تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشف تقرير حكومي روسي مسرب عن محاولات موسكو لإنشاء "اتحاد إقليمي مصغر" مع دول آسيا الوسطى بهدف مواجهة النفوذ المتزايد لكل من الغرب والصين، في إطار سعيها للتخفيف من آثار العقوبات المفروضة عليها. 

يعكس التقرير، الذي تم مناقشته في جلسة استراتيجية بحضور رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين في أبريل الماضي، التحديات التي تواجه روسيا في جهودها لاستعادة نفوذها في هذه المنطقة الحيوية.

 إذ يسلط الضوء على محاولات الغرب لعرقلة مساعي موسكو في جذب جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وبناء روابط اقتصادية مع "الجنوب العالمي" كبديل للغرب.

من خلال هذا التقرير، الذي تمت مراجعته من قبل كبار المسؤولين الحكوميين والشركات الروسية، يظهر الضرر الكبير الذي تسببت فيه الحرب في أوكرانيا على العلاقات بين روسيا وبعض حلفائها التجاريين المقربين. 

وبينما تسعى روسيا للعودة إلى قلب التجارة العالمية، خاصة في منطقة أوراسيا، فإن المبادرات الاقتصادية الغربية، وخاصة العقوبات المفروضة، نجحت في إحداث انقسام بين موسكو وبعض هذه الشركاء، مما يعكس تحديات اقتصادية وسياسية قد تضر بموقع روسيا في المنطقة.
على الرغم من هذه الجهود، فإن روسيا تعتبر آسيا الوسطى جزءاً لا يتجزأ من مجالها الحيوي منذ القرن التاسع عشر. إلا أن الحرب في أوكرانيا قد فتحت المجال أمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين للتمدد في هذه المنطقة. ففي هذا السياق، سعت القوى الغربية لتعزيز علاقاتها مع دول آسيا الوسطى من خلال القمة الأوروبية مع هذه الدول في مايو 2024، وكذلك من خلال زيارات متعددة قام بها وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، أنتوني بلينكن، ما يعكس التنافس المتصاعد على النفوذ في هذه المنطقة الاستراتيجية.

بينما تسعى روسيا للحفاظ على روابطها التقليدية مع دول آسيا الوسطى، يظل التحدي الأكبر هو كيفية التكيف مع الضغوط الغربية ومحاولة الاستفادة من موقعها الجيوسياسي في منطقة الأوراسيا لمواجهة التهديدات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية، إضافة إلى التوسع السريع للصين في المنطقة.

تعتبر روسيا أن مشروع تشكيل "إقليم مصغر" هو خطوة استراتيجية طويلة الأمد، تحمل أهمية بالغة، ومن المرجح أن تستمر تأثيراته لفترة أطول من أي مفاوضات محتملة مع الغرب حول مستقبل أوكرانيا. ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز مكانة روسيا على الساحة العالمية، عبر بناء تحالفات قوية مع دول الجنوب العالمي. هذا الإقليم الجديد يعزز الروابط بين روسيا والدول الأعضاء من خلال توفير المواد الخام الأساسية، وتطوير العلاقات المالية، بالإضافة إلى تحسين شبكات المواصلات. كما يروج لهذه الدول لرؤية مشتركة للعالم، تركز على صياغة قواعد النظام الدولي الجديد وتطوير سياسة عقوبات مستقلة.

ومع ذلك، يعترف التقرير بوجود تحديات كبيرة تواجه روسيا في استعادة مكانتها العالمية. ففي الوقت الذي نجحت فيه الدول الغربية في ممارسة ضغوط على دول وسط آسيا للامتثال للعقوبات المفروضة على روسيا، من خلال تقديم امتيازات مثل الوصول إلى الأسواق العالمية، وممرات النقل، وسلاسل الإمداد التي تتجاوز روسيا، فإن حلفاء موسكو استفادوا من هذه العقوبات بإجبار رجال الأعمال الروس على مغادرة البلاد، واستعادة السيطرة على تدفق الواردات والصادرات، وإعادة توطين وسائل الإنتاج بعيداً عن روسيا.
كما أشار التقرير إلى أن دول وسط آسيا سعت للحصول على مكافآت إضافية من خلال تقديم عمولات لضمان تجنب المخاطر المرتبطة بانتهاك العقوبات. وفي مواجهة هذه التحديات، يرى التقرير أن روسيا ستكون مضطرة للتركيز على "اللعبة الطويلة" مع دول وسط آسيا، وهي عملية تستدعي تعزيز العلاقات مع هذه الدول عبر التقدير المشترك للتاريخ والإحترام المتبادل لاستقلالها. وبالرغم من أن الانتصار الروسي في الحرب ضد أوكرانيا قد يعزز من مكانتها، إلا أن التقرير يقر بأن ذلك لن يكون كافياً للتخفيف من ضغط العقوبات الغربية المستمر.

