سودانايل:
2025-04-12@21:34:56 GMT

قراءة خلف السطور لحديث البرهان

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

يقول ماكس فيبر عن الشرعية ( أن نظام الحكم يكون شرعيا عند الحد الذي يشعر فيه المواطنون بأن ذلك النظام صالح و يستحق التأييد و الطاعة)
جاءت ردود الفعل متعددة و متباينة و بعضها تغلف بشيء من الحدة على كلمة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش التي كان قد القاها أمام "القوى الوطنية السياسية المجتمعية" ببورسودان.

. و ردود الفعل كانت متوقعة لسببين الأول الكل؛ إذا كانوا مجموعات منظمة، أو تحالفات، أو حتى أفراد كان لديهم تصوراتهم الخاصة لفترة ما بعد الحرب، و عن كيفية التعامل مع الواقع الجديد بعد غياب الميليشيا.. و غياب الميليشيا لا يشملها وحدها بل كل القوى السياسية المتحركة في محورها.. القضية الثانية الصراع على السلطة و كيفية التعامل معه، البعض يعتقد أن القيادات العسكرية تريد الاستمرار في السلطة تحت زرائع عيدة.. و آخرين يعتقدون أن الحوار بين القوى السياسية و التوافق هو الذي يجعلهم الأجدر بالسلطة.. و هناك أيضا قوى منتظرة أن تقف الحرب لكي تبدأ ثورة من جديد.. هذا التباين في الأراء و التصورات كان لابد ان يخرج إلي العلن..
و أيضا يمكن القول؛ أن سبب ردود الفعل المتباينة؛ لكلمة البرهان لأنها نقلت الحديث من السر إلي الجهر، و من التفكير الذاتي المغلق إلي التفكير الجمعي بصوت عال،.. و هنا يأتي السؤال لماذا قرر البرهان أن يقول كلمته السياسية أمام " جمع سياسي" و ليس في منبر عسكري؟ مع العلم أن البلاد ما تزال في حالة حرب.. لأن كلمة القائد العسكري في المنابر العسكرية لا تناقش بل هي لرفع الروح المعنوية و توجيهات للتنفيذ .. أما المنبر السياسي يقبل الخلاف و المجادلة حول الرؤية المطروحة و لا يقبل المسلمات.. و بدلا من التخيلات التي لا تسندها وقائع أن تطرح القضية بكلياتها أمام الناس لمعرفة الأراء المختلفة و المتدثرة.. فالخروج بالتفكير إلي العلن هو الذي أدى إلي هذا الحراك السياسي و تقديم الأراء رغم حدة بعضها، و من الضروري أن يخرج النفس الحار من الصدور حتى يستطيع الناس أن يفكروا عقلانيا.. أن غياب القوى السياسية و عجزها أن تقدم تصوراتها تجعل الآخرين يفكرون نيابة عنها، و يملأوا الفراغ الذي تخلفه في الساحة السياسية..
في هذه المقال أطرح أربعة قضايا خلافية و أحاول أقدم فيها رؤية مغايرة للذ تم طرحه في كلمة رئيس مجلس السيادة البرهان:-
