سودانايل:
2025-04-13@06:46:49 GMT

فوضى سياسات ترامب الاقتصادية

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

فِكر وتفكر

د. عمر محجوب محمد الحسين

خلال حملته الانتخابية تعهد الرئيس دونالد ترامب، بأن سياساته سوف تقضى على التضخم، إذا عاد إلى البيت الأبيض. وتعاني الولايات المتحدة الامريكية منذ ثلاث سنوات والنصف من ارتفاع كبير في الأسعار مما استدعى تدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي لإدارة سياسة نقدية عن طريق التحكم في التضخم من خلال التأثير على أسعار الفائدة.

وعندما يكون التضخم مرتفعًا للغاية، يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي عادةً أسعار الفائدة لإبطاء الاقتصاد وخفض التضخم، وعندما يكون التضخم منخفضًا للغاية، يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي عادةً أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد ودفع التضخم إلى الارتفاع. أغلب خبراء الاقتصاد التقليديين يقولون إن مقترحات ترامب السياسية واجراءاته الاقتصادية لن تقضي على التضخم؛ بل إنها سوف تزيده سوءا، ويحذر هؤلاء الخبراء من أن اجراءات فرض رسوم جمركية ضخمة على السلع المستوردة، وترحيل ملايين العمال المهاجرين، والسعي نحو التدخل في سياسات أسعار الفائدة التي يتبناها بنك الاحتياطي الفيدرالي من المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار. يذكر أنه في يونيو الماضي، وقع ستة عشر اقتصاديا حائزا على جائزة نوبل على رسالة أعربوا فيها عن مخاوفهم من أن تؤدي مقترحات ترامب إلى "إعادة إشعال" التضخم، الذي انخفض منذ بلغ ذروته عند 9.1% في عام 2022م وعاد تقريبا إلى المستهدف من بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% . لم يكن هؤلاء الخبراء الوحيدين الذين دقّوا ناقوس الخطر، فقد حذر أيضا باحثين مستقلون حيث ذكروا أن نجاح دونالد ترامب في تنفيذ أجندته الاقتصادية والسياسية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة التضخم. من جانب آخر توقع معهد بيترسون للاقتصاد الدولي (Peterson Institute for International Economics) في ورقة عمل في يناير 2025م، أن سياسات ترامب ــ الترحيل، وفرض الضرائب على الواردات، وجهوده الحثيثة لتحجيم استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي ــ من شأنها أن تدفع أسعار المستهلك إلى الارتفاع بشكل حاد بعد عامين من ولايته الثانية. وخلص تحليل بيترسون إلى أن التضخم، الذي كان ليبلغ 1.9% في عام 2026 لولا ذلك، سوف يقفز بدلا من ذلك إلى ما بين 6% و9.3% إذا تم تبني مقترحات ترامب الاقتصادية، خاصة وان قياسات بيانات الولايات المتحدة التي تعود إلى العام 1949م أن المكون الرئيس لمؤشر التضخم الاستهلاكي هي السلع المعمرة والسلع غير المعمرة والخدمات التي يعتبر الطلب عليها ديناميكيات محركة لدورة الأعمال سواء الاستهلاكية أو التجارية، ويميل الإنفاق على السلع المعمرة إلى أن يكون أكثر دورية من الإنفاق على السلع والخدمات غير المعمرة لأنه يمكن تأجيله بسهولة أكبر في حالات الضعف الاقتصادي. كانت إحدى السمات البارزة للركود العالمي الأخير هي الانخفاض الكبير في الطلب على السلع الاستهلاكية المعمرة والسلع الرأسمالية. ويعكس هذا جزئيًا ارتفاعًا حادًا في حالة عدم اليقين المرتبطة بالأزمة المالية، والتي ثبطت عزيمة الأسر والشركات عن شراء السلع المعمرة حتى أصبحت الظروف أكثر يقينًا؛ والآن نرى حالة من عدم اليقين تسود شئيا فشيئا نتيجة لسياسة ترامب المتخبطة.
