولين تطويعها لخدمة سلطتهم. لكن وكما قال بابلو نيرودا: “الحقيقة أعلى من القمر”—بعيدة، سامية، ولا يمكن احتكارها، ولا يمكن طمس إشعاعها المتوهج.

wagdik@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی

إقرأ أيضاً:

البرهان يكشف ملامح الحكومة الانتقالية المقبلة ويوجه رسائل لحزب المؤتمر الوطني وتقدم

متابعات – تاق برس- قال رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، إن المؤتمر الوطني وغيره ممن يريدون الحكم عليهم الاحتكام للانتخابات مستقبلاً .

 

وشدد على أن المؤتمر الوطني لن يجد فرصة لحكم البلاد على دماء السودانيين، ان عليهم الابتعاد عن المزايدات إن كانوا وطنيين، “لا فرصة لكم لتحكموا على أشلاء السودانيين، ومن يريد أن يقاتل خلف لافتة سياسية عليه إلقاء السلاح”.

 

وأضاف البرهان: “تقدم وقوى الحرية والتغيير مثل المؤتمر الوطني وليس لديهم فرصة للعودة للحكم.. بالنسبة لنا تقدم وقوى الحرية والتغيير والدعم السريع سواء، لكن نرحب بهم إذا رفعوا يدهم عن الدعم السريع، ونرحب بكل من يصحح موقفه من السياسيين”.

ووجه رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان،الجهات المختصة في الجوازات بعدم منع أي شخص من الحصول على الجواز والأوراق الثبوتية ” طالما هو سوداني”واضاف أنهم لا يعادون الناس بسبب “آرائهم وأي شخص لديه الحق في الحديث ضد النظام وإنتقاده ولكن ليس له الحق في هدم الوطن والمساس بثوابته” .

 

واعلن البرهان عن تسمية” حكومة “تصريف أعمال أو حكومة حرب”، خلال الفترة المقبلة، بعد إجازة الوثيقة الدستورية، وقال انه سيتم اختيار رئيس وزراء ليقوم بمهامه في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة” دون أي تدخل”، وسوف تكون مهمة الحكومة مساعدة الدولة لإنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية المتمثلة فى تطهير كل السودان من هؤلاء المتمردين .

 

وحذر البرهان قادة حزب المؤتمر الوطنى المحلول، وقال انه ” لا فرصة لكم لتحكموا على أشلاء السودانيين،واضاف انه لا مكان لتنسيقية تقدم ما لم توقف دعم التمرد(قوات الدعم السريع)، وزاد:”
ساندتم الدعم السريع وأنتم وهو سواء”.

 

وأعلن أن الحكومة القادمة ستكون من الكفاءات الوطنية المستقلة.

وكشف أنه يمكن تسميتها حكومة تصريف أعمال أو حكومة حرب، وأوضح أن الغرض منها إعانة الدولة لإنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية “والمتمثلة في تطهير كل السودان من هؤلاء المتمردين”.

وقال: “إننا لا نعادي الناس بسبب آرائهم وأي شخص لديه الحق في الحديث ضد النظام وانتقاده ولكن ليس له الحق في هدم الوطن والمساس بثوابته”.

 

ووجه رسالة للمؤتمر الوطني بضرورة الإبتعاد من ما اسماها  المزايدات السياسية وأضاف أن المؤتمر الوطني اذا أراد أن يحكم عليه أن يتنافس في المستقبل مع بقية القوى السياسية.

 

 

وقال البرهان خلال كلمة في بورتسودان اليوم السبت امام مؤتمر لمشاورات القوى السياسية الوطنية والمجتمعية حول وضع خارطة طريق للحوار السوداني ـــ السوداني وإحلال السلام، إن الباب ما زال مفتوحاً أمام كل شخص يقف “موقفاً وطنياً” واى شخص رفع يده من المعتدين وإنحاز للصف الوطني، ونصح ضرورة التعلم من هذه الحرب لبناء دولة تختلف عما كان عليه الحال في السابق

وامتدح وقوف كل من الشعب السوداني والقوات المشتركة والمستنفرين بجانب القوات المسلحة بالرغم من المعاناة التي واجهها خلال فترة الحرب، واضاف ان القوات المسلحة لولا سند الشعب ما كانت أن تفعل مثلما فعلت، وأضاف ” نقف وقفة تقدير وإجلال لكل الذين ساندوا الجيش بأموالهم وأقلامهم وجهدهم. و

ولفت الى أن هذا التداعي والحضور من القوى السياسية الوطنية والمجتمعية ينبغى أن:” نأخذ بتوصياته ومخرجاته لاستكمال مسيرة الفترة الانتقالية،و إن هذه القوى ستكون جزء أصيل مما سيتحقق من نصر كامل في كل السودان، واضاف :” نريد لهذا الحوار أن يكون شاملاً لكل” القوى السياسية والمجتمعية”.

 

 

وأكد رئيس المجلس السيادي عزمه على المضي قدما نحو بناء دولة سودانية لها شأن في المستقبل، وجدد بأنه لاتفاوض مع المتمردين و إذا ضع المتمردون السلاح وخرجوا من منازل المواطنين والأعيان المدنية، بعد ذلك يمكننا الحديث معهم.

 

 

وقال : ” هناك من عرض علينا وقف إطلاق النار في رمضان بغرض تسهيل وصول المساعدات للفاشر” ولكننا أكدنا بأننا لن نقبل وقف إطلاق نار في ظل الحصار الذي تفرضه مليشيا الدعم السريع الإرهابية على المدينة”.

 

 

وشدد بان وقف إطلاق النار يجب أن يكون متبوعا بإنسحاب من الخرطوم وغرب كردفان وولايات دارفور وتجميع القوات في مراكز محددة.

البرهانالمؤتمر الوطنيتقدم

مقالات مشابهة

  • ما الذي دعا البرهان إلى بعث أسئلة السياسة والحرب قائمة؟
  • حزب المؤتمر الوطني المنحل: اتهام البرهان لحزبنا بأنه “يريد أن يحكم أو يعود للحكم على أشلاء السودانيين” يكذبه التاريخ القريب
  • راشد عبد الرحيم: أشلاء السودانيين
  • البرهان حذر المؤتمر الوطني من مزلق المزايدة الوطنية وإلا سيصبحون مثل قحت
  • خطاب البرهان الذي شاهدته يختلف عما يمكن أن تفهمه من تحرير بعض منصات الإعلام
  • حزب المؤتمر الوطني يرد برسائل عنيفة على البرهان ويكشف خطوته القادمة.. أحمد هارون : المعركة لم تنته بعد
  • البرهان يكشف ملامح الحكومة الانتقالية المقبلة ويوجه رسائل لحزب المؤتمر الوطني وتقدم
  • ???? شرط البرهان للقحاتة فخ .. فعلا رجل يجيد الخداع الإستراتيجي
  • بيان من حزب المؤتمر الوطني المحلول حول تصريحات البرهان