أشار التقرير إلى أن تعزيز العلاقات مع دول مثل روسيا قد يؤدي إلى صعوبات كبيرة على المدى الطويل. وقد لفت الانتباه إلى أن دول آسيا الوسطى، وبالأخص تلك القريبة من روسيا، بدأت في استغلال نقاط ضعف موسكو، حيث تسعى إلى توطيد علاقاتها فيما بينها بعيدًا عن روسيا، من خلال الانضمام إلى كيانات مثل "منظمة الدول التركية".

كما أوضح التقرير أن هذه الدول قد شهدت تحولًا كبيرًا في مواقفها، حيث بدأت في إعادة تقييم "تاريخنا المشترك" مع روسيا، وهو ما انعكس في اتخاذ خطوات ملموسة نحو تقليص الاعتماد على اللغة الروسية في التعليم، واستبدالها بالإنجليزية كلغة ثانية في المدارس. بالإضافة إلى ذلك، شهدنا انتقالًا تدريجيًا نحو تبني معايير غربية في النظام التعليمي، فضلًا عن إرسال أبناء النخبة للدراسة في الغرب.

وبحسب التقرير، سيكون على هذه الدول اتخاذ قرارات مصيرية بشأن علاقتها مع روسيا، رغم عدم تقديم تفاصيل إضافية حول طبيعة هذه القرارات.

وتناول التقرير في سياق متصل موقف كازاخستان، التي تعد أكبر اقتصاد في المنطقة، حيث أدانت الغزو الروسي لأوكرانيا ورفضت الاعتراف بسيادة روسيا على الأراضي التي احتلتها، في خطوة تهدف إلى إظهار التزامها بالعقوبات الغربية. في المقابل، اتخذت قرغيزستان موقفًا مغايرًا، حيث دعمت روسيا وظهرت كممر رئيسي يساعد موسكو على تجاوز العقوبات المفروضة عليها.

أما بيلاروسيا، فقد تم تسليط الضوء عليها كنموذج ناجح للتعاون مع روسيا. وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى تصريحات الرئيس ألكسندر لوكاشينكو في عام 2018، التي دعا خلالها إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن روسيا، لتتغير هذه التصريحات في عام 2023، حيث أكد أن بلاده ستظل دائمًا موحدة مع روسيا.

ورغم ذلك، أشار التقرير إلى أن هناك مشكلات منهجية تواجه الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده موسكو، والذي يضم بيلاروسيا، أرمينيا، كازاخستان، وقرغيزستان. أبرز هذه المشكلات تتمثل في تأثير العقوبات الغربية، واعتماد الدول الأعضاء على أنظمة دفع بديلة بعد استبعاد روسيا من نظام "سويفت" للتحويلات المالية. إضافة إلى ذلك، فإن التحكم الروسي في عملتها أصبح أحد الوسائل التي تستخدمها موسكو لمحاولة التخفيف من آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حكومي موسكو العقوبات الغربیة أشار التقریر إلى دول آسیا الوسطى هذه الدول مع روسیا من خلال إلى أن مع دول

إقرأ أيضاً:

سياسات البنك المركزي التحوطية لمواجهة تاثيرات المتغيرات في الاقتصاد العالمي

 

 يشهد النظام العالمي منذ عدة سنوات ازمات اقتصادية ومالية وامنية معقدة تركزت اسبابها المتراكمة في ارتفاع اسعار الطاقة والغذاء بسبب الحرب الروسية الاوكرانية والعقوبات الامريكية والاوربية على روسيا وعدوان الكيان الصهيوني على فلسطين ولبنان وسوريا ومازال يعمل باستراتيجية استخدام الحرب وآلته العسكرية وبدعم من امريكا واوروبا لرسم خارطة الشرق الاوسط الجديد سياسيا وامنيا واقتصاديا .

اضافة الى تاثيرات الصراع الامريكي الصيني للسيطرة على اقتصاد العالم والانقسامات في الرؤى والاستراتيجيات لمجموعة العشرين والسبعة الكبار اقتصاديا ومجموعة بريكس والمجموعات الدولية الاخرى التي تعمل لتشكيل اقطاب اقتصادية جديدة واخيرا سياسات ترامب الجديدة في زيادة الضرائب والرسوم الكمركية على بعض الدول الصناعية المنافسة مما ادى الى ارتباك في خارطة الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية .

والدليل هو الازمات الحالية التي اضرت باقتصاديات الدول الكبرى قبل الصغرى ومانتابعه الان من ارتفاع التضخم الركودي في اغلب دول العالم وبشكل بارز في امريكا ودول الاتحاد الاوربي ودول الاقليم الجغرافي وانخفاض القدرة الشرائية للعملات المحلية لهذه الدول . لذلك نعتقد ان اقتصادنا في الامد القريب سوف يعاني من التاثيرات السلبية للنظام الاقتصادي العالمي من عدم السيطرة على توريدات الغذاء والسلع الاساسية وقد تنخفض اسعار النفط الى اقل من المخطط في الموازنة العامة لعام 2025 وفي ضوء متغيرات الاوضاع وهذه التاثيرات ستؤدي الى تاثيرات سلبية على اقتصادنا ومنهجية الاصلاح المالي والمصرفي .

وبما ان الاستقرار الاقتصادي يتحقق بالاستقرار في النظام المالي والنظام النقدي لذلك كانت اجراءات التحوط من قبل البنك المركزي في 2023و2024 واهدافه المرسومة في استراتيجيته الثالثة لغاية 2026 لما متوقع من التطورات في الازمات المقبله ان يكون الاعتماد اساسيا على بناء احتياطيات اجنبية بمستوى يغطي العملة المحلية في التداول والاستيرادات وتسديدات الدين الخارجي والالتزامات الدولية الاخرى . كذلك العمل على تنويع الاحتياطيات لتشمل سلة من العملات والذهب والسندات والاوراق المالية. كذلك اعتماده سياسات وآليات لتنظيم تمويل التجارة الخارجية والامتثال للمعايير الدولية .

وهذا فعلا ماقام به البنك المركزي خلال هذه الفترة حيث بلغت احتياطياته النقدية الاجنبية بحدود اكثر من 107مليار دولار و162.7طن من الذهب حيث اعلن مجلس الذهب العالمي ان العراق يحتل المرتبة الرابعة عربيا والثامنة والعشرون عالميا .وهذا يؤكد ان البنك المركزي يسير بخطى ثابتة لتحقيق اهداف السياسة النقدية في الحد من التضخم والسيطرة على المستوى العام للاسعار وهذا مااعلنه اخيرا بان المعدل السنوي للتضخم بلغ 2.8%والمعدل الاساس 2.5 %كذلك السيطرة على عرض النقد والمحافظة على سعر صرف الدينار ضمن السعر المتوازن في سوق التداول بالرغم من التذبذب بين فترة واخرى في سعر صرف الدولار النقدي في السوق السوداء .

ومتابعة وتحليل سعر الفائدة المحددة من قبل البنك المركزي بشكل مستمر . وهذا يتطلب من السياسة المالية والقطاعات الاقتصادية الاساسية والوزارات المسؤولة عنها العمل بشكل مشترك وبتنسيق واضح ومحدد مع ادارة البنك المركزي على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتحوط وتجاوز الازمة الاقتصادية العالمية والحد من تداعياتها المستقبلية المتوقعة للسنوات الثلاثة القادمة .


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • رداً على موسكو..بريطانيا تطرد دبلوماسيا روسياً وزوجة آخر
  • اجتماع ثلاثي بين إيران والصين وروسيا في بكين يوم الجمعة المقبل
  • سياسات البنك المركزي التحوطية لمواجهة تاثيرات المتغيرات في الاقتصاد العالمي
  • إيران تستضيف مناورات "حزام الأمن 2025" البحرية المشتركة مع روسيا والصين
  • وزير الخارجية الإيراني: نجري مشاورات نووية مع روسيا والصين وأوروبا لتعزيز الثقة ورفع العقوبات
  • عراقجي: نجري مشاورات نووية مع روسيا والصين وأوروبا
  • بهدف ضمان الأمن البحري.. انطلاق مناورات روسيا وإيران والصين
  • مصر تخطط لتصبح مركزاً إقليمياً لإدارة عمليات الإغاثة الدولية
  • ترامب: غير قلق بشأن المناورات العسكرية بين روسيا والصين وإيران
  • عراقجي: نجري مشاورات نووية مع روسيا والصين وأوروبا لتعزيز الثقة ورفع العقوبات