توفر السلع المعمرة سلسلة من الخدمات أو المنفعة بمرور الوقت. وعلى النقيض من ذلك، تميل السلع والخدمات غير المعمرة إلى الاستهلاك الفوري. وفي حالة المستهلكين، فإن أمثلة السلع المعمرة هي المركبات الآلية ومفروشات المنزل؛ وتشمل أمثلة السلع والخدمات غير المعمرة خدمات الغذاء والنقل.[2] ونظرًا لأن الخدمات التي يتم تلقيها من الحيازات الحالية للسلع المعمرة تميل إلى الاستمرار حتى في غياب أي مشتريات جديدة، يمكن تأجيل الإنفاق على السلع المعمرة بسهولة أكبر. على سبيل المثال، قد تقرر الأسرة التي تعاني من انخفاض في الدخل عدم شراء سيارة جديدة لأنها تستطيع الاستمرار في استخدام سيارتها الحالية. بالإضافة إلى إمكانية تأجيلها، يمكن اعتبار العديد من السلع المعمرة تقديرية مقارنة بالإنفاق الأكثر أهمية مثل الغذاء. ونتيجة لهاتين الخاصيتين، فإن إنفاق المستهلك على السلع المعمرة أكثر تقلبًا من الإنفاق على السلع والخدمات غير المعمرة، ويميل إلى أن يكون أكثر ارتباطًا بالدورة الاقتصادية.
يعد الاستثمار التجاري مثالاً آخر على الإنفاق المؤجل على السلع المعمرة والذي يرتبط أيضًا بدورة الأعمال. في حالة البناء، من المرجح أن تؤجل الشركات أي مشاريع جديدة تدخل في تباطؤ، ولكنها تستكمل المشاريع التي بدأت بالفعل. في حالة الاستثمار في الآلات والمعدات (مثل المركبات الآلية وأجهزة الكمبيوتر)، من المرجح أن تتمكن الشركات من تغيير خططها الاستثمارية بسرعة استجابة للتغيرات في الظروف الاقتصادية. تشير الأبحاث إلى أن الإنفاق على السلع الاستهلاكية المعمرة والاستثمار في الآلات والمعدات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي.
جاء في ورقة معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن انفجار التضخم في 2021-2022 كان مدفوعا بتكامل ثلاث تطورات وهي وفرة من اضطرابات العرض والطلب المرتبطة بالجائحة والتي دفعت أسعار السلع المعمرة إلى الارتفاع، وصدمة أسعار السلع الأساسية العالمية الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا، والتي كانت مهمة بشكل خاص للسلع غير المعمرة، وأسواق العمل الضيقة، والتي تعمل بشكل أساسي من خلال أسعار الخدمات.
إن سياسات ترامب وخطته لخلق "نهضة" تصنيعية ودعمها في أميركا من خلال خفض الضرائب واللوائح التنظيمية للشركات وزيادة التعريفات الجمركية بنسبة تصل إلى 200 %. هي مقترحات ليست ذات جدوى ومن الصعب تنفيذ بعضها. وتشير تقارير عدة إلى أنه إذا تم أخذ هذه السياسات مجتمعة، فإنها ستلحق أضرارًا كبيرة بالاقتصاد الأمريكي وليس الدول التي تأتى منها واردات الولايات المتحدة الامريكية. ذكر واريك جيه (Warwick J.) وماكيبين (McKibbin) وميجان هوجان (Megan Hogan) وماركوس نولاند (Marcus Noland) في تقرير لهما "بينما يعد ترامب بـ"جعل الأجانب يدفعون"، فإن تحليلنا يظهر أن سياساته ستؤدي في النهاية إلى جعل الأمريكيين يدفعون أكثر من غيرهم".

