موسكو تخطط لمواجهة نفوذ الغرب والصين عبر الاتحاد مع آسيا الوسطى
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشف تقرير حكومي روسي مسرب عن محاولات موسكو لإنشاء "اتحاد إقليمي مصغر" مع دول آسيا الوسطى بهدف مواجهة النفوذ المتزايد لكل من الغرب والصين، في إطار سعيها للتخفيف من آثار العقوبات المفروضة عليها.
يعكس التقرير، الذي تم مناقشته في جلسة استراتيجية بحضور رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين في أبريل الماضي، التحديات التي تواجه روسيا في جهودها لاستعادة نفوذها في هذه المنطقة الحيوية.
إذ يسلط الضوء على محاولات الغرب لعرقلة مساعي موسكو في جذب جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وبناء روابط اقتصادية مع "الجنوب العالمي" كبديل للغرب.
من خلال هذا التقرير، الذي تمت مراجعته من قبل كبار المسؤولين الحكوميين والشركات الروسية، يظهر الضرر الكبير الذي تسببت فيه الحرب في أوكرانيا على العلاقات بين روسيا وبعض حلفائها التجاريين المقربين.
وبينما تسعى روسيا للعودة إلى قلب التجارة العالمية، خاصة في منطقة أوراسيا، فإن المبادرات الاقتصادية الغربية، وخاصة العقوبات المفروضة، نجحت في إحداث انقسام بين موسكو وبعض هذه الشركاء، مما يعكس تحديات اقتصادية وسياسية قد تضر بموقع روسيا في المنطقة.
على الرغم من هذه الجهود، فإن روسيا تعتبر آسيا الوسطى جزءاً لا يتجزأ من مجالها الحيوي منذ القرن التاسع عشر. إلا أن الحرب في أوكرانيا قد فتحت المجال أمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين للتمدد في هذه المنطقة. ففي هذا السياق، سعت القوى الغربية لتعزيز علاقاتها مع دول آسيا الوسطى من خلال القمة الأوروبية مع هذه الدول في مايو 2024، وكذلك من خلال زيارات متعددة قام بها وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، أنتوني بلينكن، ما يعكس التنافس المتصاعد على النفوذ في هذه المنطقة الاستراتيجية.
بينما تسعى روسيا للحفاظ على روابطها التقليدية مع دول آسيا الوسطى، يظل التحدي الأكبر هو كيفية التكيف مع الضغوط الغربية ومحاولة الاستفادة من موقعها الجيوسياسي في منطقة الأوراسيا لمواجهة التهديدات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية، إضافة إلى التوسع السريع للصين في المنطقة.
تعتبر روسيا أن مشروع تشكيل "إقليم مصغر" هو خطوة استراتيجية طويلة الأمد، تحمل أهمية بالغة، ومن المرجح أن تستمر تأثيراته لفترة أطول من أي مفاوضات محتملة مع الغرب حول مستقبل أوكرانيا. ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز مكانة روسيا على الساحة العالمية، عبر بناء تحالفات قوية مع دول الجنوب العالمي. هذا الإقليم الجديد يعزز الروابط بين روسيا والدول الأعضاء من خلال توفير المواد الخام الأساسية، وتطوير العلاقات المالية، بالإضافة إلى تحسين شبكات المواصلات. كما يروج لهذه الدول لرؤية مشتركة للعالم، تركز على صياغة قواعد النظام الدولي الجديد وتطوير سياسة عقوبات مستقلة.
ومع ذلك، يعترف التقرير بوجود تحديات كبيرة تواجه روسيا في استعادة مكانتها العالمية. ففي الوقت الذي نجحت فيه الدول الغربية في ممارسة ضغوط على دول وسط آسيا للامتثال للعقوبات المفروضة على روسيا، من خلال تقديم امتيازات مثل الوصول إلى الأسواق العالمية، وممرات النقل، وسلاسل الإمداد التي تتجاوز روسيا، فإن حلفاء موسكو استفادوا من هذه العقوبات بإجبار رجال الأعمال الروس على مغادرة البلاد، واستعادة السيطرة على تدفق الواردات والصادرات، وإعادة توطين وسائل الإنتاج بعيداً عن روسيا.