القضية الأولي – الوثيقة الدستورية التي ذكرها البرهان و قال أنهم بصدد تعديلها.. أن الوثيقة كانت قد أتخذت شرعيتها بشرعية ثورية و ليست دستورية، و تعديلها أيضا تنقصه الشرعية، و يصبح وضع شاذ جديد في الساحة السياسية.. و المكون العسكري موافق عليه لآن الحركات متمسكة بالوثيقة، ليس لمصلحة عامة، و لكن لكي تبقي علي " اتفاق جوبا" الذي يعطي قيادتها أمتيازات عن الأخرين، رغم أن الحرب جعلت كل ولايات السودان دون استثناء تعاني من التهميش.. و الأفضل الرجوع لشرعية دستورية كان متفق عليها من أغلبية القوى السياسية، و هو دستور 2005م و الذي تترتب عليها نقلة مباشرة للشرعية الدستورية، أي انتخاب رئيس للجمهورية، و الذين يريدون استمرار الجيش في قمة السلطة عليهم بترشيح القائد العام لرئاسة الجمهورية بعد استقالته من موقعه في الجيش، و تكون البلاد انتقلت مباشرة للشرعية الدستورية...
القضية الثانية – السبب الذي أغضب العديد من النخب الإسلامية من كلمة البرهان هي بعد الكلمة من أدبيات السياسة و الدبلوماسية .. إذا كان البرهان قال أن الفترة التأسيسية لا تشارك فيها أية قوى سياسية فقط تشكل من التكنقراط كان حسم الموقف تماما..
القضية الثالثة – غضب الجماهير من قول البرهان أننا سوف نرحب بأي شخص ينزع يده من الجانب الأخر و يتخذ موقا وطنيا.. أن الجماهير رافضة مقولة " عفا الله ما سلف" و هي كلمة مشجعة للأخرين أن يمارسوا ذات الفعل مرة أخرى.. و بالتالي لابد من الإشارة إلي المحاسبة بقدر الجرم الذي وقع من أية شخص.. من الصعب جدا أن تكسب الجماهير عبر مراحل طويلة و سهلا تخسرها بكلمة واحدة.. لا اعتقد هناك أية شخص مع ممارسة افعال الانتقام و لكن ترسيخ مبدأ العدالة مسألة ضرورية في المجتمع حتى لا ينحرف إلي العنف و أخذ الحق باليد..
القضية الرابعة – أن أية سلطة دون جهاز رقابي و محاسبي هي دعوة صريحة للمفسدة.. إذا أصرت السلطة الحالية أن تشكل جهاز تنفيذي من التكنقراط يجب عليها أن تشكل مجلس تشريعي من خلال قيام انتخابات لمجالس الأحياء، و كل ولاية تبعث مناديب يتم اختيارهم انتخابيا من هذه المجالس ليكونوا المجلس التشريعي.. أن شرعية وضع اليد لن تصلح البلاد غير أنها تخلق خلافات عميقة بين الناس..
الحكم ليس شعارات تطلق في الهواء، أنما هي أفكار تقدم للحوار، و الغريب أن الأحزاب المناط بها تقديم المبادرات و الأفكار، أصبحت مجموعة من العناصر تقدم انتقادات سالبة لرؤى الآخرين، دون أن تقدم بدائل للأراء التي ينتقدونها.. صحيح أن الحرب قد وحدت قطاع عريض من الشعب و وقف مع الجيش في معركة الكرامة، و البعض الأخر ذهبوا مقاتلين في الاستنفار و المقاومة الشعبية، هؤلاء جميعا كان هدفهم الانتصار على الميليشيا حتى لا يكون لها وجد مستقبلا إذا كان عسكريا أو سياسيا.. و أيضا عدم الرجوع إلي فترة ما قبل 15 إبريل 2023م .. هذا التحول السياسي لا يمكن التنازل عنه، و الحرب أيضا سوف تخلق قيادة جديدة في المجتمعات السودانية في الأقاليم المختلفة.. هذا التحول يجب قيادة الجيش أن تدركه و تعرف كيف تتعامل معه في ظل الصراع على السلطة.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة

إقرأ أيضاً:

بين السطور..«ذكاء اصطناعى وخصوصية مستباحة.. إلى أين يقودنا الإفراط في المشاركة؟»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في عالم تتطور فيه أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، بل وتتسلل الي تفاصيل حياتنا اليومية، يبدو أن الراحة التي توفرها هذه الأدوات لا تأتي دون ثمن، فالمستخدم، طوعًا أو كرهًا، أصبح هدفًا مباشرًا لتهديدات رقمية متنامية تتربص ببياناته الشخصية والمهنية، وتجعله أكثر عرضة للانكشاف والانتهاك.

وقد أتيحت لي الفرصة الأسبوع الماضي للمشاركة في البرنامج التدريبي الذي يعقد حاليًا تحت عنوان "التغطية الإعلامية لقضايا الأمن السيبراني"، بشراكة بين شركة الشرق الأوسط لخدمات تكنولوجيا المعلومات "MCS" الموزع والشريك الاستشاري الإقليمي لحلول تكنولوجيا المعلومات وتقنيات الأمن السيبراني في مصر وأفريقيا و مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء (IDSC) وبالتعاون مع مجموعة 30N وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في مصر،وهو أول برنامج تدريبي متخصص يركز على تزويد  أكثر من٦٠ صحفيًا بالأدوات اللازمة للإبلاغ بدقة عن الأمن السيبراني، وتبسيط القضايا التقنية المعقدة، وزيادة الوعي العام بالتهديدات الرقمية وحماية البيانات.

كما يسلط الضوء على هذه المخاطر المتصاعدة، ويوفر منصة حوار عميقة حول كيفية التعامل الإعلامي مع قضايا الأمن الرقمي.

ولن أخفيك سرا عزيزي القارئ وانا مازلت في بداية هذا البرنامج انه آن الأوان أن ندرك أن ما نشاركه على وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد مجرد لحظات شخصية أو آراء عابرة، بل أصبح مادة خامًا سهلة للاستغلال، سواء من قبل جهات تسويقية، أو شبكات تجسس إلكترونية، أو حتى أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على تحليل سلوكياتنا والتنبؤ بقراراتنا المستقبلية.

فنحن نعيش اليوم في عالم "الكتاب المفتوح"، حيث يمكن لأي طرف، إن امتلك المهارة والأدوات، أن يعرف أين نعيش، من نحب، ماذا نأكل، بل وحتى كيف نفكر.

لذلك فإن توخي الحذر في الإفصاح عن المعلومات لم يعد رفاهية أو خيارًا فرديًا، بل ضرورة لحماية الذات والمجتمع.

فبياناتنا ليست مجرد أرقام أو منشورات، بل خيوط دقيقة يمكن أن تُنسج منها شبكات خداع، ابتزاز، وتلاعب بالرأي العام.

أن ما يطرحه البرنامج التدريبي من قضايا مثل الأمن السيبراني، والتحول الرقمي، وأخلاقيات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يمثل دعوة صريحة لإعادة التفكير في علاقتنا بالتكنولوجيا،ويجعلنا أيضا ندرك كم الحاجة إلى إعلام متخصص، ومجتمع واعٍ، وتشريعات صارمة تحمي الخصوصية وتضمن الأمان الرقمي.

في النهاية، يبقى السؤال: هل نمتلك الشجاعة الكافية لإغلاق نوافذ التعرّي الرقمي الطوعي، والتعامل مع الإنترنت ليس كمساحة للبوح غير المشروط، بل كبيئة محفوفة بالمخاطر تتطلب يقظة دائمة؟

مقالات مشابهة

  • بين السطور..«ذكاء اصطناعى وخصوصية مستباحة.. إلى أين يقودنا الإفراط في المشاركة؟»
  • واشنطن تُعيد خلط أوراق السلطة في اليمن: نجل صالح يصعد والإصلاح يغلي
  • جامعة أفريقيا العالمية.. جسر السودان الذي مزقته الحرب
  • زيارة البرهان لتركيا- الأبعاد السياسية والاستراتيجية
  • أسرار البيت الأبيض في زمن النار.. قراءة في كتاب بوب وودوارد الحرب
  • انتخابات 2025: القوى السياسية تراهن على عودة الصدر
  • ورقة ملتقى أيوا للسلام والديمقراطية
  • توكل تشعل المعركة السياسية: الإصلاح لن يدعم الحرب ضد الحوثي إلا بهذا الشرط
  • قطر تخصص 10 مليون دولار للسودان وتقدم تعهدات لما بعد الحرب.. تفاصيل لقاء بين البرهان ووزيرة الدولة بالخارجية القطرية
  • الرجل الأهم في قرارات الحرب.. قراءة في الأفكار الدينية لوزير الدفاع الأميركي