 

omarmahjoub@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بنک الاحتیاطی الفیدرالی على السلع المعمرة الإنفاق على السلع أسعار الفائدة فی حالة إلى أن

إقرأ أيضاً:

استقرار معدل التضخم في سلطنة عُمان وتوقعات بمواصلة تراجعه في 2025

العُمانية: أشارت وزارة الاقتصاد إلى أن متوسط معدل التضخم وفقًا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين في سلطنة عُمان خلال الفترة من 2021 إلى 2024 لم يتجاوز 1.4 بالمائة؛ وهو ما يقل عن مستهدف الخطة الخمسية العاشرة البالغ 2.8 بالمائة كمتوسط سنوي على مدار سنوات تنفيذ الخطة.

وأكدت الوزارة أن معدل التضخم وفقًا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين في سلطنة عُمان عند مستويات معتدلة خلال أول شهرين من العام الجاري، ومن المتوقع أن يبقى خلال عام 2025 ضمن معدلاته المستهدفة خلال الخطة الخمسية العاشرة.

وأوضحت الوزارة أن سلطنة عُمان تواصل خلال العام الجاري تبني التدابير والإجراءات اللازمة للحفاظ على معدل التضخم ضمن مستهدفات السياسات الاقتصادية والنقدية والحد من تأثيره على الأسواق المحلية والأنشطة الاقتصادية.

كما أكدت الوزارة أن تطورات التضخم على الصعيد العالمي تخضع لمتابعة مستمرة، خاصة في ظل حالة عدم اليقين المرتبطة بتأثير السياسات التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية عالميًا، وما قد يترتب على ذلك من انعكاسات على مسار التضخم والنمو الاقتصادي العالمي خلال الفترة المقبلة.

وقال الدكتور سالم بن عبدالله آل الشيخ المتحدث الرسمي بوزارة الاقتصاد: إن التقدم في تنفيذ أولويات الاستدامة وتعزيز المركز المالي للدولة، وفقًا لمستهدفات «رؤية عُمان 2040»، أتاح خلال السنوات الماضية حيزًا لتبنّي عدد من الإجراءات والتدابير الاستباقية التي أسهمت بفعالية في احتواء التضخم.

وأضاف المتحدث الرسمي بوزارة الاقتصاد في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن البيانات الإحصائية حول إنفاق المستهلكين خلال العام الجاري أظهرت تراجعًا في معدل التضخم وفقًا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين في سلطنة عُمان بنسبة 0.32 بالمائة خلال شهر فبراير 2025 مقارنة بشهر يناير من العام ذاته.

وأوضح أن معدل التضخم على أساس سنوي بلغ نحو واحد بالمائة في شهر فبراير الماضي مقارنة بالشهر المماثل من عام 2024؛ ويعزى ذلك إلى استقرار أسعار عدد من المجموعات الرئيسة المكونة لمؤشر التضخم، أبرزها مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى، ومجموعة التبغ، ومجموعة الاتصالات.

وأشار إلى أن الارتفاع في أسعار بعض المجموعات الأخرى كان محدودًا مثل: مجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية، ومجموعة الملابس والأحذية، ومجموعة الأثاث والتجهيزات والمعدّات المنزلية والصيانة المنزلية الاعتيادية، ومجموعة الثقافة والترفيه، ومجموعة التعليم، ومجموعة المطاعم والفنادق، وفي المقابل ارتفعت الأرقام القياسية في ثلاث مجموعات هي: مجموعة الصحة ومجموعة النقل ومجموعة السلع والخدمات المتنوعة بمعدلات 3.2 بالمائة و3.4 بالمائة و6.3 بالمائة على التوالي.

وعلى النطاق الجغرافي، أوضح المتحدث الرسمي بوزارة الاقتصاد أن البيانات الإحصائية تشير إلى تباين معدلات التضخم بين محافظات سلطنة عُمان خلال شهر فبراير الماضي مقارنة بالشهر ذاته من عام 2024.

وأشار إلى أن أعلى معدل للتضخم وفقًا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين سُجِّل في كل من محافظة مسندم ومحافظة الداخلية بنسبة 1.8 بالمائة، تلتها محافظة جنوب الشرقية ومحافظة الوسطى بنسبة 1.5 بالمائة لكل منهما، وبنسبة 1.2 بالمائة في محافظة الظاهرة، وبنسبة نحو واحد بالمائة في كل من محافظة مسقط ومحافظة ظفار ومحافظة البريمي، وتم تسجيل أدنى نسبة للتضخم في محافظات شمال الباطنة وشمال الشرقية وجنوب الباطنة بنسب 0.6 بالمائة و0.5 بالمائة و0.1 بالمائة على التوالي.