كما أشار التقرير إلى أن دول وسط آسيا سعت للحصول على مكافآت إضافية من خلال تقديم عمولات لضمان تجنب المخاطر المرتبطة بانتهاك العقوبات. وفي مواجهة هذه التحديات، يرى التقرير أن روسيا ستكون مضطرة للتركيز على "اللعبة الطويلة" مع دول وسط آسيا، وهي عملية تستدعي تعزيز العلاقات مع هذه الدول عبر التقدير المشترك للتاريخ والإحترام المتبادل لاستقلالها. وبالرغم من أن الانتصار الروسي في الحرب ضد أوكرانيا قد يعزز من مكانتها، إلا أن التقرير يقر بأن ذلك لن يكون كافياً للتخفيف من ضغط العقوبات الغربية المستمر.
أشار التقرير إلى أن تعزيز العلاقات مع دول مثل روسيا قد يؤدي إلى صعوبات كبيرة على المدى الطويل. وقد لفت الانتباه إلى أن دول آسيا الوسطى، وبالأخص تلك القريبة من روسيا، بدأت في استغلال نقاط ضعف موسكو، حيث تسعى إلى توطيد علاقاتها فيما بينها بعيدًا عن روسيا، من خلال الانضمام إلى كيانات مثل "منظمة الدول التركية".
كما أوضح التقرير أن هذه الدول قد شهدت تحولًا كبيرًا في مواقفها، حيث بدأت في إعادة تقييم "تاريخنا المشترك" مع روسيا، وهو ما انعكس في اتخاذ خطوات ملموسة نحو تقليص الاعتماد على اللغة الروسية في التعليم، واستبدالها بالإنجليزية كلغة ثانية في المدارس. بالإضافة إلى ذلك، شهدنا انتقالًا تدريجيًا نحو تبني معايير غربية في النظام التعليمي، فضلًا عن إرسال أبناء النخبة للدراسة في الغرب.
وبحسب التقرير، سيكون على هذه الدول اتخاذ قرارات مصيرية بشأن علاقتها مع روسيا، رغم عدم تقديم تفاصيل إضافية حول طبيعة هذه القرارات.
وتناول التقرير في سياق متصل موقف كازاخستان، التي تعد أكبر اقتصاد في المنطقة، حيث أدانت الغزو الروسي لأوكرانيا ورفضت الاعتراف بسيادة روسيا على الأراضي التي احتلتها، في خطوة تهدف إلى إظهار التزامها بالعقوبات الغربية. في المقابل، اتخذت قرغيزستان موقفًا مغايرًا، حيث دعمت روسيا وظهرت كممر رئيسي يساعد موسكو على تجاوز العقوبات المفروضة عليها.
أما بيلاروسيا، فقد تم تسليط الضوء عليها كنموذج ناجح للتعاون مع روسيا. وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى تصريحات الرئيس ألكسندر لوكاشينكو في عام 2018، التي دعا خلالها إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن روسيا، لتتغير هذه التصريحات في عام 2023، حيث أكد أن بلاده ستظل دائمًا موحدة مع روسيا.
ورغم ذلك، أشار التقرير إلى أن هناك مشكلات منهجية تواجه الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده موسكو، والذي يضم بيلاروسيا، أرمينيا، كازاخستان، وقرغيزستان. أبرز هذه المشكلات تتمثل في تأثير العقوبات الغربية، واعتماد الدول الأعضاء على أنظمة دفع بديلة بعد استبعاد روسيا من نظام "سويفت" للتحويلات المالية. إضافة إلى ذلك، فإن التحكم الروسي في عملتها أصبح أحد الوسائل التي تستخدمها موسكو لمحاولة التخفيف من آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حكومي موسكو العقوبات الغربیة أشار التقریر إلى دول آسیا الوسطى هذه الدول مع روسیا من خلال إلى أن مع دول
إقرأ أيضاً:
هل ترفع العقوبات بشكل كامل عن سوريا.. «الاتحاد الأوروبي» يحدد الشرط!
عاد ملف رفع العقوبات الغربية عن سوريا للتداول مجددا عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، ولم يخل الأمر من وضع شروط غربية لتحقيق ذلك. ورهن الاتحاد الأوروبي مسألة تخفيف هذه العقوبات بشرط إحداث إصلاحات سياسية.
ومن أبرز الاشتراطات التي وضعها الاتحاد الاوروبيهي : إشراك الأقليات في العملية الانتقالية، عبر التزام دمشق بتعهداتها المتعلقة بعدم إثارة المشاكل مع جيرانها أو تصدير أي شكل من أشكال القلاقل إليهم.
وهناك مساران داخلي وخارجي، يسيران بالتوازي وتحت رقابة لصيقة من الغرب، يؤديان بالضرورة إلى نتيجة واحدة، وهي أن أي رفع أو تعليق للعقوبات على دمشق يمكن العودة عنه ببساطة إذا ما أخلت الأخيرة بتعهداتها، وغلبت على حكامها الجدد نزعتهم العقائدية التي ودوا لو أخفوها في زاوية منسية من التاريخ، كما يرى الكثير من المراقبين.
يوبحث الاتحاد الأوروبي تعليق عدد من العقوبات المفروضة على صناعة الطاقة في سوريا بشكل جزئي، بما في ذلك إلغاء الحظر على استيراد النفط الخام، وتصدير التكنولوجيات لصناعة النفط والغاز.
وأفادت “بلومبرغ”، نقلاً عن مصادر مطلعة، بأن من المحتمل أن تنهي هذه الصفقة القيود المفروضة على تمويل استكشاف النفط أو تكريره في سوريا، وبناء محطات طاقة جديدة.
وتشمل التدابير الأخرى التي يعتزم الاتحاد الأوروبي إقرارها، إزالة العديد من البنوك السورية من قائمة العقوبات، ورفع بعض القيود المفروضة على البنك المركزي السوري جزئياً، للسماح بتوفير الأموال اللازمة.
وقالت المصادر إن الأصول السورية المجمدة لدى الاتحاد الأوروبي المرتبط بالبنك المركزي السوري، من المرجح أن تظل مجمدة.
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اتفقوا الشهر الماضي على خارطة طريق لتخفيف القيود المفروضة على سوريا تدريجياً، بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وذكرت “بلومبرغ” أن تخفيف القيود “مشروط بإصلاحات”، مثل “إشراك الأقليات”، علماً أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اتفقوا على تنفيذ التدابير بطريقة يمكن التراجع عنها إذا لم تف الحكومة السورية بهذه الشروط.
وأضافوا أن بعض عواصم الاتحاد الأوروبي تريد بشكل أساسي أن تضع حق النقض في أي مراجعة بمجرد تفعيلها، موضحين أن هذه الخطة والتدابير سيتم مراجعتها قانونياً بمجرد الوصول إلى صفقة.
وأشارت “بلومبرغ” إلى أن رفع العقوبات من شأنه أن يدعم سوريا في المرحلة الانتقالية تحت قيادة الرئيس الجديد أحمد الشرع. ومن شأن ذلك أيضاً أن يمكن ملايين النازحين السوريين في أوروبا من العودة إلى ديارهم. كما سيسهل تدفق المساعدات الإنسانية ويشجع على حماية النساء والأقليات.
ومن بين التدابير الأخرى المقترحة من قبل الاتحاد الأوروبي إلغاء الحظر على الأوراق النقدية وصادرات وقود الطائرات، فضلاً عن تخفيف بعض القيود المفروضة على شركات الطيران والوصول إلى المطارات السورية.
وتشمل المقترحات أيضاً العديد من الإعفاءات من العقوبات القائمة، مثل تلك المتعلقة بفتح حسابات مصرفية في سوريا.
وقبل اندلاع الحرب في عام 2011، كانت سوريا تنتج ما يقرب من 400 ألف برميل يومياً من النفط الخام. ومنذ ذلك الحين، تراجع الإنتاج وأصبحت العديد من الحقول في أيدي القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.