وأضاف المتحدث الرسمي بوزارة الاقتصاد: إن استمرار تراجع معدلات التضخم على المستوى العالمي خلال العام الماضي انعكس على تراجع مؤشر الأرقام القياسية لأسعار الواردات إلى سلطنة عُمان بنسبة 2.5 بالمائة بنهاية الربع الرابع من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، وكان الانخفاض ملموسًا بنسبة 25.2 بالمائة في أسعار الوقود المعدني والمزلقات المعدنية وما يتصل بذلك من مواد، وأسعار الآلات الصناعية ومعدات النقل التي تراجعت بنسبة 15.8 بالمائة، وفي المقابل ارتفعت أسعار المصنوعات المتنوعة بنسبة 14.4 بالمائة، والزيوت والدهون والشموع النباتية الحيوانية بنسبة 11.9 بالمائة، والأغذية والحيوانات الحية بنسبة 9.1 بالمائة، والمواد الكيماوية بنسبة 8 بالمائة، والسلع المصنفة حسب المادة بنسبة 6.4 بالمائة، والمشروبات والتبغ بنسبة 6.2 بالمائة، مع زيادة طفيفة في أسعار المواد الخام غير الصالحة للأكل بنسبة 0.2 بالمائة.

وبيّن أن التضخم العالمي شهد تراجعًا ملاحظًا خلال العامين الماضيين نتيجة توجه أغلب البنوك المركزية العالمية منذ عام 2021 نحو الرفع المتواصل لأسعار الفائدة المصرفية بهدف الحد من تفاقم التضخم خلال الفترة ما بعد تفشي الجائحة ليصل إلى مستويات غير مسبوقة خلال عام 2022.

وقال المتحدث الرسمي بوزارة الاقتصاد: إن نتائج هذه السياسات النقدية كانت إيجابية خلال عامي 2023 و2024، إذ بدأ معدل التضخم في التراجع ليقترب تدريجيًا من مستوياته المستهدفة، مما دفع العديد من البنوك المركزية إلى البدء في خفض أسعار الفائدة المصرفية خلال عام 2024، في خطوة عُدّت إشارة على نجاح جهود احتواء التضخم.

وأشار إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي ترجح استمرار هذا التوجه، مع انخفاض معدل التضخم العالمي إلى نحو 4.2 بالمائة في عام 2025 وإلى 3.5 بالمائة في عام 2026، إلا أن مستجدات بداية عام 2025 أعادت ملف التضخم إلى واجهة الاهتمام الدولي، في ظل تصاعد السياسات الحمائية وفرض رسوم جمركية جديدة، مما يثير حالة من عدم اليقين بشأن المسار المستقبلي للتضخم العالمي.

وفي جانب تطورات أسعار الغذاء عالميًّا، فقد اتجهت للارتفاع خلال شهر فبراير 2025، ووفقًا لمؤشر منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" ارتفع مؤشر أسعار الأغذية بنسبة زيادة نحو 1.6 بالمائة مقارنة بمستواه في شهر يناير من العام الجاري، وبيّنت المنظمة أن مؤشر أسعار اللحوم ظل مستقرًا، في حين سجّلت أسعار الحبوب ارتفاعًا طفيفًا، بينما شهدت باقي المؤشرات زيادات متفاوتة، وتم تسجيل أعلى معدلات ارتفاع في أسعار السكر ومنتجات الألبان والزيوت النباتية.

وعلى الرغم من أن مؤشر أسعار الأغذية العالمية خلال شهر فبراير 2025 كان أعلى بنسبة حوالي 8.2 بالمائة مقارنة مع مستواه في فبراير 2024، إلا أنه ما زال دون ذروة الارتفاع التي بلغها في مطلع عام 2022 عندما تأثرت أسعار الغذاء بشكل كبير نتيجة تداعيات الأزمات العالمية.

مقالات مشابهة

  • اجتماع لجنة السياسات النقدية.. توقعات بتثبيت سعر الفائدة في مصر
  • استقرار معدل التضخم في سلطنة عُمان وتوقعات بمواصلة تراجعه في 2025
  • هل تضع سياسات ترامب نهاية ناعمة لأوروبا؟
  • "سياسات ترامب" تهدد هيمنة الدولار الأمريكي
  • التضخم في ألمانيا يهبط إلى 2.2% في مارس
  • قيادي بمستقبل وطن: تراجع معدلات التضخم يعكس نجاح السياسات الاقتصادية لمصر
  • خبير سياسات دولية: ترامب يرغب في تفكيك البرنامج النووي الإيراني
  • انخفاض أسعار النفط يفيد تركيا
  • لماذا ارتفعت معدلات التضخم في مصر ؟
  • عاجل:- معدل التضخم في مصر يرتفع إلى 13.1% في مارس 2025